سأمزح بنسبة 50% فقط، وأقترح تأميم شركة «سامير» لتكرير البترول.
أقول بنصف المطلق، بنصف الجدية، تطرح شركة سامير، خارح التسليم بنهايتها، أزيد من خمسة احتمالات للحل..
هذه الاحتمالات كنت شاهدا على وعي العمال وممثليهم وأطر الشركة بها.
أحد النقابيين، وهو الحسين اليمني، صار خبيرا في كل ما له علاقة بالتكرير والاستيراد وبالتقنيات المتعلقة بالشركة وموقعها في الوسط العالمي، وفي علاقة كل ذلك بقدرة المغاربة على مواجهة قيامة الأسعار وأهوال الوقود..
وما إلى ذلك من «الخسائر التي يتكبدها الاقتصاد الوطني والمستهلك المغربي، من جراء تعطيل العمل في مصفاة المحمدية وما لحقه من سحب للدعم من صندوق المقاصة وتحرير الأسعار وترك المواطن في مواجهة جشع وتهافت المتحكمين في السوق الوطنية للمحروقات».
ماذا تقول مقترحات العاملين والأطر في سامير والمناصرين لهم من كافة ألوان الطيف المغربي؟
يقولون إن هناك 5 خيارات تشترط الإرادة السياسية كمقدمة أساسية لتوفير شروط النجاح لذلك، (انظر نص المداخلة كاملة في عدد أمس الثلاثاء).
الخيار 1 – التسيير الحر من خلال الإذن باستمرار النشاط لمدة لا تقل عن 3 سنوات، بهدف حماية الأصول من التناقص واستغلال الوحدات الإنتاجية، وتوفير الشروط الفضلى لإنجاح التفويت القضائى.
الخيار 2 – التفويت للأغيار من خلال توفر الإرادة السياسية للدولة المغربية، قصد التعامل الإيجابي مع الملف، والانتقال لموقع المساعد في الحلول وليس التفرج، وإطلاق التصريحات المعرقلة والمحبطة للآمال.
الخيار 3 – تحويل الديون لرأسمال من خلال الاتفاق بين إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة والشركات الدولية والبنوك المغربية وغيرها من الدائنين الكبار.
الخيار 4 – التفويت للشركة المختلطة من شركة دولية في البترول والغاز والدولة المغربية وموزعي المحروقات والأبناك والمستثمرين المؤسساتيين وأجراء المصفاة المغربية للبترول.
الخيار 5 – الاسترجاع والتأميم من خلال لجوء الدولة المغربية لإعمال المقتضيات المتعلقة بعدم الوفاء بالتزامات الخوصصة».
الأطر واقعيون، حريصون على تكرير الحل وتنقيته وتصفيته من كل ما يلزم من تحليل وواقعية..
ومع ذلك، لحد الساعة، كل خرجات الوزراء (..و كل دخلاتهم أيضا) لم تغادر منطق ومنطقة رفض الحل أوالمغامرة به…، ولم يفكروا في أيها حل.
على الدولة أن تكون ذات «إيديولوجية» أكثر شعبية ومغامرة أكثر جرأة في تفعيل آخر الحلول، وآخر الحلول هو التأميم..
الدولة اليوم يمكنها بالفعل أن تقود التأميم!
ولم لا:
الدولة تقود التحديث في البنيات المادية الكبرى..
وتقود التحديث في القضايا المجتمعية الأكثر إشكالية وصعوبة، من الإشكال اللغوى إلى التجديد الديني وإلى الحريات ..وهو ما قد يكون فيه التحديث الرمزي والثقافي والروحي، بناء على قناعة بأن تأمين ذلك هو نوع من تأميمه… وعدم تركه للاشتغال الطائفي الضيق المرتبط بالمصالح العابرة للأفراد والجماعات..
وعليها أن تكون في غرفة القيادة في ما يختص بالدولة الاجتماعية وحماية النسيج الاقتصادي والاجتماعي في أحد معاقل التوحش الليبرالي، أي البترول ومشتقاته.
تقول المعطيات إن مستورداتنا تأتينا في أغلبها من فرنسا وإسبانيا: هل تمتلكان البترول؟ لا.
هل تمتلكان صناعة التكرير؟ نعم، وهي ملك عام.…
لماذا إذن نحرم أنفسنا من هامش العقل والتضامن الممكن في الوضع الليبرالي الحالي؟
لقد قدر لي أن أناقش الأمر مع أحد وجوه الليبرالية المغربي، وهو قيادي في حزب مرتبط كثيرا بتوزيع المحروقات وأرباحها، ومع ذلك امتلك الرزانة والشجاعة الأدبية لكي يقول لي: أنا مع تأميم سامير ومع ما هو أكثر من ذلك، منع الاستيراد على الموزعين لكي تكون سامير هي المورد الواحد والوحيد لهذه المادة والتحكم فيها بقرار من الدولة المغربية.
..ولعل السؤال اليوم ليس هو لماذا تأميم سامير بل هو هل الوقت مناسب لذلك أم لا؟
وهو سؤال يتعلق بالأجندة القصيرة المدى، لا بمصير قطاع كبير وفئات واسعة من المغاربة، يبلغ عددهم قرابة 20 ألفا إذا ما نحن أدرجنا ضمنهم كل الشركات الدائنة والمهددة بمصيرها والتي بدأت تشعر بالأزمة، إضافة إلى الأطر ومناصب الشغل غير المباشر …إلخ!
الخميس: 21 مارس 2019.