ما معنى أن يخرج رئيس دولة، مثلما فعل الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون منذ يومين، ليقول إن بلاده قررت “احتياطيا تعليق استعمال لقاح أسترازينيكا، التزاما بالتضامن الأروبي”؟. معناه الوحيد هو أن القرارات سياسية هنا وليست علمية.
إن حرب اللقاحات قد انطلقت بالمكشوف عالميا للأسف. وتصفية حسابات مع بريطانيا التي شقت عصا الطاعة وغادرت الإتحاد الأروبي جلية أكيد، لكن الأمر لربما أكبر من ذلك وأبعد. فهو صراع نفوذ وصراع قوى مالية عالمية هائلة من ضمن “تروستات” صناعة الأدوية واللقاحات. يكفي استحضار مايلي:
– أربع لقاحات فعالة صنعت إلى اليوم بالولايات المتحدة الأمريكية (مجموع ما ستنتجه حتى نهاية 2021 هو مليار جرعة ويزيد قليلا). منطق التسويق حاضر.
– وحدها بريطانيا والسويد التي أنتجت لقاحا أروبيا خالصا (من خلال معامل إنتاج ببلجيكا وإنجلترا والهند وكوريا الجنوبية)، وحده القوي على مستوى حجم الإنتاج حتى الآن والأكثر انتشارا بمختلف قارات العالم.
– لقاح سبوتنيك الروسي الذي وجهت إليه سهام التشكيك تحول بسرعة إلى لقاح مطلوب (سمح رسميا بإنتاجه محليا بكل من ألمانيا، فرنسا، إيطاليا، إسبانيا).
– لقاح الصين (بكين ويوهان) يحقق تواجدا بالدول الهند صينية وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، بنسب توزيع أقل من أسترازينيكا، دون السماح بإنتاجه خارج الصين حتى الآن رغم التزامات سابقة بذلك (توقيع اتفاقية مع المغرب لتزويد دول إفريقيا)الخلاصة الكبرى، هي أنه ليس هناك مصدر علمي واحد يجزم على أن لقاح آسترازينيكا قاتل وخطير، وفي مقدمة تلك المصادر المنظومة العلمية للصحة بالإتحاد الأروبي. بل كلها تؤكد أنه فعال.واضح أن السوق الدولية للقاحات أصبحت مجال تجادبات سياسية كبيرة، وأن الصراع هو صراع فيلة، يخشى جديا أن تؤدي فيه الدول الفقيرة الثمن غاليا.
الدار البيضاء الثلاثاء 16 مارس 2021.
عن صفحة فيس بوك الاخ الحسن العسيبي