تقرير‮ ‬لبنك‮ ‬المغرب‮ ‬يرسم صورة قاتمة للاقتصاد الوطني
 ضآلة في‮ ‬مناصب الشغل‮ ‬غير مسبوقة منذ‮ ‬1999‮ ‬وتباطؤ قوي‮ ‬للنمو‮..‬
أكد التقرير السنوي‮ ‬لبنك المغرب حول الوضعية الاقتصادية والنقدية والمالية برسم سنة‮ ‬2012،‮ ‬على الانعكاس السلبي‮ ‬للركود الاقتصادي‮ ‬والظرفية المناخية‮ ‬غير المواتية،‮ ‬على الاقتصاد الوطني‮ ‬المغربي‮ ‬الذي‮ ‬تباطأ نموه إلى‮ ‬2‭,‬7‮ ‬بالمائة مقارنة مع‮ ‬5‭,‬0‮ ‬بالمائة في‮ ‬سنة‮ ‬2011‮. ‬موضحا،‮ ‬أن هذا النمو‮ ‬يرجع بالأساس لأداء قطاع الخدمات،‮ ‬والارتفاع النسبي‮ ‬للطلب الداخلي‮ ‬بنسبة‮ ‬3‮ ‬بالمائة بفضل السياسة المالية التوسعية والتطور المعتدل للتضخم الذي‮ ‬لم‮ ‬يتجاوز‮ ‬1‭,‬3‮ ‬بالمائة،‮ ‬على الرغم من الزيادة في‮ ‬أسعار الوقود في‮ ‬شهر‮ ‬يونيو‮ ‬2012‮.‬
‮ ‬وأشار التقرير إلى ما وصفه بالتدهور الحاد الذي‮ ‬عرفته وضعية سوق الشغل،‮ ‬معتبرا أن مناصب الشغل الصافية التي‮ ‬تم إحداثها ضئيلة جدا،‮ ‬وهي‮ ‬حالة‮ ‬غير مسبوقة منذ سنة‮ ‬1999،‮ ‬مسجلة بذلك مستوى أدنى بـ42‮ ‬ألف منصب شغل صاف‮. ‬وبموازاة هذا التدهور،‮ ‬سجل التقرير انخفاضا في‮ ‬نسبة مشاركة اليد العامة،‮ ‬عزاه إلى انسحاب جزء من الساكنة المحبطة من سوق الشغل،‮ ‬ما نجم عنه استقرار لنسبة البطالة في‮ ‬9‮ ‬بالمائة،‮ ‬وأصبح قطاع الخدمات في‮ ‬سنة‮ ‬2012‮ ‬يمثل المغل الأول لليد العاملة متجاوزا قطاع الفلاحة،‮ ‬وذلك بفضل الانتعاش الذي‮ ‬ميز الأنشطة التجارية خلال السنوات الأخيرة‮.‬
‮ ‬وسجل تقرير البنك المركزي،‮ ‬أن وضعية الحساب الجاري‮ ‬عرفت تفاقما خلال سنة‮ ‬2012،‮ ‬إذ تسبب الانكماش الاقتصادي‮ ‬في‮ ‬منطقة الأورو وانخفاض أسعار الفوسفاط ومشتقاته،‮ ‬في‮ ‬تباطؤ وتيرة نمو الصادرات إلى‮ ‬5‭,‬5‮ ‬بالمائة،‮ ‬على الرغم مما وصفه التقرير بالنمو القوي‮ ‬لقطاع صناعة السيارات،‮ ‬مشيرا إلى اتساع العجز التجاري‮ ‬من‮ ‬22‭,‬8‮ ‬بالمائة إلى‮ ‬24‭,‬3‮ ‬بالمائة من الناتج الداخلي‮ ‬الإجمالي‮. ‬مضيفا،‮ ‬أن تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج وعائدات السياحة سجلت بدورها تناقصا بنسبة‮ ‬3‭,‬8‮ ‬و1‭,‬7‮ ‬على التوالي،‮ ‬الأمر الذي‮ ‬يعزا لانخفاض الدخل وارتفاع معدلات البطالة في‮ ‬منطقة الأورو‮.‬
‮ ‬واعتبر نفس التقرير،‮ ‬أن هذه السنة تميزت على الخصوص بتدهور وضعية المالية العمومية،‮ ‬بمواصلة عجز الميزانية منحاه التصاعدي‮ ‬المدشن سنة‮ ‬2009،‮ ‬ليبلغ‮ ‬7‭,‬6‮ ‬بالمائة من الناتج الداخلي‮ ‬الإجمالي،متجاوزا بكثير نسبة‮ ‬5‭,‬4‮ ‬بالمائة التي‮ ‬كان‮ ‬يستهدفها قانون المالية‮. ‬ويعزى هذا لاختلال لارتفاع النفقات بوتيرة أسرع بمرتين من وتيرة نمو المداخيل،‮ ‬وذلك بفعل تزايد كتلة الأجور بـنسبة‮ ‬8‭,‬2‮ ‬بالمائة لتمثل‮ ‬11‭,‬6‮ ‬بالمائة من الناتج الداخلي‮ ‬الإجمالي،‮ ‬وارتفاع نفقات المقاصة إلى مستوى‮ “‬غير مسبوق‮” ‬بلغ‮ ‬55‮ ‬مليار درهم،‮ ‬وهو ما‮ ‬يعادل‮ ‬6‭,‬6‮ ‬بالمائة من الناتج الداخلي‮ ‬الإجمالي‮.‬‮ ‬‭ ‬
‮ ‬كما سجل التقرير،‮ ‬تزايدا مطردا لعلامات الفتور خاصة في‮ ‬ظل الاختلال المتزايد للتوازنات الأساسية،‮ ‬وعلى رأسها المالية والخارجية،‮ ‬استمرار المستويات المرتفعة لبطالة الشباب،‮ ‬موازاة مع تقلص ملحوظ لهامش المناورة لدى السلطات الحكومية،‮ ‬ما جعل وكالات التصنيف تضع المغرب ضمن نظرة مستقبلية سلبية في‮ ‬شهري‮ ‬أكتوبر‮ ‬2012‮ ‬وفبراير‮ ‬2013‮ ‬دون تخفيض تصنيفه‮. ‬داعيا،‮ ‬إلى تسريع الإصلاحات الهيكلية وتوسيع نطاقها بما‮ ‬يضمن رفع التحديات التي‮ ‬تواجهها بلادنا‮. ‬ومحذرا من كون كل تأخير لهذه الإصلاحات،‮ ‬من شأنه أن‮ ‬يؤدي‮ ‬إلى زيادة كلفتها الاقتصادية والاجتماعية‮.‬‮ ‬
وحث التقرير على استكمال تفعيل الدستور كإطار مرجعي،‮ ‬وإتمام المشاريع المهيكلة التي‮ ‬أطلقت خلال السنوات الأخيرة،‮ ‬كالجهوية الموسعة وإصلاح منظومة العدالة،‮ ‬وكذا التعجيل بإنهاء الأوراش الأخرى الموجودة في‮ ‬مراحل متقدمة لتنفيذها‮. ‬وهي‮ ‬أنظمة التقاعد ذات التواز المتدهور،‮ ‬وإصلاح النظام الضريبي‮ ‬المثير للنقاشات،‮ ‬والذي‮ ‬ينبغي‮ ‬أن‮ ‬يكون في‮ ‬صلب انشغالات الحكومة،‮ ‬بهدف تعزيز موارد الدولة وضمان قدر أكبر من العدالة الضريبية‮. ‬فضلا عن إعادة النظر في‮ ‬العدد الكبير من الاستثناءات الضريبية التي‮ ‬تضيع على الدولة عائدات مهمة،‮ ‬دون أن‮ ‬يكون لها مردود واضح على الاقتصاد الوطني‮.‬‮ ‬
‭ ‬

كما شدد ذات التقرير على ضرورة تفعيل التدابير التحفيزية التي‮ ‬تنص عليها الاستراتيجية الوطنية لإنعاش المقاولات الصغيرة جدا،‮ ‬على اعتبار أن هذه المقاولات ونظيرتها الصغيرة والمتوسطة،‮ ‬هي‮ ‬الأكثر عرضة لتأثيرات الانكماش الاقتصادي‮. ‬مصرحا أن بنك المغرب‮ ‬يعمل بالتعاون مع القطاع البنكي‮ ‬وباقي‮ ‬الشركاء،‮ ‬على إنشاء مرصد‮ ‬يتولى وضع رؤية شمولية مشتركة على المستوى الوطني‮ ‬حول إشالية تمويل ودعم هذه الفئة من المقاولات‮. ‬وفي‮ ‬نفس السياق أشار التقرير إلى أن نسبة الساكنة التي‮ ‬تلج خدمات المؤسسات البنكية تحسنا مسجلة حوالي‮ ‬57‮ ‬بالمائة مع متم‮ ‬2012‮.‬
وأكد التقرير السنوي‮ ‬لبنك المغرب،‮ ‬على أن تحقيق الانتقال السياسي‮ ‬في‮ ‬المغرب في‮ ‬ظل مناخ إقليمي‮ ‬مضطرب،‮ ‬لن‮ ‬يكون مستداما في‮ ‬غياب مكاسب اقتصادية ملموسة تمكن من تحسين مستوى عيش الساكنة التي‮ ‬انخرطت بشك واسع وفعال في‮ ‬هذا الانتقال،‮ ‬وهي‮ ‬تنتظر اليوم أن ترى أثره الفعلي‮. ‬داعيا جميع الفاعلين الاقتصاديين والسياسيين والاجتماعيين في‮ ‬البلاد إلى أن‮ ‬يعوا مدى صعوبة الوضعية الراهنة،‮ ‬وأن‮ ‬يتجاوزوا المصالح الحزبية والفردية بجعل المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار‮.‬

عبد الناصر الكواي

عن جريدة العلم ..15 غشت 2013

‫شاهد أيضًا‬

قراءة في مشروع قانون المالية لسنة 2021 * بقلم : طارق المالكي

يأتي مشروع قانون المالية لسنة 2021 في سياق عام دولي ووطني، يتميز بالصعوبة والضغوطات التي ت…