الإنترنت بريئة من مقتل الصحف الورقية |
‘غوغل’ يعتبر أكبر مستفيد من سحب الإعلانات من الصحف الورقية ونشرها على شبكة الانترنت. |
عن صحيقة “العرب”بقلم ..كرم نعمة [نُشر في 01/10/2013، العدد: 9337، |
برأ المدير الاقتصادي لشركة غوغل هال فاريان الإنترنت من مقتل الصحف الورقية، مؤكدا أن الإعلام الرقمي لا يتحمل مسؤولية انحدار طباعة الصحف أو حتى التسبب في تراجعها.
وقال فاريان الأستاذ السابق في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في محاضرة له في إيطاليا «الإنترنت ببساطة هي وسيلة متفوقة على توزيع ومتابعة الأخبار في الصحافة المطبوعة وليست امتدادا لها».
وأضاف في المحاضرة التي تلت تلقيه جائزة صحفية هذا الأسبوع تقديرا لنشاطه في الاقتصاد الإعلامي «الإعلام الرقمي طوى نصف تكلفة إنتاج الصحيفة في الطباعة والتوزيع، كما وفر مجموعة من البدائل أمام القارئ لم يكن بمقدور الصحيفة الورقية الإيتان بها، بما في ذلك التفرعات والتداعيات والروابط المتصلة بالخبر».
وشدد بقوله إن فورة البث التلفزيوني تفاعلت مع المحتوى الرقمي بشكل متصاعد، فيما بقيت الصحافة المطبوعة تدور حول التحليل.
وأكد أن الصحافة لم يسبق لها أن جمعت الأموال من نشرها الأخبار، بل من الإعلانات التي كانت تأتيها من قوائم الأسهم الاقتصادية وصفحات السفر والمنزل والحدائق والسيارات والترفيه والأزياء.
وتساءل ساخرا «ما أنواع الإعلانات التي يمكن جلبها لصفحات إخبارية تنشر تقريرا عن تفجير سيارة مفخخة في بغداد، أو حدوث زلزال في هايتي؟».
وأوضح أن الشركات المعلنة لا يمكن أن تستهدف القراء المعنيين بأخبار الانفجارات المتواصلة في بغداد.
ووصف فاريان الذي أصدر مجموعة من الكتب التي تعالج اقتصاديات العالم الرقمي، قيام مؤسسات إعلامية بفرض رسوم على دخول مواقعها الإخبارية بنوع من «الخطيئة» التي لا معنى لها. وعبر عن اعتقاده بأن آثار شبكة الإنترنت كشفت لنا بنحو متزايد عن أن العاملين في حقل الإعلام الجديد يتفوقون على صحفيين ممارسين أو أولئك الذين يديرون شركات إعلامية.
وأشار إلى أن سبب تراجع توزيع الصحف الورقية بدأ مع تصاعد المنافسة مع البث التلفزيوني، وأن أغلب الخبراء يتفقون على أن عام 1972 كان فاصلا بين مرحلتي الذروة في توزيع الصحف وبعدها التراجع الذي بدأ مع تطور البث التلفزيوني.
وتوصل إلى أن الإنترنت كانت عاملا جديدا في السنوات القليلة الماضية وليست مسؤولة كاملة عن تراجع الصحافة الورقية، كما يشير إلى ذلك الباحث البريطاني البروفيسور جورج بروك.
وقال إن الصحافة الورقية قادرة على شد انتباه القراء عبر تطوير مضامينها، وجلب الإعلانات عبر شد المستخدمين إلى قضاء وقت أكثر في تصفح مواقعها الإلكترونية، وبذلك يمكن خفض التكاليف مع زيادة التنافس.
وأثارت تصريحات هال فاريان جدلا متصاعدا بين خبراء الإعلام، الأمر الذي دفع راجو ناريستي المدير التنفيذي في شركة «نيوز كورب» إلى وصفها بالساخرة، متهما غوغل بتخفيض أسعار الإعلانات على الإنترنت وإصابة الصحافة بمقتل.
واتهم جيف جارفيس، فاريان بتجاهل حقيقة أن القيمة الحقيقية في الإعلان على شبكة الإنترنت ليست في الوقت الذي يقضيه المستخدم على الإنترنت، لكن بالعدد الذي يمكن أن تستهدفه تلك الإعلانات. وقال جارفيس «إن فاريان أهمل في حديثه العنصر الأساسي في فقدان منتجي وسائل الإعلام الورقية سيطرتهم الحصرية أو شبه الحصرية على تدفق الأخبار والمعلومات بوجود الإنترنت، الأمر الذي أفقدهم ميزة ضمان جلب الإعلانات».
وأكد أن الإنترنت تساهم بشكل لا يقبل الجدل في خفض تكاليف الإنتاج والتوزيع بشكل كبير، الأمر الذي جعلها في متناول المستخدمين بطرق أفضل من وسائل الإعلام المطبوعة بعد أن صارت منافسة متفوقة عليها.
وقال «لماذا لا يشير هال فاريان إلى أن غوغل كان أكبر المستفيدين مما قامت به الإنترنت في حقل الإعلانات، بعد أن سحبها من الصحافة المطبوعة».
وارتفعت أرباح «غوغل» الصافية بنسبة 10 بالمئة في العام 2012 لتصل إلى 10.74 مليارات دولار، متخطية للمرة الأولى الخمسين مليار دولار لرقم الأعمال. ودرت الإعلانات وحدها 43.7 مليار دولار في العام 2012، أي أكثر بنسبة 20 بالمئة تقريبا من العام 2011.
وتأتي تصريحات فاريان المدير الاقتصادي في غوغل، بعد أن اعتبر المدير التنفيذي أريك شميدت شبكة الإنترنت بأنها جعلت من العالم أكثر ديمقراطية عبر المزيد من الانفتاح والتواصل بين البشر.
وأكد شميدت في محاضرة مفتوحة بمتحف العلوم وسط العاصمة البريطانية لندن أن الشبكة العالمية لديها ما يكفي حتى الآن لترقى إلى مستوى اسمها.
وشبه الأمر بحس فلسفي مبسط وملاحظة ملفتة للنظر عبر قوله «ببساطة، الشبكة ربطت العالم لإطلاق سراح العالم!».
وخاطب الحاضرين بقوله «لكم أن تتخيلوا كم سيكون العالم أفضل عندما يصل «شعب الإنترنت» إلى رقم 5 وأمامه تسعة أصفار! هذا يعني المزيد من الابتكار، المزيد من الإبداع، المزيد من الفرص. وقال «إذا كانت العقود الماضية قد علمتنا شيئا، فهو أن ربط الناس بالمعلومات من شأنه أن يغير العالم».
وسبق أن سوّى محرك البحث العملاق خلافه مع وسائل الإعلام الفرنسية التي تتهمه بالاحتكار، عبر زيادة عائدات الإعلانات الإلكترونية للناشرين الفرنسيين وإنشاء صندوق بقيمة ستين مليار يورو لتمويل بحوث تطوير النشر الرقمي الفرنسي.
وتطالب المفوضية الأوروبية شركة غوغل بعلاج الممارسات المناهضة لحرية المنافسة كإعطاء الروابط الخاصة بها أولوية في الظهور على صفحات نتائج البحث، ونسخ محتويات المواقع المنافسة وعرض إعلانات على نتائج البحث ومنح أولوية لخدمة الإعلانات الخاصة.
وتسعى شركة «غوغل» عبر اتفاقها مع دول الاتحاد الأوروبي إلى إبعاد تهمة احتكار تقديم المعلومات عنها الأمر الذي يضر ببقية الناشرين.