اقتصاد القارة العجوز… تحت وطأة الكساد والبطالة

كمال عبيد

 

شبكة النبأ:

تعاني القارة العجوز من أزمة مالية طاحنة ألقت بظلالها على اقتصاد أوروبا على نحو خطير، وذلك بسبب ارتفاع معدلات البطالة بشكل قياسي في معظم الدول الأوربية الى جانب حدوث اضطرابات اجتماعية كبيرة مع تصاعد مستويات الهجرة، فضلا عن مشكلة الديون التي تجسدها أزمة اليورو، كلها مؤشرات عن تباطؤ الاقتصاد الأوربي، وربما تزج بمزيد من الأوربيين إلى براثن البطالة، كما هو الحال في اسبانيا وايطاليا واليونان، مما ينذر بانكماش جديد ستكون له انعكاسات خطيرة على الاقتصاد الأوربي.

إذ يرى بعض المحللين الاقتصاديين أن الكثير من الاقتصاديات الأوروبية وقعت تحت وطأة الكساد والبطالة بسبب تداعيات الأزمة المالية المتصاعدة، ويرى هؤلاء المحللون ان الاقتصاد الأوربي يستعد لاستقبال عام آخر من التخبط، إذ سيمر بعدة اضطرابات مالية كما الحال في سنوات الاخيرة من العقد المنصرم متأثرا بازمة اليورو، ولعل ارتفاع معدلات البطالة بشكل مضطرد يشكل أهم الأسباب والمؤشرات المقلقة التي تلقي بظلالها على آفاق النمو المرتقبة للاقتصاد الأوربي خلال المستقبل القريب.

وفي ذات الاطار يقترح بعض قادة اوربا خطة اوروبية بقيمة 8 مليارات يورو لمكافحة البطالة لدى الشباب مما قد يسمح لهم بتفادي منحدر مالي يلوح في الافق قد يدفع الاقتصاد القارة العجوز للانزلاق مجددا الي الركود، وعليه يرى اغلب المحللين الاقتصاديين انه في ظل مناورات الدول الكبرى اقتصاديا وانعدام الرؤية الاقتصادية الناجعة، بسبب التردد والمخاوف، فضلا عن انتظر كل طرف من الآخر اتخاذ الخطوة الأولى والقرار الحاسم لحل هذه الأزمة، أصبحت رحلة بلدان اليورو للبحث عن ملاذ امن واستقرار مستدام مليئة بالعقبات، كما يخيم عليها الغموض في المستقبل، مما يضع اقتصاد بلدهم بحالة مزرية.

خطر الاضطرابات الاجتماعية

في سياق متصل قالت منظمة العمل الدولية إن احتمال حدوث اضطرابات اجتماعية في دول الاتحاد الأوروبي أعلى من مستواه في أي منطقة أخرى في العالم وإن من المتوقع أن تتسع الفجوات بين الأغنياء والفقراء في أنحاء العالم، وقالت المنظمة في تقرير سنوي إن الاضطرابات الاجتماعية التي تشمل الإضرابات العمالية واحتجاجات الشوارع والمظاهرات زادت في معظم البلدان منذ الأزمة الاقتصادية والمالية التي بدأت عام 2008، لكنها ذكرت أن مستوى هذا الخطر “أعلى في دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين فقد زاد من 34 بالمئة في 2006-2007 إلى 46 بالمئة في 2011-2012.” غير ان هذا الخطر ليس موزعا بالتساوي ولم يرتفع في سبع من الدول الأعضاء على الأقل. بحسب رويترز.

وذكر التقرير أن الدول الأكثر عرضة للخطر هي قبرص وجمهورية التشيك واليونان وايطاليا والبرتغال وسلوفينيا واسبانيا. وتراجع خطر الاضطرابات الاجتماعية في بلجيكا وألمانيا وفنلندا وسلوفاكيا والسويد منذ عام 2010.

تصاعد الهجرة من دول أوروبية

على الصعيد نفسه أدى تدفق أفراد من دول في جنوب أوروبا تعاني من أزمة اقتصادية مثل اسبانيا وإيطاليا واليونان إلى أكبر زيادة في معدلات الهجرة إلى ألمانيا منذ نحو 20 عاما، وقال المكتب الاتحادي للإحصاءات إن 1.081 مليون مهاجر وصلوا المانيا العام الماضي بزيادة 13 في المئة عن عام 2011 وهو أعلى عدد منذ عام 1995، ووصلت أكبر أعداد من دول في شرق أوروبا ودول جنوب منطقة اليورو التي تواجه صعوبات في مواجهة الركود الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة نتيجة لأزمة الديون المستمرة منذ ثلاث سنوات في منطقة اليورو، وارتفع عدد المهاجرين القادمين من اسبانيا واليونان والبرتغال وإيطاليا 40 في المئة أو أكثر مقارنة بالعام السابق.

وقال مكتب الإحصاءات “ارتفاع معدلات الهجرة من دول الاتحاد الأوروبي المتضررة من الأزمة المالية وأزمة الديون شديدة على وجه الخصوص”، وظلت ألمانيا مظهرا نادرا للقوة خلال الأزمة واستفادت من الإصلاحات الهيكلية العميقة التي أجرتها قبل عشر سنوات والشركات الصغيرة والمتوسطة القادرة على التنافس وتدني أسعار الفائدة. بحسب رويترز.

ويبلغ معدل البطالة في المانيا أكبر اقتصاد في أوروبا 6.9 في المئة وهو يزيد قليلا عن أدنى مستوى بلغه خلال فترة ما بعد توحيد شطري المانيا. وعلى العكس من ذلك فهناك شخص واحد من كل أربعة في اسبانيا واليونان بلا عمل وتقترب البطالة بين الشبان في تلك الدول من 60 في المئة، وجعل هذا من المانيا وجهة مفضلة بشكل متزايد رغم عقبات مثل اللغة.

لكن الأعداد من جنوب أوروبا ما زالت محدودة نسبيا في المجمل مقارنة بالوافدين من شرق أوروبا، ووصل 34109 أشخاص من اليونان و29910 من اسبانيا عام 2012. وهذه الأعداد مقارنة مع 176367 من بولندا و116154 من رومانيا.

الشباب العاطلون عن العمل اكبر مشكلة في اوروبا

على صعيد ذو صلة قالت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل ان العدد القياسي للشباب العاطلين عن العمل “ربما يكون اكثر المشاكل الملحة التي تواجه اوروبا” محذرة من خطر نشوء “جيل ضائع”، وذلك في تصريحات عشية اجتماع لبحث هذه الازمة.

ومع مؤشرات الى ان اكثر من نصف الشباب دون سن 25 عاما عاطلين عن العمل في اليونان واسبانيا وعدد اخر من الدول، من المقرر ان تستضيف ميركل اجتماعا مع نحو 20 رئيس دولة وحكومة لبحث سبل معالجة انتشار البطالة بمعدلات قياسية.

وصرحت ميركل لمجموعة من ست صحف انه “عندما تبدأ الامور بالتعثر، فان مهمة السياسيين اصلاح الوضع”، واضافت ميركل التي يقول عدد من الناقدين ان سعيها لضبط الميزانية هو السبب في خنق انتعاش منطقة اليورو، ان “بطالة الشباب مرتفعة جدا في عدد من الدول منذ عدة سنوات، والان ادت الازمة الى ارتفاع معدل البطالة بشكل اكبر”.

وتابعت “لا يمكن لذلك ان يستمر في قارة شعبها متقدم في السن. يجب ان لا نسمح بوجود جيل ضائع”، في اشارة الى نحو ستة ملايين شاب دون العشرين عاطلين عن العمل، واوضحت ميركل، التي تسعى للفوز بولاية ثالثة في الانتخابات التي ستجري في 22 ايلول/سبتمبر، ان من هم غير مسؤولين عن الازمة هم من يدفعون اعلى ثمن، واضافت “يؤسفني انه في غالب الاحيان فان من ليس لهم علاقة مطلقا بتدهور الامور وهم الشباب والفقراء، هم من يتحملون اكثر المصاعب اليوم”، وقالت “من المؤسف تماما ان عددا من النخب الاقتصادية لا تتحمل مسؤولية الوضع السيء”. بحسب فرانس برس.

واشارت الى ان المانيا، التي تسجل اقل نسبة بطالة بين الشباب والبالغة 7,6%، يمكن ان تطلع الاخرين على نظامها المزدوج الذي يجمع ما بين التدريب الاكاديمي والتدريب الوظيفي أثناء فترات تدريب الطلاب، وقالت “نحن في المانيا تعلمنا الكثير من النجاح في خفض البطالة عن طريق الاصلاحات الهيكلية منذ اعادة توحيد (الالمانيتين)، ويمكننا ان نعرض هذه التجربة”، واوضحت “يجب ان لا نحاول ان نجعل شبابنا اكثر اكاديمية .. في المانيا نرى الاثار الايجابية لتمتع العمال المهرة والحرفيين بسمعة ممتازة”.

حيث قفزت نسبة البطالة بين الشبان اليونانيين إلى مستوى قياسي مسجلة 64 بالمئة في فبراير شباط مما يبرز الحالة المتردية لاقتصاد يعاني ركودا على الرغم من علامات على تحسن معنويات قطاع الاعمال، واظهرت بيانات أن المعدل الاجمالي للبطالة إرتفع الي 27 بالمئة وهو أعلى مستوى له على الاطلاق في حين قفزت البطالة بين الشبان في الفئة العمرية من 15 إلي 24 عاما إلي 64.2 بالمئة في فيراير من 59.3 بالمئة في يناير كانون الثاني.

ومعدل البطالة في اليونان يزيد عن ضعفي متوسط البطالة في منطقة اليورو الذي وصل الي 12.1 بالمئة في مارس اذار، وخفضت اثينا الحد الادنى للاجر الشهري لاولئك الذين تقل اعمارهم عن 25 عاما بنسبة 32 بالمئة إلي حوالي 500 يورو لدعم التوظيف لكن معدل البطالة بين الشبان واصل الصعود حتى على الرغم من ان بعض المؤشرات تشير الي انتهاء أسوأ ازمة ديون لليونان.

وقالت ايفانتيا بوزا (23 عاما) التي درست الادب الانجليزي “كنت أحلم بأن أتمكن من العمل في مجال تخصصي لكن بعد ثلاثة اعوام من البحث ليس لدي أمل يذكر بأنني سأحصل على وظيفة.. أي وظيفة. ذلك يبدو شبه مستحيل. بحسب رويترز.

طن وقالت وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية في مذكرة ان التوقعات الاقتصادية لليونان تبقى غير مؤكدة على الرغم من التقدم الذي حققه البلد العضو بمنطقة اليورو في الاشهر القليلة الماضية في خفض عجز الموازنة واعطاء دفعة لبرنامج الخصخصة، وتوقع محلل بازر في موديز ان ينكمش الاقتصاد اليوناني بنسبة 5.3 بالمئة هذا العام.

الأزمة تدفع المزيد من الأوروبيين إلى التخلي عن عطل الصيف

ففي دليل على الأزمة التي لا تزال تلقي بظلالها على أوروبا، لا يعتزم إلا نصف الأوروبيين تقريبا (54%) إمضاء عطلة في فصل الصيف، وقد سجلت هذه النسبة أدنى مستوياتها منذ العام 2000، بحسب مؤشر “إبسوس يوروب أسيستانس”.

وقد انخفضت خطط أخذ عطلة بين شهري حزيران/يونيو وأيلول/سبتمبر بمعدل 12 نقطة بالمقارنة مع العام 2011 في أوساط الأوروبيين المشمولين بالدراسة (الفرنسيين والألمان والبريطانيين والإيطاليين والإسبان والبلجيكيين والنمسويين) التي جرت بين 11 شباط/فبراير و23 آذار/مارس وشملت عينة من 4048 شخصا، وقال مارتان فيال المدير العام ل “يوروب أسيستانس” لوكالة فرانس برس إن “الأزمة لا تزال تلقي بظلالها (على المنطقة)، والعلاقة جلية بين حدة هذه الأزمة وتراجع خطط العطل”. بحسب فرانس برس.

وكانت بلدان جنوب اوروبا حيث تسجل البطالة أعلى مستوياتها البلدان الأكثر تأثرا بهذه الظاهرة، ف 42% لا غير من الإسبان يعتزمون أخذ عطلة في الصيف، في مقابل 53% من الايطاليين، في حين ترتفع هذه النسبة إلى 59% في بلجيكا و62% في فرنسا، كما يعتزم 47% من الأوروبيين المشمولين بهذه الدراسة اقتصاد اموالهم خلال العطل، وأولهم الإسبان.

الإسبان يخفضون نفقاتهم في ظل الأزمة

سيارات أقل وثياب أقل وسجائر أقل… في إسبانيا الرازحة تحت وطأة الكساد والبطالة المستشرية، يقلل المستهلكون نفقاتهم، ما يلقي بظلاله على المتاجر الكبيرة والصغيرة، وقد طالا التقشف علامات إسبانية كبيرة، من قبيل “بلانكو” للألبسة الجاهزة ومصنع السجائر “أتلاديس”، وتضم مجموعة “بلانكو” حوالى 300 فرع في 23 بلدا، وقد أشهرت إفلاسها في الرابع من حزيران/يونيو بسبب “هشاشة الوضع الاقتصادي في البلاد التي تؤثر بصورة خاصة على سوق الائتمان والاستهلاك”.

وبغض النظر عن نجاح علامات مثل “زارا” و”مانغو”، يواجه قطاع الألبسة الجاهزة في إسبانيا مشاكل جمة، بحسب جمعية العاملين في قطاع النسيج “أكوتكس”. وتسجل المبيعات انخفاضا بنسبة 8,7% منذ بداية العام 2013 ليتكبد القطاع خسائر للسنة السابعة على التوالي، وقرر “أتلاديس” أيضا إلغاء 10% من فرص العمل فيه وإغلاق مصنعه في منطقة الأندلس بسبب “انخفاض في المبيعات بنسبة 40% خلال السنوات الأربعة الأخيرة”.

وعزت المجموعة التابعة للبريطاني “إمبيريال توباكو” هذا الانخفاض إلى “ازدياد ملحوظ في الاتجار غير الشرعي ناجم عن الازمة الاقتصادية”. وقد تراجعت مبيعات السجائر في العالم من 4,51 مليار رزمة في العام 2008 إلى 2,67 مليارا في العام 2012، نتيجة حظر التدخين في الأماكن العامة، وشرحت سيليا فيريرو نائبة رئيس اتحاد صغار المقاولين “إيه تي إيه” قائلة “لا نواجه أزمة مالية واقتصادية وأزمة توظيف في إسبانيا فحسب، بل أيضا أزمة ثقة تنعكس على الاستهلاك المتواصل الانخفاض”.

وفي رابع اقتصاد في منطقة اليورو تصل فيه البطالة إلى 27%، تراجعت مبيعات التجزئة في نيسان/أبريل بنسبة 2,6% للشهر الرابع والثلاثين على التوالي، ولفتت روكيو ألجسيراس المسؤول عن قسم الشؤون القضائية في جمعية الدفاع عن المستهلكين إلى أن “ازدياد البطالة يدفع الأسر إلى تحديد الأولويات عند القيام بالمشتريات، وهي لا تحرم أفرادها بالطبع من المنتجات الضرورية، مثل المواد الغذائية، لكنها تخفض نفقاتها الأخرى”، وأضافت “نخشى أن يستمر هذا الوضع مع استمرار الأزمة الاقتصادية”. بحسب فرانس برس.

يذكر على سبيل المثال أن عدد الخطوط في قطاع الهواتف المحمولة قد انخفض بمعدل 300 ألف خط، وذلك للشهر الثامن على التوالي، غير أن القطاع الأكثر تأثرا بالأزمة هو من دون شك القطاع التجاري الذي شهد إغلاق متاجر عدة منذ بداية الأزمة، “ما أدى إلى إقفال حوالى 47 ألف متجر صغير وإلغاء 500 ألف وظيفة في القطاع التجاري”، وفق سيليا فربرو، لكن هذه الأزمة قد تشكل أيضا فرصة لإعادة الحسابات وتحديث القطاع وتكييفه أكثر مع حاجات الزبائن، وقد وافقت الحكومة الاسبانية على خطة لدعم قطاع التجارة بالتجزئة تهدف إلى جعله أكثر تنافسية من خلال منحه القروض أو تشجيع المبيعات على الانترنت، مع العلم أن هذا القطاع يشكل 5,3% من إجمالي الناتج المحلي.

تظاهرة ضخمة في روما للمطالبة بفرص عمل

فيما شارك عشرات الاف الاشخاص في وسط روما في تظاهرة ضخمة للمطالبة بتأمين فرص عمل والعدالة الضريبية، بناء على دعوة من ثلاثة اتحادات نقابية في البلاد، واستمع المتظاهرون الذين اجتمعوا في ساحة القديس يوحنا اللاتراني وحملوا مئات اليافطات والبالونات الملونة، الى كلمات قادة الاتحادات الثلاثة الذين نظموا للمرة الاولى منذ عشر سنوات تظاهرة كبيرة موحدة في العاصمة الايطالية، وقالت سوزانا كاموسو زعيمة الاتحاد الايطالي العام للعمل، ابرز اتحاد نقابي في ايطاليا، “نحن في الشوارع اليوم لان البلاد بحاجة الى حلول سريعة للخروج من الازمة. والحل الاول الذي تحتاج اليه البلاد هو تخفيف الضرائب لمصلحة العمال والمتقاعدين لاعادة تحفيز الاستهلاك والانتاج”.

واضافت كاموسو التي كانت تتصدر احدى التظاهرتين اللتن اجتازتا المدينة وصولا الى ساحة القديس يوحنا اللاتراني، ان النقابات الثلاث “مقتنعة اشد الاقتناع انه اذا لم تؤمن الحكومة حلا، فاننا نهدر الوقت والازمة تتفاقم”. بحسب فرانس برس.

من جهته، قال لويدجي انجيليتي، زعيم نقابة الاتحاد الايطالي للعمل، “لقد سئمنا الوعود البراقة. لا يكفي تعداد المشاكل، الحكومات موجودة من اجل حلها”، وايد الحزب الديموقراطي (يسار) ابرز الاحزاب السياسية في المدينة التظاهرة، وانضم امينه العام غوغليملو ابيفاني الزعيم السابق للاتحاد الايطالي العام للعمل، الى المتظاهرين.

وقد وضعت الحكومة الايطالية الجديدة برئاسة انريكو ليتا، البطالة ولاسيما بطالة الشبان في صلب اهتماماتها وتدعو الى تحرك اوروبي منسق يتعين ان تظهر اولى نتائجه كما تقول روما لدى عقد القمة الاوروبية، وقد دخلت ايطاليا في الانكماش اواخر 2011 وتناهز ديونها 120% من اجمالي الناتج المحلي.

خطة لمكافحة البطالة لدى الشباب

من جانب آخر اتفق القادة الاوروبيون في بروكسل على تسريع عملية صرف مبلغ ستة مليارات يورو سبق لهم وان تقرر رصدها لمكافحة البطالة لدى الشباب، كما قرروا زيادة هذا المبلغ الى ثمانية مليارات يورو، ومبلغ الستة مليارات يورو كان مدرجا في الموازنة الاوروبية للاعوام 2014-2020 على ان يصرف لمكافحة البطالة لدى الشباب على مدى هذه السنوات السبع، غير ان المفوضية الاوروبية اقترحت صرف هذه الاموال على مدى عامين لمزيد من الفعالية في مكافحة بطالة الشباب، وخلال قمتهم في بروكسل وافق القادة الاوروبيون على مقترح المفوضية، لا بل انهم ذهبوا ابعد منه وقرروا زيادة المبلغ الى ثمانية مليارات يورو، وذلك في اطار “المبادرة من اجل الشباب” المخصصة للمناطق التي تسجل اعلى نسب لبطالة الشباب وهي موزعة على 13 دولة اوروبية، وقال رئيس الاتحاد الاوروبي هيرمان فان رومبوي خلال مؤتمر صحافي ان “اللجوء الى المبادرة من أجل الشباب سيتركز على السنتين الاوليين” اي 2014 و2015.

واضاف انه بفضل المرونة التي تقررت في ادارة موازنة الاعوام 2014-2020 والتي تجيز اعادة تخصيص الاموال غير المستخدمة فان “المبادرة من اجل الشباب ستكون اكبر من الستة مليارات يورو. من المفترض ان تبلغ ثمانية مليارات يورو على الاقل، بحسب التوقعات”، وبحسب دبلوماسي اوروبي فان ابرز الدول التي ستستفيد من المبادرة في 2014 ستكون اسبانيا، اليونان، ايطاليا وفرنسا. بحسب فرانس برس.

ويزيد عدد الشبان العاطلين عن العمل في اوروبا عن 5,6 ملايين شاب وشابة دون 25 عاما. وترتفع نسبة بطالة الشباب الى مستويات خطرة في بعض هذه الدول ولا سيما في اليونان واسبانيا حيث تزيد هذه النسبة عن 50%، وقرر رؤساء الدول والحكومات في قمتهم ايضا تحسين تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ولا سيما عبر المفوضية الاوروبية والبنك الاوروبي للاستثمار.

انخفاض معدلات الولادة في أوروبا بعد الأزمة الاقتصادية

فمنذ بدء الأزمة المالية التي شهدتها أوروبا عام 2008، انخفضت معدلات الولادة في القارة العجوز، وذلك طبقا لإحدى الدراسات، وتوصل معهد ماكس بلانك للبحوث الديموغرافية الألماني إلى أن هناك انخفاضا في معدلات الولادة في 28 دولة أوروبية مع ارتفاع في معدلات البطالة، وتأثر بعض الأوروبيين بذلك، خاصة من هم دون سن الخامسة والعشرين، ومن يعيشون في الدول التي تقع في الجزء الجنوبي من أوروبا، مثل اسبانيا.

وكانت العلاقة بين الاقتصاد والخصوبة محور نقاش لوقت طويل، إلا أنها لا تزال أمرا جدليا، وقال الباحثون في معهد ماكس بلانك إن دراستهم أثبتت أن “حجم البطالة في الدولة الأوروبية الحديثة يؤثر في حقيقة في معدلات الولادة”، وقالت ميشيلا كرينفيلد الباحثة في علوم السكان: “تزامن حلول الأزمة المالية على أوروبا مع الوقت الذي أخذت فيه معدلات الولادة في العديد من الدول في الارتفاع مرة أخرى”، وأضافت أن المعدلات المرتفعة للولادة قد توقفت في بعض الدول، بينما انخفضت تلك المعدلات في دول أخرى.

وفي أسبانيا، انخفض معدل الخصوبة الكلي – متمثلا في عدد مرات الولادة لدى السيدة الأسبانية – بنسبة تصل إلى ثمانية في المئة بين عامي 2008 و 2011، وذلك مع ارتفاع معدلات البطالة هناك ما بين 8.3 في المئة و 11.3 في المئة. بحسب البي بي سي.

كما شهدت كل من المجر، وأيرلندا، وكرواتيا، ولاتفيا، انتكاسة في تلك المعدلات أيضا، طبقا للدراسة، وقبل ذلك، شهد الارتفاع في معدلات الولادة تباطؤًا لدى دول مثل التشيك، وبولاندا، والمملكة المتحدة، إلا أنه لم يحدث أي تغيير تقريبا في عدد الأطفال المولودين في ألمانيا، وسويسرا، على الرغم من تجاوز سوق العمالة في هاتين الدولتين أزمتها بشكل جيد مقارنة بالدول الأخرى، وأظهرت الدراسة أن الأوروبيين، وبالأخص من لم تتجاوز أعمارهم الخامسة والعشرين، يحجمون عن إنجاب الأطفال، وذلك في مواجهة معدلات البطالة المرتفعة، كما أنها أشارت إلى أن العديد منهم قد يؤجلون فكرة تكوين عائلة بدلا من أن يقرروا إلغاء فكرة العائلة.

وتقول الدراسة إن ارتفاعا بنسبة واحد في المئة في معدلات البطالة يتسبب في انخفاض معدلات الخصوبة بنسبة تقارب 0.2 في المئة لدى من تتراوح أعمارهم ما بين 15 إلى 19 عاما، كما تقل بنسبة 0.1 في المئة لدى من تتراوح أعمارهم ما بين 20 إلى 24 عاما، إلا أن الارتفاع في معدلات البطالة لم يتسبب في إحداث تغيير في معدلات الولادة لمن هم فوق سن الأربعين، وقالت كرينفيلد: “من السهل إعادة النظر في خطط الخصوبة لدى من هم أصغر سنا”.

‫شاهد أيضًا‬

قراءة في مشروع قانون المالية لسنة 2021 * بقلم : طارق المالكي

يأتي مشروع قانون المالية لسنة 2021 في سياق عام دولي ووطني، يتميز بالصعوبة والضغوطات التي ت…