الأبعاد العالمية للرسالة الخاتمة

أصالةُ الحرية الدينية وحرية الاعتقاد والمذهب والتفكير والرأي والتعبير في الإسلام (1/2)

« لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ »

« وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ »

                                                                                                                          بقلم ..   حسن حجوم

توطئة

أثبتنا في البحث السابق تحت عنوان ″هل للرسالة الخاتمة بُعد محلي كما هي حتما ذات أبعادٍ عالمية ؟″ أن للإسلام – في صيغته النهائية والخاتمة- بعدٌ محلي أو ظرفي يتجلى في تكريس جزء من تشريعاته وأحكامه لفترة نزول الآيات فقط لا لسائر الفترات.. ولحالات خاصة لا لجميع الحالات.. وللعنصر العربي لا لسائر الجنس البشري.. ولأم القرى ومن حولها -أي مكة وما جاورها من قبائل في الجزيرة العربية- لا للأرض كلها.. لن يلبث هذا البُعد – المحلي أو الظرفي – مع الأيام أن يُتجاوز ويضمحل لصالح الأبعاد العالمية والكونية الثابتة والباقية.. وضربنا أمثلة للنصوص التي تؤثث رُبّما للبعد المحلى أو الظرفي من قبيل : ″الناس تبع لقريش″، ″عثرتي أهل بيتي″،″إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش″.. ويمكن أن نضيف: أحكام الرقيق لأن الإسلام سنّ سياسة لإزالة هذا الشكل من العبودية بتدرج…أقولُ هذا الشكلَ لأن الناس قد يُبدعون أشكالا أخرى للرق والعبودية. 

 فهل أحكام ″الردة″ المُقيِّدة لحرية المسلم الدينية (المقال الأول (1/2) وأحكام ″الذمة″ و″الجزية″ و″آية السيف أو القتال″ المُكبِّلة  للحرية الدينية لأهل الكتاب والكفار والمشركين (المقال الثاني (2/2) – وهي سند المناهضين للحرية الدينية وحرية المعتقد والمذهب –  من هذا القبيل كذلك (يعني أنها ذات بُعدٍ محلي أو ظرفي) وقد حان الوقت لتلافيها ؟.. أم أنها عُطلت لعجز المسلمين عن مواجهة الآخر حضاريا وعسكريا ؟.. أم أنها مظروفة بسياقها ومرتبطة بأسبابها ؟.. أم يجب تأويلها وحملها على قواعد الإسلام الكلية في الحرية الدينية ؟. وهل الإسلام – كدين الله في صيغته النهائية والخاتمة – قرر منذ اللحظة الأولى وبوضوح تام الحرية الدينية وحرية المعتقد والتفكير والرأي والتعبير؟. أي هل مبدأ الحرية الدينية وحرية الاعتقاد والمذهب والتفكير والرأي والتعبير أصلٌ أصيل في الإسلام – بل وسابق للأديان – أم أنه كان طارئا وعارضا واستثناء وتكتيكا.. ريثما يتمكن النبي عليه السلام من القوة و السلطة فيجهز عليه ؟. هذه التساؤلات وغيرها سنجيب عنها – حسب رأينا – فيما يلي من هذا البحث في جزئيه (1/2) و (2/2).

في سبب النزول…

أطرنا بحثنا بالآية التي تؤسس القاعدة القرآنية الإسلامية الكبرى في الحرية الدينية: « لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ »(1). وقد أخرج السيوطي نقلا عن بن جرير الطبري أحد أسباب نزولها: عن ابن عباس قال:نزلت: (لا إكراه في الدين) في رجل من الأنصار من بني سالم بن عوف يقال له الحصين. كان له ابنان نصرانيان وكان هو مسلما. فقال للنبي صلى الله عليه و سلم :ألا أستكرههما فإنهما قد أبيا إلا النصرانية؟ فأنزل الله الآية: (لا إكراه في الدين)(2). ونحن لا نقف كثيرا عند سبب النزول بل نستأنس به فقط، للقاعدة الأصولية – يعني أصول الفقه- التي تقرر أن العبرة بعموم اللفظ والمعنىوالدلالة لا بخصوص سبب النزول والمورد. لذلك لا يمكن الرُّكون إلى أن هذه الواقعة حالةٌ معزولة .. بل المستفاد إطلاقية وعموم الحكم المفيد ل:حيثُ الدين فلا إكراه وحيث الإكراه فلا دين في معادلة تطابقية بليغة. وهي مُحكمة وحاكمة لغيرها في المقام – بعد أن نزل القرآن منازله-.. وكان الله -قبل ذلك- يُحل لرسوله ما شاء بما شاء.. بتعبير عمر بن الخطاب رضي الله عنه وغفر له (3 ). كما أن آية «قُلْ مَن يَرْزُقُكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ قُلِ ٱللَّهُ َ وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ»(4)تضع المتحاورين في علاقة أفقية ندية حتى لو كان الآخر نبيا۫ مُرسلا۫: فلا تعالُم ولا تعالي في الحوار المتمدن والبناء والجاد.

في سبب التنزيل…

لقد حفزنا على الكتابة في هذا الموضوع ما يتطلبه تنزيل دستور فاتح يوليوز 2011 من نقاش عمومي حول مواضيع راهنية صمّت عنها زمانا آذان التيارات الأصولية بشقيها السافر والمقنع وعانى المستنيرون من التيار الإسلامي الإصلاحي من هجومهم.  وها هو الدكتور الريسوني يأخذ بأخرة برأي بعض أعضاء جماعته الذين بسطوه منذ تسعينيات القرن الماضي في مسائل الحرية الدينية وحرية المعتقد والمذهب بعد أن هددهم بالطرد من التنظيم.. بل ″ انتهت بإقالة قادة الفصيل الطلابي و أعضاء بالحركة في أكادير بتهمة الترويج لأفكار الفتنة، والخروج عن النهج السليم الذي رسمته الحركة لنفسها، دون أدنى مراعاة لقوانين الحركة الداخلية التي تنظم عملية الإقالة والاستقالة من الحركة. و لقد صرح حينها الدكتور الريسوني أنه مستعد بصفته رئيسا للحركة بالتضحية بقواعدها لحماية منهجها″ (5).  وليست مراجعات الريسوني الأخيرة شيئا جديدا.. فقد كان رواد الإصلاح الإسلامي في بداية القرن العشرين من أول الداعين إلى ذلك أمثال الشيخ محمد عبده الذي قال:″ليس من شأن أحد أن يسألني – مجرد السؤال – عن عقيدتى .. فهذا بينى و بين خالقى(6). وليست كذلك مراجعات مبدئية بهدف احترام الآخر وتقرير حقوقه بل فقط من أجل تحقيق أهداف استعلامية لتعرف الدولة أصحاب العقائد المخالفة وترتب ملفاتها.. ثم إن ترادفَ الحملة الاستعمارية على الأوطان المسلمة – ورُبّ ضارة نافعة كما يقولون- وما تلاها من انقلابات عسكرية، حال دون خلود النخبة للتفكير الهادئ لحل إشكالات من مثل الحرية الدينية، والعلمانية والديمقراطية في أجواء ِوفاقية. وها هي مصر بكثرة مُفكريها من كل التيارات الدينية والمدنية لم تستطع أن تخرج بعد ‹‹الربيع العربي›› من حلّ هذا الإشكال الثقافي الكبير الذي ينزل بثقله على أوضاع البلاد السياسية حتى ختم ربيعها بعد سنتين بصيف حارق مُستدعيا القوة بدل الوفاق ردّا۫ على الهروب وتهريب الاستحقاقات الديمقراطية والدستور من طرف ‹‹الإخوان المسلمين›› بما هو أدهى وأمر: وأد التجربة الديمقراطية العسيرة وإسقاط المبدأ والتعلل بالأخطاء.. وسلامٌ على النهضة والتنمية والتقدم وسُمعة مصر.    

في علوم الحديث…

في الجزء الأول من هذا البحث ولكون تقييد حرية ‹‹المسلم المحمدي›› يستند على رواية حديثية يجدر بنا أن نذكر بمسائل تتعلق في المقام بالقواعد المنهجية لعلم رواية الحديث ودرايته. فعلوم الحديث تنقسم إلى علم الرواية وعلم الدراية. ومعلوم أن هذه العلوم نسبية وبشرية ولا يمكنها أن تلامس الحقيقة المطلقة فهي قابلة للنقد والتطوير على الدوام وليست أبحاثا نهائية فوضها العقل الإنساني للشيخين البخاري والكليني.. وانتهى الأمر.. وإلا لماذا كتب العلماء مِنْ بعدهم في ″ الموضوعات ″(7) و ″مُشكَل الحديث″(8)  و″تأويل مختلِف الحديث″(9)..؟  ولذلك قال النبي عليه السلام ″رُبَّ مُبلَّغ أوعى من سامع″ مُبشرا۫ العقل الواعي ومُذما۫ للراوي الحامل للأسفار بلا وعي ولا فهم سليم.

من القواعد المنهجية لعلم رواية الحديث روايةُ الحديث بالمعنى؛ مما يتعذر معه الرواية بنفس اللفظ لأن أسطورة الذاكرة الخارقة لذلك الجيل غيرُ صحيحة،  فاحتمال البتر أو الوهْم واردٌ، ولأن الصحابة  أنفسُهم  الذين رووا عن النبي -عليه السلام- أحاديثه وأخباره ما كانوا يكتبونها في ذلك المجلس، ولا كانوا يكررونها فيه، بل سمعوها ثم تركوها مخزونه في ذاكرتهم، ولم يرووها إلا بعد مرور فترة من الوقت.. (10).  وكان لكل شيخ صُحفه من الحديث النبوي أما التدوين النهائي في المدونات الكبرى فلم يبدأ إلا في أواخر المائة الثانية (موطأ مالك ) ووسط المائة الثالثة (صحيح البخاري وصحيح مسلم) والمائة الرابعة (الكافي للكليني والمستدرك للحاكم )  بعْد أن افترقت الأمة شيعا۫ دينية مختلفة ودُولا۫ متناحرة. لا جرم أن يُدوّن كل واحدٍ ما يتناسب مع مذهبه فقط. ونحن اليوم غير مُلزَمين بصراعات تلك الفترة التاريخية، فمطلب التجديد مُلح أيّما إلحاح في فقه العقائد والشرائع على السواء بما يناسب كونية الرسالة الخاتمة وعظمتها ومرونتها وعدلها وتكريمها لبني الإنسان.

كما أن علوم الحديث تفرق بين علم الرواية وعلم الدراية. فمن علوم دراية الحديث هناك مبحث مُحكَم الحديث ومُختلِف الحديث. يقصد بمحكم الحديث ذلك النوع من الأحاديث التي  لا يتناقض معها أو يضادها أو يخالفها بشكل من الأشكال أحاديث أخرى. مثل حديث (لا ضرر ولا ضرار)(11).ويقصد بمختلِف الحديثذلك النوع من الأحاديث التي تتناقض أو تتضاد أو تخالف بشكل ما أحاديث أخرى أو زاول شرعية مقررة. ويسمى أيضا “مُشكَل الحديث”.

ومن الأسباب الموضوعية لاختلاف الحديث ما روي عن علي بن أبي طالب عندما سئل عن ذلك فقال:  (إن في أيدي الناس حقا وباطلا، وصدقا وكذبا، وناسخا ومنسوخا، وعاما وخاصا، ومحكما ومتشابها، وحفظا ووهْما۫، وقد كذب  على رسول الله صلى الله عليه وآله على عهده حتى قام خطيبا فقال: أيها الناس قد كثرت علي الكِذابة فمن كذب عليَّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، ثم كذب عليه مِن بعده، وإنما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس: رجل منافق يظهر الإيمان، مُتصنع بالإسلام لا يتأثم ولا يتحرج  أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله متعمدا، فلو علم الناس أنه منافق كذاب، لم يقبلوا منه ولم يصدقوه، ولكنهم قالوا هذا قد صحب رسولَ الله صلى الله عليه وآله ورآه وسمع منه، وأخذوا عنه، وهم لا يعرفون حاله، وقد أخبره الله عن المنافقين بما أخبره ووصفهم بما وصفهم فقال عزّ وجلّ: ” وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم ” ثم بقوا بعده فتقربوا إلى أئمة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان فولّوْهم الأعمال، وحملوهم على رقاب الناس، وأكلوا بهم الدنيا، وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله، فهذا أحد الأربعة ورجل سمع من رسول الله شيئا لم يحمله على وجهه ووهم فيه، ولم يتعمد كذبا فهو في يده، يقول به ويعمل به ويرويه فيقول: أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله فلو علم المسلمون أنه وهم لم يقبلوه ولو علم هو أنه وهم لرفضه ورجل ثالث سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا أمر به ثم نهى عنه وهو لا يعلم، أو سمعه ينهى عن شئ ثم أمر به وهو لا يعلم، فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ، ولو علم أنه منسوخ لرفضه، ولم علم المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه وآخر رابع لم يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله، مبغض للكذب خوفا من الله و تعظيما لرسول الله صلى الله عليه وآله، لم ينسه، بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به كما سمع لم يزد فيه ولم ينقص منه، وعلم الناسخ من المنسوخ، فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ فإن أمر النبي صلى الله عليه وآله مثل القرآن ناسخ ومنسوخ [وخاص وعام] ومحكم ومتشابه قد كان يكون من رسول الله صلى الله عليه وآله الكلام له وجهان: كلام عام وكلام خاص مثل القرآن وقال الله عز وجل في كتابه: ” ما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا(1) ” فيشتبه على من لم يعرف ولم يدر ما عنى الله به ورسوله صلى الله عليه وآله وليس كل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله كان يسأله عن الشئ فيفْهم وكان منهم من يسأله ولا يستفهمه حتى أن كانوا ليحبون أن يجيء الأعرابي والطارئ فيسأل رسول الله صلى الله عليه وآله حتى يسمعوا…) (12). 

لذلك لم يُسلِّم الفقهاء والأصوليون – نسبة لعلماء الأصول وليس للحركات الأصولية- للرواية مُطلقا۫ مهما كانت صحيحة أو حسنة أو مشهورة أو صالحة..  وما إلى ذلك من التوصيفات الفنية للرواية الحديثية، بل وضعوا قواعد لفهم ودراية الرواية لتجاوز إشكالاتها. ومن هذه المبادئ ما قرره الشيخ محمد الغزالي رحمه الله كفقيه مستنير: “والفقهاء المحققون إذا أرادوا بحث قضية ما، جمعوا كل ما جاء في شأنها من الكتاب والسنة، وحاكموا المظنون إلى المقطوع، وأحسنوا التنسيق بين شتى الأدلة… أما اختطاف الحكم من حديث عابر، والإعراض عما ورد في الموضوع من آثار أخرى فليس من عمل العلماء… وقد كان الفقهاء على امتداد تاريخنا العلمي هم القادة الموثقون للأمة، الذين أسلمت لهم زمامها عن رضا وطمأنينة، وقنع أهل الحديث بتقديم ما يتناقلون من آثار كما تقدم مواد البناء للمهندس الذي يبني الدار، ويرفع الشرفات. والواقع أن كلا الفريقين يحتاج الى الآخر، فلا فقه بلا سنة ولا سنة بلا فقه، وعظمة الإسلام تتم بهذا التعاون. والمحنة تقع في اغترار أحدهما بما عنده، وتزداد مع الإصرار وضعف البصيرة..” (13).

وللحديث كذلك أسباب ورود أو نزول “تكشف النقاب عن الدوافع والظروف التي ينشأ فيها الحكم الشرعي أو الكلام النبوي، مما يساعد بشكل مباشر وفعال على فهم مقاصد الحديث والوقوف على مضامينه” (14). وهذا العلم نادرٌ جدا۫ بالنسبة للحديث في حين أن الرواية فهي كثيرة.

ذكرنا بهذه القواعد المنهجية في علوم الحديث لاستناد حد الردة – المقيد للحرية الدينية للمسلمين المحمديين- على رواية ” من بدّل دينَه فاقتلوه” التي ستكون موضع بحثنا ودراستنا ونقدنا وتحقيقنا في هذا الجزء الأول.

وقبل ذلك يجب التمييز بين شيئين اثنين، بين الفقه والدين: فما قاله الفقهاء هو فهْمُهم للدين وتأويلهم لهوفِقهُهم، والدين يبقى دينا۫ وسقفا۫ عاليا۫ لا يأتيهم تأويله الكامل والمطلق في الدنيا بل في اليوم الآخر: {لَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُون. هَلْ يَنْظُرُونَ إلا تَأويلَهُ يَوْمَ يَأتي تَأويلُهُ يَقُولُ الَّذين نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جاءتْ رُسُلُ رَبِنَا بالحقِ فَهَلْ لنا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أو نُرَدُّ فَنَعمَلَ غَيْرَ الَّذي كُنّا نَعْمَلُ قد خَسِرُوا أنفُسَهُم وَضَلَّ عَنْهُم ما كانُوا يَفتَرُون} (15).تأويله″ أي: وقوع ما أخبر به كما قال يوسف عليه السلام حين وقعت رؤياه: ″ هَذا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ(16) أو ″تأويله″ أي  تفسيره: كما قال عليه السلام في دعوته لابن عباس: ″اللهم فقّهه في الدين وعلمْه التأويل″(17).لذلك على الناس – والعلماء خصوصا- أن يتواضعوا لله.. ولا يجعلوا أنفسهم أربابا۫ من دون الله.. أي يزعمون أنهم ″مُوقّّعون عن ربّ العالمين″(18) بل عن أنفسهم، لأن الناس في الدنيا لا يكتشفون إلا بعضَ تأويل القرآن  وليس كلَّ تأويله، والناس لا يقولون الحق بل ما يرونه حقا۫ لأن الله هو الذي يقول الحق ″ والله يقول الحق وهو يهدي السبيل″.(19)

النصوص المؤسسة للطرح الفقهي التقليدي المنحرف عن المبدأ الأصيل:

الناس في الفقه التقليدي عند المسلمين ثلاث طوائف:1- المسلمون 2- اليهود والمسيحيون أي أهل الكتاب  3- سواهم من الديانات والمذاهب الأخرى أي الكفار والمشركون. وقد وضع الطرح الفقهي  التقليدي  – أي الفهم السائد للإسلام- لكل من هذه الطوائف جملة من الأحكام والمقررات، وسنستعرض هذه الأحكام معتمدين على أبرز المصادر الإسلامية، ومن ثم نتحول إلى بيان أدلتها التفصيلية. وسنقتصر في هذا الجزء من هذه المقالة (1/2) على ″المسلم المحمدي″ والحرية الدينية مُرجئين الحديث عن أهل الكتاب والمشركين والكفار إلى الجزء الثاني من هذا البحث (2/2).

 

1– المسلم وحريته الدينية

 

يزعم التقليد الفقهي للمسلمين أنه بدليل رواية {مَنْ بدَّل دينَه فاقتلوه} (20) لا يملك المسلم وسط المجتمع المسلم والحكومة الإسلامية حرية تغيير دينه.. كأن يتحول إلى المسيحية أو البوذية أو يكون مُلحداً على سبيل المثال. كل ما يملك ″المسلمون المحمديون″ من حق في حرية الدين والاعتقاد هو الإعلان عن دينهم ومعتقدهم وممارسة الشعائر الإسلامية بصورة فردية أو جماعية وتربية أبنائهم على مبادئ الرسالة الخاتمة وترويجها، وبناء المساجد  وغير ذلك. كما للمسلمين الحق في نقد الأديان الأخرى وإظهار عيوبها وبيان أفضلية الدين الإسلامي عليها. كما لا يحق لأي جهة أو فرد إكراه المسلم أو إجباره على ترك دينه ومعتقده أو منعه من ممارسة الشعائر الدينية.  لا يختلف فقهاء الشيعة عن أضرابهم السُّنة في ذلك :{ كل مسلم بين مسلمين ارتد عن الإسلام وجحد محمداً نبوته وكذبه، فإن دمه مباح لمن سمع ذلك منه، وامرأته بائنة منه يوم ارتد، ويقسم ماله على ورثته وتعتد امرأته عدة المتوفى عنها زوجها، وعلى الإمام أن يقتله ولا يستتيبه} (21).

 

من كتب الفقه المقارن التي تعرض وجهات النظر الفقهية السنية المختلفة ″المغني″ لابن قُدامة، في كتاب المرتد تجد تفصيلات فقهية في الموضوع لا تتجاوز التصنيفات البشرية والفروق الفقهية التقليدية لذلك العهد: المرأة والرجل، الحر والعبد والحرة والأمة، وهل تقتل المرأة أم تسترق أو تجبر على الإسلام بالحبس والضرب ، ولا تقتل ; لقول النبي صلى الله عليه وسلملا تقتلوا امرأة.. ولا تلامس هذه الفقهيات أصالة الحرية الدينية لا من قريب ولا من بعيد. ومن أراد مزيد اطلاع فليعدْ هناك. (22).

 

فالنتيجة في جميع الحالات أنّ المسلم إن ارتد ولم يُرد العودة إلى الإسلام، فإن كان رجلاً قتل، وإن كان امرأةً حبست وأُضرّ بها.

 

يضاف إلى ذلك أن مفهوم الردة توسع من طرف الفقهاء إلى درجة أنّ المسلم لا يمتلك الحرية في إنكار ما أجمع عليه علماء الإسلام أو المعلوم من الدين بالضرورة!!.. وكان هذا التوسع سببا۫ في اضطهاد المفكرين وقتلهم على مدار تاريخ المسلمين.  وما أحداث قتل عمر بن جلون والدكتور فرج فودة والدفع بنصر حامد أبو زيد إلى المنفى مِنّا ببعيدة.

 

أصالة الحرية الدينية ونقد الطرح التقليدي السائد حول حد الردة

 

إنّ موضوع الحرية الدينية وحرية العقيدة والمذهب ليس من المواضيع التعبدية التوقيفية التي تستدعي الامتثال دون الالتفات إلى العلل والحكم  لأن العقل لا يمكنه أن يبت فيها أو أن يدرك المصالح المترتبة عليها، كما هو الحال في بعض العبادات كالصلاة وبعض مناسك الحج كالطواف وتقبيل الحجر الأسود، فقد لا يسع العقل البشري أن يدرك الحكمة من ثنائية بعض الصلوات ورباعية الأخرى ولا الحكمة من تقبيل الحجر الأسود والطواف بين الصفا والمروة.. بل إنّ موضوع الحرية الدينية هو من المواضيع التي تشتمل على مساحة واسعة للنقاش، وإن كل شخص أبدى رأياً في هذا الموضوع ـ سواء كان بالسلب أو الإيجاب ـ فإن رأيه جاء بإزاء ما يرى من مقدار المصالح المترتبة على حرية العقيدة والمذهب أو المفاسد الناجمة عنها.

 

وهذا هو حال العلماء والفقهاء والمتكلمين، فإن الذي ناهض مبدأ حرية العقيدة والمذهب لم تكن مناهضته لها إلاّ بسبب ما أحصاه من المضار والمفاسد التي فاقت، بحسب رأيه، المصالح المترتبة عليها، وبخلافه الذي أيّد ودعّم هذا المبدأ فإنه إنما قام بذلك لرجحان كفة المصالح والفوائد المترتبة على هذه الحرية. ونظن أن رأي المجلس العلمي الأعلى في فتواه الشهيرة حول هذا الموضوع  كان بهذا الدافع: أي أن المصلحة راجحة على المفسدة في فتواه. وبالتالي فهو قابل للنقاش والمراجعة متى زال الخوف من المفاسد المحتملة.

 

وعليه، “.. فإن مبدأ حرية العقيدة والمذهب يعتبر مبدأً متقدماً على الأديان وسابقاً لها، أي إنّه يأتي في مرحلة تسبق مرحلة اختيار الدين، إذ إن قبول هذا المبدأ هو الذي يمنح الحرية لاختيار الدين والعقيدة. فالدين الذي يؤكد على أهمية التروي والفحص والاستدلال من أجل اعتناق العقيدة، ويمنع التقليد واتباع الآباء والأجداد، هل يعقل أنه لا يتبنى حرية العقيدة والمذهب؟..

 

إذن من السذاجة أن نسبق نتائج الفحص والاستدلال لنقول بأنّ الناس أحرار في اختيار دين محدد من بين الأديان، ومما لا شك فيه أنهم سيختارون الإسلام في صيغته الخاتمة! فهذه مقولة متهافتة كما هو الظاهر منها؛ لأنّ الناس إن كانوا أحراراً فلا يسعنا إحراز النتائج مسبقاً، وإن كانوا مضطرين إلى اعتناق الإسلام فحينئذ لن يكونوا أحراراً.

 

ما هو الفرق يا تُرى بين الشخص الذي ولد في بيئة إسلامية وكان أبواه مسلمين فنشأ مسلماً، وبين المسيحي الذي ولد في بيئة مسيحية ولأبوين مسيحيين وانتهى به المطاف مسيحياً؟!

 

إن الاختيار الواعي للإنسان هو الذي يشكل محور الثواب والعقاب، بل هو محور العقائد والتدين بصورة عامة، ولو فرضنا أنّ هناك ديناً لا يعترف بحرية العقيدة والمذهب، إذاً كيف يتوقع وجود أناس أحرار ستمكّنهم حريتهم من اعتناقه، وبعد اعتناقه سيصادر حريتهم؟!

 

ومن المؤسف القول: إن هذا المبدأ، أي حرية الدين والعقيدة، لم ينل حتّى هذه اللحظة حظاً وافراً من البحث والدراسة من قبل العلماء والفقهاء، لذلك فإنّ جذوره الفقهية والكلامية لم تنقح وتحقق، وعليه لا تزال غير واضحة المعالم، وهذا الأمر قد أدّى إلى صدور فتاوى وأحكام فقهية قاصرة بعض الشيء ومخالفة لجملة من المبادئ الدينية العامة والأسس الكلامية، وذلك من قبيل: حكم المرتد وشروط الذمي ومصادرة حق الحياة من الكافر غير الذمي (23).

 

فحكم المرتد في كتب الفقه لدى السالفين لا يستند إلا لرواية بسيطة ″من بدل دينه فاقتلوه″. وهذه الرواية وان كانت صحيحة حسب منهج علم الرواية لا بد من عرضها قصد دِرايتِها – و للأسباب التي ذكرناها في فقرة علوم الحديث – على النقد التاريخي والروائي:

 

▪ في السند أولا: رواية البخاري عن ″..عكرمة عن ابن عباس عن رسول الله″. وعكرمة هذا مُعدّل عند البخاري مجروح عند مسلم. ″روى عنه البخاري ولم يرو له مسلما إلا مقرونا ، وأعرض عنه مالك مما يجعل شبهة حول الرواية تستدعي التوقف؛(24).

▪ يمكن أن تكون رُويت مبتورة۫ فضاع سببُ ورودها الذي قد يحُد من إطلاقيتها أو يضعها في ظرفيتها أو محليتها حيث أثبتنا في بحث سابق أن للرسالة الخاتمة بعدا محليا أو ظرفيا كما أنها ذات أبعاد عالمية ومطلقة؛

▪ وربما أمر ″فاقتلوه″ لا يُحمَل على ظاهر القتل وإنما على القتل المعنوي أي المقاطعة والحصار؛

▪ ربما ظرفيتها مرتبطة بقرار عسكري يمنع التثبيط في الصف العسكري الإسلامي، وكانت الجيوش في ذلك الوقت تطوّعية، وحيث أن جيوشنا اليوم صارت نظامية وتحميها قوانين لا علاقة لها بالمعتقد والدين فقد زال السبب العسكري ويجب العودة إلى الأصل الذي هو حرية الدين والمعتقد بعد استقرار الشعوب على أديانها ومذاهبها القديمة وحالا ت التغيير تبقى منعزلة وفردية؛

▪ أما إذا استدعينا الروايات الأخرى في المقام حسب ما قرره الشيخ محمد الغزالي والفقهاء المستنيرون،خصوصا التي تحُد من إطلاقيتها مثل {لا يحل دم امرئ مسلم الا لثلاث: الثيب الزاني، والنفس وبالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة }(25وجب أن تحمل على حدّ الحِرابة القرآني {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم }(26) ؛ وعليه يجب التمييز ما بين الردة الفكرية التي تشكل حالات فردية ومنعزلة وشخصية التي ليس عليها عقاب دنيوي وبين الردة الجماعية المهدمة لأركان الأمة والدولة  والتي تعني الحرابة وهي مقننة في جميع قوانين الدول سواء كانت دينية أو مدنية؛

▪ استثناء المرأة من القتل في الردة حسب أقوال بعض الفقهاء ″لا تقتلوا امرأة″ يلزم منه الوقوف على العلة الغالبة لهذا الاستثناء وهي عدم القتالية أو الحرابة. ″ ومن الشواهد الجيدة في المقام: ما نلحظه من التفرقة في الحد بين المرأة والرجل، فإن المتسالم عليه عند الشيعة والحنفية أن المرأة لا تقتل، استناداً إلى الروايات الواردة في ذلك، فإنه وبعد استبعاد فكرة التعبد في مثل هذه القضايا التي تتصل بالنظام العام، ومع الالتفات إلى أنّ كل الحدود الواردة في الشريعة ـ ما عدا حد الردة ـ تتساوى فيها المرأة والرجل، كما في حد السرقة {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما}(المائدة:38)، أو حد الزنا {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة….}(النور:3)، أو غيرها من الحدود، وكذلك الحال في القصاص، إنه وبالالتفاف إلى ذلك فإننا لا نجد تفسيراً مفهوماً ومقنعاً لعدم قتل المرتدة إلا أنّ المرأة بحسب طبيعة ظروف تلك المرحلة لم تكن لتشكل تهديداً أو خطراً كبيراً على المجتمع ونظامه في حال ردتها، لأنها ـ في الغالب ـ لم تكن مؤهلة لخوض الحروب وحمل السلاح، بخلاف ما كان عليه حال الرجل″(27). والحكم يدور مع العلة وجودا وعدما كما يقولون.

▪ كما أن خطورة الحكم الذي تحمله هذه الرواية يُحتّم علينا ردّ الرواية إلى القرآن للبحث عن تأويل سليم لها لأن الحدود تُدفع بالشُّبهات:

 {وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}(28).

{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً لَن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ. إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَىٰ بِهِ ۗ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ } (29)

{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَّمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ  سَبِيلًا.بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} (30).

  فلم ترتب هذه الآيات حُكما دنيويا على المرتد؛

▪ سيرة النبي: لم يُقم الرسول عليه السلام حدّا۫ على مُرتد

▪ في شروط الحديبية: (من جاء محمدا من قريش يرده عليهم ومن جاء قريشا من المسلمين لا ترده إليهم) (31)

▪ ″ يستند حكم قتل المرتد، إلى خبر الواحد (الثقة)، والعمدة في دليل حُجية خبر الثقة هي سيرة العقلاء. لكن ما ينبغي قوله هو أنّ العقلاء لا يكتفون بخبر الثقة في المسائل الخطيرة والمهمة، وبالطبع فإنّ من أهم الأُمور هو الحفاظ على أرواح الناس وصيانتها (حق الحياة) ولا يمكن مصادرة الحياة إلاّ في حال وُجد دليل قطعي، كنص قرآني أو روائي متواتر. ولا يمكن بأيّة حال إصدار حكم القتل بالاعتماد على خبر الواحد، فإنّ مثل هذا الحكم يحتاج إلى دليل معتبر وقطعي. إنّ الاحتياط في الدماء (لخطورتها ولما أولاها الشارع من اهتمام بالغ وكبير) يقتضي الامتناع عن إصدار أي حكم بالقتل ما لم يتوفر دليل قطعي، بل لا يكفي أيضاً وجود دليل ظني معتبر″. (32)

 

الخاتمة الأولى:

 

إذا كنا في هذا الجزء الأول (1/2) من هذه البحث قد قمنا بتحقيق روايات حدّ الردة وتحريرها من قيود العقل الفقهي التقليدي  وأغلاله المثقلة بإكراهات البيئة والمذهبية والتاريخ والطابع المحلي أو الظرفي لبعض بنود الشريعة الإسلامية، وتأويلها لصالح الحرية الدينية والعقدية والمذهبية بما يناسب الأبعاد الكونية للرسالة الخاتمة، وحقوق الإنسان كما جاءت في الشرائع السماوية المشهورة والمعتبرة.. فهل نستطيع ذلك في المقالة المقبلة (2/2) مع آيات القتال والسيف والجزية التي تقيد حرية الآخرين من غير المسلمين المحمديين، خصوصا إذا كان سند المناهضين لحرية “أهل الكتاب من قبلنا” و”الكفار” قرآنا كريما وليس روايات حديثية ؟  وبالتحقيق القادم تكتمل الأدلة التي سنعتمد عليها لنعيد الاعتبار للنصوص المقدسة ″بكونها رسالة إنسانية تتمركز حول الإنسان واحترامه وإكرامه وكرامته ودوره في استخلاف الأرض بغض النظر عن دينه وفكره ولونه ومعتقده، وليست رسالة فقهية مذهبية طائفية كما أرادها العقل الفقهي السني أو الشيعي التقليدي المتأثر بالتاريخ الأول للمسلمين وفتوحاتهم العسكرية وما يصحبها من فتنة بالحياة الدنيا. ″فالعقل الفقهي لا يؤمن بقيمة الحرية حتى كمفهوم أو مصطلح، لدرجة خلو قواميس لغته الفقهية من كلمة الحرية بمعانيها القرآنية؛ كحرية الاعتقاد، والعبادة، والرأي، والانتقال، والتملك، وبينما حشر قواميسه الفقهية بأبواب ومفردات تؤكد التمييز بين الحر والعبد، والحرة والأمة، والقرشي والعجمي، والعرب والموالي والحاضر والبادي… وهلم جرا″(33).  

يتبع

الهوامش:

 

(1)      سورة البقرة  آية 256                

(2)      أسباب النزول للسيوطي

(3)      صحيح مسلم

(4)      سورة سبأ  آية 24

(5)      جريدة ″المساء″ 19/02/2013 . مقال إبراهيم بوحنش  ردا على الريسوني: ضريبة تأجيل تجديد الفقه و الفكر الإسلامي

(6)      جريدة  يومك  http://www.youmaknews.comمصر

(7)       الموضوعات لابن الجوزي: أي الروايات الموضوعة كذبا على النبي عليه السلام

(8)      كتاب (مشكل الحديث وبيانه) لابن فورك ;ومشكل الآثار للطحاوي

(9)      تأويل مختلف الحديث عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري أبو محمد

(10)    مفاتيح علوم الحديث وطرق تخريجه لمحمد عثمان الخشت مكتبة القرى للطبع والنشر القاهرة

(11)    رواه الحاكم

(12)     رواه الكليني في أصول الكافي

(13)     السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث للشيخ محمد الغزالي.

(14)    مفاتيح علوم الحديث وطرق تخريجه لمحمد عثمان الخشت مكتبة القرى للطبع والنشر القاهرة

(15)    سورة الأعراف الآية  52- 53.

(16)    سورة يوسف آية 100.

(17)    رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين 

(18)    عنوان كتاب لابن القيم: إعلام الموقعين عن رب العلمين……………

(19)      سورة الأحزاب الآية 4

(20)    رواه البخاري في صحيحه وأبو داوود في سننه وله شواهد تحد من إطلاقيته

(21)    أصول الكافي 7: 257، الحديث 11…………….

(22)    http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=6180&idto=6182&bk_no=15&ID=6070

(23)    مقالة رائعة للشيخ الشيخ محسن كديور(*)/ترجمة: عليالوردي

(24)   http://www.ahlalhdeeth.com/vb/archive/index.php/t-50813.html

(25)    متفق عليه

(26)    سورة المائدة آية 33

(27)    جريدة بينات>أرشيف الإفتتاحياتنشرة العدد 325> #الردّة والخروج على النظام العام / العدد 325 الشيخ حسين الخشن لبنان

(28)    البقرة: 217.

(29)    آل عمران: آيةـ 90 و 91.

(30)    سورة النساء آية 137 …..

(31)    فقه السيرة للشيخ الغزالي

(32)    مقالة رائعة للشيخ الشيخ محسن كديور(*)/ترجمة: علي الوردي

(33)    موقع الحوار المتمدن. http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=189977

 

 

 

 

 

 

‫شاهد أيضًا‬

الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس يناقض أفكاره الخاصة عندما يتعلق الأمر بأحداث غزة * آصف بيات

(*) المقال منقول عن : مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية ألقى أحد الفلاسفة الأكثر…