منقول عن موقع مؤمنون بلاحدود

«المجتمع الجيد هو المجتمع الذي يسمح لأفراده من خلال توفير الظروف الثقافية والاقتصادية والاجتماعية بتحقيق ذواتهم واستقلاليتهم، كما أنه المجتمع الذي يسمح لأفراده بتحقيق أحلامهم بدون المرور من تجربة الاحتقار أو الإقصاء. أو بعبارة أخرى جامعة، فالمجتمع الجيد هو الذي يضمن لأفراده شروط حياة جيدة» أكسل هونيث*([1]).

يعدّ مفهوم الاعترافrecognition” من المفاهيم المركزية في الدراسات الإنسانية بشكل عام، والدراسات الفلسفية والسياسية والسوسيولوجية بشكل خاص، ويعني الإقرار بقيمة ما وتقديرها وشرعية وحقوق الآخرين. فقد ظهر عند العديد من المفكرين والفلاسفة أمثال شارل تايلورCharles Taylor” في كتابه سياسة الاعتراف، وبول ريكور Paul Ricoeur” في كتابه مسار الاعتراف. أما مع أكسل هونيث Axel Honneth (1949- ) ممثل الجيل الثالث لمدرسة فرانكفورت، فقد ظهر بعنوان “الصراع من أجل الاعتراف القواعد الأخلاقية للصراع الاجتماعي” The struggle for recognition Ethical rules of social conflict عام 1992([2]).

مفهوم الاعتراف: لغوياً اِعتَرَفَ: (فعل) اعترفَ بـ يَعترف، اعترافاً، فهو مُعترِف، والمفعول مُعترَف إليه، بمعنى الإقرار بالشيء، والاعتراف (اسم) الجمع: اعترافات، وهو مصدر الفعل اعترف. ويقال اِعْتَرَفَ بذنبه أمام القاضي: أَقَرَّ به، اِعْتَرَفَ بالحكومة الجديدة: أَقَرَّ أهدافها وتكوينها، وفي القانون الاعتراف بالحكم: الإقرار بصحة ما ورد في مضمون الحكم تمهيداً لتنفيذه. اصطلاحياً: يشكل الاعتراف بالآخر الطريقة المثلى للتعرف على الذات والاعتراف بها، والاعتراف بالذات وحده يسمح بولوج طريق قبول الآخر، وقبول الآخر وحده السبيل لتحقيق التعايش الاجتماعي. وإن الفرد لا يمكنه أن يدرك ذاته دون أن يمر أولاً بـالغير، يمر بالآخر باعتباره فرداً له خصوصيته وتميزه. كما أنه يعني الموافقة والقبول بالشيء بوصفه حقيقياً، “حيث يضمن تكامل عملية بناء الأمة ضمن تعددية ثقافية في إطار الدولة الوطنية والمواطنية”([3]). وفي النهاية يعرف هونيث الاعتراف بأنه “الاحترام المتبادل للمكانة المتساوية والفريدة للآخرين”([4]).

في حقيقة الأمر، تحتل مقولة الصراع من أجل الاعتراف منزلة أساسية في الحراك الاجتماعي والسياسي، فمفهوم الاعتراف ليس مفهوماً نظرياً فحسب، بل مفهوماً عضوياً* يتطلب سياسة عملية متعددة قائمة على تفعيل مفاهيم المواطنة والعدل والمساواة والديمقراطية، والتقدير، والاحترام، والهوية. كما أن تشكّل الهوية الذاتية يتعلق تعلقاً جوهرياً بهذا المفهوم، وكذلك النضال في وجه الهيمنة والقهر والفقر والاستبعاد والبطالة واحتقار المرأة وإذلالها([5]).

حاول هونيث عبر تنظيره النقدي فتح آفاق جديدة لتطوير النظرية النقدية المعاصرة لمدرسة فرانكفورت في جيلها الثالث من خلال تقديم براديغم الاعتراف بالآخر محاولاً تجاوز نظرية التواصل التي طورها هابرماس، رغم أن الأخير لم يسعى بما فيه الكفاية إلى إبراز الطابع الصراعي لما هو اجتماعي، على اعتبار أن الواقعة الأساسية للمجتمع هي الصراع والمنافسة بين الذوات الاجتماعية، بذلك أكد هونيث أن الصراع من أجل الاعتراف يعني بالدرجة الأولى إرادة الوجود التي تكشف وتشجب الأمراض الاجتماعية والمفارقات الناشئة في المجتمعات الرأسمالية الغربية([6]). ومن هنا كانت مهمة النظرية النقدية عند هونيث تكمن في توسيع النموذج التواصلي ليشمل الاجتماعي بمضمونه النزاعي، فأطلق على نموذجه الجديد مصطلح: “نموذج الاعتراف“، إلا أن هونيث بالمقابل أشاد بنظرية أستاذه هابرماس التي دفعت بالنظرية النقدية إلى الأمام وتقديمه لنظرية تُعرف بالتواصل أو الفعل التواصلي، ومقاربته التي تسمح باكتشاف الاجتماعي والعلاقات الجديدة التي أحدثها بين النظرية والممارسة، وهو ما أدى إلى ابتعاده عن أسلافه، وبخاصة فيما كتبه أدورنو وهوركهايمر في كتابهما جدل التنوير ولم يكتفي هابرماس بالنقد فقط كما فعل أسلافه، وإنما قدم نظرية الفعل التواصلي التي تعتبر في نظر هونيث، بمثابة منعطف حاسم في تاريخ النظرية النقدية أو مدرسة فرانكفورت([7]). غير أنه بقى متحفظاً على اختزال هابرماس للحياة الاجتماعية إلى البعد اللغوي والتمركز حول اللغة قد يحجب عنها حقيقة التفاعلات المجتمعية ويؤدي إلى عدم القدرة على إدراك التجارب الاجتماعية والأخلاقية المرتبطة بأشكال الظلم والاحتقار وعدم الاعتراف بالأفراد والجماعات.

سعى هونيث من خلال براديغم* الاعتراف (الصراع من أجل الاعتراف) إلى تأسيس نظرية معيارية للمجتمع تسمح بإعادة بناء التجربة الاجتماعية انطلاقاً من أشكال الاعتراف التذاوتي التي يعتبرها هونيث مؤسسة للهوية حتى تحقق الذات وجودها داخل نسيج العلاقات الاجتماعية وهو بذلك يتفق فيما يخص ضرورة الانتقال من فكرة الذات في العلاقات الاجتماعية والمؤسسات إلى التذاوت الحديثة وبمختلف تمظهراتها كالعمل والتفاعل والتنشئة الاجتماعية، عبر إعادة إدماج بنيوي لأشكال الصراعات الاجتماعية وأنماط التجربة الأخلاقية المعاشة ضمن نموذج معياري للاعتراف المتبادل الذي استلهمه من نموذج هيجل وعمقه من خلال أعمال هربرت ميد، كما وظف هونيث النظريات السوسيولوجية والسيكولوجية لتعزيز مفهومه عن الاعتراف بهدف الوصول إلى فهم أعمق للعلاقات الاجتماعية والسلوكيات الإنسانية وكيفية تنظيمها، لذلك يرى أن الاعتراف المتبادل كفيل بوضع حدٍ للصراعات الاجتماعية القائمة على السيطرة والهيمنة والظلم الاجتماعي([8])، “وعليه فإن عدم الاعتراف أو الاعتراف غير المطابق أو المشوّه يمكن اعتباره ظلماً ويشكل نوعاً من الاضطهاد؛ لأنه يؤطر ويسجن شخصاً ما أو مجموعة من الأشخاص في نوع من الوجود الخاطئ والمشوّه أو المختزل”([9]). فينبثق مفهوم الصراع من أجل الاعتراف الذي يدور حول ما ننتظره وما نتوقعه ونتطلع إليه من قيم ومعايير ذات طبيعة أخلاقية. بمعنى أن الصراع من أجل الاعتراف يعود إلى الإحباط من عدم تحقق الوعود وعدم تلبية المطالب وإلى الانتظار والترقب والتطلع نحو ما هو ضروري للهوية الفردية والجماعية، وذلك من أجل أفق يعمل على توفير الظروف الاجتماعية المناسبة لقيام علاقة إيجابية مع الذات ومع الآخرين([10]).

وهكذا ينقل هونيث في كتابه (الصراع من أجل الاعتراف) الصراع من مفهومه البدائي من أجل الوجود إلى الصراع من أجل الاعتراف، ويعتقد أن المجتمعات المعاصرة تصارع من أجل نيل الاعتراف والاحترام والتقدير([11]). وهذا يعني أن الاعتراف ليس معطى مباشراً أو أولياً، ولكنه حصيلة صراع ونزاع وحركة قائمة بين المطلب والاستجابة؛ فالاستقلال الذاتي يظهر دائماً في شكل مطلب، ولأن الذات توجد دائماً في نزاع بينذاتي، ولأنها تطلب من الآخرين تلبية مطلبها في الاستقلال الذاتي الذي تحتاج إليه حتى تستطيع بناء هوية ناجحة([12])، فتصبح العلاقات الاجتماعية بهذا المعنى علاقات بين ذوات تبحث عن الاعتراف المتبادل([13]).

يتكون الاعتراف – حسب هونيث – من ثلاثة أشكال أو نماذج معيارية متميزة للاعتراف هي: الحب، الحق (القانون)، التضامن، يستطيع أفراد المجتمع من خلالها تحقيق ذواتهم والاعتراف بها([14]):

1. الحب: إن الحب هو الصورة الأولية للاعتراف، إذ إنه يربط الفرد بالجماعة محددة وخاصة الأسرة التي تمكنه من تحقيق مقصد أساسي يتمثل بالثقة في النفس.

2. الحق (القانون): أما الحق، فهو ذو طابع قانوني وسياسي، حيث يتم الاعتراف بالإنسان كذات حاملة لحقوق ما، ولهذا الاعتراف أهمية كبيرة لاكتساب ما يسمى احترام الذات.

3. التضامن: فهو يحيلنا إلى الصورة الأكثر اكتمالاً من العلاقة العملية بين الذوات وهذا لتحقيق مقصد أساسي يتمثل في إقامة علاقة دائمة بين أفراد المجتمع، حيث يتمكن الفرد أن يتأكد أنه يتمتع بمجموعة من المؤهلات والقدرات التي تسمح له من الانسجام الإيجابي مع وضعه الاجتماعي، فيحقق ما يسمى بتقدير الذات.

بذلك تكون هذه الأشكال الثلاثة للاعتراف أي الحب الذي يحقق الثقة بالنفس، والحق الذي يحقق احترام الذات، وأخيراً التضامن وهو أساس تقدير الذات. إن أشكال الاعتراف هذه تحدد من الناحية الأخلاقية التطلعات الأساسية المشروعة داخل النسيج العلاقات الاجتماعية، وتقاس أخلاقية المجتمع حسب هونيث بمدى إمكانية ضمان شروط الاعتراف المتبادل بين الأفراد([15]).

غير أن تحقيق هذا الاعتراف لا يمكن أن يتحقق إلا ضمن النزاعات الاجتماعية ولهذا يلعب مفهوم النزاع أو الصراع دوراً أساسياً في حركة التطور الاجتماعي، لأن مسببات وعوامل النزاعات والصراعات الاجتماعية ما زالت قائمة ولم يتم تجاوزها، وهذا يظهر بجلاء من خلال شعور الأفراد والجماعات ووعيهم بالظلم أو بما يسمى الاحتقار أو الازدراء الاجتماعي المسلط عليهم.

لذلك، سعى هونيث إلى فهم التجارب الأخلاقية المعاشة وتجاوزها من أجل تحقيق الاعتراف بالآخر، انطلاقاً من فكرة أساسية وهي أن هذه المشاعر وما يرتبط بها من أفعال وردود أفعال قد تسمح بتعيين الظلم الاجتماعي، ولكن كيف يتم التعرف على هذه المشاعر أو تجارب الظلم؟

يعتقد هونيث أنه عندما يقرر الأفراد الانخراط في الصراعات الاجتماعية والسياسية لتغيير الأوضاع المعاشة القائمة التي تكرس تجارب الاحتقار الاجتماعي، وهي تقوم على ثلاثة أشكال:

يتمثل الأول في الازدراء أو الاحتقار على المستوى الجسدي عبر التعذيب أو الاغتصاب مما يشعر الفرد الضحية بالذل والخضوع لإرادة الغير وتبعيته لهم، حيث تؤدي هذه التجربة إلى فقدان الثقة بالنفس وفي الآخرين.

أما الثاني، فإنه ينحصر عندما يحرم الفرد ما من حقوقه المشروعة لأن ذلك سيؤدي ضمنياً إلى أن المجتمع لا يتعرف بنفس درجة المسؤولية التي يعترف بها لأعضاء المجتمع الآخرين.

وينحصر الشكل الثالث والأخير على المستوى القيمي، حيث يرى هونيث أن الحكم على القيمة الاجتماعية لبعض الأفراد بصورة سلبية والتي لا تليق بمقامهم الاجتماعي والأخلاقي، فهذا الشكل من الازدراء يتم على المستوى التقييمي والمعياري وله علاقة مباشرة بكرامة الغير وتقديرهم الاجتماعي داخل الأفق الثقافي للمجتمع([16]).

لم يكتف هونيث بتحليل نماذج الاعتراف، ولا بوصف أشكال عدم الاعتراف، إنما حاول أن يقدم بديلاً فلسفياً يستند على مثال الانعتاق ويشكل أفقاً للفلسفة الاجتماعية. وأطروحته الأساسية في ذلك هي أن الصراع من أجل الاعتراف يشكل قوة أخلاقية تعزي وتنمي تطور وتقدم المجتمع. لماذا؟ لأن تجربة الإذلال تشكل منبعاً للوعي، ومصدراً لمختلف حركات المقاومة الاجتماعية والانتقاضات الجماعية لتحقيق العدل والمساواة والاعتراف بالآخر([17]). بذلك يعد مشروع أكسل هونيث مشروعا فلسفيا يهدف إلى تأسيس نظرية اجتماعية جديدة، بغرض تجديد النظرية النقدية حتى تتلاءم مع التطورات التاريخية الجديدة، وتستجيب للتطلعات الإنسانية الحالية.

(*****)

* أكسل هونيث: ولد في 18 يوليو/ تموز 1949 في إيسِّن Essen، فيلسوف اجتماعي ألماني، أستاذ جامعي ومدير معهد الأبحاث الاجتماعية في جامعة جوته في فرانكفورت، ألمانيا. له الكثير من الكتب والمقالات في حقول الفلسفة الاجتماعية والسياسية وعلم الاجتماع.

درس هونيث الفلسفة، علم الاجتماع والأدب الألماني من 1969 إلى 1974 في جامعتي بون Bonn وبوخوم Bochom. عُين أستاذاً مساعداً لعلم الاجتماع في جامعة برلين الحرة عام 1977، حيث تابع دراسته أيضاً وتخرج بلقب دكتور في الفلسفة عام 1983 عن أطروحة موضوعها فوكو والنظرية النقدية، نُشرت لاحقاً في كتاب بعنوان “نقد السلطة”. عُين بعدها أستاذاً مساعداً في جامعة جوته في فرانكفورت، حيث قدم أطروحة التأهيل للأستاذية عام 1990 تحت عنوان “الصراع من أجل الاعتراف“. درس في عدة جامعات قبل أن يعود نهائياً عام 1996 إلى جامعة فرانكفورت كأستاذ للفلسفة ومن ثم كمدير لمعهد الأبحاث الاجتماعية الشهير، الوظيفة التي شغلها يورغن هابرماس وتيودور أدورنو من قبله.

يركز هونيث في أبحاثه على الفلسفة الاجتماعية، وتتمحور الكثير من أعماله حول نظرية الاعتراف (بمعنى التقبّل، الإقرار بقيمة ما وتقديرها)، التي طورها في أطروحة التأهيل المذكورة سابقاً. كما أنه يهتم بإشكالية التشيؤ في المجتمعات المعاصرة، فيحاول في كتابه “التشيؤ” إعادة صياغة هذا المصطلح في ضوء نظرية الاعتراف، فيُرجِع كل أشكال التشيؤ إلى باثولوجيا الذاتية المشتركة وليس لخصائص بنيوية في الأنظمة الاجتماعية كما نظّر كارل ماركس أو جورج لوكاتش. والموضوع الأساسي لديه، كما لدى هابرماس، هو إعادة بناء الأخلاق في العلاقات بين البشر، فهو يسعى مثلاً، في كتابه “باثولوجيا العقل” إلى تحديث “النظرية النقدية” المجتمعية، التي وضعتها فيما مضى “مدرسة فرانكفورت” وتطويرها باتجاه أخلاقي الطابع. كما أنه ينادي في بحثه “الحق في الحرية” بـ “الأخلاق الديموقراطية“.

هونيث هو رئيس تحرير مشارك في المجلة “الألمانية للفلسفة“، “الجريدة الأوروبية للفلسفة“، و”أبراج“. نال هونيث عدة جوائز ثقافية منها جائزة إرنست بلوخ (2015) وجائزة برونو كرايسكي (2016).

(*****)

([1]) نور الدين علوش: حوار مع الفيلسوف الألماني أكسل هونيث: الصراع مع القيم العالمية مغامرة ناقصة، مؤمنون بلا حدود، حوارات، 11 يناير، 2020. https://www.mominoun.com

([2]) كمال بومنير: النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت من ماكس هوركهايمر إلى أكسل هونيث، الدار العربية للعلوم ناشرون وآخرون، بيروت، ط1، 2010، ص (105).

([3]) مهند مصطفى: سياسة الاعتراف والحرية (سجال وإطار نظري تحت طائلة الراهن العربي)، مجلة تبين، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، العدد: 17، المجلد: 5، بيروت، 2016، ص (77).

([4]) المرجع السابق، ص (82).

* ما يكون جزءاً لا يتجزأ، أي المتكونة من أجزاء مترابطة لا تتجزأ.

([5]) الزواوي بغوره: الاعتراف (من أجل مفهوم جديد للعدل) دراسة في فلسفة الاجتماعية، تقديم: فهمي جدعان، دار الطليعة، بيروت، ط1، 2012، ص (5).

([6]) مونيس أحمد: التأصيل الفلسفي لنظرية الاعتراف في الخطاب الغربي المعاصر أكسل هونيث نموذجاً، رسالة دكتوراه، قسم الفلسفة، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة وهران2، الجزائر، السنة الجامعية 2017/2018، ص (43).

([7]) الزواوي بغوره: الاعتراف (من أجل مفهوم جديد للعدل)، مرجع سبق ذكره، ص (167).

* البراديغم: النموذج أو المثال أو القِياس أو البراديغم ويستعمل غالباً مقروناً بالفكر مثل النموذج الفكري أو النموذج الإدراكي أو الإطار النظري، وقد ظهرت هذه الكلمة منذ أواخر الستينيات من القرن العشرين في اللغة الإنجليزية بمفهوم جديد ليشير إلى أي نمط تفكير ضمن أي تخصص علمي أو موضوع متصل بنظرية المعرفة. البراديغم بذلك هو مفتاح من المفاتيح التي تُمكننا من فهم مجال السوسيولوجيا، وتجعلنا ندرك كيف تتفاعل مكونات المجتمع فيما بينها، الشيء الذي يَدفعنا نحو التساؤل حول طبيعة هذا المجتمع، هل باعتباره كوحدة متجانسة أم كمجموعات مختلفة تتنافس فيما بينها بشراسة سعيا للسيطرة وتحقيق المصالح؟

البراديغم يُمَثل نموذجاً في كيفية تفكير الإنسان في الأمور والأشياء والأحداث المرتبطة بالواقع، اعتماداً على مجموعة من المفاهيم والنظريات التي ترسم وجهة نظر معينة حول موضوع محدد، سواء كان في السوسيولوجيا، أو الفن، أو الأدب، أو السياسية، أو قوانين الفيزياء.

([8]) مجموعة مؤلفين: الفلسفة الألمانية والفتوحات النقدية، إشراف وتحرير: سمير بلكفيف، جداول للنشر والترجمة والتوزيع، بيروت، ط1، 2014، ص (233-234).

([9]) الزواوي بغوره: الاعتراف (من أجل مفهوم جديد للعدل)، مرجع سبق ذكره، ص (76).

([10]) المرجع السابق، ص (171).

([11]) مهند مصطفى: سياسة الاعتراف والحرية، مرجع سبق ذكره، ص (83).

([12]) الزواوي بغوره: الاعتراف (من أجل مفهوم جديد للعدل)، مرجع سبق ذكره، ص (171-172).

([13]) كمال بومنير: النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت من ماكس هوركهايمر إلى أكسل هونيث، مرجع سبق ذكره، ص (105).

([14]) مجموعة مؤلفين: الفلسفة الألمانية والفتوحات النقدية، مرجع سبق ذكره، ص (234).

([15]) كمال بومنير: النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت من ماكس هوركهايمر إلى أكسل هونيث، مرجع سبق ذكره، ص(110).

([16]) المرجع السابق (بتصرف)، ص (111-112-113).

([17]) الزواوي بغوره: الاعتراف (من أجل مفهوم جديد للعدل)، مرجع سبق ذكره، ص (178).

‫شاهد أيضًا‬

الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس يناقض أفكاره الخاصة عندما يتعلق الأمر بأحداث غزة * آصف بيات

(*) المقال منقول عن : مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية ألقى أحد الفلاسفة الأكثر…