العاهل المغربي: لن نقبل الدروس ممن ينتهك حقوق الإنسان |
|
عن صحيفة العرب [نُشر في 08/11/2013، العدد: 9373 |
الرباط – قال العاهل المغربي الملك محمد السادس في خطاب ألقاه مساء الأربعاء إن بلاده لا تقبل الدروس ممن ينتهك حقوق الإنسان، متهما خصوما إقليميين بـ”تقديم أموال ومنافع لشراء أصوات ومواقف بعض المنظمات المعادية لبلادنا”.
واعتبر ملك المغرب في خطابه بمناسبة الذكرى الـ 38 للمسيرة الخضراء أن “المغرب يرفض أن يتلقى الدروس في هذا المجال (حقوق الإنسان)، خاصة من طرف من ينتهكون حقوق الإنسان بطريقة ممنهجة” مضيفا “أن من يريد المزايدة على المغرب، فعليه أن يهبط إلى تندوف (جنوب غرب الجزائر)، ويتابع ما يشهده عدد من المناطق المجاورة، من خروقات لأبسط حقوق الإنسان”.
وقال مراقبون إن كلام العاهل المغربي موجه إلى الجزائر خاصة بعد خطاب لبوتفليقة دعا فيه إلى “توسيع صلاحيات بعثة المينورسو لتشمل تكفل الأمم المتحدة بمراقبة حقوق الإنسان في الصحراء”.
ويرفض المغرب إثارة وضع حقوق الإنسان في الصحراء بمعزل عن الحل النهائي للملف من بوابة الحكم الذاتي الذي يقترحه.
وسبق للولايات المتحدة أن قدمت الربيع الماضي مشروع قرار في الأمم المتحدة يقترح توسيع مهام بعثة الأمم المتحدة من أجل إجراء الاستفتاء في الصحراء مينورسو لتشتمل مراقبة حقوق الإنسان.
وأثار هذا المقترح حينها غضب الرباط بشكل لم تتوقعه واشنطن. وألغى المغرب تدريبات عسكرية مشتركة بين جيشي البلدين لما يسمى بالأسد الأفريقي في المغرب، ما جعل واشنطن “تتراجع” أو تؤجل مشروع القرار إلى حين.
ولفت المراقبون إلى أن الجزائر تحاول إثارة قضية توسيع مهام “مينورسو” أياما فقط قبل زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى المغرب (11 و12 تشرين الثاني/ نوفمبر) في محاولة لمنع التقارب بين واشنطن والرباط اللتين تجمع بينهما علاقات استراتيجية.
ويشير هؤلاء المراقبون إلى أن المسؤولين الجزائريين يستثمرون الكثير من أجل توتير علاقة المغرب ليس فقط مع شركائه الاستراتيجيين، ولكن مع المنظمات الحقوقية خاصة في ظل نجاح الرباط في إقناع دول كثيرة بصواب مقاربتها لحل أزمة الصحراء.
وهو ما قصده الملك محمد السادس حين قال إن السبب الرئيسي لـ”التعامل غير المنصف” مع المغرب، “يرجع بالأساس، لما يقدمه الخصوم من أموال ومنافع، في محاولة لشراء أصوات ومواقف بعض المنظمات المعادية لبلادنا، وذلك في إهدار لثروات وخيرات شعب شقيق، لا تعنيه هذه المسألة، بل إنها تقف عائقا أمام الاندماج المغاربي”.
وفي سياق متصل، قال إن المغرب “يحرص على التعاون والتفاعل الإيجابي مع المنظمات الحقوقية الدولية التي تتحلى بالموضوعية في التعامل مع قضاياه، ويتقبل بكل مسؤولية النقد البناء”.
غير أنه أضاف أن المغرب “يرفض أن تتخذ بعض المنظمات تقارير جاهزة وبعض التصرفات المعزولة، ذريعة لمحاولة الإساءة لصورته وتبخس مكاسبه الحقوقية والتنموية”، دون أن يذكر هذه المنظمات بالإسم.
وأشار العاهل المغربي إلى أن “معظم المواقف الدولية تتصف بالموضوعية والواقعية” لكنه أضاف “فإن ما يبعث على الأسف أن بعض الدول تتبنى أحيانا نفس المنطق في تجاهل مفضوح لما حققته بلادنا من منجزات خاصة في مجال الحقوق والحريات”.
واعتبر أن “هذا الخلط والغموض في المواقف يجعل طرح السؤال مشروعا. هل هناك أزمة ثقة بين المغرب وبعض مراكز القرار لدى شركائه الاستراتيجيين بخصوص قضية حقوق الإنسان بأقاليمنا الجنوبية؟”.
وحقق المغرب اختراقات مهمة في ملف الصحراء، حيث نجحت زيارات أداها الملك محمد السادس إلى دول أفريقية في زيادة الدعم لخيار الحكم الذاتي الذي تطرحه الرباط وفي تضييق الخناق على البوليساريو لدى دول كانت محسوبة على حلف الجزائر.
كما حافظ المغرب على علاقات مهمة مع المبعوث الأممي، وهو ما جعل الملك في خطابه يجدد التأكيد عليه، حين ذكر أنه “رغم المحاولات اليائسة لخصوم المغرب، للمس بسمعته وسيادته، فإن المملكة ستواصل التعاون مع الأمين العام للأمم المتحدة، ومع مبعوثه الخاص ومع الدول الصديقة من أجل إيجاد حل سياسي ونهائي للنزاع”.
وزار كريستوفر روس، الموفد الخاص للأمم المتحدة للصحراء، منتصف أكتوبر للمنطقة، وهي الزيارة الميدانية الثالثة فقط للموفد الأممي منذ 2009، ومن المتوقع أن يزور المنطقة مرة أخرى بهدف تقديم تقرير للأمين العام الأممي مع محاولة استئناف المفاوضات.
في المقابل، تضاءل الاهتمام الدولي بالمقاربة التي تطرحها البوليساريو مدعومة من الجزائر خاصة في ظل الصراع الداخلي داخل الجبهة، فضلا عن كون مخيمات تندوف أصبحت فضاء استقطاب للقاعدة، وهو ما كشفته الحرب الأخيرة بمالي، وأشار إليه تقرير صادر عن الأمم المتحدة.
وأدى اليأس الجزائري من البوليساريو ومقاربتها لـ”استقلال” الصحراء إلى وقف الدعم عنها وترك سكان المخيمات للفقر والأمراض ما خلق أرضية خصبة للاتجار بالمخدرات والسلاح ومختلف أنواع الجريمة المنظمة، ما وفّر فرصة للقاعدة لاستقطاب شباب المخيمات ومقاتلين من بوليساريو نفسها