الانسان المغربي حضاريا وهوياتيا يتميز بالتعدد والتنوع الثقافي والمعرفي الغني لايمكن تصوره بتجاهل أو إلغاء أي مكون أو بتذويبها جميعها في مكون جديد بغاية إلغاء الماضي ،، فلكل منطقة مناخ اجتماعي وثقافي و.. تشكل انتربولوجيا محلية تنتج مجتمعة ثقافة وتراثا وحضارة وطنية متكاملة ومتداخلة ومندمجة تحافظ بعشق على الخصوصيات المحلية .. العادات والتقاليد واللغة واللهجة والفنون والتاريخ المحلي في علاقة بالوطني …وهذا أحدث وبنى تنوعا في آليات ومناهج وطرق التواصل وتنظيم العلاقات الاجتماعية والانسانية المحلية ببعدها الوطني والانساني فكنا ولازلنا منفتحين على العالم وكل الثقافات مع الاعتزاز والحرص على حماية هويتنا من الميوعة والاندثار …
إن هذا الثراء والتنوع الذي نجمله في محورين المحلي الذي لايمكن تجاهله والوطني المشترك بين كل مكونات الشعب ومناطقه الذي يجب إثراؤه وتقويته ..هو الأرضية التي على كل المسؤولين والسياسيين والمثقفين إدراكها وفهمها لإنها هي الضابطة للمناخ السياسي الوطني ببعده المجالي وتنوعه الثقافي ،،
إن ” مناخ ” العواصم التي تتواجد بها الحكومات عليه أن يكون جامعا وحافظا ومراعيا لمناخ العيش في كل الأقاليم والجماعات الترابية ، فالخطاب الرسمي في علاقة بالعمل اليومي والتخطيط والتنمية عليه أن يجيب على انتظارات الشعب بالسعي الحثيث والقوي لإلغاء الفوارق التنموية بين المناطق وبين الطبقات الاجتماعية .. باعتماد الديمواقراطية الواسعة التي يفترض أن تكون مع العدل كالرحمة والدعاء الذين لايصح ان يتم الحجر عليهما بمبرر أن الناس ليسوا في مستواهما لتبرير الوصاية والحجر على الشعب .. إنها – الديموقراطية – جوهر الإيمان الديني الذي يرتكز على ” لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيِه مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ” صحيح مسلم ..فلا إيمان ولا ديموقراطية بدون عمل مع الناس ومن أجلهم ، لهذا فالديموقراطية لاتعني ديكتاتورية الاغلبية كما لاتعني تسلط الحكومة والمؤسسات المنتخبة بتنكرهما لوعودهما والتزاماتها وبرامجهما تجاه الدولة والشعب والدخول في مواجهات بسياسات تتعارض مع مصالح الناس المرحلية والمستقبلية وباستصدار قرارات تضر بالقدرات يدافع عنها أصحابها بشروحات وتوصيفات تزيد الأمور تعقيدا يظن الناطقون الرسميون في المؤسسات أو القوى المواليه لها أنهم يستطيعون إقناع الناس بنقيض ما يعانون منه ويسعون يوميا لتجنب آثاره وأضراره ، لدرجة الخلط بين”الملاغة ” والجد في التحدث على المعضلات الاقتصادية والازمات الاجتماعية وظروف العيش ..
إن “مناخ” الشعب هو نبضه بأوضاعه وأحواله وأصوات المتضررين والمتألمين والمقهورين ، هو معيار ودليل على وجود خلل هيكلي في الديموقراطية وفي فهم أدوار السلطة “التنفيذية” و” المنتخبة ” … ، ومن هنا نتساءل : هل نتوفر على مؤسسات ترصد وتتوقع أحوال المناخ السياسي والاجتماعي والاقتصادي والتنموي وتساهم في وضع استراتيجيات عمل وتدخل للتغلب على التقلبات والتخفيف من آثارها وأضرارها أو منعها كما يفترض القيام به تجاه أحوال المناخ في علاقة بالجفاف أو الغيث والتوازن البيئي ؟؟ ، وكيف هي “مناخات” : التشغيل والبطالة ومستوى الأجور والدخل عند الأفراد والأسر ، ومستوى العيش بالمجالات الترابية بالعوالم القروية والحواضر وهوامشها ، ومصداقية تطبيق واحترام حقوق الانسان و …؟؟؟
إن تأثير تلك المناخات على أحوال الناس يتسبب في إفساد مناخ الاستقرار بالدواوير والمدن وحتى الأوطان،، وكل ذلك يلحق الضرر الكبير بالمناخ السياسي الذي يصبح في حالة ضعف و انعدام الثقة في السياسيين والسياسات وهذا تكون محصلته ان لم يتم تدارك الاختلالات واسبابها ومعالجة آثارها تهيئة الظروف التي تولد المناخ المتطرف كالعواصف والاعاصير والفيضانات ….
ومازاد الطينة بلة تعميم كارثة “صناعة” التفاهة و”الملاغة” في السياسة والثقافة والفن .. ، والتي تكون آثارها مدمرة في لحظتها وعلى المدى القريب والمتوسط والبعيد أكثر من الجفاف لأنها تلحق الضرر بأجيال سيتطلب من الدولة وكل القوى الحية الايجابية العمل الجدي لسنوات للقضاء على الفساد والميوعة والسخافات و”الملاغة ” ببعدها السياسي والتواصلي والمجتمعي ،،وستكون التكلفة مرتفعة مرهقة ..
و للاستئناس نقول أن ما بين البلاغة و”الملاغة ” فوارق عدة فإذا كان من معاني البلاغة “ عِلْمُ الْمَعانِي والبَيانِ والبَديعِ” وأنها “حسن العبارة، مع صحة الدلالة.“
نقول إن “اللغو” يعرف يأنه : (ما لا يُعتدّ به من كلام وغيره، ولا يُحصَل منه على فائدة ولا نفع ،لغَا الشَّخْصُ : تحدّث بأمور ومواضيع تافهة، أو لا فائدة منها ولا يعتدّ بها .) .. فإن “الملاغة” عندنا بالدارجة الفصحى هي : “الممازحة والخروج عن حدود الادب التَّحَمُّقُ. ” وتوصف أيضا ب “الطنز” ،
من وصايا الإمام علي بن أبى طالب لابنه الحسن رضى الله تعالى عنهما: “يا بني اجعل نفسك ميزانًا بينك وبين غيرك، فأحبب لغيرك ما تحب لنفسك،”و “لا تظلم كما لا تحب أن تظلم، وأحسن كما تحب أن يحسن إليك، واستقبح من نفسك ما تستقبحه من غيرك، وارض من الناس بما ترضاه لهم من نفسك، ولا تقل ما لا تعلم، وان قل ما تعلم“.
تارودانت : الاربعاء 2 مارس 2022.