خسائر كبيرة لصناعة الأسلحة الأمريكية لو قطعت المساعدات العسكرية لمصر
بقلم ثاليف ديين/وكالة إنتر بريس سيرفس
الامم المتحدة, أغسطس (آي بي إس) –
19غشت 2013
لا تزال واشنطن -التي رفضت وقف 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية السنوية لمصر- تزعم أن حرمان القوات الأمنية المصرية لن يؤدي سوي إلى “زعزعة استقرار” البلاد. لكن هناك سببا خفيا أكثر أهمية وراء استمرار تدفق المساعدات العسكرية لمصر، ألا وهو حماية صناعة إنتاج السلاح الأمريكية التي يتعاقد “البنتاغون” معها.
فالواقع هو أن تقريبا كل الـ 1.3 مليار دولار -أو نسبة ساحقة منها- الممنوحة لمصر بموجب “التمويل العسكري الخارجي”، إنما تستثمر في الاقتصاد الأمريكي، وتحديدا في صناعة الدفاع الامريكية.
في هذا الشأن، تحدث الدكتور “بول سوليفان” -أستاذ الاقتصاد في جامعة الدفاع الوطني- عن تلك الأوقات الذي إعتاد فيها علي التجول مع أطفاله في جميع أنحاء القاهرة والريف المصري “دون خوف، ووسط الكثير من الود والدفء من قبل شعب مصر.. هذا كان منذ سنوات عديدة.. ليس الآن.. آه يا مصر المسكينة!”.
وردا على سؤال لوكالة إنتر بريس سيرفس حول الأزمة الحالية، أجاب الدكتور سوليفان -الذي هو أيضا أستاذ مساعد في الدراسات الأمنية في جامعة جورج تاون- أنه يرى الامور بشكل مختلف: “المساعدات العسكرية لمصر مرتبطة مباشرة باتفاقات كامب ديفيد (1978). ويعمل الكثير من المصريين لدي الجيش ويكتسبون المهارات منه”.
“كذلك فتدرب الولايات المتحدة العديد من قوات الجيش المصري علي بناء وصيانة المعدات.. ودبابة “M1A1 أبرامز” هي في نواحي كثيرة مشروع مشترك بين الجيشين المصري والأمريكي.. الولايات المتحدة ومصر بحاجة الى بعضهما البعض لدواعي أمنية واقتصادية، وحماية الممر البحرية وغيرها من القضايا. ومصر هي بلد حيوي أيضا لضمن تحليق الطائرات وعبور السفن الأمريكية بقناة السويس”، وفقا للخبير.
ثم تحدث الدكتور سوليفان عن المسيحيين في مصر “الذين يتعرضون للهجوم من قبل جماعة الإخوان المسلمين.. كما تهاجم الجماعة أيضا المباني الحكومية.. جماعة الاخوان المسلمين حظت بالكثير من دعم المصريين.. أكثر من ما أعتقد البعض في الخارج.. لكن هذا الدعم قد تبخر الآن منذ بداية نظام (محمد) مرسي المشؤوم والفاشل”.
وأوضح، “لقد طلب أكثر من 15 مليون مصري من مرسي أن يرحل.. ولو حدث هذا في الولايات المتحدة أو انجلترا أو أي مكان آخر، لإستقالت القيادة أو أقيلت بموجب إجراءات العزل.. أنا أعتبر ما حدث [في مصر ] هو “إنقلاب ثوري”. لقد قم المصريون بثورتهم.. وتكلم الشعب بالملايين.. لماذا لا يكتب الناس عن ذلك؟”.
ومن جانبه، قال وليام هارتونغ -مدير المشروع بالأسلحة والأمن في مركز السياسة الدولية- أن رفض الرئيس الأمريكي باراك أوباما لقطع المساعدات العسكرية لمصر في حين تستخدم الأسلحة الأميركية في قتل المحتجين القتل، هو أمر “غير معقول”.
وشرح أن “الأسباب التي أعطيت لاستمرار هذه المساعدات لم تعد قائمة”، فهي لم تعد مصدرا للاستقرار كما تزعم إدارة أوباما”.
وأضاف هارتونغ لوكالة إنتر بريس سيرفس -وهو الذي كتب حول سياسة واقتصاد صناعة الدفاع الأميركية- أن كل هذا بالتأكيد “لم يعطي الولايات المتحدة أي وزن لتلطيف سلوك النظام.. والشيء الوحيد الذي فعلته وتفعله المساعدات هو إثراء المتعاقدين مع وزارة الدفاع الامريكية مثل “لوكهيد” و “جنرال ديناميكس”.
وأشار إلي أنه باستثناء مصنع دبابات خزان بمساعدة الولايات المتحدة، ذهبت الغالبية العظمى لنحو 40 مليار دولار من المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر على مدى السنوات الـ 30 الماضية، إلي خزائن صناع الأسلحة في الولايات المتحدة.
هذا وتشمل نظم الأسلحة المتطورة التي إشترتها مصر -إضافة إلي أكثر من ذلك بكثير الذي لا يزال في طور الإعداد – طائرات F-16 المقاتلة، وطائرات الإستطلاع E2-C هوك، وطائرات هليكوبتر “اباتشي” و “سيكورسكي”، ووسائل النقل C- 130، و “سايدويندر”، و”سبارو”، وناقلات الصواريخ “هوك” و”هيلفاير”، وM-1A1 ابرامز ، ودبابات M60A1 القتالية، وناقلات الجند المدرعة M113A2.
كل هذه الأسلحة سلمت -أو هي في طور تسليمها- من قبل بعض مقاولي الدفاع الرئيسيين في الولايات المتحدة، بما فيهم “لوكهيد مارتن”، و “نورثروب غرومان”، و “جنرال اليكتريك” و “بوينغ” و “سيكورسكي”، و “جنرال ديناميكس”، و “يونيتد ديفنس”، و ورايثيون”، ضمن آخرين.
وبالإضافة إلي مبلغ 1.3 مليار دولار بموجب “التمويل العسكري الخارجي”، تتلقى مصر 1.9 مليون دولار سنويا علي بند “لتعليم والتدريب العسكري الدولي”، وحوالي 250،000 دولار من “صناديق الدعم الاقتصادي”.
كما تتلقى مصر -بأقل تكلفة ممكنة مقابل رسوم التوصيل- معدات أمريكية مستعملة بموجب “مواد الدفاع الزائدة” وتقدر بمئات الملايين من الدولارات سنويا. كذلك فيشارك منتج الأسلحة الأمريكي “جنرال ديناميكس” في مساعدة مصر علي إنتاج دبابات M1A1 أبرامز المقاتلة المشتركة، التي وصفت بأنها “واحدة من ركائز المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر”.
وعلاوة علي كل ما سبق، هناك برنامج مستمر لمواصلة تحديث المعدات في ترسانة الأسلحة في مصر، ومتابعة عقود الدعم والصيانة, لصيانة المعدات الأمريكية.
هذا وفي تقرير نشره علي موقع Common Dreams كتب “جاكوب تشامبرلين” إستنادا إلي تقرير لـ “الإذاعة الوطنية العامة” (NPR) أنه في كل عام، يخصص الكونغرس الأميركي أكثر من مليار دولار لمساعدات عسكرية لمصر…”لكن هذا المال لا يصل أبدا إلى مصر”.
فهو “يذهب إلى بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، ثم إلى الصندوق الاستئماني في وزارة الخزانة، وفي نهاية المطاف لمقاولي الجيش الامريكي الذين يصنعون الدبابات والطائرات المقاتلة لإرسالها في النهاية إلى مصر”، وفقا للخبير.
وحتى الآن، عاقبت إدارة أوباما مصر من خلال تعليق تسليم أربعة مقاتلات F-16 (القوة الجوية المصرية لديها بالفعل 143 طائرة F-16S -علما بأن تاريخ آخر تكليف بمجموع 20 منها يعود الى مارس 2010 ولا يزال في طور الإعداد- وكذلك بإلغاء المناورات العسكرية المشتركة مع مصر المقررة في سبتمبر المقبل.
ومن الملفت للنظر أيضا أن إدارة أوباما رفضت وصف “استيلاء” الجيش على السلطة بأنه “انقلاب”، لأن مثل هذا الوصف، في ظل التشريع الولايات المتحدة، يولد تلقائيا وقف المساعدات الأمريكية.
وعن المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر، قال “بيتر ويزمان” -الباحث البارز في برنامج عمليات نقل الأسلحة في معهد إستوكهولم الدولي لأبحاث السلام- “صحيح أن الصناعة العسكرية الأميركية تستفيد من المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر”.
وأضاف لوكالة إنتر بريس سيرفس أنه “وصحيح أيضا أنه إذا أوقفت الولايات المتحدة تماما توريد هذه المساعدات إلى مصر، فسيكون من شأنها أن يكون لها تأثيرا على حجم أعمال صناعة الاسلحة الامريكية”.
ومع ذلك، “أنا أشك في ما اذا كانت جماعات الضغوط العاملة لصالح صناعة الأسلحة، [أو] قلق لصناعة السلاح، هو سبب ذو أي أهمية بالنسبة للولايات المتحدة لعدم وقف جميع مساعدات “التمويل العسكري الخارجي” إلى مصر”، وفقا لهذا الخبير في تصريحاته لوكالة إنتر بريس سيرفس.
وأوضح ان هناك العديد من الأسباب، بما في ذلك وقف مؤقت (لهذه المساعدات) وهو الذي من شأنه أن يكون لها تأثيرا بسيطا.
“فبعد كل شيء، يمكن للحكومة الأمريكية إنتاج وتخزين بعض المعدات التي تم التعاقد عليها، فهي في النهاية الجهة التي وقعت على عقود مع صناعة الأسلحة في الولايات المتحدة- وذلك إلي حين يتغير الوضع في مصر”، وفقا لخبير معهد إستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.
وذكر ما أسماه أفضل أمثلة على ذلك، كم حدث مع إيران في عام 1979، وباكستان في أوائل التسعينات، والهند في عام 1963.(آي بي إس / 2013)