المصالح السياسية الضيقة في آفاقها والمنحازة لتوصيات تمس بمصالح واستقرار الشعب والتي تصدر من حكومات وضع الدستور لتشكلها مبادئ بدءا من تعريف وتحديد دور الاحزاب اليومي والاستراتيجي للبناء المجتمعي والديموقراطي ، إلى إجراء انتخابات تسمى تمثيلية ” تترافع” ببرامجها ومشاريعها المستقبلية التي ستعتمد حال تشكل الحكومة يجعلنا نتساءل : هذه الحكومات تمثل من ؟ ولأجل من تعمل ؟ هل الناخبين والناخبات ومعهم الشعب ؟ أم مصالح لوبيات المال والاعمال والسياسات الليبرالية اللا اجتماعية ؟ وهل الحكومة تصبح وصية ومتحكمة في إرادة الشعب تخضعه لتوجهاتها غير المعلنة بالبرامج الانتخابية والتي تتضرر منها فئات عريضة من الشعب وأبنائه ؟ وهل الشعب يعتبر واعيا ووطنيا عندما يشارك في الانتخابات ويصوت ليجعل البعض يتبجح بالاصوات التي أعطته مقاعد أو اغلبية يستغلها ويتأولها بشكل تعسفي لجعل غير المصوتين على أحزاب الحكومة أقليات يمكن تجاوزها وعدم الاكتراث بآرائها ومواقفها وبدائلها حتى ولو كانت أفضل من مخرجات وتوجهات الحكومة او وزرائها ؟ وهل عدم امتثال فئات من الشعب لاجراءات اختيارية تقترح من وزير أو أكثر يخول له ولهم التهجم وتبخيس رأي ومواقف كل من لايشاطر أو ينتقد و يعارض ما ذهب إليه الذين كانوا يتملقون ويستجدون ويتعهدون للحصول على اصواتهم .. ؟؟
ولنا الحق في أن نتساءل وباقي الاحزاب التي هي ممثلة بالبرلمان بما فيهم غير المشاركة في الحكومة وغير الممثلة به ، هل هي مع الشعب الذي صوت عليهم ليصبحوا ويصبحن داخل مجلس الأمة لتمثيله والدفاع عنه ؟ أم يشكلون حكومة بتحالف أغلبية برلمانية تتضارب وتتناقض خطواتها مع وعودها وبرامجها والتزاماتها المقدمة قبل يوم الاقتراع ؟ وما دور المعارضات هل إبراز مظهر التعددية والاختلاف بالمؤسستين التشريعيتين وممارسة أدورهم باحتشام بالإعلام دون القيام بمبادرات تأطيرية نضالية جماهيرية نقابية وشعبية لضمان توازن القوى لمصلحة الجماهير الشعبية وحكامة الدولة حتى لا تتغول أية حكومة بقراراتها وسياساتها التي تضيق وتشدد الأزمة على الكادحين ؟ هل تظن الحكومة أن قوتها في أغلبيتها العددية التي تراهن عليها لتمرير سياساتها وقراراتها مما يطرح أكثر من استفهام عندما نستحضر الاتهامات القوية والكبيرة المتبادلة قبل الانتخابات بين بعض مكونات الاغلبية الحكومية ؟؟
إن الحق لا يحتكره ولايصدر عن من يحكم فقط ، فالحكمة تؤخذ حتى من أقوال ” المجاديب” ، فالمنطق أينما كان يتم اختياره واعتماده ويعمل به صدر من فرد أو جماعة بالوطن وبالعالم ، فالمنطق أن العلم والعلماء يشد إليهم رحال الراغبين والراغبات فيه ويجدون من أجل اكتساب المعارف ومجالسة أهله للاستفادة منهم ، وهذا هو المذهب السليم في آداب العلم والتعلم – الذي أصبح يخرق في عدة أزمنة ومنها أزمنة هذه الحكومة واللتين سبقتها على سبيل المثال . – تقوم وتحرص الأسر على إرساله للمسيد / الكتاب / المدرسة /… إلخ للتعلم لينهي دراسته فيجد أبواب التشغيل مفتوحة في زمان حصوله على الباكلوريا أو الاجازة أودبلوم ثم ليصبح مسؤولا في عدة قطاعات وقد يسوقه الانتماء الحزبي والقرار السياسي ليصبح وزيرا ، فينصب نفسه فوق أساتذته ومدرسته العمومية ليستصدر قرارات تضررت منها الشغيلة التعليمية والمتقاعدين والتلاميذ والطلبة والخريجين بالمؤسسات التعليمية العمومية مع تصريف ذلك بنوع من التعالي والتحدي للجميع ، وهنا نتساءل هل تحصل هذه التراجعات لأن الدور الرائد للمنظمات النقابية ضعف وتعطلت الروح النضالية التي كان لها دور كبير منذ الاستعمار في استقلال المغرب وبعد الاستقلال في مواجهة كل الخطوات المتهورة واللامسؤولة لبعض الوزراء والحكومات في الستينات وما بعدها والتي تسببت في احتقان سياسي ونقابي وشعبي في ما يعرف بسنوات الجمر والرصاص … ؟
وفي علاقة بالنقاش والإحتجاج الذي أثاره قرار وزاري يضع “سقفا ” لم تعرفه حكومات سابقة كما لم يعشه كل غالب المسؤولين الحكوميين والمسؤولين بمختلف رتبهم : – خالف به سنن الله ، وحجر واسعا كما قال رسول الله (ص) للأعرابي الذي دعا في الصلاة ب : “اللهم ارحمني ومحمدًا، ولا ترحم معنا أحدًا“،؟؟
– وتسبب شعبيا في خلط بين السن أي العمر والسن التي تطلق على ما بالفم من قواطع وأنياب وأضراس وآخرهم ضرسة العقل التي يقال أنها زائدة ولا تصلح لا ي شيئ !! ، ذلك أن الاسنان علامة على السنوات وشاهدة عند المختصين والبيطريين في شراء وبيع المواشي أي الحيوانات فصيلة الثديات المدجنة ومنها الغنم فما بين “سن الحليب” و”الثني” و”الرباعي” و”السداسي” يتفق الخبراء على أن الجودة والبنة تكون في الثني منها وتضعف فيما فوقها !! ،ولم أعلم كيف استحضرت ذاكرتي ما كان يحكيه لنا العمال المغاربة المهاجرين والمهجرين للعمل في أوروبا والذين يتم انتقاؤهم من لجنة يرأسها الضابط ( فليكس موغا . (Félix Moratفيقومون فحص مناطق من الجسم بما في ذلك الاسنان لتأهيلهم للعمل بالخارج بعد تصنيفهم وفق القدرات البدنية واشتراط أن يتراوح سنهم ما بين 22 سنة و30 سنة معتمدين نفس المعايير الصارمة التي وضعها الأمريكيون زمن تهجيرهم لعشرات الالاف من سود إفريقيا إلى أمريكا ..
إن العلم والمعرفة والتعليم والتدريس لاتسري عليه أية قيود تقنينية وتحكمية ولنا أن نذكر بأن الانسان خلق ليتعلم ويقرأ من المهد إلى اللحد ، وخلق ليكد ويعمل صالحا حتى العجز التام و الموت ، والله اختار سن 40 ليكلف سيدنا محمد بتعليم ونشر رسالة السماء الموجهة للناس كافة فكان أول مانزل من الوحي ” إقرا باسم ربك ..” وقال تعالى في سورة الاحقاف ” … حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ … ” ، لتمتد مهمته عليه الصلاة والسلام ل23 سنة التي هي بالتعديل القانوني الاخير لمنظومة التقاعد 63 عاما ..إن الشغيلة التعليمية الرسمية تسدي خدمات عظمى بالمجتمع والدولة ولا يجب التخلي عنهم بعد التقاعد الرسمي ، بل يفترض عقليا ايجاد صيغ لاستمرار عطائهم وتوظيف خبراتهم وكفاءاتهم التي هي في أوج تقدمها لتستفيد منها الشغيلة التعليمية الجديدة وللتطير الثقافي والتوعوي للشعب ولمحاربة الامية والجهل …الخ
ويحق للمهتمين والمعنين أن يتساءلوا : من المتضرر في عمليات التوظيف هل الذي كان في السنوات الاولى لتخرجه أم الذي تعذر عليه أن يلج أو يجد وظيفة أو شغلا حتى تجاوز الثلاثين ؟
وهل قرار الوزير يسير في اتجاه ممنهج “لموازنة” بين المسجلين و الخريجين من الجامعات والمدارس العليا ومدارس التكوين في علاقة بمناصب التوظيف التي تحتاجها الدولة والقطاع الخاص ، وهذا وفق المسكوت عنه أي التحكم في عمليات الولوج للجامعات والمدارس العليا وغيرها من مؤسسات التكوين مع تقسيمها إلى قسمين : –
قسم له علاقة بالتوظيف المضمون ، – وقسم لاضمانة إطلاقا في التوظيف بل لاكتساب العلوم والمعارف والمهن فقط ! ، فهل تريد الحكومة حقا إدماج الشعب وخاصة الشباب في التنمية ؟ أم تريد أن يكون أبناء الشعب الذين يتجاوزن 30 سنة خارج منظومة الوظيفة العمومية وشبه عمومية وحتى القطاع الخاص بالتبعية وجعلهم عائقا في وجه التنمية بسبب البطالة والازمة الاقتصادية والاجتماعية ..؟ وما جواب النموذج التنموي الجديد وبرنامج الحكومة على مصير وبدائل الدولة لأبنائنا وبناتنا الذين تجاوزوا الثلاثين و الاربعين الذين يرون أن الحكومة تتنكر لهم بسياق المثل العربي بإلقاء و” ترك الحبل على الغارب ” ؟ ،
إن المبالغة في اعتماد وتنزيل بعض قرارات المؤسسات المالية العالمية ومنها توصيات البنك الدولي فيما يتعلق بتقليص كتلة الاجور التي تتطلب تقليص المناصب وتمديد سن التقاعد تعتبر من عوامل تراكم الفوارق الطبقية والفقر والهشاشة و الاحتقان الاجتماعي في ارتباط باختلال التوازن الاقتصادي وستضعف حتما الطبقة الوسطى ..
تارودانت : الاثنين 29 نونبر 2021.