الكارثة في سورية: 7 ملايين يحتاجون إلى المساعدة
صحيفة الحياة
لندن، الكويت، نيويورك، جنيف، دمشق – «الحياة»، رويترز، أ ف ب – وصلت سورية أمس إلى شفا كارثة إنسانية تضاف إلى الدمار والخسائر الاقتصادية التي لحقت بالبلاد، في وقت بدأت معركة ديبلوماسية لصوغ مشروع قرار «قابل للتطبيق» حول الترسانة الكيماوية السورية مع زيادة الدعوات إلى ضرورة التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية.
وأكدت منسقة العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة فاليري آموس أمس، أن نحو سبعة ملايين سوري في حاجة إلى مساعدة إنسانية عاجلة، ما يتطلب توفير 4.4 بليون دولار أميركي لهذا الغرض هذه السنة. وقالت خلال مؤتمر في الكويت: «هناك حوالى سبعة ملايين شخص بحاجة إلى مساعدة إنسانية عاجلة، بينهم اكثر من مليوني لاجئ خارج الحدود وأكثر من أربعة ملايين نازح داخل البلاد».
وذكرت آموس أن الأمم المتحدة في حاجة إلى 4.4 بليون دولار لتقديم هذه المساعدات العاجلة في 2013 فقط، وقد تم جمع 1.84 بليون دولار منها حتى الآن. وأشارت إلى مواجهة «مشكلات كبيرة ومستمرة لإيصال المساعدات إلى الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليها»، وذكرت بشكل خاص صعوبات التنقل في مناطق القتال، ومئات الحواجز الأمنية المنتشرة على الأراضي السورية التي تفرض على الآليات التابعة للأمم المتحدة الحصول على إذن مرور مسبق.
وإضافة إلى مليوني شخص مسجلين لدى «المفوضية العليا لشؤون اللاجئين» في الدول المجاورة لسورية، يُعتقد بوجود ضعف هذا الرقم من السوريين غير المسجلين ضمن قوائم الأمم المتحدة.
وفي الأردن، قال موظفو إغاثة وقيادات عسكرية سورية معارضة لـ «الحياة» أمس، إن بعض نقاط العبور يغص بآلاف اللاجئين «بعدما رفضت السلطات الأردنية إدخالهم من دون أن تبدي أسباباً واضحة». وأضافوا أن القرار الأردني «تسبب بكارثة إنسانية على الحدود»، وأن من بين أفواج العالقين «جرحى مدنيين ونساء وأطفالاً، إلى جانب طاعنين في السن يعانون من نقص الغذاء والدواء». وقال أحد مسؤولي المعابر في «الجيش الحر» علي الرفاعي لـ «الحياة»، إن أكثر من 10 آلاف سوري عالقون قرب الحدود السورية-الأردنية.
وكانت المديرة التنفيذية لـ «برنامج الأغذية العالمي» إرثارين كازين قالت لوكالة «رويترز» في بروكسيل، إنه «بسبب الأزمة المتفاقمة تأثرت المنظومة الزراعية بشدة وتواجه سورية الآن صعوبات في شراء الأغذية من الأسواق الدولية. نحن نراقب الموقف عن كثب لأنه إذا زادت هذه الصعوبات فقد ترتفع أعداد المواطنين الذين يحتاجون مساعدة من برنامج الأغذية العالمي داخل سورية».
ويقدم البرنامج حالياً مساعدات غذائية لنحو ثلاثة ملايين شخص داخل سورية إضافة إلى 1.2 مليون لاجئ في دول عدة، من بينها الأردن ولبنان ومصر وتركيا والعراق. وتبلغ التكلفة الإجمالية لتلك المساعدات نحو 30 مليون دولار أسبوعياً.
وفي دمشق، حذرت ممثلة «منظمة الصحة العالمية» إيزابيل هوف، من أن نقص الأدوية في ظل استمرار النزاع في سورية أمر «في غاية الخطورة». وقالت لوكالة «فرانس برس» إن معامل الأدوية «أصبحت تنتج بين 20 و30 في المئة فقط من حاجة السكان بعد أن كانت تغطي نحو 90 في المئة منها».
وتوقف نحو 18 مصنع أدوية من أصل 73 عن الإنتاج في سورية، بسبب تضررها في أعمال العنف أو لصعوبة الوصول إليها نظراً لتردي الحالة الأمنية على الطرق، أو عدم تمكنها من استيراد المواد الأولية الضرورية للإنتاج بسبب العقوبات الغربية.
في هذا الوقت، أكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لـ «الحياة»، أن «واقعية إلزام التنفيذ» لقرارات مجلس الأمن «تتطلب مبادئ توجيهية بموجب الفصل السابع» من ميثاق الأمم المتحدة. وشدد في أعقاب مؤتمر صحافي عقده أمس على دعمه تبني مجلس الأمن قراراً «ملزماً وقوياً» في شأن الملف الكيماوي. واعتبر إن إصدار قرار «تحت الفصل السابع هو الأكثر فعالية» ليكون إجراء ملزماً، بالرغم من أن «جميع قرارات مجلس الأمن من حيث المبدأ ملزمة قانوناً».
وجاء كلام بان في وقت انتقلت المعركة الديبلوماسية في مجلس الأمن بين الدول الغربية وروسيا لتتركز على تطبيق الاتفاق الروسي-الأميركي حول تفكيك الترسانة الكيماوية السورية، وعنوانها الأساس الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يفرض على الدول التقيد بقرارات المجلس وإلا تعرضت لإجراءات رادعة قد تبدأ بفرض عقوبات وتصل إلى استخدام القوة.
وقال بان إن «تقرير لجنة التحقيق الدولية أثبت حقائق علمية مروعة وبالتالي يجب ألاّ يتم التعامل معها وكأنها أمر عادي»، مشيراً إلى «حالات عدة حصلت في السابق لم يتم فيها الامتثال لقرارات مجلس الأمن، ما يعني ضرورة التحرك سريعاً ومن خلال قرار قوي وملزم». وأضاف إن إعلان الحكومة السورية الانضمام إلى معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية «تترتب عليه واجبات صارمة، وعلينا أن نتأكد من عدم وجود أي تراجع في رفض استخدام أي أسلحة كيماوية أو أسلحة دمار شامل كوسيلة حرب وهذا مبدأ أساسي».
ووصف عملية تأمين وتدمير الترسانة الكيماوية بأنها معقدة قد تستغرق وقتاً طويلاً، لكنه أضاف أن «الفترة يمكن تقصيرها» إذا توافرت «الإرادة السياسية». وأعرب عن اعتقاده أن بالإمكان التوصل إلى وقف إطلاق نار موقت أثناء عملية تدمير الأسلحة على نسق ما حدث خلال زيارة لجنة التحقيق إلى سورية. وشدد مجدداً على ضرورة إجراء المحاسبة لتحقيق العدالة إذ لا مجال للإفلات من العقاب.
وافتتحت الدول الغربية الدائمة العضوية في مجلس الأمن، الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، معركة الدفع نحو مشروع قرار «يصدر تحت الفصل السابع ويلزم سورية تطبيق الاتفاق لتفكيك الترسانة الكيماوية»، وفق ديبلوماسيين معنيين. ودعت الدول الغربية الثلاث أمس إلى اجتماع للدول الخمس الدائمة العضوية لتبحث مع روسيا والصين «للمرة الأولى منذ اتفاق جنيف» مشروع القرار الجديد «الذي يستند إلى المشروع الفرنسي الذي نوقش الأسبوع الماضي مع إضافة فقرات تدعم تطبيق الاتفاق الروسي الأميركي».
وأوضح ديبلوماسيون معنيون أن مشروع القرار الغربي الجديد «تحت الفصل السابع وينص على إحالة الجرائم في سورية إلى المحكمة الجنائية الدولية ويتضمن آلية إنشاء لجنة متخصصة في الأمم المتحدة لمتابعة عملية نزع السلاح الكيماوي السوري»، لكن ديبلوماسيين قالوا إن «المناقشات قد تكون طويلة ومعقدة» وإنها بانتظار قرار المنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيماوية في لاهاي أواخر الأسبوع الحالي، على أن تبدأ فعلياً الأسبوع المقبل.
ولم تسفر جلسة محادثات مطولة عقدها أمس في موسكو الوزير الروسي سيرغي لافروف مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس عن تقليص هوة الخلاف. وباستثناء كلام عام عن «اتفاق على أن الأهداف النهائية هي الوصول إلى تسوية سياسية للصراع في سورية، وإغلاق ملف السلاح الكيماوي نهائياً»، بدا الخلاف واضحاً في كل التفاصيل الأخرى، وهو أمر عكسه حديث لافروف عن «اتفاق على الاستراتيجية وخلاف في التكتيكات وسبل الوصول إلى الهدف النهائي».
واعتبر الموفد الدولي والعربي الأخضر الإبراهيمي أن عقد مؤتمر «جنيف-2» يتطلب توافر «إرادة سياسية فعلية وصلبة» لدى الأطراف المعنيين. وقال في مقابلة مع تلفزيون «آر تي أس» السويسري، إن «المشكلة لا تكمن في البدء بالمؤتمر، المشكلة في أن نكون واثقين من وجود إرادة فعلية وصلبة لدى الأطراف المعنيين». واكد أنه سيلتقي في 28 الشهر الجاري في نيويورك وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي في محاولة لتحديد موعد لهذا المؤتمر.
*****
عن صحيفة الحياة
18 شتنبر 2013