في مذكرة تاريخية لحزب الاستقلال إلى رئيس التحالف الحكومي
|
بسم الله الرحمان الرحيم
الرباط في 3 يناير 2013
أخانا الفاضل الأستاذ عبد الإله بنكيران
رئيس مجلس رئاسة التحالف
تحية طيبة
وبعد،
لقد استقر عزم إخوانكم في قيادة حزب الإستقلال على توجيه هذه المذكرة، التي تتعرض بالملاحظة والنقد لعمل الحكومة، وذلك بمناسبة مرور سنة على تشكيلها ومرور 100 يوم على إنتخاب القيادة الجديدة لحزب الإستقلال خلال المؤتمر الوطني السادس عشر. إننا نعتبر سنة من عمر الحكومة لحظة مناسبة للتقييم الموضوعي ووضع اليد على الإختلالات التي شابت التنسيق بين أطراف الأغلبية المشكلة للحكومة ومدى إنعكاس ذلك على مردوديتها.
وسنة من عمر الحكومة تمثل 20 في المآة من ولايتها التي تمتد إلى 2016، غير أن التجارب تؤكد أن السنة الأخيرة من عمر أية حكومة يتم صرف جزء كبير منها في الإستعداد للإنتخابات التشريعية الموالية. وحيث أن هذه الولاية ستعرف إنتخابات بالنسبة للجماعات الترابية ومن ضمنها الجهوية ببعدها الدستوري الجديد وإستكمال الورش الدستوري من خلال إصدار جميع القوانين التنظيمية المنصوص عليها في الدستور قبل متم الولاية الحالية، فإن ذلك يعني أن جزء كبيرا من زمن الحكومة سيتم إستغراقه في الورش التشريعي وهو ما يؤكد أن تدبير الزمن في هذه الولاية التشريعية يجب أن يتسم بحذر شديد، ومن هنا تأتي أهمية سنة من عمر الحكومة.
علاوة على ما سبق، فإن سنة 2013 ستعرف إحتدام وقع الأزمة الإقتصادية وما يمكن أن يترتب عنها من إحتقان إجتماعي، بالإضافة إلى فتح ملفات ضخمة يمكن أن يتأثر بها الشارع المغربي بشكل مباشر من قبيل إصلاح صندوق المقاصة وإصلاح صناديق التقاعد…
إن حزب الإستقلال، إذ يقدم هذه المذكرة وفي مطلع سنة صعبة، يحركه الهاجس الوطني الصرف ولا يسعى من وراء هذه المبادرة تحقيق مكاسب غير المساهمة في صيانة المصلحة العليا للوطن.
إن هذه المذكرة تسعى كذلك، إلى تشخيص الوضع الداخلي للأغلبية كما نراه في حزب الإستقلال، وتقدم لمجلس رئاسة الأغلبية طلب إعادة النظر في ميثاقها وتسريع وتيرة الأداء ورفع الإنتاجية والفعالية في القطاعات الحكومية، أما التعديل الحكومي الذي نطالب به ما هو آلية طبيعية لتحقيق ذلك وليس غاية في حد ذاتها.
إن هذه المذكرة تتضمن تنويها بالحصيلة المسجلة وتنتقد البطئ والإرتباك بإعتبار أن أي عمل إنساني معرض للنقد والمراجعة والملاحظة و خاصة إذا تعلق الأمر بالعمل الحكومي الذي يتخذ حساسية خاصة.
إن مصير البلاد كله يتوقف على مستوى الأداء الحكومي والقدرة على إبداع الحلول للقضايا التي تحظى بالأولوية لدى أبناء شعبنا ممن يحملون رهانا كبيرا على هذه الحكومة، كما أن الظرفية لا تسمح بإرتكاب أخطاء في التقدير أو التعاطي مع زمن التدبير الحكومي لشؤون الدولة بالمقياس العادي واليومي، وأنه لا مفر اليوم من تقييم نزيه وشفاف ومنصف لمجمل العمل الحكومي منذ تنصيب الحكومة إلى اليوم .
إن حزب الإستقلال عندما يضع هذه المذكرة بين يدي حلفائه في الحكومة، فإنه يدق ناقوس خطر إضاعة الزمن الحكومي، في لحظة ينتظر فيها شعبنا تقديم أجوبة مستعجلة وناجعة عن العديد من القضايا والانتظارات العادلة.
الديمقراطية وكفاح حزب الاستقلال من أجلها
لقد حرص حزب الاستقلال منذ نشأته على وضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، وعبر وجسد في أكثر من مناسبة عبر تاريخه الطويل، عن مجموعة من القيم التي سطرها الرواد الأولون ممن شيدوا صرح الوطن كما نعيشه اليوم، وذلك في ظروف دقيقة تجعلنا عند استحضارها عند كل محطة، نستشعر حجم التضحيات التي بدلت لكي يكون الوطن على الصورة التي نعتز بها، وعلى امتداد هذا التاريخ الطويل حققت بلادنا تحولات مهمة على كافة الأصعدة على عهد المغفور لهما الملكين الراحلين محمد الخامس والحسن الثاني بتوافق كامل مع رواد الحركة الوطنية الديمقراطية وفي طليعتهم الزعيم علال الفاسي وعبر التعبيرات الوحدوية التي أنشئت إنطلاقا من كتلة العمل الوطني ومرورا بالكتلة الوطنية ووصولا إلى الكتلة الديمقراطية التي ساهمت مساهمة كبيرة في دخول بلادنا مرحلة الانتقال الديمقراطي .
و تعرف بلادنا اليوم منذ تولي جلالة الملك محمد السادس حفظه الله العرش، جملة من الإصلاحات العميقة والبنيوية بتوافق تام وكامل مع القوى الوطنية الديمقراطية الحية بالبلاد، كل ذلك يتم بوعي، يعتبر أن البلاد يجب أن تستمر في تحقيق التراكم الإصلاحي والانتقال بين أجيال الإصلاحات، بما يحقق النجاعة والمردودية، ويحافظ في نفس الوقت على الاستقرار والسلم الاجتماعي ومناخ مثالي للأعمال، فكانت معركتنا دائما هي توسيع المساحة الديمقراطية، وتحقيق الإصلاحات السياسية والدستورية، التي تساعد على قيام حكامة سياسية راشدة تشكل سندا واقعيا لكل مشاريع النمو، وتقدم صورة إيجابية عن بلادنا بالنسبة للعالم، لقد قدمت الحركة الوطنية الديمقراطية حرية أبنائها وإستقرارهم الأسري فداءا من أجل قيام دولة ديمقراطية، وكافح حزبنا للحفاظ على وجوده ولتكريس الحق في التنظيم وممارسة الحقوق السياسية والمدنية وتحقيق العدالة الاجتماعية لأبناء شعبنا ، وضمان عمل المؤسسات الدستورية، وإعمال الإنتخابات الحرة والنزيهة كآلية وحيدة لحيازة السلطة وللتداول عليها، وكان قدرنا أن نواجه إرادات حاولت شد بلادنا إلى الخلف، لكن عزيمة الإصلاح إنتصرت في النهاية وتحققت لبلادنا فرصة بناء نموذج خاص لتحقيق عملية التحول الديمقراطي التي لازالت بحاجة إلى عمل كبيرلكي تتوفر بلادنا على كل الضمانات التي تمنع العودة إلى الخلف.
لماذا يشارك حزب الإستقلال في الحكومة؟
لقد قرر المجلس الوطني للحزب المشاركة في الحكومة، وشكلت محطة المؤتمر الوطني السادس عشر لحزبنا فرصة جديدة لمناضلاتنا و لمناضلينا للتذكير بإعتزاز حزب الاستقلال بمشاركته في الحكومة الحالية، وإعتبار النتائج الانتخابية المحصل عليها تقديرا من الناخبين للانجازات التي حققتها الحكومة التي ترأسها الأستاذ عباس الفاسي الأمين العام السابق لحزب الاستقلال، وهو ما استند عليه المجلس الوطني للحزب لإتخاذ قرار المشاركة وإعتبارهذه النتائج دعوة صريحة من الناخبين لحزب الاستقلال بضرورة الاستمرار في موقع المسؤولية، وجاءت النتائج النهائية لترسم ملامح تحالف موضوعي بين تيارات سياسية وطنية ديمقراطية تمتلك قواسم مشتركة عديدة أبرزها الحساسية الاجتماعية، فكان قرار المشاركة كما أوضح المؤتمر السادس عشر مطوقا بالاستمرار في تنفيذ برامج الحكومة التي قادها حزب الاستقلال، وخلق برامج جديدة، إضافة إلى أن البرامج الانتخابية لأحزابنا كانت تمتلك قواسم مشتركة متعددة مما عزز اتجاه المشاركة .
إن حزب الاستقلال يرى من الضروري التذكير بالمبادئ والأهداف والقيم التي تؤطر مشاركته في الأغلبية الحكومية الحالية والمتمثلة في ما تضمنه برنامجه الانتخابي تحت شعار ” الوطن دائما “، من حرص على:
” التفاعل مع انتظارات المواطنات والمواطنين التي يتوقون إلى تحقيقها في مجالات الشغل والصحة والتعليم والسكن وتوفير الحياة الكريمة ورفع الظلم ومظاهر الحكرة وكذا محاربة الفساد والقضاء على اقتصاد الريع والامتيازات” ، إضافة إلى ” التنزيل الديمقراطي للدستور الجديد في شقي الحكامة والمواطنة من خلال:
وضع ميثاق الأغلبية في إطار حكومة شفافة منبثقة عن أغلبية متضامنة ومنسجمة لضمان تنفيذ الالتزامات المتضمنة في البرامج الانتخابية.
تفعيل الدور الدستوري لرئيس الحكومة وباقي المؤسسات الدستورية.
إدارة ناجعة في خدمة المواطن.
جهوية متقدمة في خدمة التنمية المستدامة. ”
و ” اعتبار المواطنة الحقة الكاملة بدون تمييز شرطا أساسيا لأي مطمح للتنمية والرقي يضمن الكرامة والحقوق لكافة المواطنات والمواطنين.وتتجلى في :
تقوية الهوية الوطنية من أجل تعزيز مناعة المواطن.
مواطنة كاملة بدون تمييز.
جعل الطبقة الوسطى القاعدة الأوسع للمجتمع ”
وحزب الاستقلال حريص أشد ما يكون الحرص على نجاح هذه التجربة الحكومية ليس فقط بالنظر إلى مكوناتها، ولكن أساسا لأن اللحظة تحتاج من بلادنا تحقيق مكاسب جديدة على درب الديمقراطية والتنمية، وأن الانتخابات الأخيرة التي أشرفت عليها حكومة الأمين العام السابق لحزب الاستقلال الأستاذ عباس الفاسي، كانت بشهادة الجميع أكثر الاستحقاقات الانتخابية التي عرفتها بلادنا شفافية ونزاهة، حيث ساهمت الحصيلة الايجابية للحكومة السابقة في إستعادة جزء مهم من المواطنين لصناديق الاقتراع والانتقال بنسبة المشاركة من 37 في المآة سنة 2007إلى حوالي 47 في المآة سنة 2011، وهو ما يعني تجديد الثقة في المسار الديمقراطي للبلاد والزيادة في منسوب الشرعية بالنسبة للأحزاب السياسية وهو ما يجب الحرص على أن يستمر خلال الاستحقاقات المقبلة، كما أن الانتخابات الأخيرة لنونبر 2011 كانت فرصة لتأكيد المنهجية الديمقراطية في تعيين رئيس الحكومة ولتطبيق الدستور الجديد، وهي ممارسة إنطلقت منذ 2007 عندما تم تعيين الأمين العام لحزب الإستقلال كوزير أول بإعتبار الحزب هو من تصدر نتائج الانتخابات.
سياق تشكيل الحكومة
إن حزب الاستقلال يدرك الظروف والسياق الذي تشكلت فيه هذه الحكومة ، ويرى من المناسب إعادة التذكير بالسياق الذي بدونه تضيع القدرة على إدراك المعنى..فالمناسبة شرط كما يقول الفقهاء…
لقد واجهت بلادنا تحديات أساسية في نهاية العشرية السابقة كان من أبرزها خطر تقهقر العملية الديمقراطية ، ولا حاجة للتذكير بأننا كهيئة سياسية كنا في طليعة المواجهة مع الفكرة والمشروع قبل مواجهة الأفراد، معتبرين ما جرى حادثة سير سياسية، ودرسا للجميع يجب أن يتم استحضاره في كل لحظة وحين لمصلحة الوطن.
لقد تزامنت هذه التحديات مع تغييرات وانتفاضات في محيطنا الإقليمي لازالت مستمرة إلى اليوم، بالنظر إلى حجم الخصاص الديمقراطي البنيوي الذي تعانيه بلدان ما يسمى بالربيع، بينما نجحت بلادنا في تجاوز تداعيات ما جرى في الجوار، و بدرجة أكبر في استثمار المناخ الجديد في تحقيق تقدم كبير على مستوى الإصلاح الدستوري الذي تجسد في دستور يوليوز 2011، كنتيجة لحوار وطني واسع حول الوثيقة الدستورية.. كشفت فيه مختلف الأطياف السياسية والنقابية والمجتمع المدني عن إنتظاراتها وتصوراتها للوثيقة الدستورية التي ستقود البلاد لسنوات مقبلة ، فكانت وثيقة دستورية متقدمة استجابت للعديد من الانتظارات ، وإن كان هذا لا يعطيها صفة الكمال فإنها مست في العمق بنية الدولة وحققت الكثير من المطالب التي كانت مرفوعة منذ عقود، وفي طليعتها تجسيد فصل السلط، وإعطاء مكانة أساسية للسلطة التشريعية، وتعزيز مكانة الحكومة الدستورية واختصاصات رئيسها، كما أن الدستور الجديد تضمن رزمة من الحقوق ومن المؤسسات التي تجعله من ضمن أحدث الدساتير على المستوى الدولي، حيث إستطاع أن يزاوج بين دستور فصل السلط ودستور صك الحقوق، وهو ما يعني أن الحكومة الحالية والتي نشارك فيها باعتزاز تتوفر على اختصاصات مهمة لم تتوفر لسابقاتها منذ الاستقلال، ما يسمح بتنفيذ العديد من الأفكار والبرامج في إطار أغلبية منسجمة ومتضامنة..
أما بالنسبة للسياق الخارجي فإن بلادنا كانت دائما تمتلك القدرة على التفاعل مع ما يجري من تحولات في الخارج، والمستوى الذي وصلت إليه الديمقراطية اليوم في بلادنا هو نتيجة تراكم ما تحقق من إصلاحات منذ بداية التسعينات بمبادرة من حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وكانت الموجة الديمقراطية التي عرفها العالم بعد إنهيار جدار برلين، وعمق الأزمة الإقتصادية في بلادنا..عاملان مساعدان للتقدم في الإصلاحات السياسية والدستورية، وإجراء مصالحة وطنية، وتحقيق تقدم كبير على مستوى حقوق الإنسان سواء على مستوى الممارسة أو على مستوى التشريعات، وحصلت القناعة لدى الجميع بأن الديمقراطية هي الحل…
أما اليوم، فإن ما تحقق من إصلاحات منذ بداية التسعينات هو ما مكن بلادنا أن تمثل حالة خاصة في محيطها الإقليمي ، بل ونموذجا لتدبير مرحلة الإنتقال نحو الديمقراطية عندما تداعت أنظمة ودول، حيث يتفق الجميع اليوم أن هذه البلدان توجد في مفترق طرق يهدد كل الآمال التي بنتها شعوبها، فكان مهما بالنسبة لبلادنا تعزيز العوامل الذاتية للإصلاح والإستمرار في تحقيق التراكمات الضرورية لأنها الضمانة الوحيدة لعدم الإرتهان لأية عوامل خارجية أو الوقوع في خطيئة إسقاط ما يحدث في الجوارعلى بلادنا بما يسيئ إلى كل النضالات التي كان في طليعتها الشعب المغربي الذي يعتبر نموذجا لباقي شعوب المنطقة.
إننا نعتبر في حزب الإستقلال تشكيل الحكومة الحالية ونتائج الانتخابات التي أفرزتها تطورا طبيعيا في المسار الديمقراطي لبلادنا، ونتيجة خالصة للعمل النضالي الذي قادته الحركة الوطنية الديمقراطية، وعلى هذا الأساس يجب أن تباشر الحكومة الحالية تدبير الشأن العام بما يحفظ الثوابت والإستقرار و الإستمرار في تحقيق الإصلاحات الكبرى، والتوقف عن عقد مقارنات غير مسؤولة بين بلادنا وما يجري في كل من مصر وتونس.
حكومة استمرارية أم حكومة قطيعة؟
إن إخوانكم في حزب الاستقلال يجددون التأكيد على ضرورة توضيح طبيعة الحكومة الحالية أمام الرأي العام ، توضيح لا يتوقف عند الحدود التقنية بل يتعداها ليشمل الجوانب السياسية ، فالحكومة الحالية نعتبرها حكومة استمرارية للحكومة السابقة التي قادها حزب الاستقلال بإعتزاز إلى جانب حلفائه في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية والتقدم والإشتراكية، وكذلك لباقي الحكومات التي تشكلت منذ بداية تجربة التناوب التوافقي نهاية التسعينيات من القرن الماضي، وذلك من خلال إستمرارها في تنفيذ ومواصلة المشاريع والمخططات التي تمت دراستها وإنجازها في تلك الفترة، وأن أكثر من سبعين في المائة من مكونات الحكومة (حزب الاستقلال، الحركة الشعبية، التقدم والاشتراكية)، تجسد هذه الاستمرارية، كل ذلك يستوجب العمل المشترك على برامج وتصورات حكومية جديدة تتجاوب مع الانتظارات الشعبية في عدد من القطاعات والمجالات الحيوية، وتوظيف الوضع الدستوري الجديد للحكومة ورئيسها بما يخدم جيلا جديدا من الإصلاحات الهيكلية العميقة التي تحتاجها بلادنا.
إن محاولة إظهار الحكومة الحالية على أنها حكومة قطيعة، يتنافى كليا مع واقع الحال على مستوى البرامج والسياسات التي تستمر الحكومة الحالية في تنفيذها، في غياب برامج جديدة طيلة سنة من عمر الحكومة ،وهو ما يستوجب الوضوح الكامل حفاظا على الاعتبار الواجب لأحزاب التحالف وللنساء والرجال الذين ساهموا في وضع هذه البرامج والسياسات ، وتوضيح هذا الأمر سيكون له أثر عميق على مسألة الوضوح السياسي وتسليط الضوء على كثير من مناطق العتمة لدى الرأي العام، كما أنه سيساعد في بناء مناخ سليم للعمل المشترك مبني على اطمئنان جميع أطراف التحالف على مبادراتهم وما قدموه في إطار تدبير الشأن العام منذ أن كانوا في مواقع المسؤولية.
إننا نرى من الواجب التذكير بأن جميع السياسات القطاعية التي انطلقت مع الحكومة الحالية، هي سياسات تم إعدادها في عهد الحكومة السابقة بتوجيهات من جلالة الملك : المخطط الأخضر، هاليوتيس ، المخطط الأزرق ، نظام المساعدة الطبية الذي أعطيت إنطلاقته في جهة تادلة أزيلال والسكن الإجتماعي ودعم الولوج إلى السكن لجميع الفئات، أما على مستوى الأوراش الكبرى فلا يمكن تجاوز المشاريع التي إنطلقت في مجال الطرق السيارة و الطرق القروية ، وبناء مطارات والقطار الفائق السرعة وموانئ متعددة وميناء طنجة المتوسطي والإستراتيجية الوطنية لتطوير اللوجستيك التي تشكل الجهاز العصبي للاقتصاد الوطني وشبكة الترامواي وتحرير النقل الطرقي للبضائع والنقل الجوي والأنشطة المينائية الذي يمثل تجسيدا عمليا لمحاربة إقتصاد الريع…
تقييم عمل الحكومة
إن حزب الاستقلال ، يؤكد على أن مجلس رئاسة تحالف الأغلبية هو الإطار الوحيد الذي يجب أن ترسم فيه التوجهات السياسية للحكومة، ولاتخاذ القرارات سواء ذات الطبيعة السياسية أو تلك التي تنطلق من خلفية سياسية أو تلك التي تسعى لإحداث أثر سياسي حاليا أو في المستقبل ، على اعتبار أن القيادة السياسية للتحالف هي قيادات الأحزاب المشكلة للأغلبية ، وأن تقييم عمل الحكومة هو عمل مهم خاصة عندما يأتي من حزب خبر تدبير الشأن العام ويساهم اليوم في منح البلاد نفسا جديدا في قطاعات مختلفة، هو ما يندرج في إطار المدرسة التربوية لحزب الاستقلال والمتمثلة في ما تركه لنا الزعيم والعلامة والوطني الكبير علال الفاسي من فضيلة النقد الذاتي، فكل الملاحظات القادمة إنما هي من منطلق الغيرة والمسؤولية بالنسبة لحزب أساسي في الأغلبية.
إن تقييم عمل الحكومة ينطلق فيه حزب الاستقلال من مستوى ما تحقق من التزامات ببرنامجه الانتخابي من جهة والبرنامج الحكومي من جهة أخرى، واللذين وضعا معا الانسان في قلب معادلة تدبير الشأن العام حي حث البرنامج الانتخابي للحزب على ضرورة السعي الى تحقيق التعادلية الاقتصادية والاجتماعية التي:
” تجعل النهوض بالإنسان هدفا لكل السياسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما أنها تروم تحقيق المساواة بين الأفراد وضمان تكافؤ الفرص في إطار مجتمع متضامن الطبقات، كما تهدف إلى توسيع الممارسة الديمقراطية لتشمل الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتحرص على حماية الملكية الخاصة وتشجيع المبادرة الفردية والابتكار،وأنسنة اقتصاد السوق وتقوية الاقتصاد التضامني واعتماد النهج الاجتماعي وتقليص الفوارق الاجتماعية بين الطبقات لتحقيق مجتمع متوازن ومتضامن.”
أولا :الحصيلة الايجابية للحكومة
يسجل حزب الاستقلال ما تحقق خلال السنة الأولى من عمر الحكومة، وهو إذ يقدم ملاحظات أوسع حول ما لم يتحقق إلى اليوم فإنه ينظر بروح متفائلة لما تم تحقيقه ، لكن طبيعة المرحلة التي تجتازها بلادنا تفرض علينا كشريك أساسي في الأغلبية التوقف أكثر عند ما لم يتم تحقيقه بغية تحديده وتشخيصه وبحث سبل تغيير هذا الواقع .
لقد عملت الحكومة خلال سنتها الأولى على:
الشروع في تعميم برنامج المساعدة الطبية ” راميد” الذي إنطلقت تجربته الأولى في جهة تادلة أزيلال على عهد الحكومة السابقة .
الإستمرار في عملية توسيع الشريحة التي كانت تستفيد في المرحلة السابقة من برنامج تيسير والاستمرار في ربطها بتعليم وصحة الأطفال.
الإستمرار في الرفع التدريجي للحد الأدنى للمعاشات.
إنطلاق الحوار الوطني حول إصلاح منظومة القضاء.
الرفع من قيمة المنح الموجهة للطلبة الجامعيين ومن عددها.
مواصلة الأوراش التي أعطيت إنطلاقتها خلال ولاية الحكومة السابقة .
هذه جملة ما تم تحقيقه وهو ما يجب ان تستمر عليه الحكومة وأن ترفع من وثيرة عملها لتحقيق إنتظارات المواطنين والمواطنات.
ثانيا: إختلالات الأداء الحكومي
إن التركيز على الإختلالات بالنسبة لحزب الاستقلال أهم من التوقف طويلا عند الإنجازات على أهميتها ، لأن أي حكومة سياسية يجب دائما أن تحتاط مما لم يتحقق، فعلى هذا المستوى تتم عملية المحاسبة من طرف الناخبين، وهي محاسبة لن تكون رحيمة بالنظر إلى حجم الآمال التي تولدت عند المواطنات والمواطنين بعد الدستور الجديد، الذي منح السلطة التنفيذية كل الوسائل التي تساعدها على اتخاذ القرارات والمبادرات الكفيلة بتنفيذ برنامجها الحكومي وبرامج أحزابها الانتخابية.
على مستوى تنفيذ ميثاق الأغلبية:
إن فعالية الانجاز في نظر حزب الاستقلال مرتبطة وجوبا بفعالية الأغلبية ومؤسساتها التقريرية القيادية ، وعلى هذا المستوى يمكن القول بأننا أخفقنا حتى على مستوى تنفيذ ميثاق الأغلبية على ما فيه من نواقص ، وهو أمر ينعكس بصورة مباشرة على تدبير الشأن العام ، لأنه عندما تغيب الرؤية الموحدة والمشتركة ، فإن الفعالية تكون مفقودة كتحصيل حاصل ، لهذا استقر نظر إخوانكم في حزب الاستقلال ، الإنطلاق من ذات الأغلبية في ممارسة النقد ، إقتناعا منا بأن تحسين عمل الأغلبية سينعكس بصورة إيجابية عند مستوى الأداء الحكومي.
إن حزب الاستقلال يذكر بأنه الحزب الوحيد الذي ضمن برنامجه الإنتخابي وضع ميثاق للاغلبية وذلك إنطلاقا من الخبرة التي راكمها الحزب في الحكومات الإئتلافية ، وإعتبر أن ” ميثاقا للأغلبية ” مسألة ضرورية لضمان العمل المشترك وفعاليته ، حيث أكدنا في البرنامج الانتخابي للحزب في محور ارساء حكامة تشاركية وفعالة على :
وضع ميثاق للأغلبية من ” أجل حكومة منبثقة عن أغلبية متضامنة ومنسجمة لمزيد من الفعالية والنجاعة في تنفيذ الالتزامات المتضمنة في البرامج الانتخابية:
حصر الأهداف الإستراتيجية والمتوسطة المدى للبرنامج الحكومي في مجالات التشغيل – القدرة الشرائية – الخدمات الاجتماعية وآليات التضامن
تحديد آليات تتبع وتنسيق حسن سير العمل الحكومي
تحديد آليات تدبير الخلاف والنزاع بين مكونات الأغلبية
وضع مربع استراتيجي للأغلبية لتركيز الجهود الحكومية على أربعة إصلاحات أساسية وهيكلية ذات بعد أفقي (التعليم، والصحة، السكن، الإدارة، والقضاء)”.
ورغم أنه لدينا ملاحظات حول الميثاق الحالي الذي ندعو لمراجعته ، فإنه في صيغته الحالية لم يتم الالتزام والتقيد به رغم الإخلال بمرتكزاته الأربعة وباقي مضامينه وهو ما سنعود له بالتفصيل في هذه المذكرة.
أيضا لا بد من لفت الإنتباه إلى طبيعة العمل المشترك من داخل الأغلبية وحدود تنفيذ البند العاشر من ميثاقها الذي ينص على : ” إرساء رؤية موحدة ومنسجمة ومندمجة للعمل الحكومي تتم صياغتها وفق مقاربة تشاركية ” ، إذ يشهد الواقع أنه خلال السنة الأولى من عمر الحكومة كانت الأغلبية في واد والحكومة في واد آخر ، وأن الأغلبية كإطار سياسي لم يكن لها دور كبير في كل ما تم إتخاذه من قرارات ومبادرات، كانت موضوع تقديرات متباينة من طرف مكونات الأغلبية نفسها، وكانت محط سجال عبر وسائل الإعلام، وكل ذلك راجع لغياب التنسيق والتداول السياسي في القرارات التي تتخذها الحكومة، علما أن الميثاق الحالي للأغلبية حدد إنتظامية اجتماعات قيادة التحالف مرة كل ثلاثة أشهر…فكيف يمكن لأغلبية تجتمع مرة كل ثلاثة أشهر أن تمتلك الفرصة لمناقشة القرارات قبل اخراجها من قبل الحكومة؟
وجملة يمكن القول أنه لم يتم احترام أربعة مرتكزات قام عليها ميثاق الأغلبية وهي :
التشارك في العمل وذلك من خلال :
تقديم مقترحات قوانين من طرف أطراف في الأغلبية دون تنسيق مع فرق الأغلبية ، خاصة وأن الأغلبية بإمكانها عبر الحكومة وضع مشاريع قوانين يتم التداول فيها داخل الاغلبية وهو ما يشكل خرقا لميثاق الأغلبية الذي أكد على أن هذه الأخيرة تعتمد: ” على مستوى مجلسي البرلمان، منهجية عمل بخصوص مقترحات القوانين والتصويت والتعديلات ومناقشة مشاريع القوانين “.
قرار الأحادي للزيادة في أسعار المحروقات وما تبعه من رفع لأسعار عدد من المواد الاستهلاكية وهو ما مس بالقدرة الشرائية للمواطنين، وإن قدرة المواطنين على تحمل هذه الزيادات مرده لما تم تحقيقه على مستوى رفع الأجور في عهد الحكومة السابقة وليس لأي إعتبار آخر… وأن الإستمرار في إستنزاف الزيادات التي تحققت بالنسبة للأجور في الحكومة السابقة سيؤثر على السلم الإجتماعي.
الإعلانات المنفردة والحاسمة بخصوص إصلاح صندوق المقاصة ، دون تداول في الموضوع داخل الأغلبية.
وضع مخطط تشريعي دون تداول داخل الاغلبية لتحديد الأولويات كما ينظر إليها كل طرف في التحالف ، وهذه مسألة جوهرية وليست ثانوية كما يعتقد البعض.
دفاتر تحملات السمعي البصري التي أثارت نقاشات كان يمكن تفاديها لو تم التداول حولها بداية داخل الأغلبية، على اعتبار حقل الإعلام له حساسية خاصة ولا يمكن أن ينظر إليه نظرة قطاعية أو حزبية.
نشر لوائح رخص النقل والمقالع ، دون أية مشاورات حول رؤية الحكومة للريع وغيرها من المبادرات التي تفتح أسئلة عريضة لدى الرأي العام لكنها تبقى بلا أجوبة وآخر ما كنا نحذر منه هو ما وقع من خلال التشنج الذي عرفه قطاع النقل نهاية نونبر الماضي.
قرارات أحادية لعدد من الوزراء يتم تقديمها للإعلام على أنها قرارات حكومية وليست قطاعية ، دون أن تكون الأغلبية بحثت أهميتها وآثارها ونتائجها وجدواها وطريقة إخراجها ( خاصة القرارات المتعلق بعمل موظفين عموميين في القطاع الخاص في قطاعي الصحة والتعليم…) والعودة للتراجع عنها سواء بصفة صريحة أو مبهمة أو العجز عن تنفيذها وهذا ما يمس بمصداقية الحكومة .
الفعالية في الإنجاز وذلك من خلال:
التردد والتسرع والغموض في مجموعة من القطاعات.
بطئ وتيرة العمل .
الشفافية في التدبير وذلك من خلال:
الغموض في مقاربة اقتصاد الريع والفساد من خلال التشهير بمنطق الرخص والاستمرار في منحها سواء في قطاع النقل أو المقالع، كل ذلك في ظل غياب رؤية استراتيجية لمحاربة الفساد.
التعيين في المناصب السامية الذي اتسم بغياب رؤية موحدة بين القطاعات الحكومية في وضع شروط الولوج اليها وتوسع البعض في تفسير تحديد الشروط التي أوكلها المرسوم التطبيقي لكي تتحول إلى شروط على المقاس تتنافى مع تكافئ الفرص .
التضامن في المسؤولية وذلك من خلال:
رغم أن الحكومة الحالية بأغلبية مطلقة تعتبر امتدادا للحكومة السابقة ، فإنها ترفض تنفيذ الالتزامات السياسية والاجتماعية للحكومة السابقة وخاصة عدم تنفيذ البرتكول الموقع يوم 26 أبريل 2011 في إطار الحوار الإجتماعي ورفض تنفيذ إلتزام الحكومة السابقة بخصوص ملف حاملي الشهادات الموقعين على محضر 20 يوليوز والتوقف عن إعمال التمييز الإيجابي لفائدة المعاقين بالنسبة لمباريات التشغيل من خلال حصص معينة لم تكن تتجاوز 7 في المآة منذ بداية حكومة التناوب.
ومن هنا يأتي حرصنا على مراجعة ميثاق الأغلبية وتطوير العمل المشترك بين مكونات الأغلبية وهو ما ستكون له إنعكاسات جيدة على عمل الحكومة وعلى مستوى الوفاء بإلتزاماتها.
الهندسة الحكومية:
انطلاقا من الواقع الدستوري والانتخابي لبلادنا والقائم على نظام التمثيلية النسبية والهوية البرلمانية، فإن حزب الاستقلال يعي جيدا معنى الاشتغال في ظل حكومة إئتلافية، وهو نظام لا ينفرد به المغرب بل هو ما يسود في عدد من الدول العريقة في الديمقراطية، وقد أثبتت التجربة أن عدد الأحزاب المشكلة للتحالف لا تؤثر على نجاعته وفعاليته عندما تتضح قواعد العمل المشترك ، وباعتبار تحالف عدة أحزاب لتشكيل الحكومة أمرا واقعا بالنسبة لبلادنا، سواء في هذه المرحلة أو في التجارب السابقة ، وهو ما يجب على الأحزاب المغربية والفاعلين الحزبيين والإعلام الإنتباه إليه على اعتبار أنه سيحكم التحالفات الحكومية في المغرب لسنوات مقبلة أيضا، وذلك حتى نتجاوز كل الحساسيات التي يثيرها هذا الأمر، وانعكاساته على تدبير الشأن العام، بل إن الكثيرين ينظرون إلى الحكومات الإئتلافية نظرة إيجابية، لأنها تحقق التوازن داخل الدولة وتحمي النظام الديمقراطي من النزعة الأحادية في إطار ما بات يعرف بالديمقراطية التوافقية .
فهل تركيبة وهندسة الحكومة الحالية يساعدان على قيام تحالف حكومي يتسم بالإستقرار؟ سؤال يصعب تأكيده بالإيجاب، فلا توزيع المقاعد داخل الحكومة خضع لمعاييرعادلة ونزيهة، وهي عادة في كل الدول الديمقراطية مرتبطة بحجم الكتلة النيابية لكل حزب في التحالف من جهة ، ومن جهة أخرى فإن الإئتلاف الحكومي لم يستحضر أهمية التوزيع المتوازن للقطاعات الوزارية من سياسية وإقتصادية وإجتماعية، أما من جهة الهندسة الحكومية فإننا بعيدين كل البعد عن هدف بناء أقطاب حكومية كما نص على ذلك التصريح الحكومي ، ببساطة لأننا اخترنا منذ البداية وضع العربة أمام الحصان ، فكيف يمكن لحكومة أن تخلق أقطابا حكومية بعد أن وزعت الحقائب والقطاعات الحكومية قبل وضع التصريح الحكومي نفسه والذي وضعه موظفو الإدارات ؟ ففي التجارب الديمقراطية المقارنة تتفق الأحزاب المشكلة للتحالف بداية على ميثاق للعمل المشترك وعلى برنامج للإنجاز، قبل الإنتقال إلى وضع هندسة حكومية كفيلة بتحقيق البرنامج المتفق عليه.
إننا في حزب الاستقلال ننتقد الهندسة الحكومية من أجل مراجعتها ونعتبر الأمر ملحا ويجب طرحه للنقاش بين أطراف التحالف، وأنه يصعب توقع نتائج إيجابية لعمل الحكومة ببنية لاتساعد على ذلك .
تدبير الشأن الحكومي:
يعتبر حزب الاستقلال بأن سنة على بداية الحكومة لحظة مناسبة لإجراء تقييم موضوعي لتدبير الشأن الحكومي ، فالنتائج بالبداهة هي من جنس المقدمات، فإذا كانت آلية الحكومة تعرف خللا، فإن الحصيلة بلا شك ستكون متواضعة، ولا ترقى للطموحات المعلنة للأغلبية سواء في برامجها الانتخابية المنفردة كأحزاب، أو ما اتفقت عليه في البرنامج الحكومي، والأهم من كل ذلك هو حجم الانتظارات لدى أبناء الشعب المغربي، إذ نتساءل، إلى أي حد استطاعت أطراف التحالف أن تعمل كحكومة تتشكل من أربعة أحزاب خلال السنة الأولى من عمر هذه الحكومة؟ وأيضا مجمل القرارات التي تم إتخاذها خلال هذه المرحلة وفق أية رؤية ومبررات؟ خاصة وأنها تخلف ردود فعل سلبية،أو في أحسن الأوقات تثير ملاحظات وجيهة تستحق منا الإنتباه إليها ، ولكي نقدم النقاش إلى الأمام لا بد من القول بصراحة أن عددا من وزراء الحكومة وبعد سنة من تحملهم للمسؤولية لازالوا لم يقدموا ما هو منتظر منهم ويبدوا أنه لا فائدة من مزيد من الإنتظار، وهذا الأمر يجب أن تترتب عليه تدابير وإجراءات تعيد الثقة في الحكومة وتساهم في تسريع وثيرة إشتغالها وترفع من أدائها بالشكل الذي يمكنها من الوفاء بإلتزاماتها عند متم ولايتها سنة 2016.
من جانب آخر، ودائما في إطار تعداد نقائص تدبير الشأن الحكومي، هناك مسألة غاية في الأهمية تعيدنا إلى عجز القدرة على تمثل تحالف من عدة أحزاب يدبر الشأن العام ، فلا يمكن الاشتغال بمنطق رئاسي في بيئة برلمانية ، ولا يمكن قبول استمرار التماهي مع الذات الحزبية عندما يتعلق الأمر بعمل حكومة إتئلافية ، فمع كامل الأسف لم يستطع رئيس الحكومة التصرف في أكثر من محطة بهذه الصفة ، ولاحظنا في أكثر من مناسبة وخاصة عندما ينتظر المواطنون والمواطنات ظهور رئيس الحكومة ، فإذا بهم يكونون أمام رئيس حزب، وهذا الطابع الحزبي الضيق لرئيس الحكومة نرفضه جملة وتفصيلا، إذ يتخيل أحيانا للشعب المغربي أنه أمام نسخة من النموذج المصري الذي يقوده مرسي وجماعته في سياق مختلف عن الوضع السياسي في المغرب.
إن هذا التعامل لن يساعدنا على تحقيق حكومة منسجمة ومتضامنة، فنحن جئنا كأحزاب لهذا التحالف بإختلافاتنا وتقديراتنا المختلفة ورؤية كل حزب للاصلاح ولتدبير أمور الدولة ، والبرنامج الحكومي هو مساحة التقاطع بيننا كأحزاب مستقلة لها شخصيتها المعتبرة وتاريخها الذي يميز حزبا عن الآخر وحجم مساهمته في البناء الديمقراطي لبلادنا في إطار مسلسل طويل ، تعتبر هذه الحكومة والانتخابات التي أفرزتها واحدة من ثمارها التي يعتز بها المغاربة ، وأي استمرار في هذا المنطق الحزبي بخلفياته الانتخابية فإنه لن يساهم سوى في شد التجربة بكاملها إلى الخلف، وهو ما لا نرتضيه كهيئة سياسية وطنية.
ان حزب الاستقلال يعترض مبدئيا و منهجيا على تقديم الأزمة الاقتصادية الدولية والتحديات التي تواجهها بلادنا كمبرر لصعوبات التدبير الحكومي ، لأن الأزمة هي من أتت بهذه الحكومة ، وأن المغاربة صوتوا لفائدتنا لكي نعبر بهم الأزمة، لا لكي نعيد رفعها في وجوههم عند كل تحدي جدي، وحزب الاستقلال في برنامجه الانتخابي كان بحكم تجربته يدرك الواقع، لهذا وضع نسبة 5 في المائة كمعدل سنوي للنمو. وهنا لا بد من تذكير من يعتبر اليوم فقط، بأن تدبير الحكومة أصعب وأعقد من الصور التي كانت ترسم عنه في السابق، أنه بالأمس القريب وفي موقع المعارضة كان الكلام غير الكلام والمواقف غير المواقف، لهذا يجب اليوم تدارك فضيلة الوضوح والنقد الذاتي ونسب المنجزات لأصحابها والكف عن التشهير بالتجربة السابقة عندما يتعلق الأمر بقضية من القضايا التي تعرف إنتظارات وتراكمات كبيرة داخل المجتمع سواء تم ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر.
إن تقييم التدبير الحكومي يستوجب منا تقديم ملاحظات نجملها في ما يلي:
ضعف الحكومة الحالية في قيادة الاقتصاد الوطني، نتيجة عدم وعيها وأخذها بالحزم اللازم مسؤولية تحريك الاقتصاد، كأنها لا تعتبر نفسها مسؤولة عن المجال الاقتصادي، وكأن الاقتصاد الوطني يسير لوحده وأنها منشغلة فقط بالأمور الإعلامية والسياسية، في حين أن حزب السيد رئيس الحكومة سبق خلال الحملة الانتخابية أن وعد بتحقيق نسبة نمو بمعدل 7% سنويا، وهو ما يمثل 210 ألف منصب شغل تحدث سنويا للمغاربة وخاصة الشباب منهم. لكنه تراجع عن هذه الوعود بعد الانتخابات وأصبح يتحدث عن هذه النسبة كهدف في نهاية الولاية الحكومية، والملاحظ أن سنة 2012 سجلت نسبة نمو بمعدل يقل عن 3 % فقط من الناتج الداخلي الخام أي أن الفرق هو 120 ألف منصب شغل سنويا يحرم منها شبابنا.
هناك بوادر تندر بالتراجع في الحريات في قضايا متعددة، إن الشعارات التي يحملها بعض وزراء الحكومة تبقى شعارات غير مفهومة وبدون جدوى، إضافة إلى ذلك نسجل بأن إحداث وزارة للعدل والحريات لم يمنع من تراجع مجال الحريات، يتجلى في عدم تحريك المتابعات من طرف النيابة العامة في كثير من حالات الاعتداء على الحريات بل والإنتقائية وعدم المساواة أمام القضاء، ومواصلة إستعمال الاعتقال الاحتياطي كشكل من أشكال التحكم والتشهير وتصفية الحسابات السياسية، وهنا لا بد من الإشارة إلى أنه انطلاقا من إيمانه بقدسية الحرية الفردية والجماعية، فإن حزب الاستقلال كان دائما يدافع عنها وجعل منها شعاره الرسمي في الفصل الأول من قانونه الأساسي :”مواطنون أحرار في وطن حر”.
التأخير في إعداد المخطط التشريعي حيث أصبحت الإعلانات التي تقوم بها الحكومة مثيرة للشك في هذا المجال. فإذا كانت سنة بكاملها قد خصصت فقط لإعداد مكونات المخطط التشريعي، فمتى سيتم إعداد نصوص القوانين التنظيمية و المصادقة عليها ؟
عدم الوعي بالدور الذي تلعبه الطبقة الوسطى على الرغم من هشاشتها، إن حزب الاستقلال ما فتئ يدافع عن هذه الطبقة ومنع التوريث الجيلي للفقر والاجتهاد في رفع الطبقة الفقيرة إلى مستوى الطبقة الوسطى وليس العكس.
فالحديث السطحي عن توزيع الثروات، يصطدم بواقع ضرورة خلقها أولا، ثم إعادة توزيعها ومحاربة الفقر ومساندة الطبقات الفقيرة ثانيا ويعتبر رجال الأعمال والمستثمرون المغاربة والأجانب والطبقة الوسطى، المصدر الأساسي لهذه الثروات، غير أن المفارقة هي أن الحكومة بعثت لهذه الفئة أكثر الرسائل غير الودية طيلة سنة كاملة.
– إهمال العالم القروي : إن الحكومات السابقة منحت منذ نهاية التسعينيات حصة الأسد للعالم القروي مثل البرنامج الأول والثاني للطرق القروية، البرنامج الوطني للكهربة القرويةPERG والتزويد بالماء الصالح للشرب PAGERعلما أن هذه البرامج لم تغطي كل الخصاص ولم تشمل كل المناطق، لهذا كان من واجب الحكومة وضع برامج جديدة لتتمىمها، والأنشطة المدرة للدخل بالعالم القروي إضافة إلى المخطط الأخضر والذي على أهميته فإنه يحتاج إلى برامج أخرى مكملة توجه للفلاح الصغير وللفلاحة البورية، أيضا نسجل اقتراب المخطط الوطني لبناء الطرق PNR 2 من نهايته دون التوفر على مخططات جديدة
عدم الاعتناء بالجالية المغربية المقيمة في الخارج التي تعيش اليوم تحت وطأة ضغط الأزمة الاقتصادية والمالية، والاعتناء بها قطاعيا غير كافي باعتبار أن الموضوع هو أفقي بامتياز ة ويهم الحكومة برمتها
عدم الشروع في فتح نقاش وطني حول إعمال الجهوية الموسعة والحكم الذاتي في الصحراء المغربية .
على مستوى إستكمال الورش الدستوري :
إن حزب الاستقلال يعتبر إعلان القضاء كسلطة في دستور يوليوز 2011، سابقة في التاريخ الدستوري لبلادنا ومنعطفا حاسما في إتجاه بناء دولة مؤسسات حقيقية، وكان تأكيد الدستور الجديد على ضرورة إخراج القوانين التنظيمية عند متم الولاية التشريعية الحالية، عامل ضغط إضافي على الحكومة والبرلمان ، لكن ما تم تسجيله إلى اليوم هو عدم التعاطي الجدي والمسؤول للحكومة مع مجموعة من القوانين التنظيمية الأساسية والتي تستكمل البناء المؤسساتي للدولة خاصة على مستوى السلطة القضائية وبعض الإجراءات الأخرى المصاحبة لها و ذلك من خلال :
عدم إنجاز القانون التنظيمي المحدد لانتخاب وتنظيم سير المجلس الأعلى للسلطة القضائية.
عدم إنجاز القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية.
عدم إنجازالقانون التنظيمي المحدد للنظام الأساسي لرجال القضاء.
عدم إنجاز القانون التنظيمي المحدد لشروط ممارسة الدفع بعدم دستورية القوانين .
عدم توفير الإمكانيات اللازمة لضمان الإستقلال الإداري والمالي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية.
عدم إصدار القوانين المتعلقة بإستقلال القاضي والتعويض عن الضرر القضائي وتطوير الإطار القانوني المنظم لمختلف المهن القضائية.
علما أن السنة الأولى من عمر الحكومة عرفت إنطلاق الحوار الوطني لإصلاح القضاء ،فكيف يكون الحوار منتجا وكل هذه الترسانة القانونية ليست على طاولته؟
كما لم تبادر الأغلبية إلى إنجاز القانون التنظيمي الخاص بعمل الحكومة، وهو ما يدعوا للاستغراب خاصة وأننا في كل المذكرات المطالبة بالاصلاح الدستوري كنا نطالب بدسترة المجلس الحكومي وإعطائه المكانة التي يستحق كإطار للتداول في قرارات السلطة التنفيذية التي تم توسيعها في الدستور الجديد ، فإذا لم يكن هذا الأمر أولوية في اتجاه تحقيق مزيد من الإصلاحات وبناء الدولة الديمقراطية ؟ فكيف يتم تحديد الأولويات بالنسبة للأغلبية ؟ ونفس الشيء يقال حول القانون التنظيمي الخاص بطريقة تسيير لجان تقصي الحقائق وهو ما عطل هذا الإختصاص المنوط بالبرلمان لسنة كاملة ، وهو ما يمس في العمق سلطة الرقابة على السلطة التنفيذية والفصل بين السلط والتعطيل العملي لنصوص الدستور ويتناقض جملة وتفصيلا مع ما جاء به ميثاق الأغلبية عندما تحدث عن ” الإسهام في الرفع من شأن المؤسستين التشريعية والتنفيذية ومصداقيتهما ونجاعة عملهما وإنتاجهما “…بل إن الحكومة دهبت أبعد من ذلك عندما أصدرت بلاغا رسميا تنتقد فيه إبداء نواب من الأغلبية لآرائهم في القانون المالي لسنة 2013 ، وهو ما اعتبرناه في حينه مسا غير مقبول بفصل السلط وبإختصاصات البرلمان وبمنطق الأغلبية السياسية وليس العددية.
4_ الحوار الإجتماعي :
من جانب آخر، وفي إطار تقييم التدبير الحكومي دائما، نتوقف عند قرار الإقتطاع من أجور المضربين ، وهنا لابد من التذكير بأن الاتحاد العام للشغالين بالمغرب هو من كان له السبق قبل أربع سنوات من اليوم لكي يرفض إضرابا غير مبرر مؤدى عنه، وإعتبر أن قرار الإضراب لابد له من ثمن ، والنقابة التي تتخذ قرار الإضراب عليها أن تتحمل تبعاته ، هذا التوضيح كان ضروريا لتفسير موقفنا الرافض لقرار الإقتطاع من الأجور ،وذلك لأن هذه السنة إتسمت بتجميد الحوار الإجتماعي والتماطل في تنفيذ اتفاق أبريل 2011 مع النقابات العمالية الذي وقعته الحكومة السابقة وغياب أية مبادرة حكومية أو حوار وطني لوضع مشروع للقانون التنظيمي للإضراب وغياب أية مبادرة حكومية أو حوار وطني لوضع القانون المنظم للنقابات وعدم إخراج صندوق التعويض عن فقدان الشغل الى حيز الوجود والذي جاء من بين الإلتزامات التي تضمنها التصريح الحكومي.
كل هذا الإنحباس على مستوى المناخ الاجتماعي ، لم يمنع الحكومة من تقرير الاقتطاع من أجور المضربين، في الوقت الذي كان مطلوبا منها أن تبدي نفس العزم عندما يتعلق الأمر بواجباتها وإلتزاماتها في إطار مبدأ استمرارية الدولة، وهذا الأمر لا يساعد على تهدئة الجبهة الاجتماعية بصفة مطلقة.
5_ العلاقة مع المعارضة:
ينطلق حزب الاستقلال من فكرة تعتبر أن الديمقراطية ليست هي الضمانات التي تمنحها للأغلبية، بل بالضبط هي تلك الضمانات التي تمنحها للمعارضة وتمنع الاغلبية من الهيمنة، وهنا تأتي اليمقراطية التوافقية التي تجاوزت منطق الأغلبية العددية ووفرت للمعارضة كل الوسائل للتعبير عن مواقفها وآرائها وتصوراتها لتسيير أمور الدولة والتي هي القاسم المشترك بين الجميع، كما أن الدستور الجديد جاء ليعزز دور المعارضة في ظرفية وطنية وإقليمية ما أحوج بلادنا إلى تضافر جهود كل أبنائها بغض النظر عن مواقعهم السياسية ، خاصة وأننا أمام ولاية تشريعية إستثنائية في تاريخ المغرب معروض عليها إتمام الوثيقة الدستورية من خلال إخراج كل القوانين التنظيمية التي نص عليها الدستور وذلك قبل متم الولاية التشريعية، وعندما كانت القوانين التنظيمية مكملة ومفسرة لبنود الدستور فإن حزب الاستقلال يعتبر أن منهجية وضعها يجب أن تتسم بنفس منهجية الحوار الوطني حول الدستور واعتبار الورش الدستوري لازال مستمرا، خاصة وأن حزب الاستقلال خبر العمل من موقع المعارضة لسنوات وأن الحزب الذي يوجد على رأس الحكومة قد غادر مقاعد المعارضة منذ سنة فقط، وبالتالي فإن هذه الحكومة بالذات مطالبة بمرونة كبيرة إتجاه المعارضة خاصة على مستوى تمكينها من الوسائل القانونية والمؤسساتية للتعبير عن مواقفها ووجهات نظرها بخصوص القضايا التي تهم البلاد أو تلك التي تتعلق بالعلاقة بين السلط.
لكن الواقع يبقى عنيدا حيث أثبتت الحكومة في سنتها الأولى أنها لا تتمثل ما ذهب إليه الدستور وتحتاج الى مراجعة منظورها للمعارضة ببعد ديمقراطي يتجه نحو المستقبل.
.نتائج إختلالات الأداء الحكومي :
يمكن أن نجمل نتائج هذه الاختلالات في النقط التالية :
تآكل القدرة الشرائية للمواطنين نتيجة للقرارات الحكومية التي تقلص من آثار الزيادات التي عرفتها الأجور في عهد الحكومة السابقة .
استمرار وتوسع الحركات الاحتجاجية بنفس المطالب في كل ربوع المملكة.
تقديم التوازنات الماكرواقتصادية بمنظور عجز الميزانية كمبرر لاتخاذ قرارات لا شعبية ، في حين أن الواجب يحتم بحث سبل رفع النمو وتحريك عجلة الاقتصاد .
التقيد برؤية محاسباتية ضيقة للمالية العامة ، وفرض ضرائب جديدة بأسماء مقنعة تستهدف بدرجة كبيرة الطبقة الوسطى التي هي بمثابة صمام أمان للمجتمع .
الحديث عن إصلاح صندوق المقاصة دون عرض الموضوع على أحزاب الأغلبية والمعارضة والمجتمع المدني وإستمرار التعاطي مع الموضوع باعتباره مشروعا قطاعيا .
تعميم حالة من الارتباك والخوف والانتظارية لدى فئات واسعة من المواطنين ورجال الأعمال المغاربة والأجانب وهذا لا يساعد على خلق مناخ جيد للأعمال.
توالي الاضرابات القطاعية وتوسعها كنتيجة طبيعية لغياب الحوار الذي هو من مسؤولية الحكومة.
إقتراحات لرفع الأداء وإعطاء دينامية جديدة لعمل الحكومة والاغلبية وتحديد أولوياتها
1). على مستوى آليات اشتغال الأغلبية نسجل :
ضرورة تحيين ومراجعة ميثاق الاغلبية بشكل يحدد طريقة عملها كاغلبية سياسية وكإطار مرجعي أعلى في اتخاذ القرارات الحاسمة التي تهم الحكومة في القطاعات المختلفة، وخاصة إنتظام الإجتماعات الخاصة بالهيئة العليا للتحالف بجدول أعمال ونتائج منتظرة
الإقتناع بالتعدد الحزبي للتحالف ونبذ النزعة الحزبية التي ميزت السنة الأولى من عمر الحكومة.
إدراج موضوع التعديل الحكومي في ميثاق الأغلبية وتحديد كيفية المطالبة به وإجراءات تنفيذه اخذا بعين الاعتبار المسطرة الدستورية لإجرائه.
2). على مستوى ترتيب أولويات الحكومة :
على هذا الجانب نسجل غموضا كبيرا يلف أولويات الحكومة، حيث لا تظهر الأولويات جلية على مستوى كل قطاع وزاري على حدة أو على مستوى الحكومة ككل، وتساهم محدودية خبرة بعض الوزراء وهشاشة هندسة الحكومة في تفاقم إشكالية تحديد جملة من الأهداف كأولويات في تدبير الشأن العام، وعوض الإنتباه لهذا الخلل، نلاحظ اصرارا بتعويض هذا الأمر بسياسة للعلاقات العامة التي لن يستمر مفعولها طويلا أمام عناد الواقع الاقتصادي للبلاد .
إننا في حزب الاستقلال نعتبر أن أولويات الحكومة في ظل الظرفية الحالية لا يجب أن تخرج عن الأولويات متفق عليها وندرج بعضها فيما يلي:
على المستوى الإقتصادي :
تحقيق التوازن الماكرو اقتصادي من زاوية دعم المبادلات التجارية من خلال دعم المشاريع المصدرة التي تدعم الانتاج والتصدير والاستهلاك ، من خلال اقتطاع نسبة من الأموال الموجهة للاستثمار العمومي، وهو ما سيحقق تقليصا في حجم البطالة ورفعا لاحتياطي العملة الصعبة ، ويساهم في الحفاظ على استقلال القرار الاقتصادي المغربي.
على المستوى الإجتماعي :
تقييم برامج التشغيل ودعم المقاولات التي تقوم بعمليات الإدماج بعد فترة التدريب.
دعم السكن الموجه للطبقة الوسطى من خلال مشروع واقعي قابل للانجاز.
استكمال برنامج مدن بدون صفيح والذي تحقق منه في نهاية الحكومة السابقة 70 في المآة ومواصلة ورش معالجة ملف البنايات المهددة بالانهيار واعتماد السكن الاجتماعي الموجه للكراء.
التغطية الصحية للمستقلين بتزامن مع التعميم الكلي للرميد، وذلك من خلال إعادة صياغة برنامج ” عناية “.
توحيد جميع جهود القطاعات الحكومية وشبه الحكومية الموجهة لمحاربة الفقر وذلك من خلال مراجعة تمويل صندوق التماسك الاجتماعي ، عبر تحويل جميع الميزانيات المخصصة لمحاربة الفقر لهذا الصندوق وتتبعه لصرفها وطبيعة البرامج الممولة ، وفتح الفرصة لتحويل الصندوق لمستقبل للزكاة.
على المستوى السياسي والتشريعي :
إصدار القانون التنظيمي لترسيم الأمازيغية كأولوية.
استكمال البناء المؤسساتي من خلال اصدار القوانين التنظيمية المتعلقة بالسلطة القضائية.
اصدار القانون التنظيمي المتعلق بالحكومة.
تجديد مجلس الجالية على أسس ديمقراطية تسمح بمشاركة واسعة للجالية.
وضع استراتيجية وطنية لمحاربة الفساد .
وضع برامج قطاعية مرقمة ومحددة فترة إنجازها.
إخراج هيئة المناصفة إلى حيز الوجود.
إخراج المجلس الأعلى الإستشاري للشباب والعمل الجمعوي.
3). التعديل الحكومي :
إن حزب الاستقلال ينظر إلى التعديل الحكومي من منظور الألية وليس الهدف ويعتبره وسيلة وليس غاية وعملا يتكرر باستمرار في الحكومات الإئتلافية عبر العالم وخاصة بعد مرمور سنتها الأولى لتسريع وتيرتها وأدائها وانتاجيتها، وفرصة التعديل الحكومي تكون مناسبة لضخ دينامية جديدة وتدارك النواقص وما تراكم من عجز في تدبير عدد من الملفات والقضايا ، على أن يأخذ هذا التعديل بالاعتبار ما يلي :
رفع تمثيلية النساء داخل الحكومة على ألا تقل عن 20 في المائة .
ضمان تمثيلية الأقاليم الجنوبية في الحكومة .
تقليص العدد الإجمالي للحقائب الوزارية وإعادة توزيعها في شكل أقطاب منسجمة ومتكاملة.
عدم تقسيم الوزارة الواحدة بين أكثرمن وزير أو حزب، وذلك حتى يسهل ترتيب المسؤولية وهو ما ينسجم مع المبدأ الدستوري القاضي بربط المسؤولية بالمحاسبة.
التقيد بعدد المقاعد النيابية المحصل عليها كقاعدة وحيدة لتوزيع القطاعات الحكومية.
السيد رئيس مجلس رئاسة الأغلبية،
إن ظروف البلاد الصعبة أملت على حزب الاستقلال أن يقدم هذه المذكرة في هذه اللحظة بما تضمنته من صراحة ووضوح وصدق مقدرا في ذات الأن الجهود التي يتم بذلها لتحقيق الأفضل. إن الدستور الجديد يعطي صلاحيات واسعة للحكومة تمكنها من التفاعل السريع والإيجابي والواقعي والمسؤول لتستمر بلادنا على درب التطور والتنمية في ظل الإستقرار الذي يميزها عن باقي بلدان الجوار.
إن حزب الإستقلال، إذ يقدم لكم هذه المذكرة، ينتظر منكم دراستها في أقرب وقت واتخاد التدابير التي سوف تتفق عليها مكونات الأغلبية.
” إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتيكم خيرا ”
صدق الله العظيم