أنقذنا وحدة الوطن ولكن وحدة الحزب تصدعت عميقا
من الدفتر الثالث من مذكرات السي عبد الرحيم بوعبيد ترجمة وتقديم : عبد الحميد جماهري./.جريدة الاتحاد الاشتراكي/ الثلاثاء 8 يناير 2013 في الدفتر الثالث من مذكراته، ُيسلط عبد الرحيم بوعبيد، باعتباره أحد الوطنيين الذي تتبعوا عن كثب وشاركوا ودافعوا عن استقلال البلاد، السياق الدولي والوطني والداخلي لحزب الاستقلال الذي تمت فيه مفاوضات الحرية. ويقدم الفقيد الكبير إضاءات جديدة على أسئلة وتساؤلات متعددة تخص ايكس ليبان وآراء القادة الاستقلاليين وبعض الخفايا التي ترتبط بمفاوضات الاستقلال. وهو يقدم المعطيات التي عاشها ويعيد ربطها بالسياق الذي كانت تتفاعل داخله وقتها. ونكتشف معطيات جديدة، لم تسترع كبير اهتمام من طرف المؤرخين أو الباحثين من قبيل موقف اسبانيا وتاكتيكاتها حول القضية المغربية، والحياة التي كان يحياها المقاتلون في منطقة خاضعة منطقيا للاستعمار، لكنها في الوقت ذاته فضاء للتداريب والتخطيط لعمليات المقاومة. في الوقت الذي يكتب المغرب فيه تاريخه، بكثير من الجرأة والشجاعة مع الذات، وبكثير من التمحيص ايضا والمقارنات والتركيبات الدينامية للأحداث والشهادات، تعتبر مذكرات عبد الرحيم مهمة، إن لم نقل مفصلية، في ترتيب الذاكرة وترتيب الفترات التاريخية. ونحن ننشرها، لكي نتلقى بالفعل الآراء والشهادات التي نسعى إلى مناقشة ما ورد فيها من طرف الذين درسوا أو عاشوا الفترة، بالرغم من ندرتهم. أنقذنا وحدة الوطن ولكن وحدة الحزب تصدعت عميقا كان علينا أن نؤكد بأن مغربا جديدا ومستقلا ستكون له انشغالات أخرى ذات أولوية: انشغالات اقامة مؤسسات ديموقراطية ، وانشغالات تحديد أهدافها على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، انشغالات ادماج الاغلبية الكبرى من شعبنا في القطاع العصري الموروث عن الاستعمار. وهو ما يعني اذن النهوض بالانتاج والتربية والتكوين والادخار والاستثمار. وعليه فإن مشكلة اتفاق الدفاع المشترك، في نظرنا، ما هي سوى مشكلة مغلوطة أو طريقة ما للقبول بشكل من التبعية والخنوع. وقلنا إنه لا نرى ماهو التهديد الخارجي الذي يخيم على بلدنا المستقل حديثا لكي يفرض على نفسه الانشغال بابرام اتفاق عسكري أو تحالف دفاعي. زد على ذلك أن اتفاقا للدفاع المشترك مبرما مع فرنسا ، لا يمكنه أن يمر بدون أن يدفع الحكومة الاسبانية إلى أن تطلب التعامل معها على قدم المساواة، ولماذا الولايات المتحدة الامريكية التي يمكنها أن تشترط من جهتها أن توضع الاسس القانونية بالنسبة لقواعدها العسكرية القائمة سلفا، والتي تفتقد هذا السند القانوني. [ من باب التذكير، نورد هنا حكاية وقعت إبان الحكومة الثانية التي ترأسها البكاي. فقد قام وزير الشؤون الخارجية احمد بلافريج بتقديم مشروع اسباني للدفاع المشترك الى مجلس الوزراء. وقد كان من الوارد جدا أن اسبانيا كانت تسعى بواسطة هذه الوسيلة الى الابقاء على جزء من جيوشها في المناطق التي كانت تسيطر عليها خلال الحماية. اعترضت بالقول : ما هي الاسباب التي تدفعنا الى القبول بمجرد مبدأ هذا الاتفاق. اجابني أحد الزملاء المعروفين: «لا يمكننا أن نبقى بدون تحالف عسكري! فاذا حدث أن وقعت حرب غدا سنجد أنفسنا وحيدين ومعزولين«. أجبته «إذا كانت الحرب ستقع، فهي لن تقع سوى بين القوى العظمي وبين حلفائها. وفي هذه الحالة افضل أن تبقى بلادنا بعيدة، معلنة حيادها«. وفي الأخير لجأنا الى تحكيم محمد الخامس ، فبقي المقترح الاسباني حبرا على ورق .] ويتبين من خلال ما سبق ، أن دورة اللجنة التنفيذية للحزب التي انعقدت بمدريد، قبل تشكيل أول حكومة مغربية مكنت من تبديد حالات سوء الفهم التي تراكمت منذ سنوات، ومكنت من تحديد خط عام أكثر دقة ما أمكن. وفي النهاية، وجد علال الفاسي واحمد بلافريج انفسهما معا، وسط اخوانهما. وتجدر الاشارة ايضا الى حضور عبد الكبير الفاسي ، ابن عم السي علال ومساعده الذي قام بمقرر اللقاء. اتاحت لنا رحلتنا الى مدريد كذلك اللقاء ببعض اعضاء المجلس الاعلى للمقاومة وجيش التحرير. واثناءها علمنا بقرار الطرد من هذا المجلس في حق عبد الكبير الفاسي لأسباب يصعب التسليم بصوابها. بعد عقد ندوة صحافية في فندق «فيلاسكويز« حيث كنا نقيم ، افترقنا للعودة الى المغرب، وبقي سي علال وحده شهورا في طنجة. غير أن قناعتنا المشتركة بين الجميع كانت هي أن عملية التوضيح والشرح تفرض نفسها عاجلا لفائدة مناضلي القاعدة الحزبية، ولا سيما رفاقنا المقاومين. وقد تبين من بعد أن هذه المهمة كانت صعبة. فقد تعرضت وحدة الحزب لهزة كبيرة، لكن وحدة الوطن سلمت ، بحيث أن عودة محمد الخامس إلى الرباط اتاحت استكمال المراحل الاخيرة من تحرير البلاد من وصاية الحماية. وبذلك انفتح أمامنا عهد جديد ، بآماله وأوهامه، وبخيباته أيضا. لماذا غِبنا عن الرباط يوم عودة محمد الخامس الى المغرب؟ |
||
8/1/2013 |
الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس يناقض أفكاره الخاصة عندما يتعلق الأمر بأحداث غزة * آصف بيات
(*) المقال منقول عن : مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية ألقى أحد الفلاسفة الأكثر…