حتي لا نعتمد علي المنح والمساعدات الخارجية
الخروج الآمن من المأزق الاقتصادي.. كيف؟
قد نتفق أو نختلف حول أداء حكومة الدكتور حازم الببلاوي.. لكن لا خلاف علي أن الحكومة الحالية قد تولت مقاليد البلاد في ظروف صعبة للغاية علي كل الأصعدة..فالأوضاع الأمنية غير مستقرة.. والاقتصاد يمر بظروف حرجة.. والبطالة تتزايد.. والديون الخارجية تتراكم.. وعجز الموازنة يتصاعد.. وآلاف المصانع تعثرت بسبب أزمات في التمويل.. أو عجزها عن الوفاء بمديونياتها.. وحالات الإفلاس تقترب من المائة الف حالة.. ومعدلات النمو تتراجع.. أما الاستثمارات الأجنبية فقد تعرضت لهزة كبيرة نتيجة للظروف التي مرت بها البلاد منذ ثورة يناير2011, وحتي30 يونيو الماضي.
وإذا أرادت الحكومة الحالية برئاسة الدكتور حازم الببلاوي أن تحقق إنجازا علي ارض الواقع, فعليها التعامل بشكل عاجل مع3 تحديات رئيسية الأول هو القضاء نهائيا علي الإرهاب, وتحقيق الاستقرار الأمني, والثاني هو دفع عجلة الاقتصاد من خلال إعادة تشغيل المصانع المتعثرة, وتنشيط الاستثمار الأجنبي والمحلي, وتقليص معدلات البطالة, وتحقيق العدالة الاجتماعية. أما التحدي الثالث فيقوم علي ضرورة تحقيق العدالة الانتقالية, وبدء مرحلة جديدة من البناء والتنمية.
واقع الاقتصاد المصري
بشكل عام, تسببت سياسة الأيدي المرتعشة والتي عانتها مصر منذ حكومة الدكتور عصام شرف, ومازالت تعانيها حتي الآن في تفاقم الكثير من المشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية.. هكذا قال لنا الدكتور عبدالنبي عبدالمطلب خبير اقتصادي ومدير عام التحليل والتوقع الاقتصادي بوزارة التجارة الخارجية, مؤكدا أن استرجاع اسواق الصادرات التي فقدتها السلع المصرية لن يتم بسهولة, كما انه من المستحيل استعادة الارض الزراعية الخصبة التي تم بترها من المساحة المحصولية وتحويلها الي كتل خرسانية, كما ان محاولة استعادة الأموال المهربة, او تشجيع الاستثمار الاجنبي بشقيه المباشر وغير المباشر للعودة الي مصر في ظل عدم اليقين الاقتصادي يعد ضربا من المستحيل.
تلك هي بعض الأمثلة القليلة التي تدلل علي عمق وخطورة المشكلة الاقتصادية التي تعاني مصر منها حاليا, والمرشحة للتوحش كل لحظة طبقا لما توضحه البيانات والارقام والمؤشرات الاقتصادية عن واقع الاقتصاد المصري حاليا, حيث تشير البيانات الي أن معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي بلغ نحو2.2%, خلال عام2013/2012, ومن المتوقع وصوله الي نحو2.6% عام2014/2013, وهو معدل لا يزيد كثيرا عن معدل نمو السكان في مصر, وبذلك لن يشعر به المواطن المصري ابدا, هذا اذا كان معدل التضخم يساوي صفرا, لكن الواقع يقول ان معدل التضخم قد بلغ نحو9.8% خلال يوليو2013, مما يعني أن المواطن المصري سوف يشعر ان قدرته علي تلبية احتياجاته قد انخفضت علي اقل تقدير بنحو10%, وهذا مايجعله يصرخ كل يوم من غلاء الاسعار وعدم قدرته علي توفير احتياجاته من السلع الاساسية, ناهيك عن الخدمات الاساسية.
ووفقا للإحصاءات, فقد بلغت قيمة الصادرات المصرية نحو19.8 مليار دولار, فيما بلغت قيمة الواردات المصرية نحو43 مليار دولار, مما يعني أن الصادرات المصرية لا تغطي نصف قيمة الواردات, ويبقي علي الدولة تدبير الموارد من العملات الاجنبية للحصول علي الاحتياجات الاساسية مثل القمح المستورد, والدواء, ومنتجات البترول وغيرها, فيما وصل العجز الفعلي في الموازنة إلي نحو207 مليارات جنيه بما يمثل نحو12% من الناتج المحلي الاجمالي, وهي نسبة كبيرة جدا, وتضع الاقتصادي المصري في المنطقة الحمراء, وتخفض نسب تصنيفه عالميا, والمأساة ان هذا العجز مرشح للارتفاع بقوة في موازنة العام الجديد ليصل الي نحو317 مليار جنيه.
صحيح والكلام ما زال لـ د. عبدالنبي عبدالمطلب- ان الموازنة التي وضعها جماعة الاخوان- حين كانت في السلطة- كانت تستهدف خفضه الي نحو197 مليار جنيه من خلال مجموعة من الاجراءات الاصلاحية, لكن من الواضح ان الظروف السياسية لن تسمح لهذه الاجراءات بأن تؤتي ثمارها, خاصة أن هذه الاجراءات تركز علي زيادة الاستثمار, ورفع معدلات التشغيل, ورفع كفاءة مستوي التحصيل الضريبي, وهذه الاجراءات تحتاج الي تنمية اقتصادية مستدامة ومعدلات نمو تبلغ علي الاقل نحو ثلاثة أضعاف معدلات النمو السكاني, ومتوسط ادخار لا يقل عن18% من الناتج المحلي الاجمالي.
القروض والمعونات
نأتي إلي القروض والمعونات التي حصلت عليها مصر في اعقاب30 يونيو2013, حينما سارعت العديد من الدول العربية لإعلان دعمها الكامل للاقتصاد المصري من خلال حزم قروض ميسرة ومنح لا ترد, تصل في مجملها الي نحو12 مليار دولار, منها5 مليارات دولار من المملكة العربية السعودية, و4 مليارات دولار من دولة الكويت, بالإضافة إلي3 مليارات دولار من دولة الامارات,
** والسؤال الذي يطرح نفسه: هل قام الشعب المصري بثورتين حتي يتحول الي متسول؟, هل يمكن للمنح والقروض بناء نظام وهيكل اقتصادي قوي قادر علي المنافسة اقليميا وعالميا, وتحقيق الرفاهية للشعب المصري؟
– د. عبد النبي عبد المطلب: بالتأكيد لا, لكن علينا أن نعترف بأن الاقتصاد المصري يعاني مجموعة من المشاكل المزمنة لعل أهمها ارتفاع قيمة الديون المحلية والخارجية, وارتفاع عجز الموازنة العامة, وارتفاع معدل التضخم ونسب البطالة, وتدني معدلات الصادرات ومعدل نمو الناتج, وعدم الاستقرار السياسي والامني وغيرها,, اما ان يقوم الاقتصاد علي القروض والمنح فذلك يمثل خطرا كبير جدا لأنها تمثل طريقا سهلا للسقوط في الهاوية.
ولمن لا يتذكر, فإن الموازنة العامة تتحمل ما يقرب من200 مليار جنيه كفوائد للدين المحلي الذي بلغ نحو1.6 تريليون جنيه(1600 مليار جنيه), حيث تستدين الخزانة العامة ما يقرب من6 مليار جنيه شهريا بسعر فائدة مرتفع جدا لتوفير الاحتياجات الاساسية, والسلع التموينية, واجور ورواتب العاملين بالدولية, فيما استدانت حكومة الاخوان ما يقرب من11.7 مليار دولار يأسعار فائدة تصل الي ثلاثة اضعاف اسعار الفائدة العالمية لتلبية الاحتياجات المستوردة من السلع والخدمات, وبذلك تحتاج مصر الي ما يقرب من24 مليار دولار سنويا, لتوفير الاحتياجات الاساسية للمواطن المصري, الأمر الذي يحتاج الي زيادة الاستثمارات, وتحقيق معدلات نمو مرتفعة وهذا لن تفعله المنح والقروض.
حلول مقترحة
ويبقي السؤال: ما هو المطلوب من الدكتور حازم الببلاوي رئيس مجلس الوزراء, وحكومته للقضاء علي المشكلة الاقتصادية وتحقيق النمو الاقتصادي؟
– د. عبد النبي عبد المطلب: الحل في تقديري- يبدأ من الدعوة الي مؤتمر اقتصادي شامل جامع, تشترك فيه كافة القوي السياسية, ورجال الاعمال والشباب, ورجال الصناعة, والفلاحون, وكل طوائف الشعب تحت عنوان( لنختلف سياسيا ولكن نبني سويا), ومن خلال هذا المؤتمر يتم توجيه رسالة مفادها ضمان كل القوي السياسية للاستثمارات والمصانع وغيرها من المشروعات في مصر, يضاف إلي ذلك ضرورة الالتزام بانهاء كل المطالب الفئوية, والمشاكل القائمة بين العمال وأرباب الأعمال بشكل فوري, علي ان يتم مناقشة هذه المطالب حال تحقيق معدل نمو مقبول, وكذلك ضرورة حل المشاكل التمويلية للمصانع المتعثرة, واعادة تشغيل المصانع المتوقفة من خلال اعتماد نظم جديدة ومبتكرة للتمويل, ولا مانع من العمل علي اصدار قانون الصكوك الاسلامية بالشكل الذي يضمن توفير التمويل, ويحافظ علي الملكية المصرية للاصول الاقتصادية, إلي جانب حل المشكلة السياسية في اسرع وقت, واعتقد ان هذا يمكن من خلال الدعوة لانتخابات برلمانية في خلال3 اشهر, واعتقد ان انتخابات مجلس الشعب الماضي قد تمت في ظل اعتصامات اكبر في ميدان التحرير, ولم يؤثر ذلك علي اجرائها, بل خسر المعتصمون في التحرير فرصة التمثيل في المجلس وحصد الاخوان وحلفاؤهم النسبة الاكبر من المقاعد, في اعتقادي ان اجراء الانتخابات البرلمانية بسرعة سوف يسهم بشكل كبير في المشكلة السياسية الحالية, وبالتالي سوف يسهم في ارسال رسالة اطمئنان لرأس المالي المحلي والاجنبي, ومن ثم سوف تبدأ عجلة التقدم الاقتصادي في الدوران.
3 تحديات جوهرية
وتتمثل التحديات والمهام التي تواجه حكومة حازم الببلاوي- والكلام للدكتور عادل عامر رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصاديةوالخبير الاستراتيجي بجامعة الدول العربية- في3 عناصر: أولها الأمن ولا سيما أن مصر بحاجة إلي منظومة أمنية قوية تعالج الخلل الحادث الآن والمهمة الثانية تتعلق بـ الاقتصاد وكان مفهوما لماذا تم اختيار رئيس وزراء ذي مرجعية اقتصادية لأن الاقتصاد هو المحك الرئيسي الآن في المشهد المصري أما المهمة الثالثة فتتعلق بـالمصالحة الوطنية التي يجب أن تبدأ بقانون للعدالة الانتقالية, لمحاكمة كل من أجرم في حق الشعب المصري بناء علي الأدلة, وسرعة القبض علي من أجرم في حق الوطن والمواطنين ومحاكمتهم, مشيرا إلي أن العدالة الانتقالية تعنيإصدار قوانين لصالح الفقراء ويجب الإدراك الجيد لطموحات وآمال الشعب والتي تتلخص في ضبط الأجور والأسعار وتحقيق توازن اجتماعي وتطبيق الحدين الأقصي والأدني للأجور وأن تعيد الحكومة تشغيل كافة المشروعات التي توقفت, فضلا عن ضرورة إعادة النظر في مخصصات الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية, كما أن المهمة الاقتصادية الاجتماعية هي التي سوف تحدث الفارق الجوهري في شعور المواطنين بالرضا عن تلك الحكومة المؤقتة, ولاشك أن الحكومة لم تتخذ الخطوات الواجبة بعد, ومازالت تقف عند حدود البحث والتقصي دون قدرة علي الانتقال إلي حيز الفعل الذي ينعكس علي المواطن وخاصة فيما يتعلق بتعديل هيكلة الأجور أوجذب الاستثمارات, ومن الضروري ربط الحد الأدني والأقصي للأجور بالأسعار لتحقيق العدالة الاجتماعية التي ينشدها الجميع, ولابد من تقليل الاعتماد علي الودائع الخارجية, بالإضافة إلي تقييد الواردات غير المهمة, سواء بالتوافق أو بالقرارات الإدارية, وزيادة الصادرات المصرية, خاصة السلع الزراعية, إلي جانب تحقيق الأمن والاستقرار السياسي, بحيث يتضاعف العائد من السياحة.
حزمة إجراءات
والحال كذلك, فإن الدكتور حمدي عبد العظيم رئيس أكاديمية السادات سابقا- يطالب بضرورة تحقيق الاستقرار الأمني, وتوفير مناخ جاذب للاستثمار, وتقديم تيسيرات لشركات السياحة لتأجيل سداد المبالغ المستحقة عليها, ووقف الفوائد المستحقة عليها, وتأجيل سداد الضرائب, والاهتمام بالسياحة الداخلية, بحيث يتم تنظيم رحلات جماعية بالتقسيط للشركات والأندية والنقابات, ومنح تراخيص للسوق الموازية بحيث تخضع للرقابة وتسدد الضرائب المستحقة عليها, وكذلك القضاء علي معوقات الاستثمار الاجنبي في مصر وتبسيط الاجراءات في المواني والجمارك, وتقديم حزمة حوافز للمستثمرين, والالتزام بتنفيذ الاحكام الصادرة لمصلحة المستثمرين, ولابد أن تتبع الحكومة مبدأ الشفافية والافصاح المحاسبي عن البرامج والخطط المستقبلية للاستثمارات العامة وحصيلة البنك المركزي من المساعدات العربية والأجنبية, ومواجهة الفساد الحكومي داخل الجهات ذات العلاقة بالاستثمار, وعودة الاعفاءات التي تم إلغاؤها من قانون الاستثمار سنة8 لسنة1997, والتي الغاها قانون الضرائب رقم91 لسنة2005, وكذلك عودة إعفاءات المناطق الصناعية الحرة التي تم الغاؤها عام2008 لتمويل العلاوة الاجتماعية, وفرض ضريبة تصاعدية علي شرائح الدخل المرتفعة بدءا من20 مليون فأكثر, بحيث تزيد النسبة كلما زاد الدخل.
وإذا أرادت الحكومة الحالية برئاسة الدكتور حازم الببلاوي أن تحقق إنجازا علي ارض الواقع, فعليها التعامل بشكل عاجل مع3 تحديات رئيسية الأول هو القضاء نهائيا علي الإرهاب, وتحقيق الاستقرار الأمني, والثاني هو دفع عجلة الاقتصاد من خلال إعادة تشغيل المصانع المتعثرة, وتنشيط الاستثمار الأجنبي والمحلي, وتقليص معدلات البطالة, وتحقيق العدالة الاجتماعية. أما التحدي الثالث فيقوم علي ضرورة تحقيق العدالة الانتقالية, وبدء مرحلة جديدة من البناء والتنمية.
واقع الاقتصاد المصري
بشكل عام, تسببت سياسة الأيدي المرتعشة والتي عانتها مصر منذ حكومة الدكتور عصام شرف, ومازالت تعانيها حتي الآن في تفاقم الكثير من المشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية.. هكذا قال لنا الدكتور عبدالنبي عبدالمطلب خبير اقتصادي ومدير عام التحليل والتوقع الاقتصادي بوزارة التجارة الخارجية, مؤكدا أن استرجاع اسواق الصادرات التي فقدتها السلع المصرية لن يتم بسهولة, كما انه من المستحيل استعادة الارض الزراعية الخصبة التي تم بترها من المساحة المحصولية وتحويلها الي كتل خرسانية, كما ان محاولة استعادة الأموال المهربة, او تشجيع الاستثمار الاجنبي بشقيه المباشر وغير المباشر للعودة الي مصر في ظل عدم اليقين الاقتصادي يعد ضربا من المستحيل.
تلك هي بعض الأمثلة القليلة التي تدلل علي عمق وخطورة المشكلة الاقتصادية التي تعاني مصر منها حاليا, والمرشحة للتوحش كل لحظة طبقا لما توضحه البيانات والارقام والمؤشرات الاقتصادية عن واقع الاقتصاد المصري حاليا, حيث تشير البيانات الي أن معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي بلغ نحو2.2%, خلال عام2013/2012, ومن المتوقع وصوله الي نحو2.6% عام2014/2013, وهو معدل لا يزيد كثيرا عن معدل نمو السكان في مصر, وبذلك لن يشعر به المواطن المصري ابدا, هذا اذا كان معدل التضخم يساوي صفرا, لكن الواقع يقول ان معدل التضخم قد بلغ نحو9.8% خلال يوليو2013, مما يعني أن المواطن المصري سوف يشعر ان قدرته علي تلبية احتياجاته قد انخفضت علي اقل تقدير بنحو10%, وهذا مايجعله يصرخ كل يوم من غلاء الاسعار وعدم قدرته علي توفير احتياجاته من السلع الاساسية, ناهيك عن الخدمات الاساسية.
ووفقا للإحصاءات, فقد بلغت قيمة الصادرات المصرية نحو19.8 مليار دولار, فيما بلغت قيمة الواردات المصرية نحو43 مليار دولار, مما يعني أن الصادرات المصرية لا تغطي نصف قيمة الواردات, ويبقي علي الدولة تدبير الموارد من العملات الاجنبية للحصول علي الاحتياجات الاساسية مثل القمح المستورد, والدواء, ومنتجات البترول وغيرها, فيما وصل العجز الفعلي في الموازنة إلي نحو207 مليارات جنيه بما يمثل نحو12% من الناتج المحلي الاجمالي, وهي نسبة كبيرة جدا, وتضع الاقتصادي المصري في المنطقة الحمراء, وتخفض نسب تصنيفه عالميا, والمأساة ان هذا العجز مرشح للارتفاع بقوة في موازنة العام الجديد ليصل الي نحو317 مليار جنيه.
صحيح والكلام ما زال لـ د. عبدالنبي عبدالمطلب- ان الموازنة التي وضعها جماعة الاخوان- حين كانت في السلطة- كانت تستهدف خفضه الي نحو197 مليار جنيه من خلال مجموعة من الاجراءات الاصلاحية, لكن من الواضح ان الظروف السياسية لن تسمح لهذه الاجراءات بأن تؤتي ثمارها, خاصة أن هذه الاجراءات تركز علي زيادة الاستثمار, ورفع معدلات التشغيل, ورفع كفاءة مستوي التحصيل الضريبي, وهذه الاجراءات تحتاج الي تنمية اقتصادية مستدامة ومعدلات نمو تبلغ علي الاقل نحو ثلاثة أضعاف معدلات النمو السكاني, ومتوسط ادخار لا يقل عن18% من الناتج المحلي الاجمالي.
القروض والمعونات
نأتي إلي القروض والمعونات التي حصلت عليها مصر في اعقاب30 يونيو2013, حينما سارعت العديد من الدول العربية لإعلان دعمها الكامل للاقتصاد المصري من خلال حزم قروض ميسرة ومنح لا ترد, تصل في مجملها الي نحو12 مليار دولار, منها5 مليارات دولار من المملكة العربية السعودية, و4 مليارات دولار من دولة الكويت, بالإضافة إلي3 مليارات دولار من دولة الامارات,
** والسؤال الذي يطرح نفسه: هل قام الشعب المصري بثورتين حتي يتحول الي متسول؟, هل يمكن للمنح والقروض بناء نظام وهيكل اقتصادي قوي قادر علي المنافسة اقليميا وعالميا, وتحقيق الرفاهية للشعب المصري؟
– د. عبد النبي عبد المطلب: بالتأكيد لا, لكن علينا أن نعترف بأن الاقتصاد المصري يعاني مجموعة من المشاكل المزمنة لعل أهمها ارتفاع قيمة الديون المحلية والخارجية, وارتفاع عجز الموازنة العامة, وارتفاع معدل التضخم ونسب البطالة, وتدني معدلات الصادرات ومعدل نمو الناتج, وعدم الاستقرار السياسي والامني وغيرها,, اما ان يقوم الاقتصاد علي القروض والمنح فذلك يمثل خطرا كبير جدا لأنها تمثل طريقا سهلا للسقوط في الهاوية.
ولمن لا يتذكر, فإن الموازنة العامة تتحمل ما يقرب من200 مليار جنيه كفوائد للدين المحلي الذي بلغ نحو1.6 تريليون جنيه(1600 مليار جنيه), حيث تستدين الخزانة العامة ما يقرب من6 مليار جنيه شهريا بسعر فائدة مرتفع جدا لتوفير الاحتياجات الاساسية, والسلع التموينية, واجور ورواتب العاملين بالدولية, فيما استدانت حكومة الاخوان ما يقرب من11.7 مليار دولار يأسعار فائدة تصل الي ثلاثة اضعاف اسعار الفائدة العالمية لتلبية الاحتياجات المستوردة من السلع والخدمات, وبذلك تحتاج مصر الي ما يقرب من24 مليار دولار سنويا, لتوفير الاحتياجات الاساسية للمواطن المصري, الأمر الذي يحتاج الي زيادة الاستثمارات, وتحقيق معدلات نمو مرتفعة وهذا لن تفعله المنح والقروض.
حلول مقترحة
ويبقي السؤال: ما هو المطلوب من الدكتور حازم الببلاوي رئيس مجلس الوزراء, وحكومته للقضاء علي المشكلة الاقتصادية وتحقيق النمو الاقتصادي؟
– د. عبد النبي عبد المطلب: الحل في تقديري- يبدأ من الدعوة الي مؤتمر اقتصادي شامل جامع, تشترك فيه كافة القوي السياسية, ورجال الاعمال والشباب, ورجال الصناعة, والفلاحون, وكل طوائف الشعب تحت عنوان( لنختلف سياسيا ولكن نبني سويا), ومن خلال هذا المؤتمر يتم توجيه رسالة مفادها ضمان كل القوي السياسية للاستثمارات والمصانع وغيرها من المشروعات في مصر, يضاف إلي ذلك ضرورة الالتزام بانهاء كل المطالب الفئوية, والمشاكل القائمة بين العمال وأرباب الأعمال بشكل فوري, علي ان يتم مناقشة هذه المطالب حال تحقيق معدل نمو مقبول, وكذلك ضرورة حل المشاكل التمويلية للمصانع المتعثرة, واعادة تشغيل المصانع المتوقفة من خلال اعتماد نظم جديدة ومبتكرة للتمويل, ولا مانع من العمل علي اصدار قانون الصكوك الاسلامية بالشكل الذي يضمن توفير التمويل, ويحافظ علي الملكية المصرية للاصول الاقتصادية, إلي جانب حل المشكلة السياسية في اسرع وقت, واعتقد ان هذا يمكن من خلال الدعوة لانتخابات برلمانية في خلال3 اشهر, واعتقد ان انتخابات مجلس الشعب الماضي قد تمت في ظل اعتصامات اكبر في ميدان التحرير, ولم يؤثر ذلك علي اجرائها, بل خسر المعتصمون في التحرير فرصة التمثيل في المجلس وحصد الاخوان وحلفاؤهم النسبة الاكبر من المقاعد, في اعتقادي ان اجراء الانتخابات البرلمانية بسرعة سوف يسهم بشكل كبير في المشكلة السياسية الحالية, وبالتالي سوف يسهم في ارسال رسالة اطمئنان لرأس المالي المحلي والاجنبي, ومن ثم سوف تبدأ عجلة التقدم الاقتصادي في الدوران.
3 تحديات جوهرية
وتتمثل التحديات والمهام التي تواجه حكومة حازم الببلاوي- والكلام للدكتور عادل عامر رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصاديةوالخبير الاستراتيجي بجامعة الدول العربية- في3 عناصر: أولها الأمن ولا سيما أن مصر بحاجة إلي منظومة أمنية قوية تعالج الخلل الحادث الآن والمهمة الثانية تتعلق بـ الاقتصاد وكان مفهوما لماذا تم اختيار رئيس وزراء ذي مرجعية اقتصادية لأن الاقتصاد هو المحك الرئيسي الآن في المشهد المصري أما المهمة الثالثة فتتعلق بـالمصالحة الوطنية التي يجب أن تبدأ بقانون للعدالة الانتقالية, لمحاكمة كل من أجرم في حق الشعب المصري بناء علي الأدلة, وسرعة القبض علي من أجرم في حق الوطن والمواطنين ومحاكمتهم, مشيرا إلي أن العدالة الانتقالية تعنيإصدار قوانين لصالح الفقراء ويجب الإدراك الجيد لطموحات وآمال الشعب والتي تتلخص في ضبط الأجور والأسعار وتحقيق توازن اجتماعي وتطبيق الحدين الأقصي والأدني للأجور وأن تعيد الحكومة تشغيل كافة المشروعات التي توقفت, فضلا عن ضرورة إعادة النظر في مخصصات الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية, كما أن المهمة الاقتصادية الاجتماعية هي التي سوف تحدث الفارق الجوهري في شعور المواطنين بالرضا عن تلك الحكومة المؤقتة, ولاشك أن الحكومة لم تتخذ الخطوات الواجبة بعد, ومازالت تقف عند حدود البحث والتقصي دون قدرة علي الانتقال إلي حيز الفعل الذي ينعكس علي المواطن وخاصة فيما يتعلق بتعديل هيكلة الأجور أوجذب الاستثمارات, ومن الضروري ربط الحد الأدني والأقصي للأجور بالأسعار لتحقيق العدالة الاجتماعية التي ينشدها الجميع, ولابد من تقليل الاعتماد علي الودائع الخارجية, بالإضافة إلي تقييد الواردات غير المهمة, سواء بالتوافق أو بالقرارات الإدارية, وزيادة الصادرات المصرية, خاصة السلع الزراعية, إلي جانب تحقيق الأمن والاستقرار السياسي, بحيث يتضاعف العائد من السياحة.
حزمة إجراءات
والحال كذلك, فإن الدكتور حمدي عبد العظيم رئيس أكاديمية السادات سابقا- يطالب بضرورة تحقيق الاستقرار الأمني, وتوفير مناخ جاذب للاستثمار, وتقديم تيسيرات لشركات السياحة لتأجيل سداد المبالغ المستحقة عليها, ووقف الفوائد المستحقة عليها, وتأجيل سداد الضرائب, والاهتمام بالسياحة الداخلية, بحيث يتم تنظيم رحلات جماعية بالتقسيط للشركات والأندية والنقابات, ومنح تراخيص للسوق الموازية بحيث تخضع للرقابة وتسدد الضرائب المستحقة عليها, وكذلك القضاء علي معوقات الاستثمار الاجنبي في مصر وتبسيط الاجراءات في المواني والجمارك, وتقديم حزمة حوافز للمستثمرين, والالتزام بتنفيذ الاحكام الصادرة لمصلحة المستثمرين, ولابد أن تتبع الحكومة مبدأ الشفافية والافصاح المحاسبي عن البرامج والخطط المستقبلية للاستثمارات العامة وحصيلة البنك المركزي من المساعدات العربية والأجنبية, ومواجهة الفساد الحكومي داخل الجهات ذات العلاقة بالاستثمار, وعودة الاعفاءات التي تم إلغاؤها من قانون الاستثمار سنة8 لسنة1997, والتي الغاها قانون الضرائب رقم91 لسنة2005, وكذلك عودة إعفاءات المناطق الصناعية الحرة التي تم الغاؤها عام2008 لتمويل العلاوة الاجتماعية, وفرض ضريبة تصاعدية علي شرائح الدخل المرتفعة بدءا من20 مليون فأكثر, بحيث تزيد النسبة كلما زاد الدخل.