تزايد المخاوف من مخططات القاعدة لهجمات إرهابية كبرى في تونس |
خبراء مختصّون في الدراسات الأمنية يحذرون من هجمات إرهابية في تونس بعد توصلهم إلى أن القاعدة بصدد التدرب على الأسلحة في معسكرات ليبية. |
عن صحيفة العرب [نُشر في 25/11/2013، العدد: 9390، |
وتضمّ الخلية الأساسية لتنظيم القاعدة في تونس ما بين 80 و100 مقاتل تلقّوا تدريبات عسكرية خاصة في أفغانستان والعراق ومالي وليبيا، ويعتبرون من أشرس عناصر التنظيم الذي أسّسه أسامة بن لادن في بداية الثمانينات من القرن الماضي.
تونس- كشف «المركز التونسي لسياسات الأمن الشامل» أنّ تنظيم القاعدة «يخطّط لضربة كبرى في تونس» تستهدف مؤسّسات حكومية ومقرّات بعثات دبلوماسية ومراكز تجارية ومنشآت سياحية في البلاد. كما تزايدت تصريحات العديد من القيادات الأمنية والسياسيّة والإعلاميّة في هذا الاتجاه، ممّا أثار الكثير من المخاوف لدى التونسيين، ولاسيّما في ظلّ مراوحة الأزمة السياسيّة الخانقة لمكانها.
أكّد «المركز التونسي لسياسات الأمن الشامل» أنّ عناصر تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، وفصيلهم التونسي المتمثل في تنظيم «أنصار الشريعة» بصدد تلقّي التدريبات حاليا في معسكرات ليبية من أجل «تنفيذ سلسلة من الهجمات والعمليات الممنهجة والموجعة» في تونس.
وكان فريد الباجي رئيس «جمعية دار الحديث الزيتونية» والمكلف بالأمن العقائدي في المركز التونسي للأمن الشامل الشيخ قد كشف أنّ مجموعات إرهابيين بصدد التحضير لعملية إرهابية كبرى في تونس، مؤكدا أن فشل الحوار الوطني سيكون الظرف المناسب لتنفيذ هذه العملية وذلك من خلال انشغال الجهات الأمنية بالاحتجاجات الشعبية.
كما بيّن الباجي أن فشل العمليات الإرهابية التي وقعت في المنستير وسوسة مقصود لإعطاء شبه إحساس بالطمأنينة في حين يتمّ التحضير لعملية كبرى في خلية مستقلة ذات تدريب عال. وأوضح أن السلفيين الجهاديين في تونس باتوا يصنّفون قوات الأمن والجيش ضمن ما يسمونه بـ»الطاغوت» وأنهم بانتظار أوامر يطلقون عليها اسم «التسيير العام» أي ما معناه باللغة الفقهية عندهم «الهجوم الشامل» للقيام بـ»ضربة كبرى».
وقد دعا مركز سياسات الأمن الشامل، الذي يشرف عليه خبراء مختصّون في الدراسات الأمنية والاستشراف السياسيين والأمنيين، إلى الحذر والحيطة خلال الفترة القادمة، باعتبار أنّ المعطيات التي توصّل إليها «خطيرة» وتؤكد أنّ القاعدة بصدد «التنظم والتدريب» على شتّى أنواع الأسلحة في معسكرات ليبية من أجل العودة إلى تونس و»القيام بضربة كبرى».
وشدّد المركز على أنّ الهجمات التي قام بها تنظيم أنصار الشريعة خلال الأشهر الماضية سواء في جبل الشعانبي أو في عدد من الجهات «ليست سوى بالون اختبار لمدى جاهزية قوّات الأمن
ويشرف على الخلية زعيم تنظيم «أنصار الشريعة» سيف الله بن حسين الملقب بـ»أبو عياض» الموجود حاليا في مدينة درنة الليبية التي تعدّ شبه «إمارة إسلامية» مستقلة سياسيا وأمنيا وقضائيا، ويشارك في تسيير شؤونها تونسيون إلى جانب الموالين للقاعدة من الليبيين.
ويوصف «أبوعياض» بأنه من أخطر عناصر تنظيم القاعدة في تونس، حيث جاهر بولائه للتنظيم سواء من حيث العقيدة أو المنهج وكان يردّد باستمرار أنّ «القاعدة هم أهل حقّ ووجبت على كل مسلم نصرتهم». وسبق له المشاركة في حرب أفغانستان، حيث التقى أسامة بن لادن بقندهار، كما شارك في حرب العراق ضدّ القوات الأمريكية، وفي 2011 بعد سقوط نظام بن علي في تونس أسّس تنظيم «أنصار الشريعة» على الأسس المتشدّدة ذاتها.
وتؤكد مصادر من الأجهزة الأمنية وكذلك الخبراء في سياسات الأمن الشامل أنه بالإضافة إلى الخلية الأساسية التي تتحرّك عناصرها بحرية نتيجة حالة الانفلات الأمني توجد في تونس ما بين 100 و120 خليّة نائمة تابعة لتنظيم القاعدة ومنظمة بشكل عنقودي بطريقة تجعلها في مأمن من التعرف عليها بالكامل.
وتتحرّك الخلية الأساسية بمعزل عن الخلايا النائمة ولا تربطها بها أية صلة بهدف تأمين «نشاطها» من أيّة ضربة أمنية وهي بعيدة كل البعد عن «الرؤوس» المعروفة في تيّار «أنصار الشريعة».
وتمثل الخلية تهديدا حقيقيا وخطرا جديا لأنها تضمّ مقاتلين شرسين من جنسيات مختلفة جزائرية وليبية وموريتانية ومالية ونيجيرية إضافة إلى المقاتلين التونسيين.
وكانت الأجهزة الأمنية رصدت عودة ما بين 700 و900 عنصر من مقاتلي القاعدة إلى البلاد خلال العامين الماضيين، غير أنّ هشاشة الوضع الأمني سمحت لهم بهامش كبير من حرية التنقّل داخل البلاد وخارجها الأمر الذي يجعل حصر عددهم صعبا.
وقادت الاشتباكات السلطات التونسية إلى تصنيف أنصار الشريعة كتنظيم إرهابي في وقت أعلنت فيه وزارة الداخلية أنّ التنظيم المتشدّد على علاقة بتنظيم القاعدة وهو الأمر الذي كانت تنفيه باستمرار.
وفي 28 أغسطس الماضي كشف وزير الداخلية لطفي بن جدو عن «تورّط تنظيم أنصار الشريعة في إدخال الأسلحة إلى البلاد وتفجير العبوات الناسفة والاغتيالات السياسية ومحاولة الانقضاض على السلطة بالقوّة، وهو ما يترتب عليه حظر أي نشاط له وتجريم الانتماء له وتمويله».
وأعلن آنذاك رئيس الحكومة التونسية والقيادي في حزب «النهضة» الإسلامي، علي العريض، عن قرار الحكومة بتصنيف جماعة «أنصار الشريعة» تنظيما إرهابيا، على خلفية «تورطه في أعمال إرهابية واغتيالات سياسية في البلاد بناء على معلومات أمنية وقرائن ودلائل».
وأكد بن جدو أنّ «أنصار الشريعة على علاقة بجماعة «عقبة بن نافع» المتمركزة في جبال الشعانبي بمحافظة القصرين غرب وسط البلاد على الحدود الجزائرية منذ ديسمبر/ كانون الأول 2012.
كما أوضح أن لها علاقات مع تنظيم «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي»، مشيراً إلى أن «زعيم التنظيم أبوعياض قد بايع في وقت سابق زعيم القاعدة في بلاد المغرب أبومصعب عبد الودود». ومن جانبه، كشف المدير العام للأمن العمومي مصطفى بن عمر عن وجود «قائمة اغتيالات تشمل شخصيات سياسية وإعلامية أعدّها التنظيم الإسلامي المتشدد».
وحمّلت الداخلية التونسية تنظيم أنصار الشريعة اغتيال المعارض البارز شكري بلعيد في 6 فبراير الماضي والنائب المعارض محمد البراهمي في 25 يوليو الماضي، مؤكدة أن التنظيم المرتبط بالقاعدة «يخطط لزعزعة الاستقرار ومحاولة قلب النظام، للانقضاض على السلطة وتكوين إمارة إسلامية بتونس».