بقلم : محمد طمطم

لبى نداء ربه الفقيه الجليل العالم الرباني الوطني يوم الثلاثاء25 غشت2020 سيدي الحسن مهدب الماسي عن عمر تجاوز 111 سنة، والمرحوم من تلامذة الفقيه الحاج احمد الكاشطي بمدرسة( الما العتيقة) بادا وتنان،بدا حياته بعد تخرجه من المدرسة مشارطا باحدى المساجد بنفس المنطقة ، لكنه رحمه الله ما لبث ان انخرط في سلك التعليم غير أن مواقفه الوطنية والنضالية دفعت بالمسؤولين  وقتها الى توقيفه عن الممارسة نظرا لارتباطه الوطني القوي برجالات تلك المرحلة من قبيل المجاهد الوطني سيدي الحاج عمر الساحلي ، و القائد سيدي عبد العزيز الماسي، ومحمد الحبيب الفرقاني وثلة اخرى من رجال الدين الوطنيين الذين زرعوا بذرة الوطنية الحركة الوطنية في وسطهم المحلي والوطني ولونها بلون سلفي مغربي متنور، يرجع فضلها الى مؤسسها وراعيها المجاهد والفقيه مولاي محمد بالعربي العلوي وغيرهم من حملة الفكر التحرري التنويري التقدمي، نعم من هذا الضرع امتص فقيدنا المرحوم الحاج الماسي فكره وتفكيره في الجهاد فحارب الجهل وقاوم سياسة الاحتلال ….لدرجة انه ضحى بعمله فتم فصله من التدريس ليختار تلبية نداء تحرير الوطن ويضحي بمصالحه الشخصية وبعد استقلال المغرب انخرط في الجهاد الديني والروحي والقيمي مؤسسا لسلسلة من المدارس التي تنير العقول والروح وبقي على هذا الطريق الى ان وافته المنية رحمه الله  .

ولقد ذكره العلامة سيدي عمر المتوكل الساحلي في الجزءالرابع من كاتبه المعهد الاسلامي والمدارس العتيقة بسوس بالصفحة 278 عند حديثه عن (( المدرسة العلمية باولاد سعيد والتي تتواجد بمنطقة هوارة تبعد عن تارودانت حوالي 50 كيلومتر والتي زارها شهر دجنبر سنة 1971 حيث وجد استاذها هو السيد مهذب الحسن بن احمد بن محمد بن الحسين المولود بمدشر الزاوية بماسة سنة 1921 وهو من تلاميذ السيد احمد الكشطي بمدرسة ألما ، التحق مشارطا بها سنة 1968وعائلته بماسة محترمة وتسمى إد الفقيه انتقلت الى ماسة من تاوريرت بايت احمد منذ زمن ..))

وليقوم بعد هاته المرحلة بعد ان قرر المرحوم رحمه الله  الاستقرار بأولاد تايمة بصفة نهائية حيث بنى  فيها من ماله الخاص زاوية للطريقة التجانية، بجانب مسكنه ،وليتفرغ كليا الى مرحلة التربية الصوفية والروحية لمريدي ومنتسبي الطريقة التجانية ، وتشييد الزوايا التجانية، وليأخذ على عاتقه مهمة التنقل بنفسه بين مختلف مداشر هوارة واشتوكة، وماسة، وتزنيت ،وتغجيجت وكلميم …من اجل بناء وإعمار تلك الزوايا التجانية بتلك المناطق مرشدا وموجها ومربيا ومعلما لفقه الطريقة التجانية القائمة على الكتاب والسنة ووفق توابث الامة المغربية.

هكذا كانت سيرة هذا العالم الجليل المرحوم الحسن الماسي الذي تأثر كثيرا بمن عاصره من الرجال الوطنيين المجاهدين الذين وهبوا لوطنهم كل ما يملكون إلى آخر نفس في صدق واخلاص وتفان لخدمة العلم والعلماء والتصوف السني القائم على الوسطية والاعتدال، ونظرا لمكانته ووزنه العلمي فقد ترجم له المجاهد الفقيه سيدي الحاج عمر الساحلي في كتابه عن التعليم بالمدارس العلمية العتيقة بسوس.

بعد ما قضى مدة طويلة يؤسس فيها لطريقة صوفية سنية سليمة لغرض تقوية سلسلة المدارس والزوايا التي تزرع الفكر الديني المتنور في مواجهة سياسة التجهيل والتغريب والفرنسة التي اقامتها سلطات الحماية استطاع هذا الهرم العلمي الوطني ان يٌبقِي سوس كما سردها ووصفها العالم الفقيه الراحل سيدي المختار السوسي عن سوس العالمة التي تفتخر بعلمائها، وفقهائها، وكتابها ،ومجتهديها، وشعرائها، وعلى راسهم فقيهنا سيدي الحسن الماسي الذي وافته المنية ، مخلفا سجلا حافلا من الانجازات والاعمال الجليلة كرما وورعا وعلما وفقها صار عليه ولايزال يسير على دربه قوافل من تلامذته المتصوفين  منهم والفقهاء ورجال العلم لانهم لايقلدون مبتدعا، وانما يسيرون على درب وطريق رجل ورع زهد من الامتيازات وزهد من الدنيا الفانية، واقام مدرسة فقهية صوفية مبدؤها الاخلاص لله والوطن وحب الناس فاتحا ابواب بيته ومستثمرا من ماله الخاص لاقامة اسس مدرسة روحية ايمانية تؤمن بالاخلاص لله وحب الوطن والانسان فاليوم افتقدناه وودعناه ولكننا لن نفقد طريقه وطريق سلفه، وسيستمر على ذلك خلفه باذن الله لانها اقيمت على التقوى والورع فرحم الله فقيدنا وامامنا وفقهينا ولنبقى مستمرين على نهجه ومنهاجه حتى تبقى سوس حاضرة العلماء الوطنيين والمتصوفة المتنورين .

‫شاهد أيضًا‬

الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس يناقض أفكاره الخاصة عندما يتعلق الأمر بأحداث غزة * آصف بيات

(*) المقال منقول عن : مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية ألقى أحد الفلاسفة الأكثر…