هذا المقال لا يتضمن خبراً عن الإخوان المسلمين كما قد يتبادر للوهلة الأولى من العنوان ولكنه اقتراح من كاتب المقال على الإخوان للخروج من الأزمة الحالية التى تختلف عن الأزمات الماضية التى مر بها الإخوان من حيث إنها سقوط من عال، حيث كان الإخوان فى قمة السلطة رئاسة الجمهورية ومجلسى الشعب والشورى، ثم بعد ذلك فى قاع المجتمع السجون والمعتقلات بل والقيود أيضاً وهذا ما يتطلب من القائمين على أمر الإخوان سرعة التدبر وحسن التصرف فى المرحلة المقبلة، وقد قلنا فى مقالات سابقة إن أول أمر يجب فعله هو تغيير القيادات الحالية التى ساهمت بل وساعدت على وصول الأمور إلى ما هم فيه الآن بل امتد الأمر إلى حلفائهم وأصدقائهم فى العمل العام مثل حزب الوسط، الذى لم يعرف عنه ومن رئيسه والقائمين على الأمر فيه استعمال العنف والتحريض عليه.
تغيير قيادات الإخوان المسلمين فى المرحلة الحالية لازم وضرورى للخروج من هذه الأزمة فإذا تم ذلك بالطريق التى تراها الجماعة وحزبها لنفسها، لأن هذا أمر داخلى لا يمكن فرضه عليهم والمهم عندنا هو حدوث هذا التغيير وأول ما يجب على القيادة الجديدة عملة سريعاً، هو أن تعد بياناً تعترف فيه بأخطاء الجماعة فى المرحلة الماضية، والتى أدت إلى مافيه الجماعة والشعب المصرى كله الآن، وأنه قد آن الأوان للخلاص من ذلك والخروج بمصر من هذه الأزمة بإعلان التهدئة فى الشارع ومنع الخروج إلى الشوارع حتى فى المظاهرات السلمية وانصراف الجميع إلى العمل والإنتاج حتى نعوض البلد ما فاتها من خسائر فى المرحلة الماضية، وأعتقد أنه لو أن الحكومة جادة فيما تقول من ترحيبها بمساهمة الجميع فى المرحلة المقبلة دون إقصاء فإنها يجب أن تقابل ذلك بإعلان عن وقف الملاحقات الأمنيه لجميع الإخوان المسلمين وإغلاق كل القضايا السياسية التى تمت للإخوان وأعوانهم، وهنا أعتقد أن كثيراً من الإخوان سيرحبون بذلك، لأن بعضهم بلا شك يشعر بأن هناك أخطاء أرتكبت لا عيب فى الاعتراف بها والتنويه عنها والعدول عنها وهذا ما يقتضيه الخلق الرفيع والتدين السليم، وقد يسأل البعض هل هناك من الإخوان المسلمين ومن قادتهم الحاليين من يمكن أن يقوم بذلك؟ وترى هل لو فعل فسينصاع إليه بقية الإخوان؟ أم أنهم سيخرجون عليه ويواصلون طريقهم الذى يسيرون فيه الآن؟ أنا أقول أنه بلا شك بعد هذه التجربة القاسية فإن الكثير منهم ومن شبابهم على الأخص قد شعر أنه يسير فى طريق مسدود وليس فى مصلحة الجماعة السير فيه، خاصة أن هذه المرة ليست مثل المرات السابقة حيث يقفون تجاه الشرطة والجيش وجزء كبير من شعب مصر، وهو أمر يعنى مناطحة الصخر، وهو ما يجعل الخسارة مؤكدة والمكسب غير وارد، وإذا كان لى أن أرشح بعض عقلاء الإخوان للقيام بهذه التجربة المهمة والضرورية فإنى أرشح اثنين من قادتهم هم الدكتور محمد على بشر والدكتور عمر دراج، وهما كما أعلم ويعلم الكثيرون من أكثر الإخوان هدوءًا ورزانة فى التصرف وممكن أن يختارهما من يعاونهما فى هذه المهمه الشاقه من بين قادة وأفراد الإخوان.
حملة الكراهية السائدة الآن فى كل مكان وخاصة وسائل الإعلام والتى طالت كل من يقول رأيه إذا كان هذا الرأى فى صالح قضية الإخوان المسلمين، والتى اتسعت وتشعبت حتى طالت بعض رموز المعارضة لمجرد استنكاره فض اعتصام رابعة العدوية والنهضة بالقوة والدماء التى سالت فيه هى حملة بالتأكيد لا تستهدف مصلحة الوطن ولا تخدم الصالح العام، بل تهدمه، أما ما يقوله البعض من أن المصالحة الوطنية لا يمكن أن تشمل من تلطخت يده بالدماء فإن قوله حق أريد به باطل، لأنه إذا كانت هناك بعض الأيادى الإخوانية قد تلطخت بالدم، فإن هناك أيادى أخرى كان لها نصيب أكيد فى ذلك ومن الواجب والعدالة محاسبة الجميع فى ذلك، وعند الحساب يجب أن يقف الجميع على قدم المساواة فيما تسبب كل من تلطخت يده بالدم منذ ثوره 25 يناير حتى الآن مهما كان ومهما كان شأنه، أما أن نحاسب فئة دون فئة لأنها تملك زمام الأمور فهذا هو الظلم بعينه.
هذه رسالتى للإخوان والحكومة أرجوا أن تصل وألا يتم تجاهلها منها كما حدث فى المرات السابقة وأختم مقالى بالابتهال قائلا اللهم بلغت اللهم فاشهد.