ينقسم  رأس المال الثقافي الى قسمين ، قسم مكتسب من المجال التعليمي والمهني ، وقسم  موروث  من  العائلة و أشكال العلائق والمؤثرات الثقافية والإجتماعية ،  وكلاهما يحقق أرباح في مجالات عدة.

إن الوعي بسلطة المعرفة وعلاقتها بالهيمنة ، بالنسبة للنخبة المتحكمة في هذا الوطن ، جعل الألغارشية  القومجية و الشمولية الدعوية تصطف على خندق واحد من اجل محاربة كل تطلعات أبناء الفئات الشعبية في الحصول على تعليم شعبي منتج،  يسمح بدوران النخب ، والرقي الاجتماعي كما يسمح ببناء شخصية مغربية مستقلة عن التبعية الى الرأسمالية الجديدة  ،أو إلى قوى الحاكمية والتمكين ، أو إلى القومجية المشرقية ، كما دفعت بوسائل الإعلام لجعل وزير تقنقراط كبش فداء ، لفشل سياسة تعليمية، أريد لها منذ الاستعمار أن تكون تابعة  للمرحلة الكولونيالية الفرنسية -الاسبانية ، المرتبطة بالمدارس القنصلية التي تحولت إلى مدارس اللأعيان ، في مقابل المدارس الحضرية والقروية ، منّذ  المخطط الخماسي  أوائل الستينات ، إلى حدود و الرؤية الاستراتيجية  2015 والتي تم التوقيع عليها في الوقت الضائع من  حكومة دون البغل وفوق الحمار.
      فإذا  كان هدف المستعمر  تكوين خريجين لا يصلحون ألا إن يكونوا أدوات في خدمة معامل وإقطاعيات المستعمر،في إطار نظرة تشيئية للإنسان ،بعيدا عن أي تثقيف و في استلاب تام للروح الإنسانية، فإن هذا الواقع هو الذي كرس ولا زال يكرس في حكومات ما بعد إتفاقية  إكس-ليبان  ( الاستقلال) ، لا على مستوى مؤسسات الدولة، ولا على مستوى الاحزاب السياسية ، فإبن فلاح مصيره أن يبقى   فلاح وإبن الجندي عليه أن يبقى جندي ،وإبنة خادمة البيوت والحمامات  عليها أن تبقى كذلك ، أو على أبعد تقدير معلم في المناطق النائية ،

تعليم معاق لغويا ، زاده إعاقة وضعية الاستاذ المتعاقد !!!

ماذا ننتظر من أستاذ غير مستقر على المستوى المهني أن يقدم ؟، وكيف نطلب منه أداء العرض التربوي والذي يتطلب من الإعداد المجهودات الذهنية خارج حصة الدرس الشيئ الكثير، أكثر من حصة الدرس ؟ ماذا ننتظر من أستاذ غير مستقر؟ وهو مطالب بتنشئة جيل جديد من المواطنين ، من المفروض أن يكونوا أطر المستقبل ؟ ماذا ننتظر من أستاذ غير مستقر؟ أن يبدع  و يبتكر  ؟ ماذا ننتظر من تعليم مركب لغويا؟ إرضاء لأهواء النخب المتحكمة في السياسة والإدارة والاقتصاد ؟

لقد أثبت التاريخ أن  النخب السياسية بالمغرب، لاتهمها  أن المسالة التعليمية  ، بل  العكس فهي تعتبر   مجانية التعليم العمومي وجودته،  يشكل ضربا لإستثماراتها في  المدارس خاصة، كما أن قوى المهيمنة على الشأن الاقتصادي والسياسي من جميع توجهاتها ، لا يهمها تكوين مواطنين على مستوى عالي من التعليم ، لأنهم سينافسون أبناءها في المستقبل ، ولهذا تفضل  تدريس أبنائها في الخارج في المدارس الفرنسية أو الأمريكية ، الكندية … ثم أخيرا الموجة الجديدة موجة المدارس التركية، بدل تجويد التعليم.

إن مايفسر ، توحد الشمولية الدعوية و الألغارشية القومجية، في الاجهاز على التعليم، سواء على مستوى لغة تدريس العلوم باللغات الاجنبية ، أو على مستوى التعاقد أو دسترة الامازيغية ، هو كبح  تنمية الرأسمال الثقافي للفئات الشعبية ، حتى تحافظ على هيمنتها في شتى المجالات، وبناء إنسان مغربي مستلب هوياتيا ،فقير على مستوى المؤهلات العلمية حتى يكون خادما لمصالحها .

وعليه ما على الفئات الشعبية إلا الدفاع عن تعليم  مجاني شعبي ديمقراطي ومنتج ،تعليم يفتخر بتعدده الهوياتي ومنفتح على رووح العصر .

 

الاثنين : 18 مارس 2019.

 

 

 

 

‫شاهد أيضًا‬

اليسار بين الممكن العالمي والحاجة المغربية * لحسن العسبي

أعادت نتائج الانتخابات البرلمانية الإنجليزية والفرنسية هذه الأيام (التي سجلت عودة قوية للت…