نشرت بصفحتي الخاصة، على الفايس بوك، يوم 07 يناير 2019، في حدود الساعة 02 و 45 دقيقة صباحا، تدوينة تضمنت خلاصة تدخلي أثناء اجتماع اللجنة الجهوية لتتبع برنامجي رد الاعتبار لمدينتي تارودانت وتزنيت، والذي انعقد بمقر ولاية جهة سوس ماسة، يوم الجمعة 04 يناير 2019. وقد تنبهت في اليوم الموالي إلى إغفالي ذكر كل من رئيسي المجلسين الجماعيين لتارودانت وتزنيت ضمن من حضروا هذا اللقاء الهام. فبادرت إلى إضافة صفتي السيدين الرئيسين إلى نص التدوينة، وقمت بتذييلها باعتذار، وضحت فيه بأن الامر لا يعدو أن يكون سهوا غير مقصود، كما بادرت للاتصال هاتفيا بالسيد الرئيس إسماعيل الحريري، ووضحت له الموقف، فكان جوابه جد إيجابي، وأكد لي أنه لم يعر أي اهتمام لهذا الأمر، وأن المهم هو العمل الذي نقوم به لصالح مدينتنا.
لحد الآن تبدو الأمور جد عادية، وأنها تجري كما ينبغي أن يتم الأمر بين مسؤولين راشدين مقدرين لمسؤولياتهما. غير أنني فوجئت باتصالات هاتفية من بعض الأصدقاء، تحيلني على قراءة “نص” نشر بالموقع الرسمي لجماعة تارودانت. ونظرا لانشغالي فإنني لم أتمكن من ولوج موقع الجماعة إلا بعد يومين، وفوجئت حيث لم أجد النص الذي ذكره لي عدد من الإخوة، إلى أن تكرم البعض منهم ببعثه لي كاملا، منتسخا من موقع الجماعة قبل أن يعمد من قام بنشره إلى الإسراع بحذفه؟!
وبعد الاطلاع على مضمونه اتضح لي أنه مجرد “قطعة انشاء” ركيكة وتافهة، تفتقر إلى أبسط شروط الكتابة، والنقد، وكذا إلى أبسط شروط الحياء. وسوف أسميها”إنشاء” لأنها لا تدخل في أي خانة من أصناف الكتابة المعروفة.
لم يكن قط من عادتي أن أرد على بعض مما تنعق به غربان مأجورة معروفة في حقي، كما لم يكن لي أن أرد لو أن كاتب ذلك الإنشاء، نشره على صفحته الشخصية، أو حتى على موقع إلكتروني، إيمانا مني بحق الناس في التعبير عن آرائهم، دون أن يضيرني ذلك في شيء. غير أن ما نشر تم على الموقع الرسمي للجماعة، والذي هو ملك لساكنة تارودانت، وتؤدى رسوم كرائه وواجباته من ميزانية الجماعة، والتي هي أموال سكان المدينة؛ وعلى مبلغ علمي، فإنني لازلت فردا من هاته الساكنة،إلا إذا تكرم كاتب المقال، وقَدَّرَ أن نزع صفة انتمائي لساكنة تارودانت، هو أيضا يدخل في باب حرصه على المصلحة العامة! وبناء على ما تقدم يصبح من واجبي –ولا أقول من حقي- أن أرد بعض الأمور إلى نصابها، وذلك من خلال إبداء مجموعة من الملاحظات حول ما كتب، يتعلق بعضها بالجانب الشكلي، بينما يتعلق البعض الآخر بتصويب كثير من المغالطات والادعاءات الناتجة عن جهل الكاتب بكثير من الأمور المهمة، وكذا عن عدم إحاطته بالموضوع الذي انبرى للكتابة عنه.
وقبل أن أشرع في بسط ملاحظاتي، أود أن أوضح بداية أن هذه الملاحظات ليست موجهة مباشرة لا إلى السيد رئيس المجلس الجماعي، والذي أشكره على نبل موقفه في هذه النازلة؛ ولا إلى مسؤولي حزب العدالة والتنمية في المدينة، لأن ما كتب لم يتخذ شكل بيان أو بلاغ رسمي موقع من طرفهم، بالرغم من أن كاتب ذلك الإنشاء الركيكهو من قام بحشرهم في الموضوع، حين كرر مرتين فيما كتبه عبارة [pjd]، هكذا، رغم انه كان يكتب باللغة العربية.
(1) اختلط الامر على صاحبنا منذ البداية، فأقر بأنني نشرت تدوينة على صفحتي الشخصية، وربما أنه لا يعلم معنى “الصفحة الشخصية”؟ وأن من حقي ان أنشر ما أشاء من أنشطتي، أو صوري على صفحتي، ما دمت لا أسب،ولا أقذف أحدا، ولا أشهر بأحد. وأدعو القراء للعودة إلى تدوينتي ليتأكدوا من خلوها من المس بأي كان،لا تصريحا ولا تلميحا! فكل ما قمت بنشره هو مجرد ملخص لمضمون مداخلتي في ذلك الاجتماع الرسمي لا غير؟! ومن تم يصبح الرد علي، وكيل الاتهامات المجانية لشخصي، بمثابة مس خطير بحقي في حرية التعبير، وهو أيضا تقييد غير مشروع لحقي في نشر أنشطتي الشخصية،وعلى صفحتي الخاصة! ويصبح كل ما نشره ذلك الشخص، الذي لم يكن له من الجرأة ما يجعله يوقع ما كتبه، بمثابة تشكيك في نزاهتي، ومحاكمة لما لم أقله، أي للنوايا، فضلا عن أنه تشهير عن طريق ذكر الاسم، ويتضمن عددا من الاتهامات المجانية، التي تستوجب الرد، وربما المتابعة القضائية أيضا.
(2) إن كاتب ذلك الإنشاء البئيس، رد على ما لم أقله؟ في صفحة رسمية، كان من الاجدر بمسؤولي المجلس أن ينزهوها عن مثل تلك التفاهات، خاصة وأنها صفحة رسمية للجماعة الترابية لتارودانت، تغطي أنشطتها، وتنشر إعلاناتها، وتعرف بهياكلها، وتعلن عن مشاريعها … وليست صفحة لتصفية الحسابات الشخصية، أو لتصريف الخلافات الحزبية. وفوق كل هذا فهذه الصفحة ليست ملكا خاصا لحزب معين يهاجم فيها فرقاءه السياسيين، وفضلا عن كل هذا وذاك، فإن المجلس الجماعي، إن نسي كاتب ذلك الإنشاء البئيس أو تناسى، يتكون من ثلاثة فرقاء سياسيين هم العدالة والتنمية، الاتحادالاشتراكي للقوات الشعبية، والاصالة والمعاصرة، وليس من حق أي منهم أن يستغل موقعا،تسدد واجباته من المال العام، أو يسخره للدعاية السياسية لنفسه خارج نطاق القانون. وربما أنه ينسى أيضا بأنني عضو منتخب ضمن المجلس الجماعي الذي يتحدث عنه، وأن الحقوق المخولة له في هذا المجلس، لا تتجاوز في شيء نفس الحقوق التي يخولها لي القانون، اللهم إن كانت “عبقريته” ستتفتق عن إلغاء عضويتي في هذا المجلس، أو ربما إسقاطها عن طريق فرض الحجر على المواطنين الذين صوتوا علي، إذا كان يعتبرهم غير راشدين، ومن تم لا مدعاة لاحترام إرادتهم؟
(3) يبدو أن كاتب ذلك الإنشاء الركيك، يعاني من عسر في ملكة الفهم، وهو لا يستطيع تفكيكتدوينة بسيطة وفهم ما تتضمنه، وهذا قد يعود إلى قصور في تكوينه الأساسي!فهو يتهمني بالركوب على برنامج تأهيل المدينة العتيقة، الذي يعود الفضل في إنجازه لـ: “مكتب pjd المسير للبلدية”، حسب ما ورد في ذلك الإنشاء؟ وأدعو هذا الفتى إلى قراءة تدوينتي أكثر من مرة، لعله يجد سبيلا إلى فهمها. فأنا لم أذكر برنامج تأهيل المدينة العتيقة إلا كنقطة في جدول أعمال الاجتماع موضوع تدوينتي، أما مداخلتي فكان لها موضوع آخر، أكثر أهمية، وأكثر راهنية، واستعجالا، يبدو أن ذلك الفتى لم يدركه تماما. إن طرحي الذي ناضلت من أجله، منذ ما يقرب من ثلاثة عقود، هو كيف نقنع المسؤولين الترابيين، محليا وإقليميا وجهويا، بنهج سياسة تعمل على صيانة التراث، وعلى الوقف الفوري لتدهوره المستمر والسريع، إلى حين توفير الشروط لرد الاعتبار إليه؟ وهو موضوع ما فتئت أطرحه، حتى خلال اجتماعات اللجنة التي يشير إليها كاتب الإنشاء، ويمن علي بالتكرم بدعوتي لحضورها! ولو كان هو نفسه حاضرا، ومتابعا يقضا لأشغال نفس اللجنة، لسجل أنني لطالما كررت التعبير عن تخوفي المشروع من أن تنضاف هذه الدراسة بدورها إلى سلسلة الدراسات التي سبق وأنجزت قبلها، والتي حضرتها وتتبعتها بدورها، ولم تر أبدا طريقها إلى التنفيذ على أرض الواقع؛ في حين ظل تدهور التراث المبني مستمرا، بل وتسارعت وتيرته أكثر فأكثر. وأذَكّر هذا الفتى، بأن هذا الصنف من النضال لم يكن له أن يعرفه أو يعيشه هو، كما فعل هذا العبد المثير لحنقك. فعندما تم هدم “رياض الضرضوري”، لم يكن هنالك من معترض غير هذا العبد الضعيف، ورفاقه في الجمعية المحمدية لحوار الثقافات وصيانة التراث الحضاري لتارودانت، التي أتشرف برئاستها، وكذا بالمساهمة في تأسيسها، وكان ممن ساند اعتراضنا ذاكالسيد “شفيق بورقية”، الذي كان حينها مندوبا لوزارة الثقافة بتارودانت.
وإني لأسألك أين كنت أنت حينها؟؟وعندما تعرض هذا العبد الضعيف للآليات المشتغلة، وقام بإيقاف الأشغال، أثناء تدمير “المستوصف الأهلي”، لم يكن هنالك من مدافع عن التراث غيري ورفقائي في نفس الجمعية المحمدية، ويتذكر الرأي العام ندوتنا الصحفية، وسبقنا للجوء إلى مساطر القضاء دفاعا عن التراث. وحتى في الآونة الأخيرة، عندما تم الشروع في هدم مسجد الرحبة القديمة، والنسيج العتيق المحاذي له، أين كنت أنت؟حين كانت الفعاليات الجمعوية تقف بعين المكان، أنسيت أم تناسيت أن مبادرة هذا العبد الضعيف، رفقة السيد مصطفى المتوكل، لدى السيد عامل الإقليم، هي التي أوقفت العبث، وأعادت الأمور إلى نصابها؟ وعندما كان هذا العبد الضعيف مُحاورا ومدافعا عن تراث مدينته لذى كل السادة العمال المتعاقبين على الإقليم، منذ سي عبد الفتاح البجيوي، وسي محمد تريبة ،ومرورا بسي عبد الله بنذهيبة، ، وسي فؤاد المحمدي، ووصولا لسي الحسين أمزال، فأين كنت أنت خلال كل هذا؟
وعندما قام مجلس جماعي سابق بتنظيم الندوة الدولية حول الاسوار، والتي حضرها خبراء دوليون، وأجريت في عداد تحضيراتها الدراسة الأركيولوجية الوحيدة في تاريخ أسوار المدينة؛أو كذلك عندما قامت الجمعية المحمدية لحوار الثقافات وصيانة التراث الحضاري لتارودانت، بإحضار أكبر الخبراء العالمين المختصين في تثمين التراث من كل ألمانيا، فرنسا، تونس والمغرب، بتعاون وشراكة مع المعهد الملكي للثقافة الامازيغية، وتحت إشراف السيد عامل الإقليم آنذاك سي عبد الله بنذهيبة في ندوة “إيݣودار تثمين التراث” سنة 2010، وهو اللقاء العلمي الذي أغنى المكتبة المغربية بصدور كتابين قيمين في الموضوع،تكفل بنشرهما المعهد الملكي للثقافة الامازيغية، وأصبحا مرجعين معتمدين في مختلف الدراسات الاكاديمية المهتمة بهذا الموضوع،
فأين أنت إذن من كل هذا؟ وكيف تسمح لنفسك بنعت ما أقوم به ب”الشفوي الذي يجيده الجميع”؟ عجبا!أيبدو لك هذا كله مثله مثل حديث المقاهي، الذي اعتدت أنت الخوض فيه؟ إنني أرفع عليك تحديا بسيطا بأن تثبت للرأي العام أنك ومن دفعك قد شاركتم في ربع مثل هذا الزخم من الدراسات العلمية والتقنية حول المدينة وتراثها. ولكن يبدو لي أنك تخلط كثيرا بين عمل الترافع الممنهج والعلمي، حول تراث مدينتنا، والذي يتم بواسطة الوسائل، والمؤسسات،والقنوات الرسمية، وبين ما تجيده أنت من لغو المقاهي والجلسات الخاصة!
(4) يتحدث كاتب الإنشاء الركيك بإعجاب كبير ، وبثقة كبيرة في النفس عن مخطط تأهيل مدينة تارودانت الذي يتم بشراكة، وتحت إشراف المديرية العامة للجماعات المحلية التابعة لوزارة الداخلية، وتنجزه وكالة التعاون الألماني، التي لا يذكر لنا ترجمة لاسمها الكامل وهو يكتب بالعربية، لأنني متيقن من أنه يجهله، ويكتفي بالاختزال اللاتيني [GIZ]، ويسائلني من جاء بهذه الوكالة، ويضيف مزهوا بأن الاتصال بهذه الوكالة يتم منذ سنة 2016؟! الله، الله، إنها تبدو لك مدة سحيقة جدا، وربما أن قبلها كان العالم عدما، قبل أن تبدعه أيها العبقري الفذ؟؟ أقول لك، بكل تواضع، راجع دروسك يا بني جيدا، وعد إلى أرشيف الجماعة، التي أنت من ضمن المؤتمنين علي تدبيرها، ولربما ستلقى عجبا. فلو عدت إليه يا بني، لوجدت أن أول نداء استغاثة رسمي حول المآثر التاريخية لمدينة تارودانت صاغه وحرره، هذا العبد الضعيف، الذي أنت بصدد مهاجمته سنة 1993، وقد قمنا بتوزيعه رسميا،بمعية كل من السيد رئيس المجلس الجماعي السابق،السيد مصطفى المتوكل، وعضو المجلس آنذاك السيد محمد المعتصم به، وذلك أثناء: “الجمع العام التأسيسي لمنظمة المدن المصنفة ضمن التراث العالمي”، وسلمناه يدا بيد لرؤساء ولعمد عدد من المدن العالمية، ومن ضمنهم نائب عمدة باريس، الذي كان حينها نفسه السيد جاك شيراك،والذي سيصبح بعد ذلك رئيسا لفرنسا. وقد انعقد ذلك الجمع العام بمدينة فاس، أيام 06-07 و 08 شتنبر 1993، أي منذ حوالي 26 سنة، وأظنك يا بني كنت حينها لا تزال طفلا لم تشبع بعد حاجتك من اللعب…، كما أظن أنك تجهل هذه المنظمة العالمية جملة وتفصيلا، لذا أنصحك بالعودة إلى السيد “غوغل” لعله ينبئك خبرا يقينا.
(5) قد يكون من المفيد لك أيضا أن تعلم أن المجلس الجماعي لتارودانت، لم تكن له رسميا أي سياسة أو توجه لحماية التراث، قبل سنة 1993، وبإمكانك العودة إلى أرشيف الجماعة، حيث لن تجد، من خلال تفقد مختلف التقارير والمحاضر، سوى عضوين اثنين يتحدثان في مداخلاتهما عن موضوع التراث، وعن ضرورة الانتباه إليه، والعناية به، وهما الحاج محمد كسرير أطال الله في عمره، والذي كانت مداخلاته تعبر عن مدى حرقته على عدم الاهتمام رسميا بموضوع التراث، وكذا بعض مداخلات الحاج أحمد سلوان أطال الله في عمره في نفس الموضوع. لقد تبنت تجربة المجلس الجماعي لسنة 1992 توجها رسميا يعنى بالتراث، ويكترث للمحافظة عليه، وقد انطلق الامر منذ الاحتفال بذكرى عيد العرش في شهر مارس 1993، حينما شرفني إخواني، وكنت حينها نائبا ثانيا لرئيس المجلس الجماعي، بتكليفي بإعداد وتنفيذ أول وأكبر معرض لصور تارودانت العتيقة، ووثائقها التاريخية، ببهو “باب الزرݣان”، بعد تهيئة أولية، أشرف عليها طاقم المستودع البلدي، بدعم كبير من التعاونية الفلاحية الناشئة آنذاك “كوباك”. وقد نجحنا حينها في جلب مئات الصور والوثائق من لدن الأشخاص المهتمين، وكذا من أكبر الخزانات العالمية كخزانة جامعة السربون … وكنا حينها على خلاف كبير، مع السيد العامل آنذاك الأستاذ “الطيب شعيرة”، الذي أشرف على تدشين ذلك المعرض، ولم يخف إعجابه الكبير بكل موضوعية، وصرح للمسؤولين المرافقين له: “هكذا يكون العمل الثقافي وإلا فلا”، وشهود العيان موجودون يا بني، وعلى رأسهم الحاج أحمد سلوان، الذي كان حينها مندوبا لوزارة الثقافة بإقليم تارودانت.
(6) وقد يكون من الأجدى لك أن تعلم أيضا بأن إثارة اهتمام وزارة الثقافة بسور وبمآثر تارودانت بشكل جدي، ابتدأت سنة 1994، حيث أفضت مراسلات المجلس لوزارة الثقافة، هذه المراسلات التي كنت مكلفا بصياغتها ومتابعتها، إلى استجابة السيد الوزير آنذاك “علال سي ناصر”، وأظنك أيضا لا تعرف من هو هذا الرجل الكبير بعلمه، وبعمله، وبنضاله؟؟ فتوالت لقاءات رسمية جمعت هذا العبد الضعيف بالحاج أحمد سلوان بصفته مندوبا للوزارة، مع السيد عبد العزيز التوري الذي كان حينها يرأس مديرية التراث بوزارة الثقافة، وأفضى الامر إلى تخصيص ميزانية سنوية قارة للعناية بأسوار تارودانت، وميزانية مخصصة موزعة على سنتين لترميم “باب الزرݣان”. بالرغم من أن التعديل الوزاري، الذي اعقب هذه الفترة، أدى إلى توقيف هذه العملية برمتها خلال عهد الوزير الموالي،وهو السيد “عبد الله أزماني”.
(7) وربما لا يتسع المجال هنا لأحدثك عن كل الدراسات التقنية، والمعمارية، والعمرانية، والأركيولوجية، التي أنجزها خبراء مغاربة، وعدد كبير من الخبراء العالميين الكبار من أمثال “آندري بازانا”، و”جاك ماتيي”، و”إنريكوزونينو”، و”نيكولا مونيي”، و”جان ماري جانتيو”، و” بيرنارفاكون”… والقائمة لا تزال طويلة جدا، بحيث لا يتسع المقام لسرد أسماء الجميع، مع أنني جد متيقن من أنك لا تعرف أيا من هؤلاء، ولا سبق لك أن سمعت بأسمائهم حتى. وقد كان هذا العبد الضعيف حينها،مرجعَ ومستشار َالكثيرين منهم، في كل ما يتعلق بتراث تارودانت ومعالمها، بل إنني تشرفت بالمساهمة في تأطير عدد من المهندسين الإيطاليين الشباب، بمركز “زونينو أند بارتنر”، إلى جانب خبراء فرنسيين وإيطاليين في قضايا المباني الترابية بجنوب المتوسط، وكان ذلك سنة 2007 بكل من مدينتي “ألبينكا” و”جنوة” الإيطاليتين. ولقد كنت دائما سفير مدينتي، والمتحدث المدافع عنها، وعن تراثها… ولا تنسى أيضا، أن هذا العبد الضعيف كان مشاركا فعليا في إنجاز “التصميم العام لترميم الأسوار « Le P.G.R » الخاص بتارودانت، وهي قاعدة بيانات ثلاثية الأبعاد، لم تكن تتوفر عليها،حينذاك، حتى كبريات المدن التراثية بأوروبا. وتشرفت أيضا بتعييني مرجعا رسميا لمكتب الدراسات الفرنسي/ الإيطالي، وكذا لبلدية تارودانت في نفس الوقت، أثناء إنجاز “دفتر المواصفات الموحدة والوحيدة” « Le C.P.U »…. لقد شاركت بما أوتيت، على تواضعه، في كثير من هذه الاعمال والدراسات، وأنا حينها لم أعد عضوا منتخبا بالمجلس الجماعي لتارودانت منذ سنة 1997، بمعنى أن تواجدي هنالك، ومتابعتي لكل هذا الزخم، ومشاركتي المتواضعة في هذا التراكم العلمي والتقني، لم يكن لمجرد علة انتخابية، كما هو الشأن بالنسبة لك أنت الآن، ولكن لما راكمته من خبرة متواضعة في هذا المجال، أضعها بكل تلقائية رهن إشارة مدينتي، وفي خدمة مصالحها العليا، ومن دون أي مقابل مادي.
(8) يزيد صاحب الإنشاء الركيك، ويمن علي بدعوتي لحضور اللقاءات التحضيرية، التي تمت حول مشروع التأهيل المذكور!أقول له عجبا يا بني، أولا أنسيت أنني عضو منتخب بهذا المجلس ويحق لي الحضور، ومن واجبك،ومسؤولي المجلس، أن تستدعوني للإدلاء برأيي في كل ما يهم مصير المدينة، التي نحن مؤتمنون على تسيير شؤونها، بل أظن أنك تناسيت أن مشروعا كهذا، يجب أن يحظى بإجماع كل مكونات المجلس الجماعي، وأن الإحساس بالمسؤولية كانيقتضي إشراك كل الفرقاء السياسيين، أو على الأقل ممثلا واحدا عن كل فريق بتشكيلة المجلس؟؟ وإلافأين هي الديمقراطية؟ بل أين هي الديمقراطية التشاركية، التي أصبحت توجها رسميا تتبناه الدولة، وتحث عليه كل مؤسساتها الدستورية؟؟
أنبهك أيضا إلى أمر ربما تغافلت عنه، وأطلب منك أن تحصي عدد المرات التي استشهد فيها بمداخلاتي، وباقتراحاتي، و حتى بما ورد في كتاباتي، المهندس المشرف على إنجاز هذه الدراسة، الأستاذ عبد الرحمان الشرفي، وكم من مرة تبنى بعضا من تلك المقترحات في دراسته؟وأسألك أيضا، كم من مرة ورد علي هذا الرجل، بتواضعه الكبير، إلى مكتبي وناقشني في كثير من القضايا، ولكنك لا تعلم هذا، لأنك، وبكل بساطة، لم تكن ترافقه، ولم تكن “تقطع صباطك” كما تدعي.
وأعود بك إلى الوراء لأعطيك المثل، وأزيد لمعلوماتك أيضا،أنني كنت في عداد المعارضين السياسيين للسيد رئيس المجلس السابق، انطلاقا من نهاية التسعينيات، ومع ذلك لم نجده يتردد قط في دعوتي للمشاركة في الدراسات التي ينجزها ذلك المجلس الذي كان يرأسه، عندما يتطلب الامر ذلك.كما أنني لم أتردد أبدا في الاستجابة لتلك الدعوة، وربما أنك لا تعرف السر في ذلك، بالرغم من أنه بسيط جدا، فذلك الرجل كان يوقن أن من واجبه اللجوء إلى خبرتي المتواضعة في هذا المجال، كما أنني كنت أوقن أن من واجبي الاستجابة لنداء مدينتي، التي كان يمثلها هو آنذاك، متى كانت في حاجة إلى هذه الخبرة مهما تواضع شأنها. ولعلها روح، عليك أن تعيد حساباتك من جديد لكي تفهمها، وتحاول التحلي بها.
لربما أجدني قد أطلت في الإجابة على ترهاتك، والتي قد لا تستحق كل هذا العناء، لذا اجدني مضطرا للتوقف، بالرغم من أن هنالك الكثير مما قد تحتاج أن تتعلمه. ولكنني أقول لك، ختاما لكل هذا، “إن لم تستحيي فقل ما شئت”.
نورالدين صادق: تارودانت يناير 2019.