غادر دنيا الأحياء اليوم بمدينة المحمدية، الباحث والمؤرخ المغربي الرصين جدا إبراهيم ياسين، الذي كان واحدا من فضلاء مدرسة التاريخ المغربية، المنتمين إلى جيل الباحثين الذين يصدرون عن رؤية معرفية أكاديمية مسنودة بوازع وطني أصيل.
شكل إبراهيم ياسين، نموذجا للجيل المغربي الذي أنضجته مدرسة التاريخ بالمغرب في السبعينات، قادما من قارة الطلبة المنتمين إلى اليسار الجديد (الماركسي اللينيني في خصوصيته المغربية)، هو الذي سيصبح واحدا من رفاق المناضل الوطني المغربي الكبير سي محمد بنسعيد آيت يدر. مثلما أنه ظل صوتا مختلفا ينسج علاقات التواصل والتكامل مع مختلف تيارات اليسار بالمغرب ومع باقي الحساسيات الفكرية والسياسية المغربية (بما فيها التيار الإسلامي)، حيث فاز بتقدير واحترام الجميع.
إبراهيم ياسين، نموذج أيضا (ثقافيا وسلوكيا) لجيل من أبناء المغرب الأمازيغ السوسيين، الذي ظل يصدر عن رؤية للحياة تنتصر للقيمي في العلائق والسلوك ذاك الذي يتأسس على التواضع والوفاء ونكران الذات، لهذا السبب ظل دوما منحازا للبقاء في الظل غير محب للظهور حتى وهو وازن في محطات فكرية وسياسية بالمغرب.
شكلت أطروحته الجامعية لنيل الدكتوراه بكلية الآداب بالرباط في التسعينات التي أشرف عليها الدكتور إبراهيم بوطالب، واحدة من أنضج الأطاريح الجامعية المشتغلة على قصة وتاريخ عائلة الباشا التهامي لكلاوي المزواريين، من خلال دراسة اتحاد قبائل آيت ووازكيت. وهو بحث صدر في كتاب قيم بعد ذلك يعتبر مرجعا أساسيا في فهم جزء من تاريخ المغرب الحديث من خلال دور منطقة وعائلة، استنادا على رؤية نقدية جد رصينة أكاديميا.
رحمه الله رحمة واسعة وصادق العزاء لعائلته الصغيرة في مقدمتهم إبنه سمير ولعائلته الأكاديمية في مدرسة التاريخ المغربية.