الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية
الكتابة الاقليمية بفرنسا
الدعوة الى مؤتمر وطني استثنائي من أجل مصالحة وطنية و انفتاح شامل
إن الكتابة الإقليمية لحزب للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في فرنسا، المجتمعة يومي 12 و25 يونيو 2020 ،في باريس، وبعد استعراضها للأوضاع العامة على المستوى الدولي و الوطني في الظروف الاستثنائية لجائحة كورونا، وتدارسها لقضايا مغاربة العالم و للوضع الحزبي في ضوء التطورات الأخيرة، تؤكد ما يلي:
يجتاز الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لحظات تاريخية عصيبة، حيث أصبح واضحا جليا أن قيادته السياسية أظهرت عجزها عن ضمان انسجام بين أعضاء الحزب وأقاليمه وفروعه، نتيجة تراكمات أخطاء جسيمة في تدبير مرحلة سياسية دقيقة ( مشروع قانون 22-20 ، ) غابت فيها المواقف المبدئية المنسجمة مع تاريخ الحزب وتراثه الفكري ومقررات مؤتمراته، ولا سيما مقررات مؤتمره العاشر وبيانه العام، وكذا غياب الديقراطية الداخلية.
إن ما يعرفه الحزب من تخبط وارتباك، هو في الحقيقة نتيجة لغياب رؤية سياسية واضحة، سواء في قراءتها للأوضاع الداخلية والمحيط الخارجي أو للتحولات التي تعرفها المجتمعات، ومن بينها المجتمع المغربي بل أكثر من ذلك، فرغم أن للحزب تراكمات سياسية وفكرية متقدمة، غير أنها لا تترجم في عرض سياسي يستجيب لتطلعات القوات الشعبية، وأصبحت تُوظَّف فقط لتأثيث الصورة، دون أن يتم تفعيلها على أرض الواقع، مثل العدالة والمساواة وإلانصاف ومحاربة الفساد والريع والدفاع عن الجماهير المقهورة والتصدي للممارسات والسياسات والقوانين المناقضة للديمقراطية وحقوق إلا نسان. وبدل الوفاء لهذه المبادئ، وجعل الالتزام بها نموذجًا للمناضل الحزبي، فقد تم اعتماد منهجية الزبونية والمحسوبية، لتمرير القرارات والدفاع عنها، من خلال أعضاء الدواوين واستعمال مجالس الحكامة، كوسيلة لشراء الذمم، والانخراط في ظاهرة صناعة النخب الجديدة، التي تنهجها الدولة، عبر شراء الولا ءات ومنح الامتيازات وسياسة الريع الاقتصادي. وبالتالي لم يعد الهدف من تحمل المسؤولية هو تحقيق المشروع المجتمعي للحزب . وتطبيق برنامجه والعمل على تطوير أدائه.
كل هذا أدى الى المس بقيم و روح الاتحاد و رأسماله الوحيد وهو المبادئ ونظافة اليد.
إن الكتابة الإقليمية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بفرنسا تعتبر أن هذه الوضعية المتأزمة تتطلب معالجة مبنية على إعادة بناء الحزب، و الالتزام بمبادئ الحكامة الجيدة التي تضمن للمؤسسات الحزبية استقلا ليتها ، وتؤهلها لتقوم بدور المراقب الحكيم لفرض احترام قواعد المسؤولية والعمل الحزبي في إطار القوانين الساري بها العمل داخل الحزب وإعادة الاعتبار للمجلس الوطني كأعلى هيئة تقريرية بعد المؤتمر الوطني.
- توجيه الدعوة إلى عقد مؤتمر وطني استثنائي قبل استحقاقات 2021 ، ووفق خريطة الطريق المقترحة من طرف لجنة التحكيم و الاخلاقيات الحزبية و بلجنة تحضيرية منفتحة على كل الطاقات والكفاءات الاتحادية كيفما كان موقعها اليوم.
في هذا الإطار ، نضم صوتنا إلى المبادرات العديدة التي تم التعبير عنها هنا وهناك مناديةً باستعجال بفتح النقاش حول الأسباب العميقة للتراجع الشعبي الذي يعرفه الحزب حاليا.
تشدد على أن المدخل الأولي لتجاوز أزمة الحزب، ينطلق من العمل على تجاوز الخلافات الهامشية، وفتح صفحة جديدة بين أطر الحزب وقياداته الحالية والسابقة، لتصل المصالحة إلى أبعد مدى، إخلاصًا للأمانة والمسؤولية الملقاة علينا جميعا، بهدف إعادة بناء حزب القوات الشعبية، واسترجاع القوة والمكانة التي يستحقها في المشهد السياسي، ليلعب دوره المعتاد في الدفاع عن الحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة والإنصاف كما يشهد على ذلك مساره النضالي وسيرة قادته التاريخيين.
- تدين أسلوب التخوين ، و تندد ببعض الممارسات المُخِلّة بأدنى شروط احترام النقاش والاختلاف والتعدد في الآراء، تلك الممارسات التي تستعمل أساليب السب و القذف و التهجم و التشهير، من طرف بعض أعضاء الحزب، في حق مناضلات ومناضلين اتحاديات واتحاديين، ومصادرة حقهم في التعبير عن مواقفهم، و هو ما يتعارض بشكل تام مع القانون الأساسي للحزب ونظامه الداخلي ،و بالتالي الدعوة إلى تفعيل دور لجنة التحكيم و الأخالقيات.
- تهيب بعموم المواطنين، داخل المغرب وخارجه، إلى الالتفاف حول الحزب والالتحاق بالفروع والأقاليم وتجديد الانخراط بالنسبة للاتحاديين الذين ابتعدوا عن التنظيم، والتنسيق بين المناضلين في مختلف الربوع من أجل إعادة بناء الاتحاد في تحالف مع القوات الشعبية لمواجهة التخلف الكبير الذي تعرفه بلادنا على المستويات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والمؤسساتية .
- توجه نداءً إلى قوى اليسار الوطني، لنبذ الصراعات الهامشية والخلافات الجانبية، والتوافق حول تكوين قطب يساري كبير، في أفق تشكيل حزب يساري يستوعب كل التيارات، للدفاع عن الديمقراطية والحداثة والعدالة الاجتماعية والمساواة، والتكتل ضد الرجعية ولوبيات الفساد والريع.
- تؤكد رفضها المشاركة في حكومة يمينية يسيطر عليها حزب رجعي يوظّف الدين الإسلامي والعمل الخيري، في السياسة والانتخابات، ويقتسم الكعكة مع التكنوقراط، مما يضرب في العمق مبادئ الحزب ومشروعه المجتمعي، من خلال تزكيته لهذه الخلطة الهجينة.
فمساهمة الاتحاد الاشتراكي في الحكومة ليست هدفًا في حد ذاته ولا يمكنها أن تكون غير مشروطة، لأن تحمل الحزب المسؤوليةَ الحكومية يجب أن يتم في إطار اختيار منسجم مع تاريخه النضالي واختياراته البرنامجية والأيديولوجية. كما أن هذا الوضع يضع على المحك أيضا الجدوى من الانتخابات، التي من المفروض أن تفضي إلى حكومة سياسية تتحمل كامل المسؤولية لتحاسب عليها، دون خلط للأوراق، كما يحدث حاليا. لذلك فإن الانسحاب من الحكومة أصبح ضرورةً ومطلبًا ملحا، لكل الاعتبارات المذكورة آنفا، والذي تأكد أيضا بالاستهتار الشامل بالقوانين الدنيا، في المجال الاجتماعي وحقوق الانسان، من طرف عضوين في الحكومة، مثلما حدث في الفضيحة الأخيرة والتي أخذت بعدًا وطنيًّا ودوليًّا، والمرتبطة بعدم تسجيل مستخدمين لوزيريْ حقوق الإنسان والتشغيل في صندوق الضمان الاجتماعي، وهو إجراء إجباري، كما ينص على ذلك القانون. - تِؤكد على الخيار الديمقراطي في أفق ملكية برلمانية، والذي عرف نكسة حقيقية منذ 2002 ، تاريخ الخروج عن المنهجية الديمقراطية، هذا الخيار هو الوحيد الكفيل بتأهيل قدرات المغرب لمواجهة تداعيات ما بعد الجائحة، وتحصين الوحدة الوطنية التي تتطلب تعبئة مستمرة يشكل فيها النساء والشباب الحجر الاساس.
في الأخير، ونحن نتداول النموذج الحزبي لما بعد جائحة كورونا، نستحضر الكلمة التوجيهية لشهيد الوطن المهدي بن بركة خلال المؤتمر الوطني الثاني للحزب: ” إن أهدافنا والمهام الملقاة علينا تبين بجلاء أننا لسنا حزبا سياسيا، بالمعنى الذي ينطبق على الأحزاب الأخرى، ولكننا بحق خميرة المغرب الحديث، المغرب التقدمي المزدهر الذي سيُشَيَّدُ غدًا. وإذا كانت تجربتنا الجماعية أتاحت لنا أن نتوصل، بفضل دقة التحليل الصحيح، إلى وضعية شعبنا ًوظروف كفاحه المستميت، فإننا أيضا ارتكبنا أخطاء وتكبدنا انهزامات، وأن من شأن ذلك أن يُنَمّي تجربتنا ويعّززها ويزيدها ثراءً وغنى.
عاش الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية
باريس 26 يونيو 2020