أثناء اشتغالي على كتاب “الشهيد محمد الزرقطوني.. سيرة حياة” سنة 2000 (والذي ترجم إلى اللغة الإنجليزية من قبل جامعة بوزمان مونتانا الأمريكية سنة 2009)، حرصت على أن أسجل شهادات شخصيات سياسية ووطنية مغربية حول رمزية وقيمة الشهيد محمد الزرقطوني، اخترت منهم(رفقة نجل الشهيد، الأخ عبد الكريم الزرقطوني)، أربعة هم عبد الرحمن اليوسفي، امحمد بوستة، محمد بنسعيد ايت يدر، أحمد عصمان.
حين عرضت الأمر على سي عبد الرحمان اليوسفي رحمه الله، بمكتبه حينها بالطابق الخامس ليومية “الإتحاد الاشتراكي”، وضعني في السياق العام لحركة المقاومة المغربية، بتفاصيل بعضها نشرته في الكتاب وبعضها بقي في خلفية الفهم، بطلب منه. ولقد حرص رحمه الله أن يحكي لي حينها، تفاصيل ستنشر لأول مرة، عن أمرين:
– الأول، هو سياق اختيار يوم 18 يونيو من كل عام يوما للمقاومة بالمغرب، الذي يصادف تاريخ استشهاد محمد الزرقطوني. ولا يزال الأمر معمولا به إلى اليوم بالمغرب.
– الثاني، سياق اختيار يوم 20 غشت يوما لإحياء “ثورة الملك والشعب”، مغاربيا وليس فقط مغربيا.
حكى لي رحمه الله، أن الأمر تم إقراره في إجتماع سري لقيادة المقاومة المغربية بالعاصمة الإسبانية مدريد في ربيع سنة 1955، ببيت الطبيب التونسي حافظ إبراهيم، الوطني المغاربي الكبير. ممن حضر الإجتماع كان هناك اليوسفي والزعيم علال الفاسي والوطني عبد الكبير الفاسي والمقاوم الغالي العراقي، مع حضور أحمد بنبلة، ممثلا لجيش التحرير الجزائري.
كان النقاش يذهب في اتجاه الإحتفال بذكرى نفي الملك الوطني محمد الخامس، يوم 20 غشت، باقتراح من الزعيم علال الفاسي، يوما وطنيا للمقاومة بالمغرب. لكن تدخلا لليوسفي سيغير من المقترح، حيث عرض جعل يوم استشهاد الزرقطوني يوما وطنيا للمقاومة بالمغرب، لأن القدر منح للمغاربة موعدا تاريخيا دالا كون يوم 18 يونيو الذي هو يوم استشهاد الزرقطوني، يتصادف مع يوم المقاومة الفرنسي، المخلد لنداء الجنرال دوغول الشهير من لندن يوم 18 يونيو 1940، بعد احتلال هتلر المدل لباريس. فقال كما لفرنسا يومها الوطني للمقاومة يوم 18 يونيو، منحنا استشهاد البطل الزرقطوني أن يكون لنا يومنا الوطني للمقاومة. وقبل مقترح اليوسفي.
مثلما اقترح هو وعبد الكبير الفاسي، أن يكون يوم نفي الملك الوطني محمد الخامس في 20 غشت يوما للتضامن المغاربي، ومن خلال النقاش، اقترح اليوسفي شعار “ثورة الملك والشعب”، وفتح نقاش حول كلمة ثورة، انتهت بتبني الشعار، وتم الاتفاق مع بنبلة أن يكون أول تخليد لذكرى “ثورة الملك والشعب” مغربية وجزائرية. وفعلا تحقق ذلك، وكانت النتيجة في الجزائر الأحداث الدموية الرهيبة لسكيكدة يوم 20 غشت 1955.