مجرد  راي في الطائفية السياسية…

مصطفى المتوكل / تارودانت

14غشت 2013

قال الامام علي رضي الله عنه ((اعلم ان لكل فضيلة راسا . ولكل ادب ينبوعا ..وراس الفضائل وينبوع الادب هو العقل الذي جعله تعالى للدين اصلا وللدنيا عمادا ..فاوجب التكليف لكماله ..وجعل الدنيا مدبرة باحكامه ..والف به بين خلقه مع اختلاف همهم ومادبهم..))

وجاء في الحديث الشريف ((…فخياركم في الجاهلية خياركم في الاسلام ان فقهوا...)) البخاري

ان تكون منتميا لطائفة دينية او سياسية او اثنية او لغوية ….امر في الحقل الاجتماعي مفهوم واخضعه السوسيولوجيون والخبراء في العلوم السياسية للدراسة والتمحيص …بما يترتب على ذلك من تصنيفات معتمدة تسهل فهم مسار وهوية وفلسفة اية طائفة وتوجهاتها ومدى انخراطها من عدمه في النسيج المجتمعي والفكري المشترك مع شعب / او دولة ما

… وبقراءة في التاريخ الانساني وما يهمنا هنا شعوب الشرق الاوسط والخليج وشمال افريقيا فسنجد  التباسات وتجاذبات ايجابية وسلبية شابت وتشوب  المشهد الطائفي ان صح التعبير باعتماد المعنيين بالامور العامة من جهة وامور  طائفة ما من جهة اخرى …على   توضيفات سياسوية استغلالية لبعض الاهتمامات والقناعات والثقافات والافكار  والايمانيات العامة المشتركة  داخل مجتمع ما اما من طرف طائفة ما  وفرضها على الامة او من طرف الحاكمين باعتماد عصبية طائفة اوعدة طوائف ضدا على باقي مكونات المجتمع في اطار تكريس وتركيز وتقوية المؤسسات او الافراد الذين يحكمون ويتحكمون في ادارة الدولة او منظومة حكم او نسيج ما ؟؟…..

فهل يمكن لنا  ان نطرح سؤال تداخل مفهوم الطائفة مع مفهوم الحزب السياسي و الهياة النقابية و المذهبية …؟وبتعبير اكثر بساطة ..هل تشبعت بعض العقليات المنتظمة في تجمعات مهيكلة  وفق ضوابط حديثة معاصرة  بافكاروممارسات  واهداف النهج الطائفي الضيق والسلبي ؟

ولنولد اسئلة اخرى ..ماذا يعني جعل سياسة الافراد او المجموعات  امرا من امور الدين من خالفها خالف الدين في اصوله وفروعه ؟؟؟

…وماذا يعني ان يوظف السياسي المنتمي لهياة معينة  الدين ليصل به الى عقول الناس المؤمنين بهدف تجنيدهم لتمرير قراراته ومبادراته وسياساته بعلة ان كلامه  منزل منزلة  الكتاب والسنة مما يفترض اتباعه وتقديسه ؟

وماذا يعني عندما يتحول الحزب _- او الاحزاب – الى طائفة  – او مجموعة طوائف – تخضغ الاخرين وتصنفهم وتحكم عليهم بمعيار خاص بهم ومن لم ينطبق عليه عد من المرفوضين والاولى محاربته ومواجهته ولو بالتحالف مع الادنى منه من حيث المخالفة والاختلاف … ولنسق استفهاما اخر  هل يمكن ديموقراطيا وحقوقيا  استساغة وقبول ان يؤسس حزب  لكل  طائفة او مجموعة …من العيساوية او الحمدوشية اوالتجانية او الدرقاوية او يصل الامر الى تخندق” الشرفاء” في احزاب خاصة كل واحد بحزبه ومرجعياته ؟مثل الادارسة والعلويين و… وماذا ان تحولت كل قبيلة الى حزب …؟

ونخلص الى طرح قضية اسمها الوطن والامة/الشعب .. كيف سيكون شكله وماهو مصيره ؟؟؟…

ان المحافظة على الخصوصيات  الثقافية والفكرية والتنظيمية والمذهبية وتطويرها وعقلنة عملها ..وحماية الانسجة المكونة للمجتمع  امر منطقي ومطلوب لكن دون ان ينبني على افكار تبخيس الغير وتعظيم الذات وتسفيه الاخر وتثمين النفس  وبا لسعي نحو اقصاء وقمع ومحو الاخر او اخضاعه وادلاله …

ان وجود الفكر الاقصائي الضيق وغياب الايمان الحق بالتعددية واهمية التوافق السياسي والتنوع الاجتماعي والثقافي  في اطار تكاملي -..كما ان طغيان النظرة والمصالح الضيقين وخدمة اجندات خاصة بحزب او هياة  او مؤسسة ما في اغفال غير عقلاني وغير علمي بوجود او احتمال وجود اجندات متعددة  تسعى لتحقيق نفس الاهداف بطرق ومنهجية وفلسفة عمل مغايرة له ..-يشكل صفعة وادانة للنخب السياسية بالحكم  والاغلبية والمعارضة  على السواء..شاركوا في تدبير الشان العام ام لا ..يعملون من خلال المؤسسات ووفقا للقوانين المعمول بها ام لا ؟؟؟؟

كما ان طغيان الهوية والايديولوجية الخاصة بجعلها محورا لكل شيئ وما عداها فهو الى زوال وبطلان … يولد  ممارسة  سياسة الاستبداد وحب الهيمنة والتسلط ولو بالخطب المدبجة التي لاتقدم اية خذمة ذاث فائدة بقدر ما تنتج طائفية سياسوية بغلاف حزبي ديني او ايديولوجي ليبرالي او يساري معتدل او متطرف ….

فمن سيقدم في هذه الحالة هل الامة /شعبا ودولة والمصلحة العامة ..ام الحزب ككيان عصري ديموقراطي منفتح   ؟ ام الحزب الطائفة ؟ ام الطائفة الحزب ؟..في مواجهة الاخرين …ان اي مهتم  سيقف على حقيقة غريبة وبئيسة في عصر العلوم والتكنولوجيات الحديثة والتطور العلمي الرائد تتجسد في ان العديد ممن يتبنى افكارا تبدوا نيرة وحداثية او اصلاحية ثورية او شرعية متنورة في كل بلداننا من الخليج حتى المغرب هم اقرب في ممارساتهم الى سلوكات طائفية ان لم نقل شرعوا في ماسسة طوائفهم التي تزيد النيران اتقادا والاوطان ازمات ….فهل الانتماء الى حزب ما او عقيدة ما معناه امتلاك للحقائق والمعارف ؟ ام انه من اجل البحث عن افضل الافكار والاقتراحات والبرامج الاقرب الى اقرار الحقائق الفعلية في اطار من التكامل والتلاقح والتناصح والتدافع البناء والديموقراطي .. وليس الحقائق الخاصة بمجموعة دون الناس كافة  حيث نكون امام تناقض غريب يتلبس البعض بلبوس انفصام في الشخصية وتداخل في الافكار وضبابية في المسارات ….ان مجتمعاتنا في حاجة الى ان تمارس نقدا ذاتيا وتقييما موضوعيا لاختلالاتها البارزة في المشهد الرسمي والحزبي وبالمجتمع المدني لعلنا نغير ونصحح انفسنا قبل ان ندعوا الى تغيير مجتمعاتنا ولنا في تجارب من تقدم علينا بالغرب والشرق والعديد من البقاع عبرة لنعمل  بارادة جماعية دون اقصاء ولا تبخيس ولا طائفية …من اجل بناء المجتمع والدولة على الاسس التي نتوافق عليها جميعا والتي تحقق ما نتمناه لشعوبنا من رخاء وكرامة وحريات وحقوق وعدالة رائدة  …بدل اشعال  معارك طواحين الهواء التي تسمع الناس الضجيح ولا تقدم لهم الطحين -…ونختم بقولة للامام علي كرم الله وجهه الذي قال ..

 

    ((…من ينصب نفسه للناس إماماً ..فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره ..و ليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه !!))

 

 

 

‫شاهد أيضًا‬

الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس يناقض أفكاره الخاصة عندما يتعلق الأمر بأحداث غزة * آصف بيات

(*) المقال منقول عن : مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية ألقى أحد الفلاسفة الأكثر…