|
||
صقور النهضة يُسكتون حمائمها ‘المهمشة’ في أزمة تونس |
||
حركة النهضة تحسم موقفها من دعوات حل الحكومة بالمواجهة وإن أدى الأمر إلى استخدام عنف الشارع ضد المعارضين الغاضبين. |
||
ميدل ايست أونلاين |
تونس – حسمت حركة النهضة موقفها من مطالبة المعارضة بحل المجلس التأسيسي وحل الحكومة وقررت “مواجهة” كل دعوة أو مطلب “يستهدف السلطة الشرعية وإن أدى الأمر إلى استعمال عنف الشارع” ضد “اعتصام الرحيل” الذي تنفذه القوى الوطنية والديمقراطية في ساحة باردو شمال العاصمة تونس.
وقالت مصادر سياسية إن قيادات النهضة أجرت خلال الأيام الماضية اجتماعات أحيطت بالتكتم والسرية بحثت خلالها “الطرق الكفيلة” بالتعاطي مع الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد منذ اغتيال انائب العلماني المعارض محمد البراهمي.
وكشفت نفس المصادر أن موقف الحركة من الأوضاع، التي باتت تنذر بانقسام المجتمع ما قد يمهد إلى ما يشبه الحرب الأهلية، ليس موحدا وإنما يشقه تياران اثنان.
يقود التيار الأول رئيس الحركة راشد الغنوشي ويسانده ما بات يعرف بـ”الصقور”، ويرفض هذا التيار أي مفاوضة تمس بـ”الشرعية”، أي شرعية صناديق الاقتراع التي أوصلت النهضة إلى الحكم.
ويرى تيار الصقور أن مواقف المعارضة وكذلك حركات الاحتجاج ما هي إلا مؤامرة حاكتها التيارات العلمانية بالتنسيق مع جهات أجنبية لـ”ضرب أول تجربة لحكم الإسلاميين” ومن ثمة فإن الدعوة إلى حل المجلس التأسيسي وحل الحكومة بدعوى الفشل السياسي والاقتصادي والأمني إنما هي ترجمة لتلك المؤامرة التي تستهدف الحركة في وجودها.
ونجح التيار المتشدد في فرض موقف يرفض “أي محاولة تستهدف حكومة علي العريض وإن أدى الأمر إلى المواجهة والإستقواء بأنصار النهضة في الشارع”، وهو ما أشار إليه العريض نفسه خلال الفترة الأخيرة حين لوح بان “النهضة مستعدة لإنزال مناضليها إلى الشوارع” لمواجهة “كل من يحاول تقويض السلطة الشرعية”.
وقد شدد رئيس النهضة نفسه راشد الغنوشي على أن “النهضة مستعدة لتوسيع مشاركة الأحزاب في الحكومة برئاسة العريض ولكنها لن تقبل بحكومة إنقاذ وطني ترأسها شخصية مستقلة” الأمر الذي زاد في تأجيج السخط السياسي والشعبي على الحركة التي بدت خلال هذه الفترة كما لو أنها تجدف ضد التيار.
ويتحدث السياسيون والإعلاميون أن النهضة بصدد إعداد إستراتيجية شاملة لمواجهة خصومها خلال الفترة القادمة، ملاحظين أنها إستراتيجية تمعن في تعميق الأزمة ولن تؤدي إلا إلى وأد حكم الإسلاميين.
أما التيار الثاني الذي يشق حركة النهضة حاليا فهو تيار معتدل ومنفتح يقوده كل من نائب رئيس الحركة الشيخ عبد الفتاح مورو وأمينها العام حمادي الجبالي اللذان دخلا في خلاف حاد مع راشد الغنوشي ومع القيادات المتشددة.
ويرى هذا التيار، الذي يبدو مهمشا تنظيميا، أن الأزمة التي تمر بها البلاد هي نتيجة لفشل حكومة علي العريض وأن الأمر لا يتعلق بـ”مؤامرة” تتعرض إليها النهضة وإنما يتعلق بوضع دقيق تمر به البلاد يستوجب حل الحكومة وتشكيل حكومة إنقاذ وطني.
ويطالب حمادي الجبالي صقور النهضة بـ”التعاطي السياسي مع الأزمة التي تمر بها البلاد بمنأى عن الاعتبارات العقائدية”، وهو لا يستنكف عن تحميل الطبقة السياسية وفي مقدمتها حركة النهضة مسؤولية الوضع الذي آلت إليه تونس والذي بات يهدد السلم الأهلي.
غير أن “تيار الحمائم” الذي كثيرا ما يشكو من استضعاف “تيار الصقور” يبدو صوته غير مسموع لا لدى راشد الغنوشي ولا الحبيب اللوز ولا الصادق شورو لذلك فشل في كسب المعركة خلال الفترة الأخيرة فيما نجح المتشددون في حسم الخلاف وقرروا “مواجهة مؤامرة العلمانيين”.
ويراهن صقور النهضة على كسب معركة الشارع لأنه في حال خسارة الحركة لها فإنها ستخسر السلطة كلها مثلما حدث في مصر، لذلك حشدوا قواعد الإسلاميين بما فيهم السلفيين وحزب التحرير في ساحة باردو للدفاع عن “الشرعية” ومواجهة “اعتصام الرحيل” الذي تنفذه القوى اليسارية والعلمانية.
ويخشى التونسيون أن تتأزم الأوضاع أكثر ويتحول كل من اعتصام العلمانيين واعتصام الإسلاميين إلى مواجهات وحرب شوارع قد تدفع بالبلاد في ظل هشاشة الوضع الأمني إلى حرب عصابات تمتلك الأسلحة والذخيرة كما تمتلك العقيدة التي تشرع “صناعة الموت”.