حوار صحفي مع مصطفى المتوكل الساحلي عضو المكتب السياسي و رئيس المجلس البلدي لتارودانت
حاوره عبد الجليل بتريش
سؤال : بعد وصولكم إلى أعلى هيئة تقريرية بالحزب ما هي القيمة المضافة التي يمكن أن تضيفوها للشأن السياسي والاجتماعي والثقافي لجهة سوس ماسة درعة ولمنطقة أكادير الكبرى خاصة؟
جواب : أنا مجرد مناضل ابن مناضل وطني من هذا العالم، تشبعت بالروح الوطنية من والدي رحمه الله وإليه يرجع الفضل في انتسابي لحزب القوات الشعبية وارتباطي بالحقل الديني بالارتكاز على الدعوة بالتي هي أحسن والإصلاح ما استطعت وبناء مجتمع عادل متجدد متطور حداثي غير منغلق على نفسه… متنور يقدم نموذج الدين الذي جاء للناس كافة باليسر والرحمة والهداية والبشرى في الدنيا والآخرة.
أنا لن أكون أكثر من ذلك إلا أن المسؤولية تجعلني أكون رهن إشارة حزب القوات الشعبية والجماهير الشعبية بجهة سوس خاصة والوطن عامة.. أبلور أفكارها وطموحها بالسياسة العامة للحزب وأترجم سياسة الحزب النضالية أينما حللت وتوجهت، وأكيد أن القيادة بدون قواعد قد تصبح شبه مشلولة أو قيادة فوقية.
سؤال : في نظركم هل المكتب السياسي الحالي يتوفر على خارطة طريق لإحياء الشعلة الاتحادية في منطقة تعد قاطرة النضال السياسي والاجتماعي بالمغرب؟
جواب : إن أول خريطة طريق للمكتب السياسي هي مقررات وتوصيات المؤتمر الوطني التاسع… ثم المضامين المشتركة بين برامج المرشحين المتنافسين على الكتابة الأولى للحزب ثم الأفكار والمقترحات والالتزامات التي طرحها الكاتب الأول الجديد الأخ إدريس لشكر… ثم البرامج التي اشتغلت وتشتغل عليها لجن العمل التي شكلها المكتب السياسي والتي تقدمت فيها بشكل مهم جدا وتعد بآفاق عمل متميزة وجدية لا شك أنها ستشكل قيمة مضافة لعملية إعادة بناء الحزب وتقويته والسعي لجعله عند حسن ظن المناضلين والمناضلات والجماهير الشعبية… والأوراش المهيكلة والتواصلية التشاركية التي نظمت بكثافة خلال هذه الفترة القصيرة تنبئ بانطلاقة مباركة سيكون لها الأثر الفعال في تواز مع الجهات والأقاليم وكل القطاعات الحزبية.
سؤال : خضتم تجربة العمل بالبرلمان وتمرستم في التجربة الجماعية وتربيتم في بيت اتحادي فكيف يمكن لكل هاته الخبرات والتجارب أن تساعدكم على إعادة إحياء النضال الحقوقي والاجتماعي والسياسي لجهة سوس ماسة درعة خصوصا وأنكم ستتقاسمون هاته المهمة مع زميل لكم له نفس الإرث الاتحادي “عبد الله العروجي”؟
جواب : نحن نتقاسم الهم النضالي مع كل الاتحاديين والاتحاديات ومع الشرفاء في هذا الوطن والقوى الحية والديمقراطية.
وخبراتنا وتجاربنا التي اكتسبناها بتربية من الحزب والنقابة لنا عبر عقود والاحتكاك مع الجماهير الشعبية وتأطير نضالاتها… لاشك أنه سيكون كل ذلك في خدمة قضايا الحزب الكبرى التي هي من قضايا الوطن والشعب.
والأخ العروجي رجل قوي وصلب ومناضل عانى الكثير ولديه طاقة كبرى للعمل وتعرض للكثير من الاضطهاد وحتى المحاربة من العديد من الجهات.. هذا الرجل ورفاقه في النضال بأكادير نحبهم جميعا ونحترمهم وتجمعنا بهم علاقات الأخوة والصداقة النضاليين.
سؤال : نحن على أبواب الانتخابات الجماعية والجهوية وانتخابات الغرف المهنية.. كيف يمكن تدبير هاته المرحلة الحرجة خصوصا بعد الانتكاسة الرقمية لحزبنا في الانتخابات البرلمانية السابقة ما عدا جهة سوس ماسة درعة التي ماتزال وفية لرموزها وتاريخها وارتباطها بالحركة الاتحادية؟
جواب : السياسة تنافس وصراع بين مكونات مختلفة تتقارب برامجها وتتباين أو تتعارض، والرأي العام/الشعب وخاصة الناخبين منهم عبر كل دول العالم الديمقراطي يمارسون عملية الاختيار عبر صناديق الاقتراع التي تفرز نسيجا سياسيا… لكن بمنظومتنا الاقتراعية لا يمنح الأغلبية لأحد على العموم؟!… وكما تعلمون فالواقع السياسي تتحكم فيه وخاصة في بلادنا العديد من العوامل والمؤثرات غير الديمقراطية والسلبية والمشينة.. ومازلنا نحتاج إلى تركيز وتشبع الفكر والممارسة الديمقراطيين لدى كل الأحزاب السياسية والدولة ومن ثم الساكنة بالتربية على المواطنة وعلى حماية الديمقراطية، آنذاك يمكن أن نتحدث عن انتكاسات فعلية… أما اليوم فالمشهد السياسي في إقصائيات ممنهجة وتواطؤات وحروب في الخفاء.. يضاف إليها تراكم في الأخطاء ومقاطعة النخب للاستحقاقات.. وهذا كله ليس في صالح القوى الديمقراطية والوطنية.
لكن كل ذلك يجعلنا نجدد باستمرار عبر التاريخ النضالي لحزبنا آلية عملنا وصراعنا التي يكون لها الدور البارز في الدينامية السياسية في أي موقع كنا أغلبية أو معارضة أو أقلية أو حتى بالسجون سنوات الجمر والرصاص…
سؤال : يعتبر الإعلام الحزبي الأداة الأكثر إشعاعا وتأثيرا على توجيه الرأي السياسي العام، فلما بقيت هاته الجهة بدون مواكبة إعلامية عكس الجهات الأخرى التي استفادت من هذا “الترف الإعلامي الحزبي” الدار البيضاء مثلا دون أن يكون لهذا الفضاء الإعلامي تأثير سياسي أو انتخابي، فلماذا تم إقصاء جهة سوس ماسة درعة منذ إحداث تلك المكاتب من التوفر على مكتب إعلامي حزبي للجريدة؟
جواب : الإعلام الحزبي يحتاج إلى تغيير جوهري على مستوى السياسة الإعلامية وخطه التحريري وتطوير آليات العمل التقنية والفنية والمعلوماتية الخاصة به… مع ضرورة التفكير في خلق جرائد جهوية ملحقة حسب الجهات بالجريدة الوطنية.
كما أن الطاقم الصحفي يجب أن يطعم بكفاءات أخرى… وتنظيم ورشات لتأهيل وتطوير دور المراسلين الحزبيين ودعمهم لأداء مهامهم على الوجه الجيد خدمة لإعلام القرب والحقيقة الموضوعية.
وعلى الحزب أن يفكر بشكل عملي تنفيذي ليحدث جريدة إلكترونية خاصة إدارة وتسييرا ماليا مع خط تحريري متميز لدخول المنافسة الإعلامية العصرية التي أصبحت تلعب دورا مهما على المستوى الوطني والعالمي…
سؤال : تعيش جل الفروع والمكاتب الإقليمية والجهوية شللا تنظيميا وجمودا حزبيا لدرجة أننا أصبحنا نقارن بهذا الجمود بالأحزاب الإدارية الأخرى، بل ننعت بدكاكين لا بفروع حزبية حية متحركة، فكيف في نظرك يمكننا إزالة هذا الجمود وتحريك دواليب وآليات التأطير والتكوين الحزبيين؟ كيف يمكن إعادة الروح والأمل للمناضلين الاتحاديين الذين تواروا للوراء وفضلوا الصمت عن المشاركة في تدبير شؤون الحزب؟ فكيف سيتم استعادة الوهج الاتحادي في هياكله التنظيمية وكيف يمكن إرجاع اليائسين والغاضبين إلى العش الاتحادي؟
جواب : لا يمكن مقارنتنا بالأحزاب المفتعلة التي تشتغل بالأوامر الإدارية بل نحن حزب تاريخي وحركة اجتماعية سياسية، مناضلون ومناضلات، نحن حزب مناضل… إلا أن حالات عدم الرضى نتيجة جملة من الأخطاء التي ارتكبت خلال العشرية الأخيرة جعلت من العديد يحتج بعدم المشاركة المباشرة في العمل التنظيمي والهيكلي للحزب.. وهذا لا يعني عدم وجود بعض الاتحاديين والاتحاديات في حالة جمود.. بل أعتبر ذلك موقفا احتجاجيا وتنبيها لكل من يهمهم الأمر… ونتمنى أن تكون الدينامية الجديدة بإيجابياتها وحتى سلبياتها محفزا لاستئناف الجميع نضاله… كما أتمنى أن يتجند كل الاتحاديين والاتحاديات من أجل المستقبل الديمقراطي النضالي التقدمي الحداثي وفاء للشهداء.
سؤال : زاد المؤتمر التاسع في توسيع الشقة بين المناضلين الاتحاديين بجهة سوس ماسة درعة “القباج وفريقه” “العروجي وفريقه””مادون وفريقه”… كيف يمكن إزالة الألغام والصراعات والخلافات بين مكونات الاتحاد الاشتراكي بالمنطقة خصوصا وأننا على مرمى حجر من الانتخابات الجماعية وأكادير تبقى القلعة الاتحادية الوحيدة التي تكسرت عليها كل مناورات خصوم الحزب؟
جواب : أعتقد أن المشكل ليس في وجود مجموعات منسجمة متوافقة تناضل ونتنافس من أجل مصالح الحزب العليا ومصالح الجماهير الشعبية بل الإشكال في وجود توظيف سلبي لها إن وجدت لفائدة شخص بذاته وصفاته وليس لفائدة الحزب ونضاله… وأعتقد أننا بسوس لا نتوفر على مجموعات كما قلتم بل على أفراد مجتمعون على أشخاص يعجبون بهم مرحليا وقد يتغير إعجابهم في أية لحظة.. ولا أعتقد أن الإخوة القباج أو العروجي أو مدون يؤمنون بوجود مجموعات أو حتى أنهم لديهم مجموعات بل كلهم يسعى من أجل تطور الحزب ونجاحه انطلاقا من رؤيته وتحليله.
سؤال : ماذا تغير في مدينة تارودانت بعد تجربتكم الجماعية وأنتم على رأس هاته المدينة منذ ما يفوق عقد من الزمن أو ينيف، ماذا أضفتم؟ وفي ماذا أخفقتم؟ وبماذا تحلمون لتحقيقه في المستقبل لصالح هذه المدينة التاريخية؟
جواب : تحقق الشيء الكثير بمدينة تارودانت وتغير الشيء الكثير مقارنة بما قبل التسيير الاتحادي للمدينة :
• سياسيا بفوز الاتحاديين في صراعهم ضد السلطات الإدارية المنحازة وكسر شوكة الترهيب والاستفزاز والتحقير والابتزاز والإفساد التي كان تتزعمها عدة جهات آنذاك.. وكانت كما شبهها الأخ اليازغي في تجمع جماهيري بأنها طينة الدين يحاصرون (كاطانكا).
• بفتح أوراش كبرى في مواجهة البيروقراطية والبطء الإداري همت القطاعات المهيكلة رغم العراقيل التي تظهر على السطح ونذكر من الأوراش المفتوحة :
أشغال الطرقات – تهيئة الأحياء – تهيئة الفضاءات – بناء تجزئة للتضامن لفائدة إيواء الأسر المعوزة – بناء سوق بلدي – بناء مركب ثقافي – استقطاب والشراكة لبناء مركب ألعاب القوى – الأبواب – الأسوار الفضاءات العمومية…
تمت معالجة جملة من الإشكاليات العمرانية في انتظار التأخر والمشاكل التي يعرفها قطاع التعمير بالغياب المتأخر لإخراج وثائق التعمير لأسباب تتجاوز اختصاصاتنا.
تم فتح قطب حضري لمدينة جديدة.
استقطاب مؤسسات وطنية كبرى ودولية لإقامة مصانع بتارودانت كما حصل مع تعاونية كوباك (6 معامل)/الشركة الهندية/الشركة الإيطالية.
…وسيجد الجميع تفاصيل الأوراش والمخططات في المجلات والتقارير التي أصدرها المجلس البلدي.
سؤال : قامت كثير من المدن وعدد كبير من الإطارات الثقافية والفكرية الوطنية بإنشاء مؤسسات تحمل أسماء رموز وطنية وثقافية لأجل إنعاش ذاكرة المنطقة وإحياء تراثها الثقافي أو السياسي أو الديني، فهلا تكرمتم أنتم بإقامة مؤسسة باسم “سيدي الحاج عمر الساحلي” على شاكلة مؤسسة عبد الرحيم بوعبيد/محمد الزرقطوني/القباج؟
جواب : نحن كأسرة الساحلي قررنا في مجلس للعائلة إحداث مؤسسة عمر الساحلي… وارتأينا أن نفتح مشاورات وطنية في الموضوع مع أسرة المقاومة وجيش التحرير والأسرة الاتحادية وأحزاب الحركة الوطنية الرائدة وجمعية علماء سوس… وجمعيات المجتمع المدني لإيجاد صيغة واضحة لإنجاز هذا الصرح الفكري والثقافي بسوس والذي سيكون له إشعاع بحول الله وطني بفضل تعاون الجميع.
سؤال : ماذا تغير في مصطفى المتوكل الساحلي بعد تغيير “لوكه” قبل اللحية وبعد اللحية؟ فهل هذا اللوك الجديد يؤشر على ضرورة إعطاء الجانب الديني والثقافة الدينية دورا هاما داخل الحزب عكس ما كان في السابق؟ هل هذا الجانب المقصي في النقاش السياسي الاتحادي آن الأوان لإعادة قراءة تراثنا الديني بمفاهيم وأدوات ثقافية جديدة كما فعل الراحل “محمد الجابري في كتاباته عن القرآن والعقل الإسلامي”؟
جواب : ثقافتنا بالبيت مع الوالد وأصدقائه والأسرة عموما ثقافة دينية سمحة وسياسة تقدمية.. المنزل قبلة للعلماء والأدباء والشعراء والمجاهدين والمقاومين والسياسيين الكبار منهم من رحل إلى دار البقاء ومنهم من استشهد ومنهم من لازال يجاهد ويعمل حسب طاقته.
…أكيد أول من تأثرت بهم هو الوالد والمربي المجاهد العالم العلامة الأديب سيدي عمر الساحلي المتوكل… أما موضوع اللحية فهي سنة نبوية المهم عمرها اليوم قرابة 23 سنة/نسأل الله أن يتقبلها منا على أساس الاقتداء بسيد الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام.
هنا لابد أن أؤكد أن الحزب المشبع بقيم الإسلام السمح وروح العقيدة والأخلاق التضامنية النضالية هو الاتحاد الاشتراكي حزب السلفيين الكبار أمثال شيخ الإسلام بلعربي العلوي والشاعر الفقيه سي محمد الحبيب الفرقاني والعالم عمر الساحلي و…
سؤال : وأخيرا هل تنوون دخول غمار التجربة الجماعية من جديد وقد تكون عميدا وقيدوما لرؤساء الجماعات المحلية بالمغرب؟ شأنكم شأن عبد الواحد الراضي قيدوم البرلمانيين؟
جواب : كنت أفضل عدم الترشح للانتخابات منذ 2002 وأعدت المحاولة سنة 2009 لكن ضغوطات مورست علي لأترشح وأبقى بالمسؤولية… وأتمنى هذه المرة أن نعد طاقما متنوعا وطيبا أكثر قوة وشبابا لقيادة سفينة الجماعة… وتجربتي ونضالي ودعمي سأضعه لفائدة إخوتي ولدينا مهام أخرى يمكن أن نفيد فيها وخاصة (التفرغ لمؤسسة عمر الساحلي…) والخير فيما اختاره الله.
نسأل الله لنا ولكم خيري الدنيا والآخرة