هل يستعيد حزب الاتحاد الاشتراكي تالقه من جديد؟؟
بقلم .حميد باجو
مداخلة بالفيسبوك على صفحة مجموعة التواصل مع المتوكل والعروجي
الخميس 3 اكتوبر 2013
(( استسمح الاخ حميد في نشرها بصحيفة نشرة المحرر))
بعد المؤتمر الثامن بقليل، نشرت مقالا تحت عنوان : هل يستعيد حزب الاتحاد الاشتراكي تالقه من جديد، طرحت فيه مجموعة من الملاحظات على البوادر الجديدة التي ظهرت في الحزب بعد محطة المؤتمر وان في شكل تساؤولات مفتوحة.
تلك التساؤلات استخلصتها من عدة ملاحظات:
الملاحظة الاولى، ان الاتحاد الاشتراكي او بالاحرى الحركة الاتحادية ككل، قبل ان تكون محسوبة على هذه القيادة او تلك، وقبل ان يطرح سؤال المشاركة في الحكومة او عدمها، هي اولا فكرة وظاهرة ارتبطت بتكون المجتمع والدولة المغربية لما بعد الاستقلال. فالحزب من الناحية السوسيولوجية قد جاء تاسيسه في الاصل لحل تلك الاشكالية القديمة التي عرفها المغرب، في التوفيق ما بين الحاجة الى بناء الدولة المغربية الحديثة التي فرضها العصر، وفي نفس الوقت الاستمرار في رفض نزعة الهيمنة الكلية للمخزن التي تعلمها المغاربة عن مرحلة السيبة.
ولذلك كان تاريخه كله هو في محاولة حل هذه المعادلة الصعبة: تحقيق التوازن بين النزعتين، او ما ظهر من خلال سياسة وضع رجل مع الدولة واخرى خارجها.
ثانيا، انه كان من الممكن ان يتم تجاوز هذه المعادلة بطريقة اخرى، كان يتم تغيير النظام ككل وازاحة المخزن كما طمح الى ذلك الراديكاليون من داخل المخزن نفسه او من داخل الحركة الاتحادية واليسار. او ان يتم انجاح الانتقال الديمقراطي واقرار الملكية البرلمانية. لكن لا واحد من هذين السيناريوهين تحقق. بل بقي الوضع يتراوح في مكانه ، ان لم يكن قد ازداد تعقيدا مع صعود الاسلاميين الذين ربما كان برنامجهم هو بالضبط تعويض الاتحاد الاشتراكي في مهمته التوازنية تلك ، لكن بطريقة اخرى غير الديمقراطية.
ثالثا، انه مع حركية الربيع العربي و20فبراير، بدا في لحظة وكان الفرصة حانت لكسر تلك الدائرة، وتحقيق الانتقال الذي طالما تاجل. لكن سرعان ما انكشفت محدودية تلك الحركة ، وظهر ان المخزن لا زال يملك من الاحتياط الشعبي ما يعجز الديمقراطيون واليسار خصوصا، عن القفز عليه. وانه بالتالي لا زالت الشروط لم تنضج بعد للخروج من تلك المعادلة القديمة.
رابعا، ان حصل اقتناع لدينا، ان اية مبادرة او استراتيجية سياسية لا تاخذ بعين الاعتبار هذا الواقع العنيد، مالها الفشل وضرب عرض الحائط ، كما سبق وان وقع لعديد من المبادرات السابقة. وان لا خيار امامنا غير الاستمرار في نهج نفس الاستراتيجية الاتحادية النضالية القديمة، كما سبق وان رسم معالمها عبد الرحيم بوعبيد: ان نتعامل مع المؤسسة الملكية وفي نفس الوقت نحرص على الحد كلما كان ذلك ممكنا، من تغولها، او ما نترجمه حين تكون الشروط متوفرة بمطلب الاصلاح الدستوري.
خامسا ، لقد تاكد ان المغرب هو قد دخل الان ، في مرحلة من الاستمرارية والاستقرار السياسي état de croisière لما سيقارب دورتين تشريعيتين على الاقل من الان، او ان شروط اعادة طرح مطلب تغيير الدستور الحالي لن تتوفر من جديد الا الى ما وراء 2020. وبالتالي ان اللحظة الان هي لاعادة بناء الذات الحزبية ، والسعي الى استرجاع جزء من القوات الشعبية التي نجحت الحركات الاسلامية استمالتها اليها في العقدين الاخيرين.
سادسا، ان بناء هذه الذات لا يمكن ان يبدا من فراغ، لانه كما وضحنا في مناسبة اخرى لبعض الاصدقاء، ان بناء حزب قوي في المجتمع هو كمثل زرع شجرة والسهر على نموها لمدة سنوات طويلة قبل ان تنتظر منها ثمار، هذا اذا كتب للتجربة ان تحافظ على وجودها او ان لا تبقى على هامش الحركية المجتمعية. ولذلك نعتقد ان افضل ارضية متوفرة لحد الان لاعادة بناء هذه الذات الحزبية هو الاتحاد الاشتراكي.
سابعا، ان اعادة بناء هذا الحزب اواعادة الالق اليه، ليست مهمة سهلة، ولكنها لن تكون اصعب من محاولة بناء شيء من فراغ. لكن بطبيعة الحال هناك معارك يجب ان توخذ من اجل ذلك: نجملها في ثلاث على الاقل: معركة بناء الحزب المؤسسة، بما يعني ذلك اقرار القانون الداخلي وجعل سلطته فوق سلطة كل الاشخاص، ثانيا ، الالحاح على اهمية تجميع كل الشتات اليساري، وبذلك بغض النظر عن الصيغ المتبعة في ذلك، ثم ثالثا، اعادة الارتباط بالتنظيمات الشعبية وبقوى المجتمع المدني التي يلتقي معها اليسار في الاهداف.
ثامنا واخيرا، ان المؤتمر الثامن وبغض النظرعلى مع علق به من مساوئ، فهو قد وفر في المقابل ثلاث مزايا مهمة، لا بد من استغلالها احسن استغلال، اولا انه اول مرة منذ استقالة اليازغي، توفرت للحزب قيادة منسجمة في امكانها اتخاذ المبادرات التي تراها ضرورية بدون اكراه الخضوع لمنطق التوافقات الذي كان يشل الحزب في الولاية السابقة، ثانيا انه تقرر الخروج الى المعارضة وعدم العودة الى الحكومة الا على ظهر صنادق الاقتراع، وهو ما حرر الحزب من عدد من القيود السابقة وفتح له الباب لممارسة دور المعارضة الذي له خبرة طويلة فيه، ثم ثالثا، انه حدد بوضوح، اطار تحالفات الحزب مع اليسار واحزاب الكتلة الديمقراطية، ولذلك سهل علينا نسبيا التمييز بين الخصوم والاصدقاء في الساحة السياسية لهذه المرحلة القادمة.
من جملة هذه الملاحظات نستخلص انه لا يمكن غير النظر في تلك التساؤلات التي بدانا بها، في الاتجاه الايجابي، ان الاتحاد الاشتراكي هو عائد الى الساحة، لكن كيف وباية وتيرة فتلك مهمة ودور مناضليه للاجابة عنه
ولذلك كان تاريخه كله هو في محاولة حل هذه المعادلة الصعبة: تحقيق التوازن بين النزعتين، او ما ظهر من خلال سياسة وضع رجل مع الدولة واخرى خارجها.
رابعا، ان حصل اقتناع لدينا، ان اية مبادرة او استراتيجية سياسية لا تاخذ بعين الاعتبار هذا الواقع العنيد، مالها الفشل وضرب عرض الحائط ، كما سبق وان وقع لعديد من المبادرات السابقة. وان لا خيار امامنا غير الاستمرار في نهج نفس الاستراتيجية الاتحادية النضالية القديمة، كما سبق وان رسم معالمها عبد الرحيم بوعبيد: ان نتعامل مع المؤسسة الملكية وفي نفس الوقت نحرص على الحد كلما كان ذلك ممكنا، من تغولها، او ما نترجمه حين تكون الشروط متوفرة بمطلب الاصلاح الدستوري.