الإخوان ارتكبوا أخطاء الفيس.. والعسكر اختاروا أخف الضررين

حاوره: عبد المنعم شيتور

2013/08/20

يؤكّد أحمد مرّاني، القيادي المنشق عن الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة، ووزير الشؤون الدينية السابق، في حواره مع “الشروق” بأنّ ما حدث في مصر هو انقلاب اختاره العسكر من بين خيارين كلاهما يؤدّي إلى حرب أهلية رافضا تخطئتهم في ذلك. كما أكّد بأنّه كان على مرسي أن يستجيب لمطالب من خرجوا ضدّه بحلول سلمية. ورفض القول بأن اعتصامات الإخوان كانت سلمية ناصحا إيّاهم بعدم التعنت بالمطالبة بعودة مرسي وأن يبحثوا عن حلول، وشبّه أخطاءهم بأخطاء الفيس.

كيف تنظر إلى تطوّرات الأوضاع في الساحة المصرية؟

هي تطوّرات مأساوية ومصر لها أهمّية كبيرة جدا بالنسبة إلى العالم العربي. وأتمنّى من الإخوة من الطرفين أن يجدوا حلول خير لمصر والإخوان والعالم العربي.

ماذا عن تدخّل العسكر وعزل مرسي؟

لا بد أن نرجع إلى خطاب مرسي في ميدان التحرير بعد وصوله إلى سدّة الحكم حيث صرّح أمام الآلاف بأنّ “الشعب انتخبه والشعب هو من سيحاسبهإن هو لم يحقق مطالبه، ولو أخذنا بهذا التصريح لقلنا إنّه كان على مرسي بعد خروج جماعة كبيرة ضدّه أن يذهب إلى استفتاء أو انتخابات أفضل من أن يتمسّك بالحكم. فعندما تغيب الحلول السياسية تحدث المأساة.

هل هذا يبيح تدخّل العسكر؟

لو أنّ مرسي قدّم حلولا سياسية لجنّب البلاد تدخّل العسكر.

ما حدث، هل تعتبره انقلابا على الشرعية؟

لا يمكن أن أحمّل أحدا مسؤولية مجزرة رابعة والنهضة

كل عمل مطابق للدّستور هو شرعي، والأكيد أنّ هذا العمل من العسكر انقلاب ولكنه جاء بعد أن غابت الحلول السياسية، فلماذا يدفع الطرف الآخر الطرف الثاني المتمثّل في العسكر إلى هذا الشيء وكان باستطاعتهم إيجاد حلول من أجل مصر والتيّارات الإسلامية والإخوان المسلمين ولكنّهم ذهبوا إلى ما نراه.

هل ما فعله العسكر من عزل لمرسي صواب؟

اجتهاد العسكر إن كان صوابا أو خطأ لا نستطيع اليوم الحديث عنه، لكنّهم كانوا أمام خيارين إمّا القبول ببقاء مرسي على سدّة الحكم والوضع على ما هو عليه وهو ما يعني دخول البلاد في حرب أهليه أو عزله وإسقاط حكمه وهو ما يعني بدوره إدخال البلاد في حرب أهليه، فالعسكر اختار إزاحته على أمل أن تكون بعد سنة أو سنتين رئاسيات وحلول سلمية والتاريخ سيحكم عليهم في هذا.

ماذا عن عدم اعتراف الإخوان بما سمّوه انقلابا؟

عدم الاعتراف بالانقلاب هو حق لهم ومن ذلك عدم الاعتراف بخارطة الطريق والتظاهر سلميا تنديدا بذلك، لكن التظاهر السلمي هو أن تخبر السلطات به وأن تعيّن بدايته من نهايته ليتحمّل الداعي للتظاهر مسؤوليتها إن وقع هناك تخريب أو حرق وغيرها، فلا يحق لهم احتلال الساحات وهو تعدّ على حقوق الغير، فلا يمكن أن يبقوا أكثر من أربعين يوما ثمّ يقال إنّ هذا تظاهر سلمي، فالتظاهر السلمي هو أن تتظاهر وترجع إلى بيتك لا أن تعتصم ولا تترك النّاس ينامون لياليهم.

ولكن البعض يقول إنّ تخليهم عن الساحات كان سيضيّع قضيتهم من البداية؟

لا بد أن تبحث عن حقّك دون أن تتعدّى على حق الغير من أجل إسماع الغير، هذا ظلم واحتلال الساحات هو ظلم للغير.

وكيف تنظر إلى فض الاعتصام بالقوّة وما أسفر عنه من سقوط الكثير من الضحايا؟

أنا كإنسان محايد لم أتعوّد أن أرى الشعب المصري يتعارك مع الشرطة والجيش، ونحن في حاجة إلى وقت لمعرفة تفاصيل الحادثة وفض الاعتصام وكيف تدخّلت الشرطة وكيفية تعامل وسلوك المعتصمين معها، لنعرف أي جهة هي المجرمة وهي بادرت بالإجرام.

ألا تحمّل العسكر المسؤولية عن إراقة الدّماء؟

على الإخوان البحث عن حلول سلمية أفضل لهم من التعنّت والبحث عن رجوع مرسي

أوّلا أقول كمسلم إنّ الله على كل شيء شهيد وأوّل شيء يقضى فيه هو الدّماء، ثانيا لم أكن في السّاحات حتى أشاهد ولست مع العسكر لأعرف كيف تصرّفوا، فلا يمكن لي أن أحمّل أحدا، والكل يقول إنّ الآخر هو من بادر بإطلاق النّار، فنحن في حاجة إلى أطراف أخرى من صحفيين ومختصين من أجل تشكيل لجنة محايدة لمعرفة المتسبب في ما حدث وحقيقة ما جرى.

لم تكن شاهدا على أحداث مصر لكنّك كنت في الجزائر عند فضّ اعتصام جوان 1991 فهل هناك وجه شبه بينهما؟

نعم كنت شاهدا على أحداث الجزائر ونفس الأخطاء التي وقعت فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ وقعت فيها جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وتسلسل الأحداث وما يقع في مصر يؤدّي إلى المشهد الجزائري.

هل سيلجأ الإخوان المسلمون في مصر إلى “العمل المسلّح”؟

العمل المسلّح بدأ في مصر حتى في فترة حكم مرسي، وكما أنّ الجبهة الإسلامية للإنقاذ وقادتها ليسوا هم من حملوا السلاح ولكن فيما بعد وجد منهم وإن كانوا قليلا من قادتهم من أيّدوه والتحقوا به، وأيضا فإنّ في مصر وبالأخص في شبه جزيرة سيناء 50 جماعة مسلّحة.

لكن الجماعات المسلّحة بسيناء تشكّلت في وقت مبارك أو قبل ذلك، أتحدث عن عموم البلاد هل بالإمكان الحديث عن تغيّر نظرة الإخوان من العمل المسلح وذهاب شبابها إليه؟

لا أستطيع القول بأنّ الأمر مستحيل فقد يحصل ذلك، لكن أتمنّى من قياديي الإخوان المسلمين أن يبحثوا عن التعقّل وأن يجدوا قنوات حوار للدّخول إليها، وأنصح هنا بأن يجعلوا شيخ الأزهر وسيطا فسيبحث عن حلول لمصلحتهم ومصلحة مصر وسيكون وسيطا جيدا جدا، أفضل لهم من التعنّت والبحث عن رجوع مرسي وغير ذلك من الأمور غير ممكنة الحدوث.

هل بالإمكان الحديث عن دخول مصر في نفق حرب أهلية؟

مصر لا يمكن أن تذهب إلى حرب أهلية، ولكن إذا سمع الإخوان لنصيحتي وجلسوا إلى طاولة حوار فستهدأ الأوضاع، أمّا إذا اختاروا شيئا آخر فستقع أمور أخرى.

الآن الحديث عن الاعتقالات الواسعة في صفوفهم؟ قد يقال أي حوار مع الاعتقالات والقتل؟

إذا كانت جماعة الإخوان تتعنّت وتصعّد الأمور، فطبيعي أنّ الطرف الآخر سيتعنّت بدوره ويصعّد ضدهم، ولو كنت من قياديي الإخوان لقمت باستغلال خطاب السيسي وما جاء فيه بأنّ مصر تسع الجميع لا أن أبقى على موقفي المتعنّت. فكلام السيسي واضح، خصوصا لمّا أمر الشعب الذي يؤيد خارطة الطريق بأن لا يتعدّى على الإخوان.

من يضمن لهم نجاح أي حل بعد أن أُفصِح عن حلول أوربية اقترحت وقبل بها الإخوان وقدّمت حتى قبل نصف ساعة من فض رابعة العدوية ولم تفلح، فكيف بعد سقوط قتلى؟

لم أطّلع على الحل المقترح ولست هنا لأرجع إلى الوراء، وما حدث قد حدث، وكان على الإخوان بدل تفويض الأوربيين أن يفوّضوا شيخ الأزهر لإيجاد حل.

قد يردّ عليك بأنّه طرف في الأزمة!

حتى لو كان كذلك بعد قبوله بخارطة الطريق، فإنّ على الإخوان أن يكسبوه إليهم، وهذا ما أنصح به الإخوان بأن يبحثوا عن وسطاء نزهاء.

عن موقع الشروق اون لاين 21 غشت 2013

‫شاهد أيضًا‬

عندما توسط الحسن الثاني بين شاه إيران والخميني * عمر لبشيريت

يحكي عبداللطيف الفيلالي رحمه الله، وزير الخارجية والوزير الأول الأسبق، أن اتصالات المغرب ب…