لنا أن نسأل الحكومة: هل ستكون في مستوى نجاحها في الأجندة التنموية الاجتماعية المحددة لها؟
مشروع اجتماعي بأبعاد تاريخية بالنسبة للدولة المغربية…
لماذا لا نحقق القفزة التي حققها البرتغال ونضرب الناتج الوطني الخام في 5 مرات..
العقد ـ البرنامج بين الدولة والمجتمع أعلن عنه الملك في أكتوبر 2020 بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية العاشرة، أي في آخر سنة من سنوات الحكومة برئاسة العثماني.
وقد قدمه الملك باعتباره «مشروعا وطنيا كبيرا وغير مسبوق»، وهو يرتكز على أربعة مكونات أساسية:
– أولا: تعميم التغطية الصحية الإجبارية، في أجل أقصاه نهاية 2022، لصالح 22 مليون مستفيد إضافي، من التأمين الأساسي على المرض، سواء ما يتعلق بمصاريف التطبيب والدواء، أو الاستشفاء والعلاج.
– ثانيا: تعميم التعويضات العائلية، لتشمل ما يقارب سبعة ملايين طفل في سن الدراسة، تستفيد منها ثلاثة ملايين أسرة…. من قبيل تيسير في أفق 2023أو 2024
ثالثا: توسيع الانخراط في نظام التقاعد، لحوالي خمسة ملايين من المغاربة، الذين يمارسون عملا، ولا يستفيدون من معاش.
– رابعا: تعميم الاستفادة من التأمين على التعويض على فقدان الشغل، بالنسبة للمغاربة الذين يتوفرون على عمل قار، ابتداء من 2025.
وإذا كان الهدف الأعمق هو توسيع قاعدة الطبقة المتوسطة وتقليص النظام الاقتصادي غير المهيكل وتسريع وتيرة الاندماج في الدورة الاقتصادية والمالية للبلاد.. لعشرات الملايين من المغاربة المقصيين منها، ولعل ترجمته كانت في إحدى الخطب هو السؤال الاستنكاري لملك البلاد الذي تساءل: أين الثورة؟ ولماذا لا يستفيد المغاربة من ثروات التأهيل المادي الكبير الذي تعيشه بنياته؟ فإن الأهداف المباشرة تتلخص في الاحترام الدقيق للأجندة الملكية التي تم وضعها، وتم تطويقها باعتبارات وطنية سامية وليس الحساب السياسي..
اليوم ونحن على بعد ثلاثة أشهر فقط من نهاية 2022، نذكر المسؤولين بأنه كان من المتوقع أن يتم تعميم التأمين الإجباري عن المرض amo لفائدة 22 مليون مواطن إضافيين يستفيدون من خدمات التمريض والتطبيب؟
فهل سيتم احترام هذا البند الأساسي والتأسيسي في بناء الدولة الاجتماعية؟
لا يبدو ذلك ممكنا والمعطيات التي تكشف عنها مكونات الأغلبية تقف عند حد التذكير بالقوانين في أحسن الظروف!!!
2022 نفس الشيء بالنسبة للتعويضات العائلية..
فالواضح أن البطء هو السمة الأساسية في تنزيل هذا البند الآخر في بناء الدولة الاجتماعية… ولعل المرحلة الحرجة كثيرا لم نصلها بعد، ولا يمكن أن يكون الانتشاء وحده دليل الحكومة في إقناع المغاربة.. ولا أحد قدم المعطيات الميدانية والعملية بخصوص الموارد البشرية الكفيلة بإنجاح هذا الورش ولا الأطر الكافية في الإدارة العمومية، التي ستباشر تنفيذه! علاوة على التفاوت الصارخ بين الجهات في هذا الباب وفي تعميم العدالة الصحية مثلا…
ولحد الساعة لم نطلع على مشروع متقدم في الرقمنة لتدبير البنيات الصحية وهو ممر إجباري كما يقال وجسر لا يمكن القفز عليه بواسطة الزانة! فكل شيء لا يُرقمن لا يعول عليه!
لا يمكن مقارنة ما رفعه ملك البلاد من تحدي بناء دولة المجتمع، أو الدولة الاجتماعية، إلا بما تحقق على مستوى التأهيل والتحديث الأول للدولة، من خلال تثبيت مبدأ الإصلاح وتأمين الانتقالات الكبرى في السياسة، واللغة والاسرة والطبيعة الجديدة للدولة نفسها.
ويمكن اعتبار هذه العملية التأهيلية الشاملة تحديثا تأسيسيا، يتلوه في مرحلة ثانية التأهيل الأول، من حيث هو تأهيل مادي شامل عبر بنيات تحتية غير مسبوقة وبنية تشريعية تجاوزت الأفق المتوقع..
عقد اجتماعي عملي تنفيذي ممثلا في التغطية الاجتماعية أو الحماية الاجتماعية…
عن جريدة الاتحاد الاشتراكي 24 شتنبر 2022.