مركز راشيل كوري الفلسطيني لحقوق الانسان ومتابعة العدالة الدولية » |
|
|||
السياسة الاقتصادية لصندوق النقد الدولي تاريخ النشر : الجمعة 06-09-2013 مركز راشيل كوري- المبحث الأول ما سيجري ادعاءه من تحويل صندوق النقد الدولي الى مؤسسة “ديمقراطية” هو في الحقيقة طريقة لضمان أن تستمر غالبية فقراء العالم بلا كلمة مسموعة، فرغم أننا نلمح في أكثر ديكتاتوريات العالم قوة بادرة تغيير، وتبدو الإصلاحات، شأنها في ذلك شأن معظم تنازلات الأنظمة الدكتاتورية، مهندسة لا لإحداث المزيد من التغيير، بل لمنع حدوثه، إذ يأمل النظام عن طريق زيادة طفيفة في أسهم (ومن ثم سلطات تصويت) الصين وكوريا الجنوبية والمكسيك وتركيا، شراء واسترضاء وتمتلك بريطانيا وألمانيا وفرنسا واليابان 22% تتقاسمها فيما بينها، ولكل واحدة مقعد دائم في مجلس الإدارة وبترتيبات غريبة تسمح للدول الثرية بالكلام نيابة عن الدول الفقيرة، تمتلك كندا وإيطاليا سيطرة فعالة على 8% إضافية، البلدان الأوروبية الأخرى قوية بشكل ملحوظ أيضا، مثل بلجيكا على سبيل المثال، فهي مخولة بنسبة 2,1% من الأصوات وسيطرة غير مباشرة على 5,1%، أكثر بضعفين من حصة الهند أو البرازيل• وتشكل حصص أوروبا واليابان وكندا والولايات المتحدة ما مجموعه 63%، وفي مقابل هذا يتقاسم 80 بلدا هي الأفقر في العالم فيما بينها 10% فقط( ) • البلدان السبعة –مع روسيا– في صندوق النقد الدولي وعدت بحماية العالم في قمة الدول الكبرى الثماني في العام 2005، وتحتفظ عصبة السبعة بسيطرتها بالإصرار على أن كل دولار يشتري صوتا• فكلما كبرت كانت الحصة المخصصة للبلد أكبر، كلما كان لديه المزيد مما يقوله بشأن إدارة الصندوق، وهذا يعني أن الصندوق تديره البلدان الأقل تأثرا بسياساته( ) حيث أن هذه السلطة، من حيث المبدأ، من المفترض أن يوازنها شيء ما يدعى “الصوت الأساس“، وهي 250 سهما (تمنح حق تصويت بقيمة 25 مليون دولار) مخصصة لكل عضو، ولكن في الوقت الذي ارتفعت فيه قيمة حصص البلدان الثرية منذ تأسيس الصندوق في العالم 1944، فإن الأصوات الأساسية لم ترتفع، بل انحدرت من %11,3 جملة الى %2,1 • وتظهر ورقة متسربة أوصلتها الى منظمة باهرة تدعى “مشروع بريتون ودوز” (كل شيء نعرفه عن صندوق النقد الدولي يجب أن يكون تسريبا) إن الصندوق ينوي أن “يدمقرط” نفسه “على الأقل بمضاعفة” الصوت الأساس، وهذا يرتب كل شيء، وعندئذ سيكون 80 بلدا من البلدان الأكثر فقرا في العالم قادرة على حيازة نسبة 0,9% مقسومة بينها، وحتى هذا التنازل المثير للشفقة لم يحدث إلا بعد أن أقدم الأعضاء الأفارقة على مخاطرة سياسية بأن عارضوا علنا عروض الصندوق• ولا شك أن الولايات المتحدة الأمريكية تعيد حاليا النظر في مكانتهم التجارية( ) • ولا شيء من هذا سيكون ذا شأن كبير لو أن الصندوق التزم بتفويضه الأصلي، أي ضمان استقرار نظام النقد الدولي، ولكن منذ انهيار اتفاقية “بريتون وودز” في العام 1971، فقد الصندوق على أقل تقدير رسالته في الحفاظ على سعر الصرف، وبدأ يبحث عن دور جديد• فحين نقح مواد نظامه، كما تظهر دراسة للبروفيسور دانيال برادلو، في العام 1978 كانت عائمة وبالغة الضبابية الى درجة أنها سمحت لصندوق النقد الدولي بالتدخل تقريبا في أي جانب من جوانب الحكم في أي بلد، وفقد الصندوق تأثيره على سياسات الدول الكبرى السبع الاقتصادية، وأصبح بدلا من ذلك نائب العالم الثري، المسيطر بتوصياته وأوامره على الأمم الأفقر، وبدأ بإدارة أدق تفاصيل اقتصاداتها من دون الرجوع الى الشعب، أو حتى الى حكومات، ومنذ ذلك الوقت، لم يحتج أي بلد ثري الى خدماته، وقلة من البلدان الفقيرة استطاعت الإفلات منه ( ) • كما إن انخفاض سرعة عملية التنمية في افريقيا فيها يعود إلى إن الدول الغريبة تتحكم في نشاطات المؤسسات المالية في العالم ومنها صندوق النقد الدولي الذي يضع قيوداً صارمة على قروضه للدول الافريقية النامية كنصائحه التي تتضمن( ): هذه السياسات الكلاسيــكية أصبحت عنواناً تضعه المؤسسة الدولية على كل طلب يقدم من أي دولة نامية أيا كانت أوضاعها الاقتصادية والمالية والسياسية والاجتماعية ويعتقد خبراء الصندوق أن اتباع الدول لنصائحهم السابقة سوف يحقق زيادة في الصادرات وبالتالي زيادة موارد الدولة من النقد الأجنبي، كذلك خفضاً في الواردات، وبالتالي مدفوعات الدولة من هذا النقد والنتيجة أن ما سبق سيحقق نقصاً في عجز ميزان المدفوعات و تعادلاً في هذا الميزان، ، فالنسبة لميزان المدفوعات فأن الهدف من تخفيض العملة لزيادة الصادرات، وخفض الواردات الضرورية للحياة كلاهما غير مرن ولن يستجيب على الإطلاق، فالإنتاج الزراعي بطبيعته إنتاج غير مرن على الأجل القصير، وفي معظم الدول الافريقية الناميةوهو إنتاج غير كاف، لمواجهة الاستهلاك المحلي، وبالتالي لن يلعب دوراً كبيراً أو صغيراً في زيادة الصادرات، واعادة التوازن لميزان المدفوعات( ). وإذا انتقلنا إلى قطاع التصدير التقليدي للبلاد، الذي يتمثل غالباً في منتج زراعي، أو منتج حيواني، أو منتج تحديثي وحيد، فان تخفيض العملة الوطنية إزاء العملات الأجنبية لا يشجع على زيادة الصادرات فبجانب أن العرض غير مرن كما ذكرنا فان الزيادة في حجم الصادرات ـ إن حدثت… لن تؤدي إلى زيادة موارد النقد الأجنبي للبلاد كما كانت عليه قبل التخفيض ،فمثلاً عندما اضطرت الصومال إلى خفض عملتها من 25/6 شلن للدولار من اللحوم لم تتضاعف مرتين ونصف لتحافظ على مواردها السابقة من العملة الأجنبية. بل أن هذه الموارد نقصت عما قبل واضطرت البلاد إلى قبول تخفيضات أخرى بلغت ثلاث مرات في خلال سنتين فقط وبالطبع أدى التخفيض كما هو متوقع في الصومال ـ وغيرها ـ إلى تزايد الأسعار ومضاعفتها اكثر من تخفيض العملة (وبين ليلة وضحاها ارتفعت أسعار تذاكر الطيران والإقامة بالفنادق إلى نحو 3 أمثال …) فتخفيض العملة الوطنية عموماً لا يؤدي إلى زيادة تكلفة استيراد الضروريات، كما أن تجميد الأجور وخفض الإعانات للمستهلكين مما أضاف أعباء إضــافية على أصحاب الدخل المحدود لنقص دخولهم الحقيقية ولا يخفى ما لذلك من مساوئ اقتصادية تعيق من رفاهيتهم الاجتماعية وتؤثر على وضعهم بالنسبة للطبقات الأخرى، ومساوئ سياسية نتيجة للاضطرابات والإضرابات والقلاقل التي يمكن تتعرض لها بل وتعرضت لها دول كثيرة أخذت باقتراحات صندوق النقد الدولي ( )، وبالنسبة إلى رفع سعر الفائدة على المدخرات المحلية بهدف زيادتها والحد من التضخم النقدي، فأن المدخرات الشخصية (أي الفردية) بسيطة في الدول الافريقية النامية فضلاً عن أن الانكماش يقع عبئه على المشروعات الوطنية التي لن تواجه فقط بارتفاع تكلفة التمويل لندرته، بل وأيضاً بارتفاع في تكلفة المستورد من راس المال (تمويل) ومعدات ومواد خام، مما قد يؤدي إلى الحد من نشاطها وإلغاء أي خطط للتوسع في إنتاجها مؤدي ذلك أن الادخار الفردي وادخار قطاع الأعمال كلاهما يتأثر سلبياً وليس بالزيادة كما يعتقد خبراء الصندوق. وتجدر الإشارة هنا أن زيادة الإنتاج المحلي بسبب هذا الاستثمار لن يكون بديلاً للواردات، إذا كان قطاع التعدين هو القالب كما انه لن يكون بديلاً للواردات بنسبة 100% ولو حدث انه تم في نشاطات أخرى، والخلاصة انه من الأجل المتوسط و الطويل أن لم يحدث تحويل لرأس المال الأجنبي إلى ملكية وطنية فان مشكلة ميزان المدفوعات تتفاقم اكثر من أن تحل وهناك ما أشرنا إليه المديونية للدول الغنية للدول الافريقية طريق وعر محفوف بالمشاكل الاقتصادية الضائعة دائماً( ) . كما أن هناك علاقة بين صندوق النقد الدولي، ومسألة الديون وإعادة هيكلتها أو إلغائها، والنسبة المئوية من المساعدات التي قررتها الدول الصناعية الثمان لدعم الدول الافريقية الناميةبالنهوض باقتصادياتها والقضاء علىالفقر، لكن أي مشروع جدي لمواجهة ظاهرة الفقر لن يكتب له النجاح ما لم يدرس حالة كل دولة على حدة، ومن ثم يتصدى ضمن مشروع إقليمي جماعي لمواجهة هده الظاهر ة. فأسباب الفقرفي الدول الافريقية النامية ليست متماثلة في كل الدول ، وقد تسببت هذه مشاكل في زعزعة الاستقرار في بعض تلك البلدان . وارتبطت كثيرمن تلك المشاكل بمشاريع التقشف التي فرضها البنك الدولي على الحكومات المعنية بالمديونية، والتي شملت رفع الدعم الحكومي علىالسلع الغذائية والإستراتيجية والوقود للتصدي لظاهرة الفقر، ومن ثم تسوية مشكلة الديون، وعدم تدويرها، بما يضاعفها ويصل بها إلى أرقام فلكية بسبب تضخم المبالغ وتضاعف نسبة الأرباح عليها. لقد فشلت جميع النماذج الاقتصادية التي تم تطبيقها في إفريقيا في تحقيق أهدافها، فالسياسات التنموية التي انتهجتها النظم السياسية الإفريقية على اختلاف توجهاتها الأيديولوجية أفسحت المجال بشكل تدريجي أمام سياسات التكيف الهيكلي. ومع ذلك فإن برامج التكيف ليست دواءً سحريًا؛ حيث إن كثيراً من الدول التي طبقت تلك البرامج عانت من الكساد الاقتصادي، وتكريس وضعية التخلف وعدم الاستقرار السياسي والصراع الاجتماعي. ومع اشتداد حدة الفقر انتشرت عمليات تعاطي المخدرات والدعارة في كثير من أنحاء القارة وارتفعت معدلات الجريمة وانتشار مرض الإيدز.
المبحث الثاني وإذا أردنا أن نوازن بين بمنظمتي بريتون وودز هما : صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للتعمير والتنمية ، نسبة إلى المدينة الأمريكية التي اتفق فيها على إنشاء المنظمتين المذكورتين وبين منظمة التجارة العالمية، فإننا نجد أن هاتين المنظمتين توافقان منظمة التجارة العالمية في أمور منها : ويفترقان عنها في أمور منها ما يلي ( ) : خاتمة الدراسة
*****
عن مركز راشيل كوري الفلسطيني لحقوق الانسان ومتابعة العدالة الدولية » الجمعة 20 شتنبر 2013
|