العاهل المغربي يكسب معركة الصحراء في واشنطن |
البيت الأبيض يؤكد أن خطة المملكة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء ‘جدية وواقعية وذات مصداقية’. |
عن صحيفة العرب [نُشر في 24/11/2013، العدد: 9389، |
واشنطن – حققت زيارة العاهل المغربي إلى الولايات المتحدة اختراقا دبلوماسيا نوعيا في مختلف الملفات، حيث أعلن البيت الأبيض دعما لا لبس فيه لمقاربة الرباط لحل قضية الصحراء باعتماد الحكم الذاتي، كما أشاد بالإصلاحات الديمقراطية التي تعيشها البلاد.
فقد أكد البيت الأبيض أن خطة المغرب للحكم الذاتي للصحراء “جدية وواقعية وذات مصداقية”، وأنها “تمثل مقاربة ممكنة يمكن أن تلبي تطلعات سكان الصحراء لإدارة شؤونهم في إطار من السلام والكرامة”، وفق ما جاء على لسان المتحدث باسمه جاي كارني.
وجاء تصريح كارني ساعات قليلة قبل اللقاء الذي جمع الملك محمد السادس بالرئيس باراك أوباما ما أضفى على اللقاء تاليا جوا من الود والتفاهم، وأعطى إشارات واضحة بأن واشنطن تدفع باتجاه حل قضية الصحراء وفق الضوابط التي ترفعها الرباط وخاصة التمسك بمغربية الصحراء واعتماد الحوار الإيجابي لبلوغ الحل النهائي.
وقال مراقبون إن الوضوح في الموقف الأميركي تجاه قضية الصحراء سينهي الرهانات الخاسرة التي تعتمدها البوليساريو ومن ورائها الجزائر في تفسير مغاير للموقف الأميركي أو محاولة تحريك منظمات محسوبة على حقوق الإنسان للحصول على مواقف على مقاسها.
وأضاف المراقبون أن موقف إدارة أوباما الحاسم يؤكد أنها على اطلاع كبير على ما يجري في الملف حيث أن السكان المحليين يدعمون خيار الحكم الذاتي ويريدون الاستقرار والتنمية بينما تتمسك البوليساريو والجزائر بالعنف والفوضى ما جعل مخيمات تندوف أرضية خصبة لمجموعات متطرفة استفادت من سلاح الجزائر وأموالها ومن تدريبات البوليساريو وشاركت هذه المجموعات في الحرب الأخيرة بمالي.
يشار إلى أن الوضع الكارثي في مخيمات تندوف سبق أن كشف تفاصيله تقرير صادر عن الأمم المتحدة، وتقارير منظمات ومراكز بحث متخصصة في الولايات المتحدة وأوروبا، ولم تكن الإدارة الأميركية غافلة عن هذه الصورة لهذا كان موقفها مع الحكم الذاتي الموسع ومع التنمية والاستقرار.
إلى ذلك أشاد باراك أوباما الجمعة بريادة المغرب على صعيد بسط الديموقراطية وناقش مع الملك محمد السادس موضوع مكافحة “التطرف” خلال لقائهما الأول في واشنطن.
وأفاد بيان مشترك أصدره البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي “أشاد بالتدابير التي اتخذها العاهل المغربي وبريادته في مجال تعميق الديموقراطية والتقدم الاقتصادي والتنمية البشرية خلال العقد المنصرم”.
وأضاف البيان أن الرئيس الأميركي والعاهل المغربي تعهدا خلال محادثاتهما في مقر الرئاسة الأميركية “بالعمل سوية لتجسيد وعود الدستور المغربي في 2011 ودرس الطريقة التي تمكن الولايات المتحدة من المساعدة في تعزيز المؤسسات الديموقراطية والمجتمع المدني” في المغرب. وكان المغرب استبق ثورات “الربيع العربي” بالإقدام على خطوات إصلاحية نوعية شملت خاصة إجراء انتخابات تشريعية شارك فيها الإسلاميون وهم الآن يقودون الحكومة في سياق تحالف حزبي.
ونجحت الإصلاحات المغربية في تشريك الإسلاميين بالعملية السياسية ودفعهم إلى التخلي عن الشعارات والتكلم باسم الدين، وفق ما ذهب إلى ذلك مراقبون.
وجاء في البيان المشترك أن الرئيس الأميركي والعاهل المغربي “شددا على التزامهما المشترك لتحسين الظروف الحياتية لسكان الصحراء واتفقا على العمل معا للاستمرار في حماية حقوق الإنسان ورفع شأنها في هذه المنطقة”.
ودفعت تحركات دبلوماسية مغربية الولايات المتحدة إلى سحب طلب تقدمت به إلى الأمم المتحدة بتوسيع مهمة البعثة الأممية المكلفة بقضية الصحراء (مينورسو) لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، وهو ما اعتبرته الرباط محاولة لتأجيل الحل في الصحراء.
وعدلت الولايات المتحدة نص القرار لينص على التشجيع على بذل الجهود في مجال حقوق الإنسان في الصحراء دون إدراجه بين مهمات البعثة، وهي خطوة تتماشى مع مطلب المغرب.
وتقول الرباط إنها لا تعارض طرح ملف حقوق الإنسان ككل خاصة أنها تضع هذا الملف في قلب تجربتها الإصلاحية، لكنها تعارض اعتماده مطية لتعويم ملف الصحراء وتأجيل الحل خدمة لأجندة طرف آخر.
من جهة ثانية، أشاد الرئيس أوباما بالتزام الملك محمد السادس بوضع حد لمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية.
وبعدما سجلا اهتمامهما المشترك في ما يخص المهاجرين واللاجئين والقضايا المرتبطة بالاتجار في البشر عبر العالم، عبر الرئيس الأميركي عن دعمه لمبادرة المغرب القاضية بإصلاح المنظومة المرتبطة باللجوء والهجرة، بناء على توصية من المجلس الوطني المغربي لحقوق الإنسان.
وحول التعاون الاقتصادي والأمني، أكد الزعيمان أن الولايات المتحدة والمغرب عازمان على العمل معا من أجل النهوض بتنمية بشرية واقتصادية للمملكة. وسجلا نجاح “الميثاق الأول لحساب تحدي الألفية” في سبتمبر/ أيلول 2013، ووقعه الإيجابي على إحداث مناصب الشغل والنمو الاقتصادي والتنمية البشرية على صعيد البلد ككل.