اتجاهات السياسة الامريكية نخو الإخوان المسلمين وإيران
تدليل الأعداء وإهمال الحلفاء
عن موقع صحيفة المجلة
الاثنين 23 شتنبر 2013
إذا نحينا هذه التصورات المذكورة جانبا، ما هو الموقف الفعلي الذي تتخذه القيادة الأميركية بشأن هذه الصراعات العربية الداخلية وغيرها، وكيف ستتطور هذه السياسات في الأعوام المقبلة؟ ما هو المنطق الكامن – إن وجد – في تناول الشؤون العربية والذي يحرك المعسكرين السياسيين المتنافسين، من باراك أوباما إلى جون ماكين؟
يعكس التفكير في هذه الأسئلة، بناء على تقارير من واشنطن ولقاءات مع واضعي السياسات ومستشارين رئاسيين حاليين وسابقين، من جانب، مستوى غير مسبوق من تشوش السياسة الأميركية تجاه العالم العربي اليوم: فهي ناشئة عن مزيد من الصراع الداخلي المرير في الأوساط السياسية في واشنطن، وانقسام سياسي أوسع بين الحزبين الرئيسين، وتحول الأولويات لدى الناخبين الأميركيين في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية وعدم وجود فهم تام للعالم العربي. إضافة إلى ذلك، إذا تطلعنا إلى انتخابات الكونغرس والانتخابات الرئاسية المقبلة، سيبدو أن الفجوة بين وجهتي نظر السياسة الخارجية تزداد اتساعا في الولايات المتحدة.
ولكن على مستوى أعمق، من الممكن تعقب معسكرين سياسيين مختلفين يدافعان باستمرار عن رأيين متعارضين في قضية مستقبل ما يسمى بـ«الإسلام السياسي». يجب على العرب من أنصار الإصلاح المنظم غير الثوري دراسة ممثلي المعسكرين وأفكارهما والتحديات التي تواجههما، من أجل وضع استراتيجيات تدعم أجنداتهم في واشنطن.
السياسة الأميركية تجاه إيران
في البداية، أحد التناقضات المحيرة في السياسة الأميركية على مدار الأعوام الستة الماضية هي مواقف باراك أوباما المتضاربة تجاه إيران في 2009 ومصر في 2011. جدير بالذكر أن الإدارة الأميركية حملت غصن الزيتون نحو عدوها القديم، النظام الإيراني، بينما صدت «الحركة الخضراء» التي خرج فيها شباب المتظاهرين ضد تزوير الانتخابات في بلادهم. ولكن بعد عامين لم يستغرق أوباما كثيرا من الوقت قبل التخلي عن حليف أميركا القديم، الرئيس حسني مبارك، وأثنى على المتظاهرين الذين أجبروه في النهاية على التنحي.
ينظر مستشاران بارزان في البيت الأبيض تحدثت إليهما إلى موقف الرئيس من إيران من وجهتي نظر متقابلتين تماما، مما يوضح عمق الخلاف بين مختلف الجماعات السياسية:
قال لي خوان زاراتي، نائب مساعد الرئيس ونائب مستشار الأمن القومي لمكافحة الإرهاب في إدارة جورج دبليو بوش، إن تصريحات أوباما عام 2009 بشأن إيران كانت خطأ مأساويا: «كان ظهور الحركة الخضراء يمثل حدثا مهما في تاريخ إيران، ضاعت فرصة استراتيجية للولايات المتحدة بأن تساعد على تقوية الحركة – وتشكيلها كوسيلة للتأثير في الحراك الداخلي وصناعة قرار النظام».
ولكن قال دينيس روس، الدبلوماسي الأميركي الذي خدم في إدارة كل من بيل كلينتون وجورج دبليو بوش وباراك أوباما، إن رد الإدارة كان مدروسا بصورة جيدة: «كنا نتلقى رسائل مختلطة من الحركة الخضراء. وكنا قلقين من أن الأشخاص الذين نرغب في الدفاع عن حقوقهم والوقوف إلى جانبهم أيضا لا يريدوننا أن نقول ما قد يمس مصداقيتهم. وكان هناك البعض في الخارج الذين يريدون منا أن نكون أكثر صراحة، أدى هذا كله إلى تبني موقف أكثر حذرا».
من المؤكد أن روس يصدق المخاوف التي لا يشترك معه فيها زاراتي – مما يسمى بـ«قبلة الموت» الأميركية. والمقصود بها أنه نظرا لانعدام شعبية أميركا بشدة في العالم العربي، ربما يكون التعبير الأميركي عن دعم أي شخص أو فصيل سببا في الإضرار به بصورة أكبر من نفعه.
الموقف من مبارك ونظامه
أما بالنسبة لثورة 2011 في مصر، تبدو الرسائل المتغيرة التي نقلها مسؤولو البيت الأبيض أثناء أسابيع المظاهرات نتيجة لنوع مختلف من الصراع الداخلي: الصراع بين مناصري الإصلاح النظامي القدامى في العالم العربي ومؤيدي التغيير الثوري. من جانب، أدلى نائب الرئيس جوزيف بايدن بتصريحات تؤيد مبارك كحليف قديم في المنطقة، وبدا مبعوث أوباما فرانك وايزنر مدافعا عن السماح لمبارك على الأقل باستكمال الأشهر المتبقية في فترته الرئاسية. وعلى جانب آخر، مع توالي الأحداث، صرح متحدث باسم البيت الأبيض ومن بعده الرئيس الأميركي ذاته بتصريحات حادة عن مبارك وقبلوا بالإطاحة به. يبدو أن المعسكر الأول كان يفضل الحفاظ على الاستقرار في مصر، بينما يرى المعسكر الثاني أن الاتجاه الثوري في المنطقة قد يكون بنّاء أو حتميا أو كليهما.
على أي حال، لاقت موجة التظاهرات التي اجتاحت الجمهوريات العربية قدرا من الاهتمام في وسائل الإعلام الأميركية أكثر من «الحركة الخضراء» الإيرانية. وفيما يشبه الإجماع، صورت شبكات التلفزيون الأميركية الأحداث التي وقعت على أنها ثورات ديمقراطية. وكما قالت المذيعة الأميركية البارزة راشيل مادو: «نحن نشاهد شيئا يؤثر فينا كأميركيين لأنني أعتقد أن الأميركيين من اليسار أو اليمين أو الوسط يؤمنون بحكومة الشعب، من قِبَل الشعب، ومن أجل الشعب – وعندما نرى شعبا في أي دولة في العالم يحاول تحقيق ذلك بوسيلة سلمية نقف بجانبه تلقائيا».
لاقت هذه الرؤية أيضا تشجيعا من بعض الشخصيات العربية التي برزت في وسائل الإعلام الأميركية بصفتهم متحدثين غير رسميين عن الثوار – وأبرزهم الصحافية المصرية منى الطحاوي، التي أعلنت أمام الجمهور: «من الرائع أن تكون ثائرا عربيا. إنها رسالة من منطقة في العالم تقل أعمار غالبية سكانها عن 30 عاما». وفي مئات المرات التي ظهرت فيها في حوارات ولقاءات رفيعة المستوى، صرحت الطحاوي للأميركيين أن ثقافة الفردية حلت بدرجة كبيرة محل الهويات والتقاليد الجماعية في العالم العربي. كما انتقدت أيضا الأميركيين الذين أعلنوا انزعاجهم من صعود الجماعات المتطرفة، مثل ليلى أحمد الأستاذة في جامعة هارفارد، واتهمتهم بعدم إدراك الواقع الجديد في الشرق الأوسط.
هل يوجد منطق موحد؟
هكذا تعكس الصورة الظاهرة انقساما بين معسكرات أميركية متنافسة، بالإضافة إلى جهل عام بالأحداث في الشرق الأوسط يغذيه إعلام يتأثر كثيرا بأصوات أجنبية ذات تأثير. ولكن في زيارات إلى المنطقة، وجدت أن العديد من العرب يشعرون بعدم إمكانية تبرير سياسات واشنطن تجاه الشرق الأوسط بوجود خلافات داخلية أو مجرد عدم فهم. ولكنهم يرون بدلا من ذلك محاولة مترابطة ثابتة من الأميركيين – سواء في إيران أو مصر أو غيرها من الدول – لعقد صفقات مع الحركات الإسلامية من الملالي في طهران إلى الإخوان المسلمين في مصر. ومن بين الأدلة التي يسوقونها عادة الدعم الأميركي للمجاهدين ضد الاحتلال السوفياتي لأفغانستان في الثمانينات من القرن الماضي، ومحاولات الرئيس باراك أوباما التعامل مع الإخوان المسلمين بصفتهم شركاء بعد انتصاراتهم الانتخابية في مصر وتونس. ووفقا لهذا المنطق، يصبح ضغط الإدارة في الوقت الحالي على الجيش المصري بمشاركة الإخوان في السلطة مجرد مثال جديد على اتجاه مستمر منذ عشر سنوات.
على الرغم من أن هذه النظرية لا تفسر بمفردها رفض أميركا تبني الثوار التابعين للإخوان المسلمين في سوريا، إلا أنها لا تخلو من الصحة. في الحقيقة يبدو خطاب السياسات الذي يرجع إلى عام 1992 وألقاه مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى وجنوب آسيا في ذلك الوقت إدوارد دجيرجيان، وكأنه يبلور منطق التعاون مع الإسلاميين ويضع ذلك هدفا أميركيا طويل الأجل. صرح دجيرجيان بأنه «لا يوجد جهد دولي موحد أو منسق خلف هذه الحركات»، في إشارة إلى أفرع الإخوان المسلمين في الشرق الأوسط، واقترح أنه على الأقل بعض عناصر الإخوان يسعون إلى دعم «حرية الانتخابات.. واستقلال القضاء.. وسلطة القانون.. وحقوق الأقليات والحقوق الفردية..» ويبدو أنه اعتقد أيضا أن الإسلاميين المعتنقين لهذه الآراء سوف يكونون درعا حامية من المقاتلين الجهاديين.
ولكن في الجهة المقابلة، على الرغم من وجود دليل يؤكد نظرية سعي الأميركيين باستمرار إلى الشراكة مع حركات إسلامية، ربما يمكن الاستفادة من الكشف عن نقاط الضعف بدلا من التركيز على نقاط القوة.
صحيح أن واشنطن سعت أثناء الحرب الباردة إلى التعاون مع خصوم الاتحاد السوفياتي ذوي الاتجاهات الدينية، من البابا جون بولس الثاني إلى عبد الله عزام. ولكن وفقا لباتريك كلاوسون، مدير الأبحاث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أصبح هذا النهج باليا مع سقوط الستار الحديدي. وإذا كان هناك أي استمرار منذ ذلك الحين حتى الآن، فهو، بحسب قول كلاوسون، «لأن الولايات المتحدة تحاول باستمرار عقد صفقات مع من يكون في السلطة».
يعكس خطاب دجيرجيان بالفعل آراء مدرسة فكرية بارزة تجاه الإخوان المسلمين في واشنطن، بيد أن هناك مدرسة أخرى تنظر إلى الجماعة بعداء عميق، وتتمتع بنفوذ خاص بها في بعض الأحيان. لذا تجدر دراسة كلتا المدرستين، أصولهما ومواقفهما من التطورات الإقليمية الراهنة – واتجاهاتهما.
مناصرو الجماعة من الأميركيين
يُعتقد أن الخطاب المدافع عن التعاون مع الإسلاميين الذي ألقاه دجيرجيان في عام 1992 تأثر بمدرسة أكاديمية من بين قادتها جون إسبوزيتو، أستاذ الشؤون الدولية في جامعة جورجتاون. تدفع دراسات إسبوزيتو بالضرورة إلى أن بعض الجماعات الإسلامية – ومن بينها قادة الإخوان المسلمين وتابعيها في العديد من الدول الإسلامية – تتميز في جوهرها بأنها إصلاحية حداثية تحمل طابعا إسلامية وتستحق التعاون البنّاء. من خلال أسفاره الممتدة في الأراضي العربية والإسلامية، أقام إسبوزيتو ودارسون مشابهون له في الفكر شبكة من المثقفين البارزين المنتمين للجماعات الإسلامية، وسهلوا التعاون بينهم وبين نظرائهم الأكاديميين والسياسيين في الغرب.
ومع مرور الوقت، أصبح لهذا المشروع الأميركي من التبادل المعرفي مع الإسلاميين إطارا مؤسسيا: ويعد مركز واشنطن للإسلام والديمقراطية أحد نماذج منتديات السياسات الأميركية المرموقة التي تناصر بفاعلية التعاون الأميركي الإسلامي.
ولكن لم يتوقف دعم الإخوان المسلمين على النقاشات بين مثقفين رفيعي المستوى. ففي مطلع الستينات، أقامت جماعة الإخوان ذاتها بنية تحتية لغرس تعاليمها ونشاطها في الولايات المتحدة ليخرج منها أجيال من المؤيدين القادرين على الخروج بحملتهم إلى الشارع والإعلام بل وأيضا دوائر السلطة. عملت «جمعية الشباب العربي المسلم» التي توقف نشاطها حاليا وهي أحد فروع جماعة الإخوان المصرية، و«الجمعية الإسلامية لفلسطين» التابعة لحماس، على إحضار يوسف القرضاوي وخالد مشعل وغيرهما من الشخصيات البارزة في الجماعة لزيارة مؤيديها في الولايات المتحدة. وتصدر المجلس الإسلامي الأميركي، المتوقف عن العمل حاليا، محاولات إدخال مثل هذا النشاط إلى واشنطن، وحشد الضغوط على الكونغرس والبيت الأبيض باسم قضايا الإخوان. في أثناء الأعوام الأخيرة من الحرب الأهلية الجزائرية، على سبيل المثال جاء المجلس الإسلامي الأميركي بقائد الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر إلى واشنطن في محاولة لمساعدته في عرض قضيته على الكونغرس ضد اعتداءات الجيش الجزائري على حركته.
وفي البداية وفي فترات مختلفة، حصلت جميع هذه الجماعات على تمويل هائل من متبرعين عرب، ولكنها سعت أيضا إلى موارد بديلة للدعم المالي من الخارج والداخل، حتى لا تعتمد على ممولين تخشى نفاد صبرهم في المستقبل. وفقا لمسؤول أمني متقاعد اشترط عدم ذكر اسمه: «كون هؤلاء شبكة واسعة للغاية. وكانوا سعداء بقبول الأموال تقريبا من أي مصدر أجنبي أو محلي».
في النهاية تم القبض على العديد من أعضاء الجمعيات الإخوانية ومحاكمتهم بسبب التورط في عدة أنشطة غير قانونية: حيث قدموا دعما ماليا لحماس في منتصف التسعينات من أجل حملة من الهجمات الانتحارية التي استهدفت نسف معاهدة أوسلو، التي وقعت عليها في ذلك الحين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية.
ولكن خرج من هذه المنظمات جيل ثان من النشطاء بقيادة عضو الجمعية الإسلامية لفلسطين سابقا نهاد عوض، ليقيموا كيانا ناجحا يحمل اسم مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية. يرجع الفضل إلى هذا المجلس في محاربة «الإسلاموفوبيا» بلا كلل من خلال مزيج من النشاط الإعلامي والتظاهرات في الشوارع، مما أكسبه دعما كبيرا من المسلمين الأميركيين بالإضافة إلى وسائل الإعلام والسياسيين في الولايات المتحدة. كما استفاد أيضا من هذا التعاطف في العمل الحقوقي باسم الإخوان المسلمين. إضافة إلى ذلك حقق المجلس نجاحا كبيرا في تهميش الأميركيين، مسلمين أو غير مسلمين، الذين ينتقدون فكر الإخوان، متهما إياهم أيضا بالإسلاموفوبيا. واليوم أصبح مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير) أكبر منظمة مسلمة أميركية في الولايات المتحدة تتمتع بتعاطف سياسي في المقام الأول من الحزب الديمقراطي وأعضائه والإعلام المشابه له في الفكر.
معارضو جماعة الإخوان من الأميركيين
في مقابل مؤيدي الإخوان في الولايات المتحدة، عمل خصوم الجماعة على مدار عقود من أجل تقويضها سياسيا، على كل من المستوى الفكري والسياسي، ومن جانب الإعلام والشارع بين حين وآخر. ورغم تحقيق قدر من النجاح في بعض الأحيان، فإنهم أيضا واجهوا صعوبات.
على المستوى الفكري، استمرت بعض مراكز الأبحاث في واشنطن – على سبيل المثال، معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى – في توجيه الانتقادات للجماعة. يرفض المدير التنفيذي للمعهد روبرت ساتلوف بحدة رؤية دجيرجيان بأن الجماعة ليست منظمة عالمية ويعارض فكرة أنها قد تكون قوة تدفع نحو التنمية الديمقراطية. أوضح ساتلوف أفكاره المتعلقة بالثورات العربية في شهادة أدلى بها أمام الكونغرس في أبريل (نيسان) 2011، حيث قال: «إن جماعة الإخوان ليست كما يقول البعض مجرد منظمة رخاء اجتماعي أهدافها إنسانية في الأساس. أعتقد أن المنظمة سوف تستغل أي فرص تقدم لها (مما يؤدي إلى).. إمكانية تنام مخيف للنزعة الطائفية بين المسلمين والأقباط بل وتعميق الصراع بين المسلمين من السلفيين والصوفيين».
ساتلوف أيضا أحد أبرز الأصوات في واشنطن التي تدافع عن التحالف القوي بين الولايات المتحدة وإسرائيل. استعان مؤيدو الإخوان أيضا بهذا الجانب من خلفيته في محاولة للتشكيك في أفكاره بشأن جماعتهم بين معارضي إسرائيل في واشنطن. في الماضي، أعاب البعض أيضا على ستالوف أن آراءه تحمل قدرا كبيرا من التكهنات: لم تكن جماعة الإخوان فعليا خضعت لاختبار السلطة وهكذا كان من غير المعلوم كيف ستتصرف إذا منحت فرصة الحكم. وأكد قادة الجماعة مرارا أنهم ملتزمون بدعائم الديمقراطية.
بعيدا عن دوائر السياسة، انخرط خصوم الجماعة أيضا في الإعلام والنشاط السياسي. ولعل أبرز نموذج هو ستيفن إيمرسون، الصحافي الذي أخرج في عام 1994 فيلما تلفزيونيا وثائقيا تحت عنوان «الجهاد في أميركا». يلقي الفيلم الضوء على المؤتمرات التي أقيمت في الولايات المتحدة بتنظيم من حماس وجماعة الإخوان المصرية، ويتعقب الصلات بينها وبين العمليات المسلحة التي جرت في الشرق الأوسط والغرب أيضا. من المعتقد أن مشروع قانون مكافحة الإرهاب لعام 1995 اعتمد إلى حد ما على الصدمة التي تسبب بها هذا الفيلم. كما أيدت الأعمال البحثية المستمرة التي يقوم بها من خلال جمعية لا تستهدف الربح تحمل اسم «المشروع الاستقصائي» اعتقال وإدانة العديد من النشطاء الإخوان في أميركا. ولكن استخدمت تصريحات متتالية أدلى بها إيمرسون، اعتبر أحد تصريحاته الذي تضمن إشارة إلى أن الإسلاميين وراء تفجير مدينة أوكلاهوما في عام 1995، من قبل مؤيدي الإخوان مثل «كير» سببا لاتهامه بـ«الإسلاموفوبيا».
على مدار الأعوام العشرين الماضية، طاردت مثل هذه الاتهامات إيمرسون، بيد أنه احتفظ بشبكة أنصار واتصالات في المؤسسة الأمنية الأميركية، وتشجيع من عناصر محافظة داخل الوسط السياسي لاسيما داخل الحزب الجمهوري.
تكمن نقطة الضعف الرئيسة التي اتسم بها خصوم الإخوان في الولايات المتحدة، على النقيض من منافسيهم، في عدم إقامتهم لتحالف دولي ملائم من الأصوات المعارضة للإخوان في بعض الدول العربية. ويبدو على سبيل المثال أن الأصوات المدافعة عن إسرائيل في واشنطن ونظرائها في العواصم العربية عاجزة عن خرق حاجز الشك – وسط مرارات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي – مما كان يستلزم إقامة تحالف مستمر.
تغير التحالفات من 11 سبتمبر وحتى اليوم
عززت مأساة الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) عام 2001، وما تلاها في ظل إدارة بوش من صلابة التحالفات السياسية المعارضة لجماعة الإخوان وتلك المؤيدة لها. في ظل حكم رئيس جمهوري، أدت الحملة التي شنت ضد نشاط حماس والإخوان في الولايات المتحدة إلى عشرات المحاكمات ومنع قادة من الإخوان والمتعاطفين معهم من دخول البلاد للقاء زملائهم الأميركيين. أثارت هذه الأفعال غضب جماعات الحريات المدنية وضاعفت تأييد الجماعة الإسلامية للحزب الديمقراطي.
في الوقت ذاته، أسفرت إخفاقات حرب العراق عن تبعات غير مقصودة للبيت الأبيض والأوساط السياسية في واشنطن. على الرغم من أن الرئيس بوش معارض قوي للجماعات المتطرفة التي أشار إليها في بعض الأحيان بالفاشية الإسلامية، فإنه قدم خدمة جليلة للملالي في طهران بأن سمح بالعملية الانتخابية في بغداد التي مكنت وكلاء إيران في بغداد من الوصول إلى السلطة. ووجد مؤيدوه الجمهوريون، الذي رفضوا في الماضي التدخل في جهود «إعمار الدول» في الخارج، أنهم يدافعون عن «أجندة ديمقراطية في العالم العربي، بينما وصل العديد من الديمقراطيين كرد فعل إلى كراهية شعار (نشر الحرية)». ودعوا إلى الانسحاب العسكري من أفغانستان والعراق و«بناء البلاد في الداخل». صوت الناخبون الأميركيون القلقون من الحرب لصالح الرئيس أوباما في عام 2008 على أساس برنامجه الانتخابي بوقف التدخل في الخارج. وانسحب أوباما من العراق وأفغانستان، وسعى إلى تجنب المواجهة مع أطراف خارجية مثل إيران وتحاشى تدخلات عسكرية خشي أن يكون من الصعب الخروج منها مثل سوريا.
ولكن أخيرا، في وسط الاضطرابات التي وقعت في الجمهوريات العربية، عاد الحزبان إلى موقفيهما الفكريين التقليديين فيما يتعلق بـ«تصدير الديمقراطية». في رد فعل يعكس ارتيابا في الحراك الثوري في مصر، أصدر العديد من الجمهوريين تحذيرا لمعارضي الإخوان في واشنطن بأن الاستيلاء الإسلامي على السلطة أصبح وشيكا، بينما احتفل الديمقراطيون، مدعومين بالبهجة التي سادت وسائل الإعلام في البداية، بانتقال السلطة. وبعد الانتخابات في مصر وتونس، شعر الجميع بخيبة الأمل في النتائج ولكنهم أيدوا العملية الديمقراطية من حيث المبدأ وتبنوا سياسة الانفتاح مع الحكومتين الجديدتين بقيادة الإخوان. ولاقى هذا النهج ترحيبا طبيعيا من مجتمع المفكرين المدافعين عن الإسلاميين في واشنطن.
على مدار الأسابيع القليلة الماضية، لم يكن مفاجئا أن نجد إدارة أوباما تمارس ضغوطا غير مسبوقة على الجيش المصري لوقف حملته ضد الإخوان. تتفق مخاوف واشنطن بشأن تدهور أوضاع الحريات الإنسانية في مصر ونوايا الجيش على المدى البعيد مع القيم الديمقراطية الأميركية، بالإضافة إلى أن التكيف مع الإخوان أصبح أحد أعمدة سياسة أوباما.
ربما لم يصل البيت الأبيض إلى قبول حقيقة أن الإرادة الشعبية في مصر ومعظم أنحاء العالم العربي تحولت بحدة كاسحة ضد الجماعة.
أما بالنسبة للنشطاء الأميركيين الذين يؤيدون الجماعة، فقد شهدت الأعوام الأخيرة نجاحات جديدة. في حين اعتمد «كير» في الماضي على تمويل من دول خليجية، إلا أنه أصبح الآن يتمتع بدعم من قاعدة مانحين محلية ثرية في الولايات المتحدة، ويحصل على منح أيضا من بعض المنظمات الأميركية التي لا تستهدف الربح. ومكنت مكاسب الإخوان الانتخابية في العام الماضي «كير» من الاحتفاء بجماعته باسم «الديمقراطية»، وبعد إطاحة الجيش بمرسي، نظم المجلس احتجاجات في واشنطن دفاعا عن العملية الديمقراطية في مصر.
في الوقت ذاته، يتعرض خصوم الإخوان القدامى لعزلة سياسية نسبيا. وهذا إلى حد ما بسبب حقيقة أن الأصوات الجديدة التي تظهر، مثل الناشطة باميلا غيلر، تقدم مساهمات قليلة في النقاش العام وتوصف بأنها متعصبة ضد الإسلام. يُذكر أن غيلر قالت: «الإسلام ليس عرقا، بل آيديولوجيا.. أكثر آيديولوجيا راديكالية ومتطرفة على وجه الأرض».
ألحقت شخصيات مثل غيلر ضررا بصناع السياسات الذين يحترمون ويقدرون الإسلام كدين ولكنهم ينتقدون الأحزاب الإسلامية مثل الإخوان. وفقا لما قاله آلان لوكسنبرغ، رئيس معهد أبحاث السياسات الخارجية ومقره في فيلادلفيا: «يجد منتقدو الإخوان من حيث المبدأ صعوبة في أن يُنصت إليهم في واشنطن أو وسائل الإعلام العادية لأنهم يصنفون مع من يبدون كراهيتهم للإسلام كدين. يشبه ذلك ما فعله السيناتور جو مكارثي عندما أساء إلى سمعة معارضي الشيوعية: حيث أضر بالقضية التي اعترف بأنه مؤمن بها».
والآن بعد أن تحولت الإرادة الشعبية ضد الإخوان المسلمين في معظم أنحاء العالم العربي، تجد غالبية العرب وحكوماتهم من الصعب عليهم إقامة تحالفات في واشنطن. وعندما ينظم مجلس «كير» مظاهرات في شوارع واشنطن اليوم، يستطيع أن يناصر الجماعة بأسلوب يمس وترا عميقا لدى الأميركيين: استعادة الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان. في العالم العربي، ربما يميل كثيرون إلى الرد على ذلك بأن الحكومات التي يقودها إخوان تمثل تهديدا أكبر لحقوق الإنسان. وسيرغبون في الإشارة إلى أن المسار نحو الديمقراطية طويل وتدريجي، ويتضمن تغذية مستمرة لمنظمات المجتمع المدني والتعليم من أجل التغيير الثقاف، وليس فقط الانتخابات. ولكن من يتبنون هذه الآراء يغيبون بصورة كبيرة عن شوارع واشنطن. ولم يقيموا شبكة إعلامية أو منظمات سياسية لازمة لتقديم وجهات نظرهم في الأوساط السياسية. وفي حين توجد بعض الأصوات في أميركا التي تتعاطف معهم، فإن عوائق السياسة واللغة والتعاون المؤسسي بينها وبين المجتمعات العربية ما زالت قائمة.
الطريق قدما
تطرح الاستعدادات التي تجري في الوقت الحالي من قبل الحزبين الجمهوري والديمقراطي لانتخابات الكونغرس الأميركي لعام 2014 رؤية حول الاتجاه المستقبلي للسياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط.
تشير دراسة حديثة أجرتها مجموعة «غالوب» للإحصاءات إلى أن ثقة الأميركيين في اقتصادهم تواصل تراجعها. وفي المجمل، فإنه على مدار السنوات الخمس الماضية، عانت البلاد من حالة ركود طويلة وارتفاع في معدلات البطالة، الأمر الذي أدى إلى شعور الكثير من الشعب الأميركي بالقلق حيال أية مشاركة خارجية وغير داعمة من المساعدات المُقدمة للدول الأجنبية. ويوضح أحد استطلاعات الرأي أيضًا أن هناك فجوة هائلة في الإدراك في الولايات المتحدة الأميركية حول مدى الإنفاق على المساعدات الخارجية: وأظهر أحد استطلاعات الرأي الذي تم إجراؤه في عام 2010 أنه على الرغم من أن نسبة المساعدات الخارجية تمثل ما يقرب من 1.5% من الميزانية الفيدرالية، فإن تقديرات الأميركيين لتلك المساعدات تبلغ نسبتها 25% من الميزانية.
وفي السياق ذاته، ليس مفاجئا أن نجد العضو الأبرز في الحزب الجمهوري السيناتور الليبرالي راند بول هو المُرشح المحتمل لرئاسة البلاد لعام 2016. كان والد بول عضوا بالكونغرس عن ولاية كنتاكي لفترة طويلة، حيث اتسم بصراحته الواضحة واتباعه لسياسة «عدم التدخل» – فيما وصفه البعض بأنه «منعزل» – حيث دعا إلى انسحاب كبير للقوات حول العالم ووقف شبه كامل للمساعدات الأجنبية المقدمة للشرق الأوسط. وبينما نأى بول الابن بنفسه عن هذه المواقف الأكثر تطرفا، يبدو أن شعبيته تستمر في الارتفاع في بعض الأوساط لاعتقادهم أنه يتسم بصفات والده. ومن غير المفاجئ أن بول كان عضوًا بارزًا ضمن الجماعة المكونة من الحزبين التي دعت إلى قطع الولايات المتحدة الأميركية للمعونات العسكرية والاقتصادية المُقدمة لمصر.
ومن غير المتوقع أن يغير بول أو الحركة التي يُمثلها – ناهيك عن القيادة الديمقراطية – السياسة الأميركية بعدم التدخل في سوريا. ويميل ذلك الاتجاه الواسع للسياسة الأميركية، الذي يضم النسبة الأكبر من الديمقراطيين ونسبة كبيرة من الجمهوريين، إلى دعم التوصل إلى تسوية سياسية بوساطة دولية للصراع القائم في سوريا، على الرغم من أن تلك العملية قد تستمر لأجل غير مسمى. ومن المحتمل أن تذعن هذه الكتلة لسياسة «احتواء» إيران النووية، بدلاً من مواجهتها عسكريا. وتتطابق تلك السياسة مع غرائز سياسية حالية ويدعمها خبراء أميركيون محترمون توصلوا إلى أن الاحتواء هو الخيار الأقل سوءًا. ومن بينهم كينيث بولاك، الذي عمل في السابق بوكالة الاستخبارات المركزية كمحلل عسكري، علاوة على كونه عضوا بمجلس الأمن القومي، وهو في الوقت الحالي كبير زملاء في مركز سابان لسياسات الشرق الأوسط بمؤسسة بروكنغز، ومؤلف كتاب سوف يصدر قريبًا يتناول فيه خيارات السياسة الأميركية تجاه إيران. وعن آرائه يقول بولاك: «أعتقد أن الحل الصحيح لأزمة برنامج إيران النووي يتمثل في التوصل إلى تسوية عن طريق التفاوض، (ولكن) إذا لم نكن قادرين على التوصل إلى مثل هذا النوع من الاتفاق مع الإيرانيين، فإنني أفضل خيار احتواء إيران، والأفضل احتواؤها ونحن قادرون على خرق ذلك، بدلاً من احتوائها في ظل امتلاكها لترسانة نووية فعلية مجهزة.. إنني أقول ذلك من منطلق أنني أحد الأشخاص الذين قاموا بدراسة الخيارات العسكرية جيدًا، ولا أؤمن أن الخيارات العسكرية هي خيارات غبية أو مجنونة أو أن الأشخاص الذين يدافعون عنها هم أشخاص أغبياء أو يتسمون بالجنون.. ولكني أشعر أن مخاطر احتواء إيران وتكاليف ذلك – حتى إن كانت إيران النووية – لا تزال مُفضلة عن التكاليف والمخاطر التي سنتكبدها إثر شن حرب مستمرة مع إيران».
وفي مفارقة، يبدو وكأن أشباح الحرب الباردة تطارد التصورات الأميركية لسوريا بالإضافة إلى إيران. أما عن الوضع في سوريا، فإن البيت الأبيض والرأي العام يخشون من أن دعم الثوار قد يعد تكرارا لذلك الدعم الذي قدمته الولايات المتحدة الأميركية للجهاديين في أفغانستان في الثمانينات من القرن العشرين، مع حدوث التأثيرات اللاحقة المفجعة ذاتها.
ووفقًا لما ذكره طوني بدران، الكاتب البارز والباحث في شؤون الشرق الأوسط، فإن «إدارة أوباما لا ترغب في ظهور موجة جديدة من المحاربين الأجانب الذي يستفيدون من التدريب في سوريا، ومن ثم يتجهون لمهاجمة أهداف في الغرب، مثلما حدث في أفغانستان. وتتمثل المأساة حقًا في أنه من خلال عدم دعم الثوار الذين يتبنون مناهج سياسية وسطية في سوريا، فإن المخاوف الأميركية حينئذ سوف تصبح نوعًا ما من النبوءة التي سوف تتحقق. سوف يزداد وجود الجهاديين في سوريا، خاصة في شرق سوريا وشمالها». وفي الوقت ذاته، فإن ذكرى النجاح في التأكد من قدرة الاتحاد السوفياتي النووية خلال الحرب الباردة قد تعزز ثقة هؤلاء الذين يعتقدون أنه من الممكن احتواء دولة إيران النووية أيضًا.
هيلاري كلينتون الصوت الأبرز في الحزب الديمقراطي
أما عن السياسيين الذين يرجحون تبني موقف أكثر تدخلاً في السياسة الخارجية، تبرز من بينهم هيلاري كلينتون التي تُعد الصوت الأبرز في الحزب الديمقراطي، التي قد تكون مرشحة الحزب لخوض انتخابات الرئاسة لعام 2016. في السابق، دافعت كلينتون عن سياسة إيران الأكثر تشددًا، وباعتبارها وزيرة الخارجية، فقد أبدت ميلا أقوى نحو التدخل في الشأن السوري، ولكن يبدو أن الرئيس وبعض كبار مستشاريه حجموا هذا الاتجاه. وفي الوقت ذاته، فمن بين الجمهوريين، نجد أن القائد الصاعد للمدرسة التي تتبنى مبدأ التدخل هو حاكم نيو جيرسي كريس كريستي، وهو المنافس المحتمل لراند بول. وخلال الأسبوع الماضي، في خطاب شهير، انتقد كريس «التحررية» بشدة في كلا الحزبين قائلاً: «باعتباري مدعي عام سابق قام بتعييني الرئيس جورج دبليو بوش في اليوم الموافق العاشر من سبتمبر (أيلول) لعام 2001، فإنني أرغب في أن أكون حذرًا حقًا، لأن النزعة التحررية المنتشرة في الوقت الحالي في كلا الحزبين وتتصدر عناوين الأخبار تعكس، في اعتقادي، فكرا خطيرا للغاية».
أما فيما يتعلق بالوضع في مصر، فلا يوجد من يؤيد التدخل فيه مثل جون ماكين – المدافع بقوة عن تقديم الدعم للثوار في سوريا – الذي أحبط العديد من العرب الذين يدعمون الحملة المستمرة التي يشنها الجيش المصري ضد الإخوان. في الأسبوع الماضي، انضم ماكين لراند بول وآخرين في وصف عملية الإطاحة بمرسي باعتبارها «انقلابًا عسكريا»، ودعا الولايات المتحدة الأميركية لقطع المعونات العسكرية الكبيرة التي تقدمها إلى مصر.
وعلى الرغم من أن العديد من العرب يرون أن مواقف ماكين تجاه مصر وسوريا تحمل تناقضا، فإن التمعن في تصريحاته حول البلدين يوضح أن هذه التصريحات تأتي من مصدر واحد في عقله. يوضح ماكين تصوره للمشهد في سوريا بأنه خليط من التدخل الإنساني وبذل الجهد بهدف منع الجهاديين من السيطرة على المشهد. وسواء كان ذلك صحيحًا أم خاطئا، فإن لديه مخاوف بشأن مصر: ففي الأسبوع الماضي، أشار ماكين إلى أن «الإخوان المسلمين.. يختبئون» نتيجة للحملة القاسية التي يشنها الجيش ضدهم. ويوضح ماكين مخاوفه من أن حرمان الإخوان المسلمين من حقوقهم سوف يؤدي إلى نشوب حرب أهلية جديدة في مصر، وربما تحشد جمعا غفيرا جديدا من الجهاديين الدوليين أيضًا.
وهنا نجد مزيدا من التوضيح للفجوة المعرفية في واشنطن بشأن العالم العربي؛ فمن الواضح أن منطق ماكين يقوم على المقارنة الإشكالية بين المجتمع المصري من جانب والسياسة الداخلية لسوريا والجزائر من الجانب الآخر. ومن جانبهم، فإن مؤيدي الإخوان في واشنطن يستغلون هذه الفجوة المعرفية بالفعل.
واستشرافا للمستقبل، فإن التساؤل الذي يواجه العرب ذوي الرؤى المختلفة بشأن المنطقة، هو كيف سيكون في استطاعتهم توصيل أصواتهم لواشنطن.
ربما توجد بدايات الإجابة على التساؤل بين هؤلاء المحللين السياسيين الذين يدركون تماما لخطر الخفايا التي تجهلها الولايات المتحدة الأميركية عن الشرق الأوسط. أعربت ميشيل دن، مدير مركز «رفيق الحريري» للشرق الأوسط في المجلس الأطلسي، عن آمالها في توسعة العلاقات الأميركية مع المجموعات المعتدلة بالمنطقة وتقديم الدعم لها. وقالت: «أعترف أن الوضع السياسي مُحير. فهو يشمل تغيرا في اللاعبين السياسيين في دول مثل تونس ومصر وليبيا. وهناك بعض البرامج (الأميركية) التي تهدف إلى تقديم النصح والمساعدة وما إلى ذلك، ولكن كي أكون أمينة، لا أعتقد أنها تتناسب مع حجم التحدي القائم».
******************************************************************************************************