لأسباب تتعلق بالمزاج العام، قررت أن أسقط بمحض إرادتي في فخ الحكومة وأترك معضلة المعضلات المتعلقة بالمحروقات لحديث العامة والمعارضة، والذين لا يحسنون التفاؤل. وبناء على ما سبق، قررت أيضا أن أبحث عن أضحية العيد التي يبلغ ثمنها…..ألف درهم.
لا شيء قادر على أن يغير مزاجي، وأنا أريد مع سبق الإصرار والترصد أن أجد هذا الحيوان النبيل، الجدير بكل الاحترام، الذي يوجد فيه حل لهذا الاحتقان الاجتماعي…
فهو نبيل واستشهادي يستحق الثناء، فهو خروف يدرك أن عليه أن أن يضحي مرتين:
أولها: أن يضمن استمرار رمزيات العيد المبارك الكبير، وينوب عنا في فداء أبينا إسماعيل عليه الصلاة والسلام، ويفديه في امتحان رباني أبوي قاس بأن ينوب عنا في الإبقاء على شعله الإيمان في هذا الإيثار الذي بنى أمة التضحية والفداء.
وثانيها :أن يضحي بنفسه من أجل أن ينفس عنا حرقة القلق في الحصول على الأضحية..وأن ينشر السلام الطبقي بين الناس، ويعمم الامتنان الجماعي للحكومة ولوزارة الفلاحة والماشية والعلف..
ماذا لو لم يوجد خروف من هذا القبيل يا ترى ؟
هذا الخروف البسيط والعادي والذي يُلزم كل واحد فينا بأن يضحي بما لديه وألا ينظر إلى أضاحي الآخرين..
في الواقع كنت أتمنى أبسط وأقل وأجمل وحتى باب البيت !
وكنت قد شرعت في مجهود تطلب تحرك معارفي وأصدقائي والقليل من «الكسابة..» الذين أعرف أشخاصا يعرفونهم ، ليتقصوا خبر هذا «الحولي الذهبي»، الذي لا يضاهيه في اللغز الديني والندرة سوى عجل بني التوراة !
وعزمت أن أعثر في سبق صحفي خطير على أضحية 800 درهم، لعلي بذلك أدخل سجل غينيس، وأكون أول من كتب الله على يديه حل المعضلة بين الناس وبين حكومتهم، وأثبت لذوي النيات السيئة أن الأضحية هذه السنة أرخص من الأزمنة التي تمت طوال أربعة عشر قرنا !
بذلت »خسارى» جهدي… وسدى، مع التصحيح الذي قدمه رئيس حكومتنا الموقرة، ورفع الحد الأدنى للحولي إلى 1000درهم..
ومن احترامي للدستور، فإني لا أشكك في أي شيء يقال في البرلمان… في عز القناعات الديموقراطية حول الأضحيات… !
بعض الذين أساؤوا التأويل غفر الله لهم، حاولوا أن يقحموا ثمن أصوات الناخبين في المعادلة وربطوا بين أثمنة الأصوات في الانتخابات الأخيرة وبين أثمنة الأضاحي، والحق أقول بأن المقارنة مغرية ولكنها صعبة الميساج! بالرغم من الرحبة التي فُتحت في الانتخابات الأخيرة .. وما تلاها أو رافقها من ثغاء وبعبعة وذبح وسلخ …، بل أذهب أبعد من ذلك ويمكن أن نسلم بنفس الثقة بأن هناك ثمن اللتر الواحد في محطات التوزيع ب 5 دراهم…
فقط نحن لا نراه !
الحكومة ترى .. ما لا نراه !
والبعض منا يفضل المزايدات..
والمزايدات هي الجملة السحرية التي ترد بها الحكومة على البعض منا كلما واجهوها بالزيادات..
الزيادات من عندها والمزايدات من عندنا… والمعادلة تصبح بسيطة حتى ولو وصل الأسطول الروسي إلى مياه .. البوسنة والهرسك (هل لهم بحر؟) !
عندي سؤال صغير مع ذلك، لا شك أن علي إيجاد الجواب عليه حالا : كيف يكون النقل مرتفع الثمن والغازوال مرتفع الثمن والعلف مرتفع الثمن .. في حين يكون الخروف بهذا الثمن الهزيل والطبقي القادر على تلجيم كل المتربصين ببلادنا؟
أرى والله أعلم أن الجواب هو التسليم بأن الخروف بالمجان .. باطل يعني، وأن 800 درهم هي في حقيقتها المبلغ الذي سندفعه في نقله أو في تنقله من الرحبة إلى البيت ..مرده في الواقع إلى الأرشيف الحي في ذاكرتني عن الأعياد السابقة هو أن يراجع المتضامنون عائليا واجتماعيا مبالغ تضامنهم، وعوض العمل بخانة الأثمنة كما يرونها في اليومي، تصبح الجداول أقل من ذلك.. ولا يصدقهم باعة الحولي ولا باعة … الأ وهام..
ستصبح بلادنا مصدرة للحولي البسيط والرخيص الثمن، ويكون علينا أن نضع طلبا للانضمام للدول المصدرة للعيد..
من يصدق أن في البلاد غلاء؟
من يصدق بأن الاحتقان موجود؟
من يصدق بأن الغازوال لا يخلف ربحا لمن يبيعه ويوزعه؟
صفقوا للحكومة، وباركوا لها، وعلى عكس ما يقع في العالم، لا تعارضوها بل اطلبوا يدها وعقلها وبرودة دمها وثقتها في السوق وفي الأرباح. انتظروا صداقتها وخافوا عليها من الريح والانتكاسات كما يقع في العالم، اطلبوا صداقتها ومحبتها …
لا تصدقوا الإشاعات، وعيد مبارك … رخيص !