مصادر دبلوماسية غربية في تونس: الطبقة السياسية أثبتت فشلها في إدارة المرحلة الانتقالية الثانية
قالت لـ«الشرق الأوسط» إن سلطة الغنوشي تتراجع داخل النهضة
تونس: ميشال أبو نجم
عن موقع صحيفة الشرق الاوسط
الثلاثاء 24 شتنبر 2013
قالت مصادر دبلوماسية غربية في العاصمة التونسية إن أعين العالم «مسلطة» على تونس لترى ما سترسو عليه التجربة الإسلامية في أول بلد يدخل تجربة «الربيع العربي» بعد فشل التجربة المصرية، ولمعرفة ما إذا كان التيار الإسلامي السياسي الذي وصل إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع «قادرا على هضم التجربة الديمقراطية بحيث يتحول إلى عنصر مكون دائم» للمشهد السياسي.
وتنظر هذه المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» بـ«كثير من القلق» لتطورات الوضع التونسي السياسي والأمني والاقتصادي. فمن الناحية السياسية، تعتبر أن الطبقة السياسية «أثبتت فشلها في إدارة المرحلة الانتقالية الثانية»، إذ إنها حتى الآن عجزت عن تحقيق أي إنجاز «حقيقي». فالدستور الذي شكل المهمة الأولى للمجلس التأسيسي لم يكتب ولم يقر ولم يجرِ الاستفتاء عليه رغم مرور سنتين على انتخابه. كذلك لم ينجح المجلس في سن قانون انتخابي جديد ولا شكل اللجنة التي ستكلف الإشراف على الانتخابات التي لم يحدد أصلا موعد حصولها بشكل نهائي. فضلا عن ذلك، فإنها ترى أن الحياة السياسية «وصلت إلى حائط مسدود»، حيث تتناحر النهضة والحزبان المشاركان معها في السلطة مع المعارضة على موضوع استقالة الحكومة الثلاثية، وتشكيل حكومة جديدة كما على كل المسائل الأخرى رغم وساطة «الرباعية» المشكلة من الاتحاد العام التونسي للشغل ومنظمة أرباب العمل واتحاد المحامين ومنظمة الدفاع عن حقوق الإنسان.
وتعزو المصادر المشار إليها الأزمة في الأساس إلى رغبة حزب النهضة في «فرض مشروعها السياسي الاجتماعي والثقافي» باستخدام الوسائل التي يوفرها الحكم، بيد أن الخطأ الذي ارتكبته النهضة يكمن في أنها «لم تقدر حجم الرفض» الذي يلاقيه مشروعها في المجتمع التونسي الأكثر تقدما من بين المجتمعات المغاربية، وأنها لم تعِ أن الشعب التونسي «نزل إلى الشارع، ليس من أجل تطبيق الشريعة، بل من أجل الحرية والعمل والخبز». لكن رغم تراجع شعبيتها، تقدر المصادر الدبلوماسية الغربية أنها ما زالت تتمتع بقاعدة شعبية تدور حول 20 في المائة بحيث تبقى القوة الأكثر قدرة على التعبئة من بين كل المكونات السياسية التونسية.
وبشأن الأزمة السياسية الحالية، ترى هذه المصادر أن المبادرة الوحيدة الجدية حتى الآن تتمثل في اقتراح الاتحاد التونسي العام للشغل رغم الصعوبات التي واجهتها في صيغتها الأولى بداية الشهر الحالي بالنظر إلى ما يمثله الاتحاد من وزن اقتصادي واجتماعي وقدرة على التعبئة. وفي أي حال، لا يمكن أن تجري التسوية «إلا على حساب النهضة»، لأن المطلوب منها أن تترك السلطة أو أن تقبل بتقاسمها مع المعارضة سواء كان اسمها نداء تونس أو جبهة الخلاص التي تضم الأحزاب اليسارية وغير اليسارية.
ولكن ماذا عن الوساطة الجزائرية؟ ترى هذه المصادر أن للجزائر «مصلحة في استقرار تونس». ورغم نفي المسؤولين في الجزائر وتونس معا وجود وساطة، فإنها موجودة وتقوم على «استخدام النفوذ الجزائري للتقريب بين الغنوشي والباجي قائد السبسي»، رئيس حزب نداء تونس، اللذين التقيا بداية في باريس ثم قابلا تباعا الرئيس بوتفليقة في الجزائر. وتريد الجزائر أن يتوصل الطرفان إلى تفاهم على «حل وسط» يضم الطرفين. ويرى السبسي أنه «من الأفضل أن تكون النهضة داخل السلطة على أن تكون خارجها»، بحيث يجري جمع الجناحين اللذين تتشكل منهما تونس. لكن ثمة مشكلة «إضافية» تتمثل في وجود تيارين متنافسين داخل النهضة، أحدهما جذري والآخر أكثر اعتدالا، الأمر الذي يفسر «تذبذب» مواقف الغنوشي، مما يلزمه بالمناورة داخل حزبه وخارجه. وتؤكد المصادر الغربية أن «سلطة الغنوشي تتراجع» داخل النهضة. وفي أي حال، فإن الجزائر، القلقة من انفلات الوضع الأمني في ليبيا ومن تراخي رقابة الحكومة الليبية على حدودها، تتمسك أكثر من أي وقت مضى بالاستقرار على الحدود المشتركة مع الجار التونسي وداخل بلاده لما له من تأثير على أمنها واستقرارها. والثابت، بحسب المصادر الغربية ذاتها، أن الجزائر «غير مرتاحة لوجود إسلاميين في السلطة لدى جاريها في الغرب والشرق، المغرب وتونس»، وترى أن ذلك يصب في غير مصلحتها. لذا، فإذا كانت الأزمة التونسية ستفضي إلى إبعاد النهضة أو إلى تراجع هيمنتها، فإن الجزائر «لن تكون نادمة على ذلك».
وبالنظر إلى مجموع هذه العوامل وأخرى غيرها مثل تدهور الوضع الاقتصادي وتراجع عائدات الدولة والمخاوف الأمنية إن على الحدود المشتركة مع الجزائر أو في الداخل، فإن المصادر الغربية تشدد لدى محاوريها على الحاجة إلى «انتقال سلمي» للسلطة يقوم على التوصل إلى حل «وسطي توافقي» لا يقصي أحدا ولا يغلب أحدا بحيث تحفظ مكاسب الثورة التونسية ولا يطاح بالتجربة الديمقراطية الفتية.
وتنظر هذه المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» بـ«كثير من القلق» لتطورات الوضع التونسي السياسي والأمني والاقتصادي. فمن الناحية السياسية، تعتبر أن الطبقة السياسية «أثبتت فشلها في إدارة المرحلة الانتقالية الثانية»، إذ إنها حتى الآن عجزت عن تحقيق أي إنجاز «حقيقي». فالدستور الذي شكل المهمة الأولى للمجلس التأسيسي لم يكتب ولم يقر ولم يجرِ الاستفتاء عليه رغم مرور سنتين على انتخابه. كذلك لم ينجح المجلس في سن قانون انتخابي جديد ولا شكل اللجنة التي ستكلف الإشراف على الانتخابات التي لم يحدد أصلا موعد حصولها بشكل نهائي. فضلا عن ذلك، فإنها ترى أن الحياة السياسية «وصلت إلى حائط مسدود»، حيث تتناحر النهضة والحزبان المشاركان معها في السلطة مع المعارضة على موضوع استقالة الحكومة الثلاثية، وتشكيل حكومة جديدة كما على كل المسائل الأخرى رغم وساطة «الرباعية» المشكلة من الاتحاد العام التونسي للشغل ومنظمة أرباب العمل واتحاد المحامين ومنظمة الدفاع عن حقوق الإنسان.
وتعزو المصادر المشار إليها الأزمة في الأساس إلى رغبة حزب النهضة في «فرض مشروعها السياسي الاجتماعي والثقافي» باستخدام الوسائل التي يوفرها الحكم، بيد أن الخطأ الذي ارتكبته النهضة يكمن في أنها «لم تقدر حجم الرفض» الذي يلاقيه مشروعها في المجتمع التونسي الأكثر تقدما من بين المجتمعات المغاربية، وأنها لم تعِ أن الشعب التونسي «نزل إلى الشارع، ليس من أجل تطبيق الشريعة، بل من أجل الحرية والعمل والخبز». لكن رغم تراجع شعبيتها، تقدر المصادر الدبلوماسية الغربية أنها ما زالت تتمتع بقاعدة شعبية تدور حول 20 في المائة بحيث تبقى القوة الأكثر قدرة على التعبئة من بين كل المكونات السياسية التونسية.
وبشأن الأزمة السياسية الحالية، ترى هذه المصادر أن المبادرة الوحيدة الجدية حتى الآن تتمثل في اقتراح الاتحاد التونسي العام للشغل رغم الصعوبات التي واجهتها في صيغتها الأولى بداية الشهر الحالي بالنظر إلى ما يمثله الاتحاد من وزن اقتصادي واجتماعي وقدرة على التعبئة. وفي أي حال، لا يمكن أن تجري التسوية «إلا على حساب النهضة»، لأن المطلوب منها أن تترك السلطة أو أن تقبل بتقاسمها مع المعارضة سواء كان اسمها نداء تونس أو جبهة الخلاص التي تضم الأحزاب اليسارية وغير اليسارية.
ولكن ماذا عن الوساطة الجزائرية؟ ترى هذه المصادر أن للجزائر «مصلحة في استقرار تونس». ورغم نفي المسؤولين في الجزائر وتونس معا وجود وساطة، فإنها موجودة وتقوم على «استخدام النفوذ الجزائري للتقريب بين الغنوشي والباجي قائد السبسي»، رئيس حزب نداء تونس، اللذين التقيا بداية في باريس ثم قابلا تباعا الرئيس بوتفليقة في الجزائر. وتريد الجزائر أن يتوصل الطرفان إلى تفاهم على «حل وسط» يضم الطرفين. ويرى السبسي أنه «من الأفضل أن تكون النهضة داخل السلطة على أن تكون خارجها»، بحيث يجري جمع الجناحين اللذين تتشكل منهما تونس. لكن ثمة مشكلة «إضافية» تتمثل في وجود تيارين متنافسين داخل النهضة، أحدهما جذري والآخر أكثر اعتدالا، الأمر الذي يفسر «تذبذب» مواقف الغنوشي، مما يلزمه بالمناورة داخل حزبه وخارجه. وتؤكد المصادر الغربية أن «سلطة الغنوشي تتراجع» داخل النهضة. وفي أي حال، فإن الجزائر، القلقة من انفلات الوضع الأمني في ليبيا ومن تراخي رقابة الحكومة الليبية على حدودها، تتمسك أكثر من أي وقت مضى بالاستقرار على الحدود المشتركة مع الجار التونسي وداخل بلاده لما له من تأثير على أمنها واستقرارها. والثابت، بحسب المصادر الغربية ذاتها، أن الجزائر «غير مرتاحة لوجود إسلاميين في السلطة لدى جاريها في الغرب والشرق، المغرب وتونس»، وترى أن ذلك يصب في غير مصلحتها. لذا، فإذا كانت الأزمة التونسية ستفضي إلى إبعاد النهضة أو إلى تراجع هيمنتها، فإن الجزائر «لن تكون نادمة على ذلك».
وبالنظر إلى مجموع هذه العوامل وأخرى غيرها مثل تدهور الوضع الاقتصادي وتراجع عائدات الدولة والمخاوف الأمنية إن على الحدود المشتركة مع الجزائر أو في الداخل، فإن المصادر الغربية تشدد لدى محاوريها على الحاجة إلى «انتقال سلمي» للسلطة يقوم على التوصل إلى حل «وسطي توافقي» لا يقصي أحدا ولا يغلب أحدا بحيث تحفظ مكاسب الثورة التونسية ولا يطاح بالتجربة الديمقراطية الفتية.