سينام العمال وهم يحلمون بالطفل، ذكرا أو أنثى، الرابع والخامس والسادس، ويحلمون بالثروة البشرية التي تسبق في خصوبتها خصوبة التعويضات العائلية التي وعدهم بها وزير الشغل ورئيسه في الحكومة، وصفقت لها النقابات الكبرى في البلاد.
وعبد لله الفقير لرحمة ربه، يرى أنه من الضروري أن نُحسن الظن… بالعمال في توفير الطاقة البشرية المقنعة للتوصل إلى تطبيق القانون!
هذا التزام حكومي ممهور بعرق الجبين، وهو التزام متوافق عليه، لست أدري هل من أجل التجاوب مع مطلب عمالي أو من أجل تكثير سواد الأمة.
لقد التزمت الحكومة واتحاد أصحاب العمل، أي الباطرونا، زيادة المخصصات الأسرية للأطفال الرابع والخامس والسادس في رواتب موظفي القطاعين العام والخاص، ولو كنت سيء النية، لقلت بأن القرار الحكومي أبعد من حل معضلة الأجور، سيمكن الاتفاق من حل معضلة الشيخوخة التي تهددنا، في ما أعتقد ولله أعلم…
وأن الحكومة تخفي عنا حقيقة الهرم السكاني، وأننا نسير نحو بلاد عجوز، بدون مخصصات لائقة.
ولن أدعي أنني أعرف كم من أسرة مغربية ما زالت تغامر بستة أطفال في الحياة الدنيا، غير أنني قد أميل إلى سوء النية، وبأن الباطرونا كانت حاضرة لكي تضمن سلالات مستجدة من عمال لا يحصلون على حد أدنى سليما، من خلال تشجيع الآباء على توريث الحد الأدنى من الأجر عبر الحمض النووي، دفعة واحدة..!
حد أدنى يخرج من بين الصلب والترائب! والغريب حقا أن الرد الذي وجدته الحكومة، في سياق الأزمات الحالية هو أن تشجع العمال على الإنجاب، لكي تجد حلا لغلاء المعيشة!
ومن بركات تلك «القرارات المشفرة» أنها تريد أن تقول إن الأزمة ستمتد إلى حين يولد الأطفال الثلاثة القادمين بحول لله وفضله….
وكما تضمن النقابات بدورها مناضلين قادمين، في المراحل القادمة كما فهمت شخصيا من تدخلات رفاقي النقابيين، الذين لا أشك قيد ..«سميك» ـ الحد الأدنى للأجور ـ في نيتهم الحسنة.
وقد اعتدنا أن تقع لدينا أشياء لا تقع في أي قطر، عندما يكون الأمر متعلقا بالحوار الاجتماعي..
لن يفكر العمال أبدا في الاحتجاجات من الآن فصاعدا، سيكون عليهم أن يتدبروا وقتا ثمينا يستقطعونه من الحياة البروليتارية الرهيبة لكي يتفرغوا للمستقبل، في معامل الأجر المخصب!
فالجميع يريد بناء الثقة، وفي الحوارات التي طفحت بها القيادات النقابية بعد التوقيع، هناك حرص كبير على بناء الثقة..
كلهم تحدثوا عن بناء الثقة بين الباطرونا والعمال والحكومة..
كان ينقصهم رابع وخامس وسادس لكي نضمن بالفعل ارتفاع منسوب هذه الخصلة الجميلة التي تبخرت في مغربنا الحاضر، تبخر اضطرت معه لجنة النموذج التنموي أن تجعل غياب الثقة عنوانها الأبرز..
ومن عجيب هذا الاتفاق أنه صار، بقدرة قادر، اجتماعا تأسيسيا للحوار الاجتماعي!
ليس من قبله حوار ولا من خلفه حوار…
وأحيانا لا يكون هناك ما هو أبلغ من زلات اللسان أو القلم..
زلات تجعل يوم التوقيع هو نهاية شهر ماي
وتجعل من كلمة وزير التشغيل خطابا
وتجعل من رئيس مجلس المستشارين مخاطبا لرئيس الحكومة من موقع الحد الأدنى للأجور..وحريصا بدوره على الإنجاب!
لا نريد فقط الحد الأدنى من الأجور بل إن السؤال يهم الحد الأدنى من المعقول في كل ما يتم الحديث عنه…
لا شيء يمكن أن تبرر به الحكومة سخاءها مع الباطرونا وممثليهم في وقت تتشدد فيه مع سواد الأمة بما لا يقنع أحدا…
ماكنت أود الحديث في باقي النقط الواردة في الاتفاق، حقا، فأنا لا أفهم في الأرقام، غيرأن الشك عنيد وقد حفزني الوزير مشكورا على الدخول في إطار التراشق الرقمي، لما قال إن الكلفة المالية السنوية لرفع الأجر الأدنى بالنسبة لموظفي الدولة والمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري تبلغ 191 مليون درهم لفائدة 50 ألف مستفيد. وفي الوقت الذي خصصت الدولة مساعدات للقطاع الزراعي (بقيمة نحو 10مليار درهم) ومهنيي النقل البري (2مليار درهم).
وسأظل معاندا واعتبر بأن قرار الأطفال الرابع والخامس والسادس فكرة جهنمية للغاية، وتجعل الحكومة ضرورية بل إجبارية إلى حين نلد الأطفال، متسلسلين الواحد تلو الآخر..
ويصير الواحد منا والدا متسلسلا، وكلنا سنعاقب ذات يوم إذا .نحن لم نثبت بأننا آباء وأولياء متسلسلين بفضل الخصوبة التي حبانا لله بها بعد كل يوم شاق من العمل في الإدارة المغربية.
ومن لم يحضر في وقت الإنجاب، لن تقبل منه شكاية. وأومن أن الحكومة ستظل ثلاثيتها البديعة حاضرة ومتابعة للوضع إلى حين آخر العنقود من الأطفال، رباعا وخُماسا وسُداسا فوق التراب الوطني….
والسؤال الذي يحيرني لماذا وقفت عند ثلاثة زيادة، ولم تقترح الطفل السابع مثلا؟
هل لذلك علاقة بالأحزاب الثلاثة الذين ولدتهم صناديق الاقتراع الأخير؟
إن بعض الظن إثم حقا!

الكاتب : عبد الحميد جماهري – بتاريخ : 02/ماي /2022

عن جريدة الاتحاد الاشتراكي

‫شاهد أيضًا‬

الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس يناقض أفكاره الخاصة عندما يتعلق الأمر بأحداث غزة * آصف بيات

(*) المقال منقول عن : مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية ألقى أحد الفلاسفة الأكثر…