مقاربة تاريخية سياسية : الملك الحسن الثاني وعبد الرحيم بوعبيد: إشكالات العلاقة بين المؤسسة الملكية والأحزاب
الموساوي العجلاوي…/…عن جريدة الاتحاد الاشتراكي 12/13 يناير 2013 ارتبط سؤال المؤسسة الملكية والأحزاب ارتباطا بتاريخ المغرب الراهن، سواء ما تعلق بتاريخ الحركة الوطنية إبان زمن الحماية أو مرحلة بناء الاستقلال وتعدد الأزمات ومدى التداخل أو عدمه بين المؤسسة الملكية والأحزاب.. 1- المرحلة الأولى وتمتد من دجنبر 1955 إلى ماي 1960، وتميزت فيها العلاقة مع الملكية بمرجعية أفضلية الوطنية في الفعل السياسي، وبناء مؤسسات المغرب المستقل، سواء حينما كان بوعبيد وزيرا وسفيرا مكلفا بالمفاوضات مع فرنسا، أو حين كان نائبا لرئيس الوزراء ووزيرا للاقتصاد الوطني والمالية. وارتسمت الملامح الأولى لعلاقة بوعبيد مع مولاي الحسن آنذاك من خلال التحضير للمفاوضات مع فرنسا. ويذكر بوعبيد في مذكراته نقاشاته الأولى مع مولاي الحسن في باريس في دجنبر 1955، حول موضوع حضور رضا اكديرة، صديق ولي العهد، كوزير دولة مشارك في مفاوضات الاعتراف باستقلال المغرب. ان هذه التحولات المالية والاقتصادية التي عرفها المغرب خاصة مع حكومة عبد الله ابراهيم، قد اثرت بلاشك في مصالح العديد من الاطراف التي كانت ترى فيها توجها واختيارا اشتراكيا، رغم دعم الملك محمد الخامس لها، ومسا بمصالحها المرتبطة حتما بمصالح فرنسا، التي لن تترك اي فرصة تمر دون عرقلة التحولات الاقتصادية التي عرفها المغرب. وكان لتعارض المصالح والمسارات والرؤى ومناهج العمل بين الاتحاد الوطني للقوات الشعبية واطراف اخرى داخلية وخارجية دوره في اشتداد المعركة بين الاتحاد وخصومه. وقد اصبح الاتحاد – خصوصا بعد اقالة حكومة عبد الله ابراهيم في ماي 1960 في موقع المعارضة القوية، والى هذا المنعطف – المحدود زمنيا بين 1960 و 1961 تعود اصول المنحى الذي سلكه جزء هام من مكونات الاتحاد الوطني، قاعدة وقيادة، كرد فعل على ماوقع في هذه الفترة. كان عبد الرحيم بوعبيد قريبا من الملك محمد الخامس، وهو الرجل الذي اصر – اولا وأخيرا – اثناء «المفاوضات« مع فرنسا على مبدأ محمد الخامس الى المغرب قبل الشروع في اي حوار – وازداد التقارب الرجلين بالخصوص ابان زمن القرارات الكبرى التي اعطت للمغرب مؤسساته الاقتصادية والمالية الكبرى، وهي القرارات التي شكلت احالة في ما كتبه بوعبيد عن المرحلة ،(الصفحة 7 و8 من منشورات ارشيف مؤسسة عبد الر حيم بوعبيد يناير2006 وانظر كذلك كتابنا من الاتحاد الوطني الى الاتحاد الاشتراكي 159 —1983 الرباط 2002 ص 48-49) كما نجد ايضا صدى لهذا التقارب في بلاغات الديوان الملكي حول نفس الموضوع. 2 – المرحلة الثانية، وتمتد من ماي 1960 الى يوليوز 1974 وهي مرحلة الجمر في علاقة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية بالقصر، وحول هذه المرحلة تمحور جل ما كتب في رثاء و مزايا الرجل عقب رحيله في يناير 1992 باعتباره رجل دولة عمل في واجهة النضال الديمقراطي دون كلل او تراجع في الخطاب وفي القرار السياسي. و قد كان منتصف سنة 1960، منعطفا في حياة عبد الرحيم بوعبيد، فبعد معركة معركة ماراطونية وحساسة في ميدان الاستقلال الاقتصادي والمالي للمغرب، قرر الانغماس كليا في معركة الديمقراطية الى جانب مناضلي الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، وهي المراحل التي تركت بصمات في العمل السياسي من سنة 1942 الى سنة 1992 أبانت هذه الأحداث عن اشتداد الصراع بين الاتحاد الوطني للقوات الشعبية من جهة، وبين الأطراف التي ترى في وجوده تهديدا لمصالحها من جهة أخرى. وعندما توفي محمد الخامس في 26 فبراير 1961، دخل الاتحاد الوطني للقوات الشعبية مسارا معقدا أنتجته موازين القوى الجديدة التي بدأت في البروز بالخصوص منذ صيف 1959. وعندما عرض مشروع الدستور على الاستفتاء في نونبر 1962 كان جواب الاتحاد الوطني هو ان هذا دستور «للحكم المطلق»، ونشر موقف الاتحاد الوطني في كتيب بالفرنسية. وانتقد مشروع الدستور لان الملك اعطى لنفسه سلطات مطلقة في تعيين رئيس الحكومة والوزراء ومنحه هذا الدستور قوة اكثر من البرلمان وسلطات في المجالس العليا، فصار الملك بذلك يلعب دورا مباشرا وشخصيا في شؤون الحكومة واعداد المخططات وتعيين القضاة. و قد حدد موقف الاتحاد الوطني 23 مجالا لتدخل الملك. Union Nationale des Forces populaires une constitution pour le pouvoir absolu anallyse du projet de constitution soumis a referendum وهذا ما يتضح من رواية محمد الحبابي – أحد الرجال المقربين من عبد الرحيم بوعبيد – في شهادته على مخاض المرحلة الممتدة من يناير إلى أبريل 1972، حيث أكد أبوعبيد كان يصبو إلى إقامة ملكية ديمقراطية وشعبية وحداثية، وأن الاتصالات التي جرت بين الملك والكتلة غداة فشل الانقلاب الاول، أفضت إلى اتفاق يتمحور حول دستور جديد وإعلان عفو عام على المعتقلين والمنفيين، وأن هذا الاتفاق بعث أملا كبيرا داخل مكونات الكتلة الوطنية التي تم الإعلان عن تأسيسها يوم 27 يوليوز 1970، بناء على ميثاق مشترك بين حزبي الاستقلال والاتحاد الوطني للقوات الشعبية صدر في سلا بتاريخ 22 يوليوز 1972. وعلى إثر هذا الاتفاق سافر بوعبيد الى باريس. ثم ألقى الملك خطابا يوم 17 فبراير 1972 أعلن فيه عن دستور جديد وعن انطلاق حملة التصويت عليه في اليوم الموالي، أي يوم 18 فبراير 1972، وضمنه لهجة تهديد تجاه الطلبة والتلاميذ المضربين. وقد خلف هذا الخطاب – الذي فوجئ الحبابي بمضمونه – صدمة داخل الكتلة التي كانت تنتظر الإعلان عن خطوط الاتفاق الذي تم بينها وبين الملك، غير أن الإعلان عن دستور لم يطلع عليه أي طرف من أطراف الكتلة قد خلف مرارة لدى مكوناتها. |
||
12/1/2013 |
الثقافة العالمية والثقافة المعولمة * عبد السلام بنعبد العالي
على عكس الرؤية الميتافيزيقية التي تفترض فكرًا كونيًّا يتعالى على الأحقاب التاريخية والفروق…