قبل أن نسمع بسياسة المخطط الأخضر الفاشلة، كانت البادية المغربية مركز حياة الناس، حيث كان الفلاح البسيط ينتج كل احتياجاته المعيشية ويوجهها لسوق المدينة ويوفر كل متطلبات الحياة السعيدة بفرح غامر دون كلل أو ملل.
من البادية أيضا كانت حمولات القمح والشعير والذرة… وما إلى ذلك توجه للأسواق الأسبوعية لتغطية حاجة ساكنة المدينة من مادة الخبز والحلويات ومختلف الفطائر .
كانت كل الخضر والفواكه الموسمية المعروفة تحمل بأبخس الأثمان من القرى المغربية نحو المدن لتقاسم المنتوج الزراعي والفلاحي بكامل أوصاف اللذة والجودة.
قبل تنزيل مخططهم البئيس كان الفلاح البسيط يجتهد ويكد ويعمل طول السنة لتوفير أضاحي عيد الكبير لسائر فئات الشعب المغربي حسب القدرة الشرائية للأسر ذات الدخل المحدود….طبعا من داخل زريبة الفلاح البسيط.
ومن فضاء الدوار والمدشر والقرية كانت منتوجات أنامل المرأة القروية تحط الرحال برحبة الصوف والسدة وتعرض أجمل الازياء التقليدية (جلابة وسلهام..الحيك…) لباسا وغطاء وكساء صيفا وشتاء.
وكنا إلى العهد القريب نسمع نداء الفلاح البسيط مع تباشير الصباح وهو يجوب أزقة أحياء المدن القريبة من الدوار حيث يوزع سخاء أبقاره من حليب ولبن وزبدة بلدية….أو يحمل على عربته المجرورة أنواع منتوجات دوالي العنب والكرموس الهندي والباكور دون التفريط بمنتوج لبحيرة (دلاع وفكوس ومنون ومهاية وبطيخ….)
لكن بعد فشل المخطط البئيس الذي حول حفنة من المحظوظين إلى أباطرة الاحتكار مقابل اغتيال حلم الفلاح البسيط الذي كان يتطلع للظفر بقسط من الرعاية والإهتمام من خلال الدعم المخصص له ولغيره من الفلاحين حيث أخذ طريقه لجيوب من لا كبد لهم على الوطن….انقلبت الآية وعم الركود وطال التهميش قريتنا الجميلة….فجفت الأرض ونضب الضرع ويبس الزرع.
بقدرة مخططات الملهوطين ابتلعت كماشة القهر والتهميش ذلك الفلاح البسيط الذي كان منعشا للحياة، ولم يعد قادرا حتى على حماية مواشيه وبهائمه من الجوع والضياع….ولم يعد أيضا باستطاعته توفير الحد الأدنى من منتوجاته الزراعية البورية تحت انظار عيون مازالت تتربص بمحيطه الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
انظروا إلى بؤس حالتنا اليوم بعد التفريط في كرامة الفلاح البسبط:
– قلة موارد المياه
– غلاء أسعار الخضر
– غلاء الحبوب والقطاني
– منتوجات زراعية دون لذة ولا جودة
– قلة رؤوس الأغنام (استيراد أضاحي عيد الكبير )
– عدم الرضى على جودة سلسلة اللحوم الحمراء (بقر وأغنام…)
– القضاء على فاكهة الكرموس وانعكاسها على حياة الفلاح البسيط .
عن صحيفة انفاس بريس : الرابط