في حوار مع جريدة »ليكونوميست حول مشروع قانون المالية: حبيب المالكي: الحكومة تمارس الصمم السياسي

أجرى الحوار: محمد الشاوي

بدون مواربة، يؤكد حبيب المالكي، الاقتصادي ورئيس المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بكل أسف غياب أي تشاور في إعداد مشروع ميزانية 2014، ويضيف أن «تعامل الحكومة الحالية يتميز بتهميش البرلمان والنقابات وأرباب المقاولات، وغياب الحوار حول الملفات الكبرى غياب صارخ» ويرى أن الحكومة، جهاز تنفيذي معزول يتحرك في حلقة مفرغة. ويدعو المالكي الى تغيير «مقاربة» الحكومة من أجل القطع مع هذه السياسة التقشفية.

{ ما هو تقييمكم لمشروع ميزانية 2014؟
> > قانون المالية ليس قضية تقنية يمكن إعداده دون تشاور, للأسف, ممارسة الحكومة الحالية تبقى مطبوعة بتهميش البرلمان والنقابات وأرباب المقاولات. وغياب الحوار حول الملفات الكبرى يبقى صارخا, وبالتالي فهي حكومة معزولة تتحرك في حلقة مفرغة. وهذا العزل عن الواقع أدى الى تفضيل المقاربة التقنية المحاسباتية على حساب متطلبات النمو. ولذلك فإن السياسة الاقتصادية كما هي معتمدة هي سياسة التقشف المعلنة.
كيف يمكن إنعاش الاقتصاد بتضريب الاستهلاك الداخلي بشكل قوي من خلال الزيادة في نسب الضريبة على القيمة المضافة؟ كيف يمكن انعاش الاقتصاد بتقليص الاستثمارات العمومية بنسبة 19% حيث يتوقع المشروع استثمار 49,5 مليار درهم مقابل 58,9 مليار سنة 2013، كيف يمكن تحسين تنافسية الاقتصاد المغربي دون إعطاء المقاولة المصدرة الوسائل الضرورية من حيث التحفيزات الضريبية والمرونة التدريجية لسعر الدرهم. ونلاحظ أن الاتجاه هو لإلغاء الامتيازات الضريبية وفقا لمبادئ القديمة للحياد الضريبي. وذلك في تناقض صارخ مع كل سياسة تحفيزية خاصة تجاه القطاعات التصديرية.
{ ما الذي ينقص مشروع قانون المالية لكي يضمن انتعاش الاقتصاد؟
> > لابد من تغيير كلي للمقاربة. أولا الإنصات للفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، ثم تحليل وتقييم حالة الاقتصاد الوطني في سياق إقليمي وعالمي يعاني من آثار الأزمة، ثم اضطلاع الدولة بدور تحفيزي وليس اللجوء الى الحلول السهلة لضمان تقليص غير مضمون لعجز الميزانية. فالدولة حتى في البلدان الليبرالية العريقة لاتزال تضطلع بدور أساسي في إنعاش النمو الاقتصادي لمواجهة الصعوبات الحالية. فهذه الدول تلجأ الى سياسات غير تقليدية، اي تفضيل النمو والطلب الداخلي، وعلى هذا الاساس، خلق ديناميكية قادرة على فتح آفاق جديدة للسنوات القادمة. والسلطات العمومية الحالية تبقى سجينه المدى القصير، وهناك نوع من الذعر تجاه تعميق العجز.
{ مشروع قانون المالية يهدف الى استعادة التوازنات الماكرو اقتصادية, ما رأيكم في ذلك؟
> > استعادة التوازنات الماكرو اقتصادية لا يتم في تناقض مع النمو الاقتصادي، وحده النمو الاقتصادي يمكنه ان يحقق التوازنات من خلال رفع المداخيل الجبائية والاستثمارات العمومية والخاصة, يجب اعادة النظام في اولويات نوع التدخلات التي يتعين ان تقوم بها السلطات العمومية. وهو ما يسمح بالتأكيد ان مشروع قانون المالية هذا يتضمن عدة اختلالات. وعلى سبيل المثال، هل يمكن أن نحقق نسبة نمو ب 4.2في المائة مع تخفيض قوى للاستثمار العمومي. هل يمكن كذلك بلوغ هذه النسبة من النمو, بينما يتوقع القانون تراجعا جديدا في المداخيل الضريبية؟ يبدو لي ان هذا التوقع في نسبة النمو صعب التحقق، ونسبة %4,2 مبالغ فيها، وبالتالي فالتقشف والتناقض يؤكد حدود قانون الماليةهذا كما تم اعداده حصريا من طرف كفاءاتنا داخل الادارة، ولكن بدون تصور سياسي يحكمه تحليل قوي ودقيق للحالة الصحية لاقتصادنا وماليتنا.
{ المركز المغربي للظرفية أقل تفاؤلا من الحكومة، لماذا؟
> > لقد حددنا نسبة النمو في %3,7 وهناك تضخيم في نسبة النمو التي حددتها الحكومة بسبب التناقضات.
{ الحكومة لم تتشاور مع أرباب المقاولات ,والكونفدرالية العامة لمقاولات المغرب عبرت عن خيبة أملها في مقتضيات قانون المالية. ماهو تعليقكم على ذلك؟
> > الحكومة تمارس الصمم السياسي والاقتصادي والاجتماعي, بينما من خلال اشراك جميع الفاعلين من الممكن الحصول على تقييم أفضل لآراء كل الأطراف. مثلا ليس هناك إصلاح للضريبة على القيمة المضافة كما يعتقد البعض. هناك بالخصوص الابقاء على نسبة %20 التي يعتبرها الجميع نسبة مرتفعة جدا. والى جانب ذلك هناك رفع لهذه الضريبة بالنسبة لبعض النسب الوسيطة، وهو ما يشكل تناقضا واضحا مع توصيات المناظرفة الوطنية حول الضريبة. فلا يمكن فعلا تحقيق تصور يشجع الثقة بدون استشارة، ورغبة هذه الحكومة من خلال تعاملها هي تهميش جميع الفاعلين الذين لديهم القدرة على تقديم الاضافة من خلال مساهمتهم، إضافة
تسمح لأي مشروع حد أدنى من الطمأنينة حتى تنجح النقاشات فهذا المشروع يضعف الثقة السائدة.
{ يتم الحديث أكثر فأكثرعن السكتة القلبية وعودة سياسة التقويم الهيكلي، ماهو تقييمكم لذلك؟
> > السياق الدولي مختلف تماما. في سنوات 80 لم يكن السياق الدولي يتميز بالأزمة, وخصوصية الأزمة الحالية تكمن في انها تهم اساسا الدول المتقدمة. ولكن اذا ما استمرت الحكومة الحالية في سياساتها، هناك احتمال قوي بأن يعيش المغرب التجربة التي عشناها في سنوات 80.
{ المغرب يتوفر على امكانيات ويمثل جاذبية كبيرة، لكن السياسة الاقتصادية والاجتماعية للمغرب لم تسمح بجعل الاقتصاد المغربي اكثر جاذبية واكثر هيكلة.
> > وثيرة النمو تبقى مرهونة بشكل قوي بتقلبات الامطار والسياحة وعائدات الفوسفاط وتحويلات المغاربة في الخارج. ومن الصعب وضع اسس نمو قوي فقط من خلال تدبير معطيات متقلبة.

2/11/2013

‫شاهد أيضًا‬

عندما توسط الحسن الثاني بين شاه إيران والخميني * عمر لبشيريت

يحكي عبداللطيف الفيلالي رحمه الله، وزير الخارجية والوزير الأول الأسبق، أن اتصالات المغرب ب…