قصة ما يحدث بين الرياض وواشنطن |
رئيس الاستخبارات السعودية يخطط لتقليص التعاون مع الولايات المتحدة بشأن تسليح وتدريب المعارضة السورية احتجاجا على سياستها في المنطقة. |
عن صحيفة العرب
[نُشر في 23/10/2013، العدد: 9357، |
لندن – قالت مصادر دبلوماسية غربية إن الولايات المتحدة تسعى إلى إقناع السعودية بالعدول عن قرارها برفض عضوية مجلس الأمن، والعودة إلى موقعها المتقدم في البحث عن حل للملف السوري.
يأتي هذا ليدعم ما صدر عن وزير الخارجية الأميركي جون كيري مساء الاثنين الذي أكد لنظيره السعودي الأمير سعود الفيصل بأن الرياض سيكون لها تأثير أكبر إذا وافقت على شغل مقعدها في مجلس الأمن الدولي، وذلك بحسب دبلوماسي أميركي.
وقال مسؤول كبير في الخارجية الأميركية إن كيري أوضح أنه رغم أن القرار يعود إلى السعودية، فإن الولايات المتحدة تقدر الصفة القيادية للسعودية في المنطقة وفي المجتمع الدولي، وتشدد على أن مقعدا في مجلس الأمن يوفر للدول الأعضاء فرصة المشاركة مباشرة في حل المشكلات.
ووصف محللون سياسيون موقف كيري بأنه محاولة من إدارة أوباما لاسترضاء السعودية التي عبرت عن غضبها بشكل علني تجاه تغيّر الموقف الأميركي في مجلس الأمن خاصة تجاه الملف السوري بعد “صفقة” تفكيك الأسلحة الكيميائية السورية.
وقال دبلوماسيون أوروبيون إن رئيس الاستخبارات العامة السعودية الأمير بندر بن سلطان أخبرهم نهاية الأسبوع الفائت بأنه يخطط لتقليص التعاون مع الولايات المتحدة بشأن تسليح وتدريب المعارضة السورية احتجاجا على سياستها في المنطقة.
ونقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية أن الأمير بندر، الذي يقود جهود السعودية في التنسيق مع المعارضة السورية، دعا دبلوماسيين غربيين إلى مدينة جدة نهاية الأسبوع الفائت لينقل إليهم “خيبة أمل” الرياض تجاه الإدارة الأميركية وسياساتها في المنطقة، بما فيها قرار عدم توجيه ضربة عسكرية لسوريا ردا على الاستخدام المزعوم للسلاح الكيميائي في أغسطس الفائت.
ونقل الدبلوماسيون عن الأمير بندر قوله فيما يخص قرار بلاده عدم قبول عضوية مجلس الأمن، إنها “رسالة للولايات المتحدة وليس للأمم المتحدة”.
وأضاف الدبلوماسيون أن الأمير بندر أخبرهم عن نيّته خفض علاقة الشراكة مع الولايات المتحدة، وهي شراكة درّبت من خلالها وكالة الاستخبارات المركزية وهيئات أمنية أميركية أخرى مقاتلي المعارضة السورية، وستعمل السعودية مع حلفاء آخرين كبديل في هذا الجهد، بينها الأردن وفرنسا.
ونقلت عن مسؤول أميركي كبير قوله، إن رسالة بندر تدل على استياء يهدف إلى الضغط على الولايات المتحدة نحو اتجاه مختلف”.
لكن مراقبين استبعدوا أن تصل الأمور بين الطرفين إلى مستوى المراجعات الجذرية لعلاقات قديمة ومبنية على مصالح استراتيجية تختلط فيها ملفات النفط والسلاح والمال، لافتين إلى أن المسألة لا تعدو أن تكون مجرد حرب إعلامية ليس أكثر، وأن السعودية استفادت منها لتأكيد دورها المحوري في أي حل، وهو ما اعترف به وزير الخارجية الأميركي جون كيري.
بالتوازي، وجدت السعودية نفسها محاطة بدعم كبير في الأزمة، لم يتوقف على دول الخليج فحسب، فقد أصدرت الجزائر وتونس ومصر بيانات تثني على موقف الرياض.
وأصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانا أكد على “أن الموقف السعودي الشجاع يحظى بدعم مصر واحترامها وتقديرها له”، ويأتي هذا الموقف تتويجا لما تم التوافق عليه خلال زيارة الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور الأخيرة إلى السعودية من أن يكون لمصر دور مهم في الدفع نحو حل الأزمة السورية ما يدعم الحل وفق رؤية الرياض.
ومثلت القمة الثلاثية التي احتضنتها مدينة جدة السعودية الاثنين والتي جمعت العاهل السعودي، عبدالله بن عبدالعزيز، والعاهل الأردني عبدالله الثاني، وولي عهد ابو ظبي الشيخ محمد بن زايد، غطاء عربيا للموقف السعودي في هذه الأزمة.
وبالتوازي مع الدعم العربي، تسعى السعودية إلى تنويع علاقاتها الاقتصادية خاصة بالاتجاه إلى الشرق وتحقيق توازن استراتيجي في مصالحها، وفي هذا السياق من المنتظر أن يؤدي الرئيس الصيني هو جين تاو زيارة إلى الرياض.
وهي زيارة يري المراقبون أنها تحمل دعما صينيا إضافيا للموقف السعودي ليس فقط في الأزمة الراهنة مع الولايات المتحدة، وإنما في أن يكون للرياض دور مؤثر في مختلف قضايا المنطقة بما يتماشى مع قوتها الاقتصادية ووزنها في المنطقة .