المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية: ‘مدن بدون صفيح’ فرصة لخلق فرص العمل والثروة في المغرب.
العرب الالكترونية [نُشر في 13/09/2013]
اهتمام ملكي بتوفير السكن اللائق
الرباط ـ أعطى العاهل المغربي الملك محمد السادس الخميس إشارة الانطلاق لعملية إعادة إيواء آلاف الاسر من سكان دور الصفيح في مدينة الدار البيضاء، وذلك ضمن برنامج ضخم للقضاء على هذا النوع من السكن في مدينة الدار البيضاء الكبرى.
وفي إطار المشروع المندمج “ازدهار” الذي رصد له غلاف مالي إجمالي قدره 240 مليون درهم، أذن الملك محمد السادس بإعادة إيواء 400 أسرة من سكان دور الصفيح بمنطقة دوار العطور في حي كاليفورنيا بالدار البيضاء.
وتقول السلطات المغربية إن هذه العملية، تعكس العناية الموصولة التي ما فتئ العاهل المغربي يحيط بها الفئات الاجتماعية الهشة، وذلك من خلال تمكينها من الحصول على سكن لائق بشروط تفضيلية وضمن إطار عيش أفضل.
وسبق وان أكد محمد نبيل بنعبد الله وزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة٬ أن المغرب حقق ما يفوق 70 في المائة من مجمل أهداف برنامج “مدن بدون صفيح” الذي انطلق سنة 2004.
وأوضح بنعبد الله في كلمة خلال افتتاح ندوة دولية نظمها وزارة السكنى والتعمير وسياسة المدينة٬ بشراكة مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية٬ وتعاون مع وزارة الشؤون الخارجية والتعاون٬ حول موضوع “القضاء على دور الصفيح: تحدي عالمي لسنة 2020″٬ أن المغرب خاض٬ ولا يزال٬ تجربة مهمة في مجال محاربة السكن غير اللائق٬ من خلال برنامج “مدن بدون صفيح”٬ الذي يهدف إلى تحسين ظروف عيش ما يناهز مليون و800 ألف نسمة في 85 مدينة٬ بدعم من الدولة٬ وتكلفة اجمالية ستصل إلى 25 مليار درهم٬ مشيرا إلى أن هذا البرنامج مكن من تحسين ظروف عيش أزيد من مليون نسمة٬ أي ما يزيد عن 55 في المائة من الأسر المعنية٬ كما أنه تم الإعلان عن 45 مدينة بدون صفيح.
وتعدّ مدن الصفيح بالدار البيضاء نتيجة مباشرة لهجرة سكان الريف في الثمانينات تحت تأثير موجة جفاف غير مسبوقة ضربت المنطقة ودفعت الآلاف من ابنائها إلى الاستقرار في الدار البيضاء وضواحيها.
وتندرج هذه العملية في إطار برنامج واسع النطاق يروم كذلك اجتثات دور الصفيح في أكثر من تجمع سكني عشوائي وذلك من خلال تهيئة وإعداد 623 مكانا لإعادة إيواء 1246 أسرة من قاطني دور الصفيح، بغلاف مالي إجمالي قدره 77 مليون درهم.
ويساهم صندوق التضامن للسكن في هذه العملية بما قدره 31.1 مليون درهم.
ويتم إنجاز مختلف عمليات إعادة إيواء متساكني دور الصفيح بالدار البيضاء الكبرى في إطار المشروع المندمج “ازدهار” الذي خصصت له مساحة تقدر بـ40 هكتارا والذي تشارف أشغال إنجازه على الانتهاء.
ويسعى هذا المشروع المندمج كذلك لبناء 1129 مسكنا اجتماعيا (250 ألف درهم للوحدة)، و75 مسكنا منخفض التكلفة (140 ألف درهم للوحدة)، و110 محلا تجاريا، فضلا عن تهيئة 13 وحدة مخصصة لاحتضان تجهيزات عمومية للقرب وأنشطة اقتصادية.
وسيستفيد من برنامج اجتثاث دور الصفيح بجهة الدار البيضاء الكبرى نحو 46 ألف أسرة.
ويقوم برنامج اجتثاث دور الصفيح على مقاربة شاملة، تتمثل ركائزها الأساسية في تبني نموذج إعادة الإيواء حسب البقع الأرضية مزدوجة الأسر، بغية الاستجابة لـ95 بالمائة من الأسر اختارت هذا الصنف من السكن، في حين تمت برمجة 5 بالمائة المتبقية ضمن عمليات إعادة الإيواء.
ويهدف البرنامج، إضافة إلى عملية “الازدهار” إلى إنجاز 12 عملية لإعادة إيواء 43 ألف و756 أسرة، على مساحة أرض تبلغ إجماليا 630 هكتار، بعد أن تم في مرحلة سابقة إعادة إيواء 2164 أسرة.
وبالتوازي مع هذه المجهودات الضخمة لتحسين الأوضاع المعيشية لسكان دور الصفيح بالدار البيضاء، تعمل السلطات المغربية على تشجيع هؤلاء السكان للعودة الى قراهم بعد أن انهى المغرب طيلة السنوات الماضية، إنجاز أكبر شبكة سدود مائية في شمال أفريقيا تستطيع أن تؤمن نسبة كبيرة من حاجات الري وتحلّ بشكل جذري أي أزمة جفاف قد تحل بهم مرة أخرى.
محمد نبيل بنعبد الله: المغرب حقق ما يفوق 70 في المائة من مجمل أهداف برنامج “مدن بدون صفيح”
وأضاف وزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة أن هذا البرنامج مكن من تقليص دور الصفيح وسط الساكنة الحضرية من 8،2 في المائة سنة 2004 إلى 3،9 في المائة خلال سنة 2010٬ التي شهدت تتويج جهود المغرب٬ في هذا المضمار٬ وعن جدارة واستحقاق تبعث على الاعتزاز٬ بالجائزة المسلمة من قبل برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية.
وقال إنه “على الرغم من النتائج الجيدة المحققة حتى الآن٬ والإرادة القوية لإنجاز الأهداف الكمية والنوعية المتوخاة٬ أظهرت التقييمات المتوالية لبرنامج مدن بدون صفيح على أنه لا تزال هناك إكراهات معرقلة٬ تتصل أساسا بالتعاقد واحترام الالتزامات٬ وبتتبع البرنامج وتقييمه٬ وذلك رغم إحداث مجموعة من الأجهزة المختصة في هذا المجال٬ بحيث يصعب ضبط تزايد الأسر القاطنة بالأحياء الصفيحية٬ إضافة إلى بعض الإشكاليات المرتبطة بتعميم مقاربة المواكبة الاجتماعية للأسر المعنية بالبرنامج”.
وأبرز بقوله “أن أسطع مثال على تزايد اهتمام المغرب بهذا الموضوع٬ يتمثل في التوجه نحو نهج (سياسة المدينة)٬ التي حدد البرنامج الحكومي إطارها وأولوياتها٬ ووضعت لها مرجعية مشتركة انبثقت من حوار وطني واسع ٬بمشاركة مختلف الفاعلين والشركاء”.
موضحا أن هذه السياسة جديدة٬ وإرادية٬ وتهدف إلى جعل المدن والمراكز الحضرية فضاءات قادرة على إنتاج الثروة وتحقيق النمو٬ وضمان الإدماجية٬ وتقوية الاندماج المجالي والتماسك الاجتماعي٬ فضلا عن تقليص الفوارق الحضرية ومحاربة الإقصاء٬ وتعزيز إلتقائية البرامج القطاعية٬ في إطار تنمية مستدامة ومندمجة للمجالات الحضرية وامتدادتها الضاحوية والقروية.
وأشار إلى أن تنمية المغرب وإكسابه المكانة اللائقة به في ظل العولمة والانفتاح٬ يتوقف على مدى تنمية المدن وتطوير طاقاتها التنافسية٬ وتعزيز قدرتها على أن تهيء لساكنيها وباقي مستعمليها فضاءات استقطابية جذابة٬ وإطار عيش جيد٬ مع المحافظة على متطلبات النمو المستدام.
ومن جهته أشاد المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية “موئل الأمم المتحدة”٬ خوان كلوس٬ ٬ بالتجربة المغربية الناجحة في هذا المجال والتي مكنت من جعل برنامج “مدن بدون صفيح” فرصة لخلق فرص العمل وخلق الثروة.
وأضاف أن عدة عوامل ساهمت في نجاح التجربة المغربية٬ من بينها إرادة الحكومة والتزامها السياسي٬ ووضع سياسة متماسكة ومتكاملة مع غيرها من السياسات التي تؤثر على القضايا الحضرية٬ إلى جانب تحسين الإطار المؤسساتي.