منْ يقرؤُني حتّى الآخر ، أضمن لهُ الجحيم
…
مُثْخَنٌ هَذا السّرابُ ،
وَ فِي كَفّيْهِ حِكْمَةٌ تَسْتَجْدِي رَامِياً …
هَا الْأَيْتامُ مَرْمىً قَصِيرٌ قَرِيبٌ …
تَرْكُضُ فِي دِماهُمُ أرْضٌ دَسِمَةٌ
تَنْفُضُ يَدَيْها مِنْ أَحْلامِهم،
تُرَخِّصُ لِلزُّرْقَةِ فِي قُلُوبِهمُ
تأْشِيرَةَ انْتِهاك أصَابِعِ الشّمْسِ
وَ فِي سُحْناتِهم …
تَعْصِرُ امْتِشاقَ الْجَسَدِ
خَمْراً عَلى الضّاعِنِ
جَمْراً عَلى السّاكِنِ فِي الرّوحِ
تُبَلِّلُهَا سيرَةُ الْحَنِينِ ، طَائِراً يَتَجَرّعُ وَهْمَ الدّفْلَى ،
يُصِيبُ شَبَعَ الْخَطْوِ تَارَةً وَ يُخْطِئُها تارَاتٍ تُرابِيّة
وَ هَا الدّمُ صَاخِباً
يُلْغِي كُلَّ الْمَسافَاتِ ، عَلى تُخُومِ نَائِي السّمَاواتِ
مَا تَبَقّى لنَا … مَا تَبَقّى لِلانْكِسارِ فِينَا
حُزْنٌ يُرَتّلُهُ الْوَجْهُ الْعَابِرُ
عَلى شَظايَا الطّرِيقِ الطّويلِ،
فِي مَحَطّاتٍ ظامِئَةٍ ، لا تُنِيخُ فِيها
لا الْأعْراسُ و لا الْأجْراسُ
ظَمَأٌ هُناكَ ، سَغَبٌ هُنا …
مَطَرٌ تخَثّرَ ، غَيْمٌ تعَثّر ، وَ الْماءُ اهْتَرَأَ نَعْلُهُ ، فَتَكَسّر
تَشَقّقتْ مَواعِيدُهُ عنْ وَطْءِ الْأقْواسِ وَ أحْلامِ النّاس …
لمْ يَعُدْ يُغَنّي نَشِيدَ الْحِكْمَةِ
وَلا تَراتِيل التّأْوِيلِ لِصَرْخاتِ الْحَجَر
تَسْتَجْدِي رَامِياً ،
تَعَطّلَتْ أرْحامُ الْأُمّهاتِ عَنِ الْتِقَاطِ الْخَبَرِ الْيَقِينِ
فِي مَقَالِيعِهِ
فِي خُيوطِ حِذائهِ
فِي مَقاساتِ كَعْبِه ، فِي قَبْضاتِ كَفّه
هُوَ الْآنَ … صِيغَةٌ بِغَيْرِ صَهِيلٍ ،
هُوَ الْخَيْلُ … تَسْرِقُ مِنْ قَلْبِ الْجَمْرِ
شَماتَةً … شَتِيمَةً … مَشِيئَةً …
تَزْرَعُ فِي نَهارِ الْفِطْرَةِ بُثُورَ الْخَوْفِ
عَلى حَوافِرِ الرّكْضِ
تدْفَنُ بُذُورَ الرّغْبَة ، وَ جُسُورَ الرّغْوَة
فِي نَاصِياتِ الْخَبَل
تنْشُرُ عَدْوى الاِسْتِرْخاءِ ،
تُعَطِّلُ الطّلْقَاتِ عَنْ سِيقانِ الرّيحِ ،
وَ تُزَوّجُ النّسَائِمَ بِلَغْوِ الْعَجاجِ
هَا السّنَابِلُ ، تَهْمِسُ فِي أُذُنِ التّرابِ
وَ هَا الْمَناجِلُ بِلا مَقالاتٍ ،
تسْتَظْهِرُ هَسِيسَ الرّمْلِ
فِي آذانِ شَقائِقِ النُّعْمانِ
يَتأَبّطُ الْعُذوبَةَ ،
قَبْلَ تَوتُّرِ الْمَواسِمِ فِي أَكُفِّ الذُّهُولِ
أيَا فَراشَاتٍ …
تَسْألُ عَنْ مُرْضِعَتِها فِي لَبَنِ الضَّحِكِ
وَ فِي ضَحِكِ الْغَيْمِ ، تسْتَجْدِي أَجْنِحَةَ الرِّيحِ
… غَيْثاً …
أنْ يُدْرِكُ بِفِطْرَةِ النّهاياتِ
أَيْنَ يَضَعُ قَدَمَيْه الْمُبَلَّلَتَيْنِ
وَ أَيْنَ ، يَرْسُمُ لِلشّقَائِقِ حُدودَ انْتِشَائِها الْأَعْمى ،
وَ أَيْنَ تَتَخَلّى السّنَابِلُ عَنْ عِشْقِ النّعْمانِ الْعَابِرِ
فِي مَحَطّاتِ الرّشْقِ
بَعْدَ أَنْ تَزَوّجَتْ صُفْرَةَ الْمَناجِل .
…
نورالدين حنيف
الاربعاء : 10أبريل 2019.