رئيس الوزراء المغربي: حكومتي الحالية قادرة على المعجزات بشرط وضع مصلحة الوطن فوق مصلحة الحزب وقبل البحث عن المكاسب. |
عن ميدل ايست أونلاين الجمعة 25 اكتوبر 2013 |
الرباط ـ أكد رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بن كيران أن بلاده باتت اليوم تتوفر على حكومة تعمل في إطار شرعية كاملة وتتمتع بثقة ملكية وشعبية، في إشارة إلى تجاوز فترة من الانتظار خيمت على الوضع العام في البلاد طيلة الفترة التي أعقبت حل حكومته السابقة وانتهت بتشكيل حكومته الجديدة.
وقال بن كيران خلال لقاء دراسي نظمته كتل الأغلبية بمجلسي البرلمان حول مشروع قانون المالية لسنة 2014.. الآفاق والتحديات”، إن الحكومة “لن تخشى من أي دعوة لتنصيبها ولن تستجيب لأي تشويش”، مشيرا إلى أنه “إذا كانت المعارضة راسلت المجلس الدستوري في هذا الشأن فنحن ننتظر رده”.
وأثارت المعارضة جدلا بدعوتها إلى ضرورة التنصيب البرلماني للحكومة، ورأت في الامر مرحلة لابد منها ليكون حضور الحكومة بالبرلمان دستوريا.
وتقول المعارضة ان الحكومة خرقت الدستور، ما يستلزم – برأيها- تقديم مذكرة إلى المجلس الدستوري لمعرفة رأيه القانوني لـ”أن الحكومة لم تعدل وإنما أعيدت هيكلتها وعلى أساسه لا بد من تقديم تصريح حكومي أمام البرلمان حتى تتم مساءلتها على قاعدته”.
وذهب رئيس فريق الاستقلال الذي خرج من حكومة بنكيران الأولى إلى ضرورة تزكية الحكومة الحالية من البرلمان، بعد استقبالها بجميع وزرائها السابقين واللاحقين من طرف الملك محمد السادس.
وشدد بن كيران الذي يشغل ايضا الامين العام لحزب العدالة والتنمية على أن “الهاجس الأساسي هو أن تشعر الحكومة بأنها مسنودة بأغلبية حقيقية تعمل في إطار من الانسجام”، مضيفا أن الأمناء العامين لأحزاب الأغلبية سيبذلون المزيد من الجهود “لتكريس منطق التعاون والتوافق والتسامح والتساكن” على اعتبار “أنه لا يجب أن تحصل الفتنة تحت سقف الأغلبية”.
وبدا بن كيران وهو يوجه نداءه لحلفائه بالتكاتف والعمل بأقصى الجهد من أجل إعلاء مصلحة المغرب العليا، وهو يضع نصب عينيه الانتقادات شديدة اللهجة التي وجهها لحكومته الأولى العاهل المغربي الملك محمد السادس لتقاعسها عن أداء مهماتها الأساسية التي انتخبها من اجلها الشعب المغربي.
وفي أب/اغسطس وجه ملك المغرب محمد السادس في خطابه إلى الشعب المغربي بمناسبة الذكرى الستين لثورة الملك والشعب، انتقادا لاذعا ونادرا لحكومة بن كيران الأولى بسبب ما راكمته من فشل ذريع على كل المستويات إلى حد أنها تراجعت عن عدد من المكتسبات وخاصة في قطاع التعليم، كما عاب عليها انشغالها بسفاسف الأمور عن مصير البلاد ومستقبل المغاربة، وغياب برنامج عمل واضح لها.
وأكد بن كيران في نفس السياق أن “نجاح الحكومة هو نجاح للوطن ولكافة مكوناتها وللمعارضة أيضا التي هي جزء من الوطن”، معبرا عن يقينه بأن الحكومة “ستحقق الخير الكثير”.
وسعى بن كيران إلى توجيه رسائل عديدة للشعب المغربي أولاها أن المغرب تجاوز مرحلة الأزمة السياسية، وأنه تم تحقيق “نصر كبير” بتشكيل الاغلبية الحالية، ملمحا إلى أن حكومته الحالية قادرة على “صنع المعجزات” بشرط تقوية الانسجام والتعاون والعمل المشترك ووضع مصلحة الوطن فوق مصلحة الحزب والبحث عن المكاسب والمقاعد.
ودعا الأغلبية الجديدة الى مساندة الحكومة وإلى العمل في تعاون وتشاور وانسجام تامين.
وقال مراقبون إن اللقاء فرق الأغلبية بمجلسي البرلمان مع قادة الأحزاب الأربعة المشكلة للتحالف الحكومي، شكل فرصة لبعث رسائل وإشارات لطمأنة الرأي العام المغربي بأن ما وقع في الماضي من “تصدعات” داخل صفوفها سوف لن يتكرر، وتوجيه الدعوة لتركيز الجهود على تجسيد البرنامج الحكومي على أرض الواقع من خلال تسريع الأوراش الإصلاحية.
ورسم زعماء الأغلبية في مداخلاتهم خلال هذا اللقاء، صورة جديدة لأغلبية تحاول تجاوز “عثرات وتصدعات الماضي التي أوقفت التجربة الحكومية الأولى” بعد مرور سنة من انطلاقتها.
وبعث هؤلاء الزعماء بإشارات واضحة للمغاربة أجمعت على أن “لا مجال لإضاعة الوقت” خصوصا وأن الحكومة على مشارف دخول النصف الثاني من تجربتها التي بدأت مطلع يناير/كانون الثاني 2012.
ومن جانبه، تبنى الملتحق الجديد بالأغلبية، حزب التجمع الوطني للأحرار، خطابا عبر من خلاله عن حسن النية وعن الاستعداد للانصهار داخل الأغلبية والعمل الى جانب باقي مكوناتها لتحقيق إنتظارات المواطنين، ومواجهة مختلف التحديات التي تواجه المغرب .
وقال بيرو الذي ناب عن صلاح الدين مزوار رئيس الحزب ووزير الشؤون الخارجية والتعاون، الذي يتواجد في مهمة دبلوماسية خارج ارض الوطن، “نحن واعون بالمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقنا جميعا والمتمثلة في تحقيق الانسجام، لأنه هو الكفيل بتحقيق المردودية والفعالية وتجسيد مطالب وانتظارات المواطنين”، مضيفا أن التجمع الوطني للأحرار مستعد “للعمل بروح منفتحة للمساهمة، بنكران ذات وتفان، في إطار مجموعة واحدة لتحقيق الأهداف المتمثلة في تحقيق التنمية والرقي بالمواطنين ومواجهة الفقر والبطالة والتهميش”.
وبنفس النبرة المفعمة بالأمل والثقة حث امحند العنصر الامين العام لحزب الحركة الشعبية على ضرورة الاستفادة من دروس الماضي، وجعل المرحلة المقبلة فاتحة عهد جديد، معبرا عن أسفه على الوقت الذي ضاع من عمر الحكومة، والذي كان من الممكن استغلاله في الانخراط في الأوراش التي تضمنها البرنامج الحكومي (الأول).
العنصر وبعد ان أكد أن “التحالف الحكومي ليس فريقا واحدا، لأن هناك أربعة أحزاب، وستكون هناك اختلافات في وجهات النظر، بغض النظر عن البرنامج المشترك” شدد على ان المسؤولية الكبرى “تتمثل في كيفية تدبير هذه الاختلافات بحيث أن هذا الأمر يحتاج إلى تفعيل الآليات المحدثة على الصعيد الحكومي وعلى صعيد رؤساء الفرق البرلمانية والبرلمانيين”.
من جهته، عبر نبيل بنعبد الله الامين العام لحزب التقدم والاشتراكية عن اعتزاز الحزب بمواصلة العمل الى جانب الاغلبية الجديدة بعد انضمام حزب التجمع الوطني للأحرار الذي قال إنه اشتغل معه لما يزيد عن خمس سنوات في إشارة الى أن التفاهم والانسجام سيكون ميسرا، مبرزا أن “الوقت وقت العمل وأنه لا يجب الانتظار على اعتبار الضغط الزمني الذي يفرض تحديد الاولويات وتكثيف العمل للاستجابة لانتظارات المواطنين”.
وشدد على أن محطة مشروع قانون المالية ستكون أول محك للحكومة مما يفرض عليها وأغلبيتها إعطاء الدليل على أنها “جاءت للعمل وتحقيق انتظارت المواطنين”، داعيا الى عدم تحميل الطبقة الفقيرة عبء فاتورة الإصلاح.
وإذا كان زعماء الأغلبية قد تحدثوا سياسيا فإن محمد بوسعيد وزير الاقتصاد والمالية قدم ما تعتزم الحكومة القيام به خلال السنة المقبلة من خلاله بسطه للمحاور الكبرى لمشروع قانون المالية، مشيرا الى ان هذا الأخير “يبعث على الأمل والثقة، ويرتكز على تصور واقعي في صياغة أهدافه ويأخذ بعين الاعتبار ما حول المغرب من تغيرات وتقلبات “.
وأكد على أن المعادلة التي تحكمت في إعداد هذا المشروع تتمثل في إعادة التوازن للمالية العمومية لمنح الثقة للمستثمرين، وفي نفس الوقت، توفير الظروف لتحقيق الإقلاع الاقتصادي، مشيدا بأجواء الاستقرار السياسي التي يعرفها المغرب والتي من شأنها أن تساعد على جلب المزيد من الاستثمارات.
وسيكون من أوكد مهام الحكومة الحالية خفض نسبة العجز إلى 4.9 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2014 عن طريق خفض الإنفاق.
وأوضحت أن الحكومة ستسعى لخفض العجز من نسبة 5.5 بالمئة المتوقعة لعام 2013.
وتكافح المملكة لضبط ماليتها العامة التي تضررت بسبب أزمة منطقة اليورو وانتفاضات الربيع العربي والجفاف لكنها تخطط لإصلاحات قاسية في العام القادم لأنظمة الدعم والضرائب ومعاشات التقاعد.