التحديث هو ضمانة الاستقرار
محمد بوبكري يلاحظ الدارسون أن مشاريع التحديث ببلادنا كانت مجرد مشاريع سطحية لم تسفر سوى عن قشرة ظاهرية من التحديث الهش، حيث ظلت البنية العميقة لمجتمعنا تقليدية قَبَلِية وطائفية…، ممَّا حال دون بناء مجتمع قائم على مبدأ المواطنة والمساواة… لذلك، إذا ما تعرضت هذه القشرة الهشة للهدم فستظهر البنيات المجتمعية لعهود ما قبل نشوء الدولة بكل تخلّفها ووحشيتها…، وسيتأكَّدُ واقعُ أن مجتمعنا قد تعرض لتضييع عقود زمنية من عمره كان من المفترض أن يتم استثمارها في بناء دولة الحق والقانون التي يتحول فيها الأفراد من مجرّد رعايا تابعين لقبائل وطوائف… إلى مواطنين كاملي الحقوق والواجبات… يؤكد تطور الأحداث اليوم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن غياب التحديث قد يفضي إلى انهيار بنيان الدولة، لأن مسؤولي هذه البلدان لم يقوموا بما كان يجب أن يقوموا به من أجل نقل أوطانهم إلى مرحلة دولة القانون العادلة ذات النسيج المجتمعي المتماسك، علما بأن سيادة كل من النزعة القبلية والطائفية تتعارض جذريا مع مفهوم «الدولة»… لقد عملت الدولة في المغرب على المحافظة، إلى حد كبير، على الوضع المجتمعي القبلي والطائفي والجهوي كما كان قبل الاستقلال، إذ كل ما قامت به هو الحفاظ على ذلك الركام من البنيات التقليدية السابقة على الدولة الحديثة، مما حال دون ظهور دولة قوية بالمفهوم الحديث. ويشكل انتشار التفكير القبلي والطائفي في مجتمعنا عائقا حقيقيا في وجه التحديث والبناء الديمقراطي، لأن ثقافتي القبيلة والطائفة تتناقضان مع الحداثة والديمقراطية، ولا تؤسسان إلا للاستبداد والتميز والإقصاء والظلم والتخلف والانهيار… لقد وظَّف «المارشال ليوطي» Le Marechal Lyautey نتائج الدراسات السوسيولوجية الكولونيالية في إدارته للمجتمع المغربي إبان فترة الحماية، فحافظ على البنيات التقليدية من أجل ضمان سيطرة فرنسا على المغرب عبر الحيلولة دون تحديث البنيات التقليدية للمجتمع، وعيا منه بأن التحديث كان سيخلق طموحا ديمقراطيا لدى المغاربة يمكنهم من بناء مواطنة فعلية ورفض نظام الحماية… وبعد الاستقلال، استمرت الدولة المغربية إلى اليوم في نهج السياسة نفسها. لكن تغيُّر الظروف والأحوال وظهور العولمة وضع حدا لهذه السياسة وأبطل مفعولها، حيث أصبح الحفاظ على البنيات التقليدية عامل زعزعة للاستقرار، لأن سيادة كل من النزعة القَبَلِية والطائفية جعل بعض الأنثروبولوجيين الأنجلوساكسونيين يعتبرونها ثغرة يمكن أن تُمكّن بعض القوى العظمى من اختراق النسيج المجتمعي لبلادنا لتوظيف البعض ضد البعض الآخر، وإثارة الفتنة التي قد تؤدي إلى تَشَظّي الوطن… يلاحظ الدارسون أن مشاريع التحديث ببلادنا كانت مجرد مشاريع سطحية لم تسفر سوى عن قشرة ظاهرية من التحديث الهش، حيث ظلت البنية العميقة لمجتمعنا تقليدية قَبَلِية وطائفية…، ممَّا حال دون بناء مجتمع قائم على مبدأ المواطنة والمساواة… لذلك، إذا ما تعرضت هذه القشرة الهشة للهدم فستظهر البنيات المجتمعية لعهود ما قبل نشوء الدولة بكل تخلّفها ووحشيتها…، وسيتأكَّدُ واقعُ أن مجتمعنا قد تعرض لتضييع عقود زمنية من عمره كان من المفترض أن يتم استثمارها في بناء دولة الحق والقانون التي يتحول فيها الأفراد من مجرّد رعايا تابعين لقبائل وطوائف… إلى مواطنين كاملي الحقوق والواجبات… |
||
الاثنين 18 نونبر 2013 |
||
باب ما جاء في أن بوحمارة كان عميلا لفرنسا الإستعمارية..* لحسن العسبي
يحتاج التاريخ دوما لإعادة تحيين، كونه مادة لإنتاج المعنى انطلاقا من “الواقعة التاريخ…