عبد الله العروي تأملات ورؤى في ضوء الحوار بقلم: محمد بن امحمد العلوي 15ماي 2012 موقع صحيفة افكار معاصرة استهلال كان لابد أن يحتجب عنا المفكر الموسوعي الاستاذ عبد الله العروي حتى يتحفنا بآرائه في السياسة و يعرج بنا عبر دهاليزالتاريخ؛ فالفكرة الواحدة عنده قد تحيلك الى فصل في كتاب أو بحث اكاديمي و ربما تكون لها اٍمتدادات في المنظومة الفكرية التي بنى عليها مشروعه الفكري . و لعلي لا أجانب الصواب اٍذا اعتبرت نصوص العروي ؛سواء اكاديمية او اٍبداعية أو في شكل حوارات ؛ذات ثقل معنوي في الخطاب الفكري المعاصر وذلك لموقع صاحبها في الجدال الواقع حول الحداثة و التراث. 1 ارهاصات المغرب الكبيرعند العروي لقد تم التئام شمل وزراء خارجية المغرب الكبير في فبراير 2012بعد سنوات من الغياب المبررلبث الحياة في جسم الاتحاد المغاربي. و صرح رئيس تونس بأن هذه السنة هي عام المغرب العربي الكبير؛فهل هناك معطيات موضوعية تلح على السير في هذا المنحى؟ فلقد كانت هناك تجارب قبلية باءت بالفشل و كان الاستاذ عبد الله العروي حاضرا و شاهدا بحكم الموقع الاكاديمي كمؤرخ او كمبعوث للملك الحسن الثاني لشرح ابعاد و اهداف معاهدة الاتحاد العربي الافريقي مع ليبيا.و بتمثله للتاريخانية الهادفة الى كشف قوانين التطور والتغير الاجتماعي و تفهم للتبدلات الحضارية الكبرى يصرح بأن الفكرة والرغبة في اٍقامة المغرب الكبير لازالت حلم طوباوي اٍذ لازالت العوامل الذاتية و الموضوعية قائمة لنسف أي محاولة هادفة ؛فالتجانس الفكري و النفسي و كذا الطموح السياسي لا يوجد على مستوى القاعدة كشعب و هي الاهم عنده من اي ائتلاف نخبوي .زد على هذا ربطه مستوى الأمية هبوطا و صعودا في تحديد مدى الرغبة في الاتحاد و التجانس مع الاخرين ؛فبزيادة الأمية يكون قبول الاٍندماج اكبر و بزيادة التعليم يتم ادراك التميز .فالرؤية الموحدة لديه لم تكن ابدا اندماجية بل كان يطبعها الامل و الحلم الذي لم يدافع عليه؛اذن هنا الاستاذ العروي كان وفيا لافكاره و منهجه الواقعي .فحسب متابعتي لانتاجه الفكري يمكن الجزم بأن ايمانه العميق بالحرية جعله يربط بين امتداد الدولة و شموليتها و نقص هامش الحرية وبالتالي ينحى منحى المتشائم من الاتحاد بين بلدان المغرب الكبير ؛فبرغم المشترك اللغوي و العرقي و اللغوي وحتى بتوافر الارادة السياسية التي عبر عنها الخطاب السياسي عند نخبة ما بعد حراك 2012 فلا اتحاد بدون فهم الخصوصية في سياقها التاريخي ؛فالاندماجية السياسية بالمفهوم الكلاسيكي لم يحن وقتها الان ؛لكن من الممكن الحديث عن مقدمات اقتصادية و تجارية تخلق دينامية معتبرة على مستوى حركة الاشخاص و الخدمات ؛ويبقى اذن الهاجس الذي يحرك عقل عبد الله العروي على هذا المستوى هو مناعة الدولة بانتاج ثقافة متكاملة مع روح العصر.فالتاريخانية عند الاستاذ تفرض عليه تأمل البدايات و الوقوف عندها لتأويل صحيح للدوافع و الاهداف و اعطاء الحدث حقه من التدبر و استخلاص الاستنتاجات سابقا و لاحقا. و لابد في نفس السياق من التعريج على مسألة الصحراء المرتبطة عضويا بالمجال الجيوستراتيجي للمغرب الكبير ؛فالأستاذ يبني خلاصاته على ما انتجته الظروف النفسية و الثقافية داخل الدولة القطرية مع الاحتفاظ باللبنات المكونة لمشروعه الفكري؛فالمسيرة الخضراء كانت كمنبه قوي يخترق البنية الثقافية و التركيبة النفسية للمغربي و احساسه بانتمائه و خصوصيته .فالتهديد للوجود الفيزيقي و القومي يعلي من منسوب الاٍنتماء عند المغربي و هذا ما جعل موقف المغرب غير مفهوم عند الاخرين كتاريخ و ممارسة و بالتالي اتخدت الجزائر مسألة الصحراء كذريعة للضغط و المناورة ولابد من اقتباس ما قاله الاستاذ العروي في كتابه الموسوم بمجمل تاريخ المغرب ؛ (بانه يصح القول لولا الموحدون لما ذكر المغرب في سجل الامجاد كقوة مستفلة و فاعلة ؛وبقيت الدولة المومنية على مر العصور في الذاكرة مثل الشوكة و القوة والوحدة.. ) ولابد من الاشارة الى ان العقدة النفسية لدى الجزائر من هيمنة المغرب تعتبر محرك ذاتي لتقويض اي محاولة للاتحاد. 2النظام السياسي المغربي آفاق و تحديات من الممكن ان تختلف مع الاستاذ عبد الله العروي او تتفق مع طروحاته و هذا بديهي ؛لكن لا يسعك الا ان تقرأ انتاجه الفكري سواء ابداعي او تنظيري و تخرج بخلاصات تثري الابجدية المعرفية لديك و هذا في حد ذاته مكسب مهم.و الحوار كاعلى المهارات التواصلية و التوظيف الذكي للمخزون الثقافي و التجربة الانسانية اراد الاستاذ ان يجعل منه منبرا لتمرير الخلاصة و النتيجة التأملية. فعندما يصرح بان محاولات فهمه للنظام le système تجعله يقع في لحظة الاندهاش وبالتالي يخلص الى ان اللامتوقع هو ما يصنع التاريخ ؛و باعتبار النظام مجموعة عناصر تشكل الكل المرتبط ببعضه البعض فلا شك ان صناعة التاريخ عنده قد انتظم فيه ما هو اجتماعي و سلوكي و مؤسساتي .و عندما اقول ان الكلمة عند الاستاذ لها وضعها الدلالي و السياسي فالاندهاش نقرأه كحالة ايجابية لانه لم يوظف مصطلح الاستغراب كحالة سلبية ؛ فالتعجيب او الاندهاش يتم حينما نكون أمام حدث يترك أثرا إيجابيا على نفسية المتلقي؛ولأن المتعجب منه هنا هو اتخاذ القرارات فهو مستحسن يثير الاندهاش .وهذه القرارات هنا تخص الملك الحسن الثاني بمختلف مظاهرها كخطاب سياسي من اجل التهدئة او خطاب سياسي من اجل التنفيس عن ازمة داخلية يمر بها النظام نفسه؛ او يمكن ان يكون تعديلا دستوريا او رفض قوانين محل نقاش او تأجيل توقيع قوانين او ابرام معاهدات اواتفاقات كذلك من الممكن ان تكون قرارات تعيين في مناصب عليا او اقالات منها .فالملكية حسب رأيه خرجت من تجربة الاستعمار و دخلت غمار الاستقلال و ما رافق ذلك من أزمات سياسية شكلت الاداة القانونية و الاجرائية في اتخاذ القرارات و المواقف الموسومة بالحذر.و الدولة الملكية اتسمت بمسار تاريخي معين لم يزدها التطور اللاحق الا رسوخا معترفا بخصوصياتها . وبما ان الفكر العروي متسم بالارتباط بالمفاهيم فلا حرية عنده الا داخل الاطار المؤسس للدولة ؛و الحرية تكون عقلانية و مسؤولة و الدولة ديمقراطية و حديثة .و سؤال المؤرخ العروي عن تطورالنظام في اطار الدولة القائمة مؤكدا على أن السلطة الملكية ضامن اساسي للاستقرار؛و باعتبار العلاقة بين الشأن السياسي و الشأن الديني من العلاقات المعقدة في تاريخ الافكار و الوقائع و تماشيا مع حالة الاندهاش التي لازمت الاستاذ العروي ؛ فهويعترف للنظام السياسي بامكانيته التفريق بين ما هو سياسي و آخر ديني في اطار الادماج في اطار قواعد اللعبة السياسية المشروطة.و ذلك بدعم الملكية الدستورية وتقوية الاجماع على مكانتها سياسيا ودينيا من اجل الاستقرار السياسي و الاجتماعي؛و يؤكد بان السلطة الدينية مجال احتكاري للملكية توظفه رمزيا و دينيا و سياسيا حتى لا يُستغل سياسيا من فصيل دون آخر .وبالتأكيد على دعم سياسة الجهوية التي سيكون لها النفع الاقتصادي و الاجتماعي و ايضا الثقافي اذ لا مجال للتنمية بدون ادماج العوامل المؤثرة في الانطلاقة الاقتصادية الجهوية و تسوية المشاكل المتعلقة بالهوية الوطنية.
***** عن موقع افكار معاصرة الاحد 22 شتنبر 2013 |
|||
الثقافة العالمية والثقافة المعولمة * عبد السلام بنعبد العالي
على عكس الرؤية الميتافيزيقية التي تفترض فكرًا كونيًّا يتعالى على الأحقاب التاريخية والفروق…