المعارضة تلجأ للتصعيد وتهدد بالإضراب لفرض استقالة الحكومة
كتلة “وفاء” النيابية تطالب بسحب الثقة من رئيس التأسيسي التونسي
العرب اليوم
الثلاثاء 10 أيلول / سبتمبر 2013
|
المطالبة بإعادة طرح الثقة في البرلمان التونسي
تونس – أزهار الجربوعي
قدمت كتلة حزب “وفاء” البرلمانية التونسية لائحة لسحب الثقة من رئيس المجلس الوطني التأسيسي التونسي مصطفى بن جعفر، التي تزامنت مع قرار عودته إلى قبة المجلس، الثلاثاء، وعقد أول اجتماع لمكتبه، منذ تعليق أعماله، لأكثر من شهر، لسبب الأزمة السياسية التي تعصف في البلاد منذ اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي.
يأتي هذا في حين رحبت كتل ائتلاف “الترويكا” الحاكم بعودة بن جعفر، إيذانا باستئناف أعمال البرلمان التونسي، فيما هدّدت المعارضة بتنفيذ إضراب جوع أمام قصر الحكومة لفرض إقالتها.
وعاد مصطفى بن جعفر إلى التأسيسي وسط حراسة أمنية مشددة، عقب ورود اسمه في قائمة الاغتيالات السياسية، التي أعلنت وزارة الداخلية عن اكتشافها في أحد معاقل تيار “أنصار الشريعة” السلفي الجهادي، الذي حملته مسؤولية التخطيط لسلسلة اغتيالات جديدة، واتهمته بمحاولة قلب نظام الحكم.
وقد قرر رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر، الثلاثاء، عقد الاجتماع الأول لمكتب المجلس، لتحديد جدول عمل هذا الأسبوع.
كما سيتم النظر في إمكان استئناف عمل المجلس الوطني التأسيسي بصفة عادية، بعد غياب دام أكثر من شهر، لسبب تعليق أعماله، بفعل الأزمة السياسية التي فجّرها اغتيال المعارض السياسي محمد البراهمي، في 25 تموز/ يوليو الماضي.
وقد تباينت ردود أفعال الكتل البرلمانية بشأن عودة رئيس التأسيسي بين غالبية الـ”ترويكا” المرحبة بقرار مصطفى بن جعفر، وبين من يحمله مسؤولية تأخر إتمام الدستور، لسبب قراره الفردي بتعليق أعمال التأسيسي، حيث أعلنت كتلة حزب “حركة وفاء” أنها تقدمت رسميًا بلائحة لسحب الثقة من رئيس التأسيسي التونسي، الذي تتهمه بتعليق أعمال أعلى سلطة تشريعية في الدولة، دون أي سند قانوني.
وأكد القيادي في حزب “وفاء” والنائب في المجلس التأسيسي أزاد بادي، في تصريح إلى “العرب اليوم”، أن “بن جعفر لم يكن رجل المرحلة، وأن قراره كان استجابة لإملاءات أجنبية”.
وقد قدمت كتلة “حركة وفاء” هذه اللائحة بالنيابة عن النواب المنسحبين، وذلك وفقًا للقوانين المنظمة للعمل الداخلي للتأسيسي، ووفقا للفصل 27، الذي يتيح سحب الثقة من أي عضو في التأسيسي، حال مخالفته القوانين والتنظيمات، على أن يتم تحديد موعد لجلسة عامة لمناقشة اللائحة.
وفي سياق متصل، رفض نواب المعارضة، الذين جمّدوا عضويتهم في المجلس التأسيسي التونسي عشية اغتيال زميلهم محمد البراهمي، دعوة مصطفى بن جعفر للعودة إلى المجلس.
واعتبر النائب عن الحزب “الجمهوري” إياد الدهماني قرارات المجلس التأسيسي فاقدة للشرعية، ما لم يعلن نواب المعارضة عودتهم، وتتم الاستجابة لمطالبهم، المتمثلة في حل الحكومة، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني.
واستنكر نواب المعارضة عودة رئيس التأسيسي إلى قبة المجلس، التي اعتبروها “رضوخًا لضغوط حركة النهضة الإسلامية الحاكمة لسحب الثقة منه في صورة مواصلة تعليق أعمال التأسيسي”.
وأمام انسداد أفق الحوار بن الحكومة والمعارضة، وتمسك كل طرف بسقف مطالبه المرتفع، حيث ترفض أحزاب الـ”ترويكا” إقالة الحكومة قبل انتهاء المجلس التأسيسي من صياغة الدستور، ووضع القانون الانتخابي، وتركيز هيئة الانتخابات، وهو ما يرفضه بشدة معسكر المعارضة، المتشبث باستقالة فورية للحكومة، التي يتزعمها حزب “النهضة” الإسلامي، في أجل أقصاه أسبوعين.
واتجهت أحزاب “جبهة الإنقاذ” المعارضة نحو التصعيد، حيث هدد عدد من نواب المجلس التأسيسي المنسحبين، بتنفيذ إضراب عن الطعام أمام قصر الحكومة التونسية في القصبة، قبل أن تتراجع عن هذا المطلب بصورة موقتة، استجابة لدعوة المنظمات الوطنية الراعية، التي تلعب دور الوساطة لحل الأزمة السياسية، وهي اتحاد الشغل (كبرى النقابات)، اتحاد الصناعة والتجارة (منظمة رجال الأعمال)، الهيئة الوطنية للمحامين، والرابطة التونسية لحقوق الإنسان.
وقد أكد النائب المنسحب من المجلس الوطني التأسيسي أياد الدهماني “التزام النواب المنسحبين بتفعيل قرار الدخول في اعتصام في ساحة القصبة في العاصمة بالتنسيق مع جبهة الإنقاذ”.
ووسط أنباء عن لقاء سري ثان بين زعيم حزب “النهضة” راشد الغنوشي وغريمه السياسي الباجي قائد السبسي، لحلحلة عقدة الأزمة السياسية، التي عادت إلى نقطة الصفر، أكدت مصادر أن مشاركة السبسي في لقاء جماهيري من تنظيم “جبهة الإنقاذ” المعارضة، لإحياء أربعينية المعارض محمد البراهمي، لم ترق لـ”النهضة”، التي ظنت أن المياه عادت إلى مجاريها مع رئيس الحكومة الأسبق، عقب لقاء باريس، بين الغنوشي والسبسي، الذي جمع للمرة الأولى أكبر قطبين في البلاد، عقب قطيعة دامت أكثر من عام.
ويرى مراقبون أن خطاب السبسي قد أثار حفيظة الحزب الحاكم، حيث قال زعيم “نداء تونس” أمام الآلاف من أنصاره، أن “أيام الحكومة باتت معدودة”، مضيفًا “لن نقبل بهؤلاء الفاشلين من الأن فصاعدًا”، وتابع قائد السبسي “هذه الحكومة لم تجلب سوى الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، عليها الرحيل فورًا، وترك المجال لأطراف تكون أكثر حيادية”.
وقال زعيم المعارضة التونسية أنه “لا شرعية فوق شرعية الشعب”، مؤكدًا أن ج”بهة الإنقاذ على العهد، وملتزمون بكشف من كان وراء عمليات اغتيال الشهداء”، وأضاف قائلاً “سنحقق النصر، والنصر سيكون مبين”، وأكد أن “أعضاء الجبهة متضامنون، وعلى عهدهم لإخراج البلاد من الوضع المتردي الذي آلت إليه بفعل أيادي الحكومة”.
ولم تتأخر حركة “النهضة” الحاكمة كثيرًا في الرد على زعيم “نداء تونس”، حيث أعلن القيادي في “النهضة” ورئيس الحكومة التونسية علي العريض أنه “رئيس لحكومة كل التونسيين، وأنه لن يسلم البلاد للمجهول والفراغ “، في تأكيد جديد لرفض مطلب المعارضة باستقالة فورية للحكومة.
وأضاف العريض “إذا ما دعت مصلحة البلاد إلى استقالة الحكومة فإن ذلك سيكون اليوم قبل الغد، وأنه على أتم الاستعداد للتضحية بكل شيء”، مؤكدًا أنه “إذا تخلى من عرفوا بالسعي إلى توتير الأوضاع، وحماية الذين يقطعون الطرق ومواقع العمل، وضرب الاقتصاد عن طريق كثرة الإضرابات العشوائية، ومنع الإنتاج، وإذا تحلوا بقدر من الموضوعية، وفكروا في المصلحة العليا للبلاد، فلا شيء يصعب أمام الوصول إلى اتفاقات”.
وأوضح العريض “إذا وجد استعداد، كما هو موجود عند الكثيرين للذهاب إلى الانتخابات، والتعامل بالأساليب المدنية السلمية، التي هي سمة الدولة المدنية والديمقراطية، فسنصل بسهولة كبيرة إلى ما يمكن بلادنا من أن تكون آمنة ومستقرة، وقادرة على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، وأن تنجح في هذا الانتقال الديمقراطي، أما إذا غلبت عند البعض نزعة التعطيل، ونزعة تحميل الآخرين كل البلاءات، عوضًا عن التعاون معهم، ونزعة الإقصاء، وتعليق الفشل عليهم، فلن نصل عندها إلى حل”، مجددًا “مراهنته على وعي الشعب التونسي من جهة، وعلى تحلي الغالبية الساحقة من الأطراف بالمسؤولية من جهة أخرى، لتحقيق الاستقرار في البلاد”.
وتبقى أزمة تونس في حاجة إلى “مصباح علاء الدين” لتحقيق أماني الشعب بعيش كريم، بعيدًا عن الاحتقان والتوتر والفوضى الأمنية والسياسية، التي تتجه نحو التصعيد يومًا بعد يوم، منذ ثورة “14 يناير”، التي ظلت يتيمة، ولم يتحقق من استحقاقاتها شيء، باستثناء سقوط نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.
********************
عن الموقع الالكتروني لصحيفةالعرب اليوم
10 شتنبر 2013