المغرب يربح رهانا استراتيجيا بالدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي للصحراء |
مكاسب بالجملة لجهود العاهل المغربي الدبلوماسية تتكلل في اذابة الجليد مع واشنطن وتأييد اميركي لرؤية الرباط لحل قضية الصحراء. |
عن ميدل ايست أونلاين |
بقلم: محمد بن امحمد العلوي |
ربحت المغرب رهانا استراتيجيا عبر حملة دبلوماسية قادها العاهل المغربي الملك للتأكيد على أن حل الحكم الذاتي الموسع في الصحراء الذي تقترحه الرباط هو المدخل لاية تفاهمات بشأن الصحراء واستقرار المنطقة.
وتضمن المبادرة المغربية الشمولية التي تلاقي ترحيبا دوليا الحقوق المشروعة للمغاربة على أرضهم.
واظهرت المملكة المغربية تفاعلا مع المؤثرات المتغيرة عالميا على كافة الصعد في علاقاتها مع الحلفاء والمنافسين والخصوم، لكن مع ثبات في الرؤية الدبلوماسية البعيدة المدى التي نجحت في ترجمة توجهات الرباط الإستراتيجية في قضية وحدة التراب المغربي.
وفي هذا السياق تكللت زيارة الملك محمد السادس لواشنطن بالنجاح في حمل الإدارة الأميركية على توضيح موقفها من قضية الصحراء المغربية ومقترح حل الحكم الذاتي.
وبالعودة إلى الأساس الذي بني عليه الحل المغربي نجد الرغبة الأكيدة للمملكة المغربية وحرصها على بناء قناة تواصل للخروج من الجمود الذي وُضِعَتْ فيه قضية الصحراء بفعل عراقيل خصوم الوحدة الترابية، عبر منهجية الإبتزاز السياسي الذي مارسته الدول التي لا ترضى إلا بمخططاتها كحل وحيد لقضية الصحراء تظهر عبر موقفها المتعنت في الحملة التي وُوجِهَ بها المبعوث السابق للامين العام للأمم المتحدة للصحراء المغربية الهولندي بيتر فان فالسوم الذي صرح بأن استقلال الصحراء وتجزيئها غير قابل للتحقيق وهدف غير واقعي.
وسبق ان قال فالسوم “البوليساريو إذا استطاعت النظر في حل متفق عليه لا يكون الاستقلال التام، فإن ذلك سيلقى دعما دوليا واسعا”.
وتضمن مبادرة الحكم الذاتي مكانة المغاربة في الأقاليم الجنوبية سياسيا واقتصاديا وثقافيا عبر مؤسسات منتخبة ديمقراطيا، وهي خطة تقابل بدعم فرنسا التي وصفتها بأنها “أساس جدي وذات مصداقية”.
وأكدت على هذا التوجه عدة مؤسسات عالمية وشخصيات وازنة ودول عديدة آمنت بأن خطة المغرب في دفاعه عن الوحدة الترابية وعدالة قضيته الوطنية يتسم بالاستمرارية والجدية مرتبطا بالتصور الواقعي للعاهل المغربي المبني على قيم والتزامات دستورية ودينية وقانونية.
وتميزت دبلوماسية الرباط في عملها الدؤوب للمحافظة على استقلالية القرار السياسي بـ”الواقعية” والذهاب بعيدا نحو بناء مستقبل يجعل من الجانب الاقتصادي والحقوقي والسياسي والثقافي للمملكة خادما للاستقرار والتنمية بأقاليمها الجنوبية، داخل محيط جيوسياسي يعرف توترات مخيفة جعلت من مقترح الحكم الذاتي فرصة ذهبية لإشاعة الأمن والاستقرار ولبنة ممتازة لمحاربة كل أشكال الإرهاب والتطرف.
ووصف جاي كارني الناطق باسم البيت الأبيض قبل لقاء القمة بين الملك محمد السادس والرئيس الأميركي باراك اوباما الخطة المغربية بـ”جدية وواقعية وذات مصداقية”.
وأضاف كارني بأن هذه المبادرة “تمثل مقاربة ممكنة يمكن أن تلبي تطلعات سكان الصحراء لإدارة شؤونهم في إطار من السلام والكرامة”.
اعتراف الرئيس الأميركي باراك اوباما بجدية ومصداقية خطة الحكم الذاتي دحض الأطروحة الانفصالية التي تتبناها البوليساريو وراعيتها الجزائر، اثر المسعى الحثيث للدبلوماسية المغربية وتحركات الملك التي قوضت خططا وحملة دشنتها بعض الاطراف مؤخرا للتشويش على ترتيبات الزيارة الملكية ومحاولته انتزاع موقف أميركي مؤيد لأطروحة الانفصاليين.
وحاولت الجزائر افشال لقاء القمة المغربي الأميركي من أجل أجندتها في إدارة اللعبة في الشمال الإفريقي وابعاد المغرب عن أي دور في الساحل والصحراء ومحاصرة أي نفوذ وتغلغل له داخل الاتحاد الإفريقي الذي انسحبت منه المملكة بعد اعتراف عدة دول افريقية بالبوليساريو بدعم بترو-دولار جزائري.
ونجح الملك محمد السادس في لقائه مع اوباما على إذابة الجليد بين واشنطن والرباط بعد توصية الخارجية الأميركية في ابريل/نيسان الماضي تضمين مهمة المينورسو مراقبة حقوق الإنسان إلى جانب مهمتها الأساسية في مراقبة وقف إطلاق النار في الصحراء، ومقاربة مسألة حقوق الإنسان من منطلقات واقعية بناء على ما يعرف عن المغرب من تقدم في هذا المجال على المستوى الوطني بما فيه الأقاليم الجنوبية بالتالي يكون تعزيز التفاهم المتبادل بين البلدين يقاس بما تمثله المملكة من ثقل إقليمي يخدم السلم والأمن.
والاتفاق على دعم مبادرة الحكم الذاتي جاء ترجمة للعلاقات التاريخية والإستراتيجية مع الولايات المتحدة في إطار الحوار الاستراتيجي واتفاقية التبادل الحر التي دخلت حيّز التنفيذ منذ 2006، ولهذا يكون حل ملف الصحراء المغربية مبنيا في الإستراتيجية الأميريكية على هذه المقدمات التي تخدم الأمن والاستقرار في المنطقة.
ولهذا أيضا كانت المجموعة التي تدعم المغرب في الكونغرس الأميركي واعية بهذا المطلب وداعمة للرؤية المغربية من منطلق مبادرة الحكم الذاتي باعتبارها خطوة ممهدة لمرحلة جديدة في ضبط المحيط امنيا عبر الاستقرار والتنمية ومكافحة الجريمة العابرة للحدود والإرهاب.
ويمر تعزيز التعاون بين الرباط وواشنطن عبر تحقيق متطلبات الأمن والاستقرار في المنطقة، ووحدة التراب المغربي من واقعية وموضوعية الحل عبر الحكم الذاتي دعما لكل اشكال التعاون.
ويضمن هذا الحل الواقعي الحقوق المشروعة للمغاربة على أرضهم وهو ما اتفق على موضوعيته جل المتدخلين في هذا الملف على اختلاف مواقعهم ومنطلقاتهم، باستثناء بعض الأصوات النشاز التي لازالت تغرد خارج السرب، حيث أن النجاح الدبلوماسي المغربي بواشنطن في دعم مبادرة الحكم الذاتي لم يستسغه النظام الجزائري ولم تهضمه البوليساريو.
وملف حقوق الإنسان الذي ناورت الجزائر به كنهج ضاغط على القمة المغربية الاميركية، كان امتيازا للمملكة التي باشرت تلك الحقوق على أرضها وتضمنها دستورها، عكس الجزائر والبوليساريو اللذان خاضا حروبا ضد كرامة الإنسان وحريته ومستوى عيشه.
الاربعاء 27 نونبر 2013