قال الإمام علي ” لكل شيء زكاة وزكاة العقل احتمال الجهال”
قال أفلاطون : (الرأي هو شيئ وسط بين العلم و الجهل)
الإختلاف والتعارض يكون داخل الجسد والنفس الواحدة ، وعقلنة تدبيره بين الأنا القابل والأنا المخالف من ضوابط الحكامة الباطنية ، فعندما لايتكامل وينسجم الأنا مع نفسه الناقدة والبناءة فذلك من علامات العجز والاضطراب ، وإذا كان الأنا الظاهر مناقض للباطن فذلك إما نفاق أو إنفصام فيستعصي عليه إصلاح نفسه ولا يتقبل آراء ونقد الآخرين الموضوعي ..
إن الاختلاف ثراء وقوة في الطبيعية يبني التوازن ، وهو من تجليات التعدد بالطباع والأمزجة والأهواء والقدرات والمرجعيات والثقافات والعادات والتقاليد المعروفة والتي في طور التشكل والتي لم تستكشف بعد بالنفس والمجتمع الواحد وبين المجتمعات البشرية عبر التاريخ ، إنه دليل على وجود أسباب التقدم والتطور وبناء الحضارات ببناء الإنسان المؤهل للريادة لحمل المكرم من السماء بالعقل والمؤهل لحمل وفهم الرسالة وأداء الأمانة ،،
فالذين يدركون ضرورته و آلياته ويسعون لتطويعه للمصلحة العامة تعلق الأمر بالجنس البشري أو المجتمعات أو الأفراد يشقون طرقه ومسالكه بعلم ومعرفة وتجربة وخبرة متراكمة متجددة في جميع المجالات ، لهذا لا يمكن تصور الشورى والديموقراطية داخل الأسرة والمجتمع هيئاته ومنظماته ، و الدولة ومؤسساتها دون استحضار وفهم وإيمان عملي تطبيقي بالحق في المعرفة والعلم والمعلومة والحق في الإختلاف و الإختيار والتعرف على الرأي الراجح ولو كان مخالفا للهوى والمصلحة الخاصين ،
وليكون اختلافنا عقلانيا وعلميا يستقرئ الواقع ويدرك متطلبات كل مرحلة وآليات العمل الناجعة في علاقة تكاملية مع إرادة الناس التي قد لا تتفق معك مائة في المائة ولكنها ترى مصلحتها في تدبير المشترك الذي يجعل الإختلاف دافعا ومحفزا للإنتاج والإبداع في الحلول والمبادرات الإيجابية للحد من الخسارات والإنكسارات وكل ما يفسد المجتمع ويعطل المصالح العامة وينشر التبعية والسخرة وسياسات تسليع العقل والانسان واغراقه في الثقوب السوداء للميوعة والانتهازية والأنانية الهوجاء المغرقة في اعتماد الغايات المبررة للوسائل التي قد تكون سببا في الانحراف والتأزيم وفقدان المصداقية والثقة ، إنه شرعا وعقلا لا تصح الصدقة من المال الحرام كما لايصح بناء المشهد السياسي بالرشاوى الانتخابية والريع والوعود الزائفة ..
لقد أصبح الإختلاف عند البعض مفتعلا ومصطنعا لتصريف الأهواء ولتصفية الحسابات وللهروب من المواجه الديموقراطية والعقلانية ليتسبب منذ عقود في بلقنة المشهد السياسي والنقابي والجمعوي وأصاب المجتمع بإسهال حاد ألحق الضرر بمناعة وعي المجتمع والنخب وحتى المؤسسات الرسمية ..
إن ضعف واختلال المشهد السياسي العمومي والحزبي يحصل بسبب هشاشة الإنخراط في العمل الحزبي والنقابي والجمعوي وضعف التأطير والتكوين وعدم تحقق إيمان بالمبادئ وتشبع بالتاريخ النضالي لشعبنا ورموزه الكبار في الوطنية والمقاومة والسياسة والنضال والعلم والثقافة والعمل المدني من أجل الحق والحرية والديموقراطية ودولة الحق والقانون والعدالة في جميع المجالات والقطاعات والحياة اليومية ، إنه يتسبب في الإنحراف و الإستلاب بسبب منظومات لوبيات سلبية مصالحية ريعية انتهازية تكون وراء صناعة تحويل الإختلاف إلى خلاف وصراع غاياتهم التفكيك للتحكم ولفرض ممثلي لوبياتهم بكل الطرق غير الأخلاقية وباستعمال طرق شياطين الانس والجن ومنها قاعدة ” فرق تسد ” .. ليسفيد من ذلك الذين لامصلحة لهم في وعي الشعب واصطفافه إلى جانب المنطق والحق والعدل والحرية …
إن الاختلاف هو الأصل في التواصل و النقاش وتبادل الأفكار والحجاج وهو الدال على الكثرة والتنوع ، إنه هو تفكيك تنموي بناء مستدام للمواقف والخطاب بالنص وخارجه وبالعمل الميداني ، باعتباره قيمة واجبة للإعتراف والتميز والتطوير لبناء التوافق أو الإجماع ولتقوية التعايش ولفهم أفضل للكيف والجوهر والشكل ولضبط الإنتقال والتقدم من حال راهن إلى وضع أرقى ، ويتأسس عليه حق الإعتراض والرفض وواجب الإنضباط للغالبية والعمل المشترك خدمة للأفراد والجماعة والشعب والوطن ..
قال تعالى : ( وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ”)
قال الإمام علي في نهج البلاغة: «كُنْ فِي الْفِتْنَةِ كَابْنِ اللَّبُونِ لا ظَهْرٌ فَيُرْكَبَ ولا ضَرْعٌ فَيُحْلَبَ)
تارودانت: الخميس3 يونيو 2021 .