المشكلة ليست في الإسلام
…
توني بلير
النظرة الشاملة إلى الشرق الأوسط تكشف لنا عن أن سوريا اليوم تعيش حالة من التفكك المتسارع. والرئيس بشار الأسد يسحق بكل وحشية مجتمعات بأسرها لأنها معادية لنظامه. فقد قُتِل ما لا يقل عن مئة ألف
شخص. ويعتقد العديد من أهل المنطقة أن هدف الأسد يتلخص في تطهير السُنّة من المناطق التي يسيطر عليها نظامه، وإقامة دولة منفصلة قرب لبنان. وبهذا تقوم دولة سُنّية بحكم الأمر الواقع في بقية سوريا،
وتكون معزولة عن ثروات البلاد ودون أي منفذ على البحر.والواقع أن المعارضة السورية تضم العديد من المجموعات. ولكن المقاتلين المرتبطين بمجموعة جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة يكتسبون دعما
متزايدا ــ بما في ذلك الأسلحة والمال من خارج البلاد. والأسد يستخدم أسلحة كيميائية على نطاق محدود ولكنه قاتل. لا شك أن رغبة الغرب الساحقة في البقاء خارج هذه المعمعة أمر مفهوم تماما، ولكن ينبغي
لنا أيضا أن نفهم أننا لا نزال عند بداية هذه المأساة. وقدرتها على زعزعة الاستقرار في المنطقة واضحة. فإيران تدفع بحزب الله إلى المعركة، فيما يحاول تنظيم القاعدة مرة أخرى إحداث مذبحة في العراق،
حيث تواصل إيران تدخلها أيضا. ثم هناك النظام الإيراني، الذي لا يزال عازما على اقتناء السلاح النووي، ولا يزال يصدر الإرهاب وعدم الاستقرار.ليست المشكلة في الإسلام. ولا يساور أولئك الذين درسوه
بيننا أدنى شك في طبيعته الصادقة المسالمة. ولا توجد مشكلة مع المسلمين بشكل عام. وفي مختلف أنحاء الشرق الأوسط وخارجه، هناك صراع شديد، فمن ناحية هناك عناصر الفئة الضالة ونظرتهم الإقصائية
الرجعية إلى العالم. وهم يشكلون أقلية. وعلى الجانب الآخر، هناك أصحاب الفكر الحديث والمعتدل، وهم الأغلبية؛ ولكن من المؤسف أن تنظيمهم بالغ السوء.ولذلك، فانه ليس كل تدخل يجب أن يكون عسكريا
بالضرورة، وليس كل تدخل عسكري يجب أن يشتمل على قوات. ولكن انسحابنا من هذا الصراع لن يجلب لنا السلام. فهزيمة الشيوعية جاءت بسبب فكرة أفضل: وهي الحرية. ومن الممكن أن يحدث نفس
الأمر هنا. والفكرة الأفضل هذه المرة تتلخص في نظرة عصرية حديثة للدين ومكانته في المجتمع والسياسة.
* رئيس وزراء بريطانيا الأسبق(ترجمة _ جوزيف حرب)
عن موقع عكاظ