كان الناس يستعدون بفرح وحماسة لكل المناسبات من الاعياد الدينية و الاعراس وبالولادات الجديدة والدخول المدرسي وحتى ختان الاطفال ، ويتعاملون بسخاء وترحاب مع زوار البيوت والضيوف حتى وإن أقاموا شطرا من العطلة أو أغلب أيامها ، وكانوا يجدون بجيوبهم ما يسد رمقهم وزيادة في علاقة بأسعار وخدمات معقولة وشعبية ،، وحمد الله البعض بالتحلي بقناعة طيبة ورضى روحي بالرزق القليل لايسألون أحدا إلا الله ليبارك لهم فيما رزقهم ويعوضهم بعد القيامة بخيرات الجنان على صبرهم وعفتهم …
وأضحت كل المناسبات في زماننا هذا تشكل ثقلا وإزعاجا يطال معنويات ونفسيات الناس بسبب الضربات المتتالية التي تعرضت لها القدرة الشرائية بسبب ارتفاع الاسعار لدرجة أن أجور أصحاب السلم العاشر أو ما يعدل دخل 7000 درهم لم تعد تكفي غالب الاحيان لسداد المتطلبات الضرورية لثلثي الشهر وأصبح دخلهم عرضة للاستنزاف بسبب الغلاء والديون المتعلقة بالمعيشة في حدودها الدنيا بحثا عن توازن مالي وهمي ، هذا في المدن الصغرى والمتوسطة وبالمراكز القروية أما ما يسمى المدن الكبرى فالوضعية أشد صعوبة ؟ ، حيث حل بغالبية الشعب نظير لآثار القرارات المنهكة لإقتصادات ومالية الدول نتيجة المبالغة في الاستدانة بشروط مجحفة من صندوق النقد الدولي والمؤسسات المماثلة له ..،
لقد أضحى العجز المالي والديون حصيلة لامفر منها عند : الدخول المدرسي والجامعي والاعياد الدينية ونخص بالذكر عيد الفطر في علاقة بغلاء المعيشة في شهر رمضان ، وعيد الاضحى ومتطلباته المرتبطة بالسنن والاعراف والتقاليد ، والمناسبات العائلية والعطل …الخ
لذلك وغيره إضطر الناس حسب قناعاتهم إلى : – شراء أضحية العيد بأقساط مالية موزعة على أشهر السنة ؟ ، – الاستدانة من الغير لشراء الأضحية والملابس و …– إلى الشراء بالأقساط الممكنة الموزعة حسب تسهيلات البائع ؟ –
ويعمد البعض إلى قاعدة لايكلف الله نفسا إلا وسعها ، وأن نبينا ضحى نيابة عن أمته حتى يوم القيامة وهذا رهين بتفهم العائلة بعدم شراء الأضحية ..” : “بسم الله والله أكبر، اللهم هذا عني وعمن لم يضح من أمتي” حديث
الغريب أن بعض “المتحدثين” بقصد “الوعظ والارشاد” من منابر مختلفة يجنحون إلى جعل بعض السنن إلزامية وإجبارية مع اخضاعها لشروط لا تتيسر إلا لميسوري الحال لشراء كبش أقرن وأملح .. ، ومنهم من يعتمد نصوصا تحول الأضاحي إلى مطايا على الصراط المستقيم تيسر الدخول للجنة ..وأنه بكل شعرة حسنة وبكل شعرة من الصوف حسنة .. وبكل قطرة دم يغفر ما سلف من الذنوب …؟ ..كما “ينصحون “بأهمية لبس الثياب الجديدة والجميلة ، والتعطر والتجمل وهم يعلمون أن أغلب المخاطبين لايستطيعون توفير قوتهم اليومي ناهيك عن شراء الثياب وشراء اللحوم طوال السنة و…
إن الناس أصبحوا : – ضحايا بين المستغلين للدين لأغراض لاتخفى على كل من يتتبع الحياة العامة في ارتباط بسياسات الوعظ وتلقين “فهم” وتوجه خاص ببعض الجماعات التي ترى أنها الأصدق وأنها الفئة الناجية ؟ ، و – ضحايا المنتهزين للمناسبات الدينية التي لها مكانة خاصة عند المسلمين فيرفعون الأسعار بكل الطرق المنهي عنها شرعا وقانونا كي يحققوا أرباحا ترضي جشعهم على حساب الضعفاء وأصحاب الدخل المحدود وحتى من الميسورين ؟ ، و – ضحايا السياسات التي تعتمد تحرير الاسعار وتتساهل مع ارتفاعاتها …
ونحن نتحدث عن التضحية فالمفترض منطقا وعقلا وشرعا أن يعفى الفقراء والمساكين والضعفاء من التضحية بكل أشكالها : لقد تمت التضحية بالقدرة الشرائية ، بسبب ضعف تعويضات المعاش وهشاشة الحد الأدنى للأجر وتجميد الاجور و .. في مقابل تحرير الاسعار التي همت الخضر والفواكه والبقالة والألبسة وتكاليف الدواء والعلاج والتعلم والتنقل لدرجة عجز الناس عن شراء حاجاتهم حتى من البصل والطماطم والجزر و… أما بهائم الأنعام وأثمنة لحومها طوال السنة فحدث ولا حرج …
وليس لنا رغم كل هذا وغيره إلا أن نتقدم للشعب المغربي والأمة الاسلامية بأحر التهاني وأصدق التبريكات بمناسبة عيد الاضحى المبارك ، ونسأل الله أن يرفع عن الناس الجفاف والفقر والخصاص والظلم الاقتصادي والاجتماعي ..
تارودانت : الأحد 25 يونيو 2023.