كسر الخاطر : صدور ضيقة وقشابات لا تتسع.!

 بقلم عبد الحميد جماهري

أسأل بدون أية أوهام كبرى: هل يمكن أن نبني مغربا قويا، قادرا على أن يجد له مكانا تحت الشمس بحكومة، من بين وزرائها رجال ونساء صدورهم ضيقة؟
يمكن: وسيكون مغربا ضيقا، يخنق أبناءه ويسوده التجهم.
مغرب يمكن أن تكون فيه جملة واحدة كافية لكي تدفع ثمنه حياتك، حقيقة أو مجازا.
جملة واحدة، ناصعة في الواقع قالها المحامون، وهو يرددون، الإصلاح الذي جاء به وزير العدل والحريات ناقص، فكانت كافية لكي ينعتهم السيد وزير العدل نفسه بأنهم ضد الإصلاح جملة وتفصيلا ويصنفهم في خانة التماسيح والعفاريت .. والهوام الذين يحرقون الأرض بيابسها وأخضرها.
ولم يتردد وزير الحكامة والحقيبة الانتقامية، محمد الوفا من أن يسمي كل الذين ينتقدون الحكومة «جهات»، تعمل من أجل نسف البلاد، ويمد لسانه الطويل طويلا، لكي يغرد بما يشتهيه السيد الرئيس، عبد الإله بنكيران، ويعرب عن امتنانه الكبير، لأنه احتضنه وهو متمرد على حزبه..
وزير الشباب والرياضة، أضاف إلى سجله الشفوي قرارا بمنع جريدة وطنية من حقها في إشهار الدولة، لا لشيء إلا لأنها انتقدته بسخرية معتادة، على كل حال.
وذهب بعيدا إلى حد وصف المعارضين بالطابور الخامس، أو بلغة واضحة، بالخونة والعملاء.
ولو كنا في بلاد يتم فيها احترام التقاليد السياسية والأخلاق الأصيلة لكان الآن أمام المحاكم يحك لسانه الذي أطلقه طويلا بلا حد.
ليس الوفا والأوزين وحدهما من تضيق صدورهم، ويطول لسانهم، بل إن وزراء في الحكومة لا يتورعون في إسقاط الصفة الأهلية عمن يعارضهم، كما هو حالة السيدة الحقاوي، التي لا تعرف من قضية المرأة سوى توجيه اللوم، وأحيانا التلويح بالشتائم إلى من يعارضها من جمعيات لا تقتسم معها الوصفة السحرية لتحرير النساء عبر .. تحجيم حقوقهن.
ولا نعدم تعاليق الوزراء في الخارجية وفي شؤون المجتمع، عبر استغلال هذا المنبر المؤسساتي أو ذاك، عبر الإعلام أو عبر البرلمان.
واتضحت الصدور الضيقة أكثر إزاء المعارضة التاريخية.
وليس دفاعا عنها، فالتاريخ له كلمته الأخيرة دائما، ولكن امتنانا لما قدمته للبلاد، كان على الوزراء أن يقرأوا قليلا تاريخ بلادهم المعاصر..
لعله سيسعفهم في «توساع» الخاطر والصدور.. وإضافة سنتميترات قليلة إلى «قشاباتهم».. أو جلابيبهم!
البلاد، التي بحجم المغرب، تلزمها قلوب كبيرة وصدور واسعة للغاية.. بحجمها وحجم تاريخها.
إن الدولة، أولا وقبل كل شيء .. صبر طويل وكبير للغاية.
ومن لا يملكه لن يجد الوقت الكافي لبناء صفته كرجل دولة، ولا الوقت لكي يشارك في صناعة الدولة، وعندما يكون عمر هذه الأخيرة مئات السنين، فإن الذين يفقدون أعصابهم بسرعة عادة ما لا يتركون أثرا يذكر.
وقد قضى الوزراء سنتين في الحديث عن الحديث عنهم!!
ومازال الانتظار مستمرا بالفعل، وهم يعتقدون بأن الزمن سينتظرهم طويلا ، وهوما لن يحدث ..

 

عن جريدة الاتحاد الاشتراكي… 12/16/2013

‫شاهد أيضًا‬

عندما توسط الحسن الثاني بين شاه إيران والخميني * عمر لبشيريت

يحكي عبداللطيف الفيلالي رحمه الله، وزير الخارجية والوزير الأول الأسبق، أن اتصالات المغرب ب…